إسرائيل تطالب القاهرةبإعادةعباس إلى مفاوضات لاتشمل القضايا السياسية
التقى وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، يوم أمس، في شرم الشيخ الرئيس المصري حسني مبارك، في إطار مساعي إحياء العملية التفاوضية مع السلطة الفلسطينية. ويأتي هذا اللقاء بعد انتهاء جولة المبعوث الأميركي جورج ميتشل، الذي أخفق، حتى الآن، في إعادة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات.
ولا يمكن فهم اللقاء في شرم الشيخ من دون الانطلاق من قاعدة أن زعيم حزب العمل ووزير الدفاع الإسرائيلي يقدم نفسه على أنه جهة الاعتدال الوحيدة في حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو، ويلعب دورا مركزيا فيها أمثال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وكان باراك قد شارك في المداولات التي جرت مع كل من الولايات المتحدة وتركيا وكذلك مع مصر، وهي جميعا دول تقوم بأدوار على صعيد العملية السياسية، سواء مع الفلسطينيين أو حتى مع السوريين.
ومن المهم الإشارة إلى أن باراك أنشأ علاقات مميزة مع ميتشل، وأنه الأقرب إلى تفهم مساعيه. ويؤمن باراك بأن مصلحة إسرائيل تكمن في العودة إلى طاولة المفاوضات، وأيضاً في تحقيق التسوية الفلسطينية، وهو يعتقد أن الطريق المسدود في المفاوضات سيقود إلى انفجار العنف من جديد، وأن في ذلك مصلحة للمتطرفين في المنطقة، بل أن باراك أعلن مؤخرا أن خطر عدم التوصل إلى تسوية هو أشد من الخطر النووي الإيراني.
وكانت الإدارة الأميركية طرحت على كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو أفكارا لاستئناف المفاوضات. ومن بين الاقتراحات التي سربتها في الآونة الأخيرة مصادر فلسطينية هي اجراء محادثات اولية لبدء المفاوضات بين الطواقم على مستويات أدنى، وذلك لتحديد مواقف الطرفين من المسائل الجوهرية والفجوات القائمة.
وأعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث أن نتنياهو أبلغ ميتشل موافقته على توسيع الأراضي التي تسيطر عليها بشكل كامل السلطة الفلسطينية (المنطقة أ)، وانه مستعد لأن ينقل عشرة في المئة أخرى من المنطقة (ج) الخاضعة تماما للسيطرة الاسرائيلية الى المنطقة (ب)، التي تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية. كما وافق نتنياهو أيضا على الافراج عن عدد كبير من السجناء.
ورغم علنية اللقاء في شرم الشيخ، إلا أن المصادر الإسرائيلية آثرت التكتم على معطياته، ولذلك فإن باراك لم يصطحب معه إلى هناك أي من الصحافيين. وقال المقربون من باراك أن الزيارة ركزت، إضافة إلى القضايا الساخنة والمتفجرة، على صيانة العلاقات بين الدولتين. وأوضح هؤلاء أن من بين أهم القضايا المثارة في العلاقات بين الدولتين مسألة المصالحة بين حماس وفتح، والوضع في قطاع غزة، والحدود بين مصر والقطاع، بما في ذلك «الجدار الفولاذي» وفتح معبر رفح.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإنّ باراك تناول في حواراته مع المسؤولين المصريين العملية السياسية في المنطقة، وسلسلة من القضايا الثنائية والإقليمية. وجرت الإشارة إلى أن «المباحثات كانت شاملة، معمقة وبناءة»، وأن القضايا التي كانت في صلب المداولات هي استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية والخطر الإيراني، وكذلك قضية الاتصالات بشأن تبادل الأسرى مع حركة حماس. واعترفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن باراك وحاشيته حاولوا إشاعة نوع من الغموض حول القضايا التي تم بحثها مع المسؤولين المصريين في هذه الزيارة.
وعقد اللقاء مع الرئيس المصري على انفراد، وقد سارع باراك في أعقابه إلى إصدار بيان أوضح فيه أن الحوار تم في أجواء إيجابية وطيبة وأنه تناول الخطوات التي من شأنها الدفع نحو استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين. غير أن باراك عقد أيضا اجتماعا مع كل من وزير الدفاع المصري المشير حسين طنطاوي، ورئيس جهاز المخابرات اللواء عمر سليمان. تجدر الإشارة إلى أن باراك اصطحب معه في الزيارة المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية لمفاوضات السلام المحامي اسحق مولخو. ويمنح اصطحاب مولخو زيارة باراك أهمية خاصة للدلالة على أن نتنياهو، حتى وإن كان غائبا، كان حاضراً بممثله في الحوارات مع كبار المسؤولين المصريين.
وكانت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية وضعت زيارة باراك إلى شرم الشيخ واجتماعه بالرئيس مبارك في إطار الرغبة في إشراك مصر في الضغط على السلطة الفلسطينية للعودة للمفاوضات. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن حكومة نتنياهو ترى في مصر عاملا بالغ الأهمية في محاولة كل من إسرائيل والإدارة الأميركية الضغط على الرئيس الفلسطيني لاستئناف المفاوضات. وأشارت إلى أنه في أعقاب الأفكار التي عرضها ميتشل على نتنياهو، وبقصد استخدام النفوذ المصري، تقرر إجراء اللقاء بين باراك ومبارك.
وأوضحت الصحيفة أنه على هذه الخلفية، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إنه «من الجائز أن تشهد الأيام المقبلة تطورات في العملية السياسية وحدوث تقدم في الموضوع».
وشددت الصحافة الإسرائيلية على أن زيارة باراك لشرم الشيخ تسبق بيومين فقط زيارة مقررة للرئيس الفلسطيني إلى مصر. وأشار مراقبون إسرائيليون إلى أنه من غير الممكن عدم ملاحظة أن زيارة باراك لمصر تتم في ظل تجاهل رسمي إسرائيلي لمطالبة الرئيس المصري الأسرة الدولية بالتعامل مع القدرة النووية الإسرائيلية بالطريقة ذاتها التي تتعامل بها مع المشروع النووي الإيراني.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد