إسرائيل تحشد قواتها على حدود غزة
استكملت إسرائيل استعداداتها العسكرية تمهيداً لخرق محتمل للتهدئة في غزة التي ما يزال مصيرها غامضاً، قبل أربعة أيام على انتهاء مرحلتها الأولى، في ظل التقييم السلبي للفصائل لها والتهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة النطاق على القطاع، في وقت أفرج الاحتلال عن ٢٢٤ معتقلاً من المقربين من السلطة في الضفة الغربية بعد تأخير دام أسبوعاً.
في هذا الوقت، تسعى وزيرة الخارجية كوندليسا رايس إلى تمرير قرار في مجلس الأمن يهدف الى توفير احتضان دولي لعملية أنابوليس، التي دعت إلى عدم التراجع عنها رغم عدم التوصل إلى تسوية قبل نهاية العام الحالي. وقالت رايس، في مقابلة مع وكالة »اسوشيتد برس« أن مؤتمر أنابوليس خرج بنتائج مهمة، وأن الولايات المتحدة تتوقع دعماً قوياً
من قبل الأمم المتحدة هذا الأسبوع، خلال المشاورات التي تجريها مع أعضاء مجلس الأمن والرباعية الدولية، بما يؤدي إلى احتضان هذه النتائج من قبل المجتمع الدولي.
في نيويورك، انتهى الاجتماع الأخير لرايس مع أطراف الرباعية الدولية المعنية بمسيرة السلام في الشرق الأوسط قبل خروجها من البيت الأبيض بعد شهر، ببيان يعلن عن الدعم والتأييد لهدف إقامة دولة فلسطينية ولمسار المفاوضات الثنائية، ويدعو الفلسطينيين والإسرائيليين الى الالتزام بما توصلوا إليه من اتفاقيات سابقة.
ولكن الأهم بالنسبة لرايس، حصولها على دعم الرباعية لمشروع قرار أميركي تم توزيعه على أعضاء مجلس الأمن الدولي قبل يومين برعاية مشتركة من روسيا، يشدد على ضرورة مواصلة المفاوضات والتمسك بمسار أنابوليس، وذلك كآخر مساهمات إدارة الرئيس جورج بوش في هذا الملف.
وقالت رايس التي تلتقي وزراء خارجية الدول الست ووزراء عرباً اليوم الثلاثاء لمناقشة الملف النووي الايراني، في مؤتمر صحافي مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومنسق السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا، أنه »صحيح أن المجتمعين في أنابوليس تعهدوا بالقيام بما في وسعهم لإنشاء دولة فلسطينية بنهاية ،٢٠٠٨ ولكن لا يجب التقليل من حجم التقدم الذي تم إحرازه«.
واضافت رايس ان أهم ما في مشروع القرار الأميركي المتوقع تمريره اليوم بالإجماع، رغم تحفظات ليبية بسبب خلوه من أي مطالب محددة لإسرائيل بوقف الاستيطان ورفع الحصار عن غزة ووقف اعتداءات المستوطنين، هو حث الأطراف على مواصلة عملية السلام والتوصل لاتفاق سلام شامل في إطار سياق أوسع يتعلق بتحقيق سلام عربي ـ إسرائيلي.
وفي لندن، أيد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الدعوة التي وجهتها الجامعة العربية إلى الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما لإعادة وضع عملية السلام في الشرق الأوسط على رأس الأولويات. وقال براون، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية سلام فياض، إن »الحاجة إلى التحرك ملحة« معربا عن الأمل في أن »يشهد عام ٢٠٠٩ تقدما حقيقيا للتوصل إلى اتفاق حول المشاكل القديمة القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين«.
وكان براون تعهد، في رسالة وجهها الأسبوع الماضي إلى فياض، وكشف عن مضمونها أمس، بأنّ بلاده ستكثف جهودها ضد توسع المستوطنات في الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه يريد التحقيق في المخالفات التجارية وكبح الاستثمار.
وفي رام الله، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفلسطينيين لا يمكن أن يقبلوا أي اتفاق سلام مع إسرائيل لا يرد لهم جميع الأراضي ولاسيما القدس المحتلة. وتعهد عباس، خلال استقباله الأسرى الذين افرجت عنهم السلطات الإسرائيلية أمس، بأن تبقى قضية اللاجئين إحدى الأولويات لدى السلطة الفلسطينية حتى انتهاء معاناتهم.
وكانت إسرائيل أفرجت عن ٢٢٤ معتقلاً فلسطينياً بعد تأخير استمر أسبوعاً. وغنى الأهالي ورقصوا مع وصول الحافلات التي تقل السجناء المفرج عنهم الذين كانوا يلوحون ويصيحون من نوافذ الحافلات وبكت الأمهات وهن يحتضن ابناءهن المفرج عنهم.
والمعتقلون المفرج عنهم اليوم هم مجموعة صغيرة من بين ١١ ألف فلسطيني في سجون الاحتلال. وصرح مسؤولون اسرائيليون بأن الفلسطينيين طلبوا التأجيل لأسباب متعلقة بترتيبات النقل، ووجود عباس في مكة لأداء الحج، لكن الفلسطينيين نفوا طلب التأجيل وقالوا انه نجم عن إجراءات قانونية إسرائيلية.
من جهة ثانية، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن التوجه العام لديها ولدى الفصائل الفلسطينية المقاومة، هو عدم التمديد للتهدئة مع إسرائيل. وقال المتحدث باسم القسام أبو عبيدة »إننا سنتعامل مع الموقف في الأيام القادمة بما تمليه علينا مصلحة شعبنا الفلسطيني«، محذرا من أن »الاحتلال سيخسر الكثير إذا أقدم على اللعب في النار معنا«.
بدوره، أكد المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري أن الحركة ليست مع التمديد للتهدئة الحالية بعد ١٩ من كانون الأول الحالي، في ظل عدم التزام الاحتلال بشروطها. وانتقد أبو زهري الدور المصري، مشيراً إلى أنّ »الإخوة في مصر لم يمارسوا دورهم، ولم نشعر بدور حقيقي بالضغط على الاحتلال لإلزامه بشروط التهدئة«.
وفي إسرائيل، توعد وزير الدفاع إيهود باراك بالرد عسكريا، على أي »خرق للتهدئة«. وقال، خلال لقائه الرئيس النمساوي هينس فيشر أنّه »إذا خرقت التهدئة وكان الوضع يستوجب الرد، فإننا سنعمل بالشكل الصحيح، وبالطريقة الصحيحة، وفي المكان الصحيح«، مشيراً إلى أنّه لا يخشى من شن عملية عسكرية على القطاع، لكنه أوضح أنه لا يسعى إليها.
بدوره دعا وزير البناء والإسكان زئيف بويم باراك وقادة الجيش إلى عدم الانتظار حتى تنتهي الأيام الثلاثة المتبقية للتهدئة، والقيام »فوراً« بعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة، فيما أكد نائب رئيس الحكومة حاييم رامون أنّ على إسرائيل ألا تستمر في التهدئة وذلك بهدف القضاء على نظام حماس في غزة.
أمّا رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد فاعتبر أنّ اتفاق التهدئة غير محدد زمنيا وأن لا داعي لمناقشة تمديده، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن جيش الاحتلال يتهيأ لاحتمال تصاعد الموقف، في وقت ذكرت مصادر عسكرية انّ الجيش الإسرائيلي زاد من حالة التأهب على امتداد الحدود مع غزة، خشية من قيام الفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات كبيرة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد