إسرائيل تقضم عشرات الدونمات في عيترون
سارت «رياح» تحديد النقاط الحدودية في بلدة عيترون الجنوبية عكس ما تشتهيه «سفن» المزارع أبو طارق. ذهبت مشاريع ابن عيترون، وخططه الاقتصادية المبنية على إنتاجية حقل الدخان الذي كان بوارد تشتيله سدى بعدما حضر قبل أيام ليجد أن أرضه التي ورثها عن جده لأبيه وقد أضحت داخل فلسطين المحتلة. قبل أيام عدة حمل أبو طارق شتلات الدخان قاصداً حقله في خراج بلدته عيترون لزراعتها بعدما تأكد من خلوها من القنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة. كان الصباح باكراً وكان أبو طارق قد انتهى قبل يومين من تجهيز الأثلام فأصطحب بعض أفراد العائلة لمساعدته في عمله. على بعد ستين متراً في عمق أرضه كان الإسرائيليون بالمرصاد لمنعه من تخطي «الحدود الجديدة» غير آبهين بـ«الحجج» والوثائق التي يمتلكها أبو طارق وتثبت ملكيته للمكان.
على وقع حادثة المزارع أبو طارق وغيره من أبناء عيترون، تواصل قوات الطوارئ الدولية وضع نقاط الاعتلام الجديدة الفاصلة بين الحدود اللبنانية وفلسطين المحتلة على طول الخط الأزرق والتي بدأتها منذ عدة اشهر حيث وصلت حالياً إلى بلدة عيترون الحدودية. وقد رافق هذا المشروع منذ بدايته الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما من الجانب اللبناني، ذلك انه جرى في العديد من تلك النقاط تعديل على مواقعها وجرى نقلها إلى داخل الأراضي اللبنانية لمسافات اختلفت من أمتار قليلة إلى عشرات الأمتار في أماكن أخرى ودون إبلاغ ألجهات الرسمية اللبنانية التي أعلنت في كل مرة عدم علمها بهذا الموضوع.
وجديد ما جرى مؤخراً هو نقل بعض هذه النقاط في بلدة عيترون، حيث لاحظ الأهالي في بداية الأمر أن النقاط الجديدة التي وضعتها القوات الدولية تختلف من حيث المكان ومن حيث الشكل عن تلك التي عرفوها منذ عقود. نتج عن هذا التبديل وضع عشرات الدونمات الزراعية تحت سيطرة الاحتلال مجدداً حيث تلا ذلك قيام الجنود الإسرائيليين بمنع هؤلاء المزارعين من الاقتراب من الأراضي التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم رغم أنهم يملكون حججاً تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي بالوراثة.
ويشير مصطفى توبة إلى أنهم اعتادوا منذ عقود على زراعة هذه الأراضي وهم لم يواجهوا في أي مرة صعوبة في الوصول اليها أو زراعتها، كما «انه لم تقم أية مشكلة على ملكيتها من الجانب الإسرائيلي وكنا نزرعها تحت أنظار جنود الاحتلال على التلة المقابلة وتحت أنظار جنود اليونيفل ومراقبي خط الهدنة الذين كانوا يلقون التحية علينا وكثيرا ما كانون يشاركوننا شرب الشاي أثناء المواسم الزراعية»، وتساءل توبة «ما الذي استجد الآن حتى سلبونا أرضنا؟ ولماذا الآن بعد وصول الجحافل الدولية؟».
يؤكد رئيس بلدية عيترون المهندس سليم مراد ملكية الأهالي لهذه الأراضي و«ذلك ثابت منذ عقود في أرشيف البلدية التي أعطت العديد من مستندات العلم والخبر على هذه الأراضي، كما ان جميع المخاتير في البلدة يثبتون لبنانية هذه الأرض ووقوعها ضمن النطاق العقاري لبلدية عيترون التي تمتد إلى حدود بلدة المالكية المحتلة أيضا».
ويناشد مراد جميع المسؤولين في الحكومة بعدم التلهي في القضايا الداخلية وتناسي القضية الأساس في الجنوب لا سيما أن هذا الموضوع يؤدي إلى خسارة عشرات الدونمات في عيترون وحدها، وقد سمعنا أن هناك مشاكل مماثلة وقعت في يارون ومزارع شبعا ومناطق أخرى. وقد رفض مراد لقاء وفد من مراقبي الهدنة ونصحهم بلقاء الجهات المختصة في الجيش اللبناني لأنها الجهة الصالحة للبت بهذا الموضوع.
ويقدر الأهالي حجم الاعتداء الجديد على أراضيهم بأنه تجاوز عشرات الدونمات، حيث أن أضيق منطقة جرى اقتطاعها من داخل أراضيهم بعمق أمتار قليلة فيما تجاوز هذا التغيير 60 مترا في مكان آخر، وقام الجنود الإسرائيليون بمنع المزارعين من الوصول إليها وقاموا بتهديدهم بالأسلحة كما أحرقوا مزروعاتهم من القمح ومنتجات أخرى.
يشير مصدر دولي إلى أن «النقاط المثار حولها الخلاف هي في الأصل أراض تقع إلى جنوب الخط الأزرق (ضمن أراضي فلسطين المحتلة)، وأن «القوات الإسرائيلية وبعد الانسحاب من جنوب لبنان في أيار 2000 وجدت أنه من الصعب عليها من الناحية التكتيكية حماية هذه النقاط خاصة مع ارتفاع احتمال خطف جنود إسرائيليين من قبل حزب الله». وبالتالي، يكمل المصدر الدولي، أن «الجيش الإسرائيلي وجد انه من الأفضل التمركز في مناطق يسهل حمايتها وعدم التواجد في هذه النقاط التي بمعظمها أراض حرجية أو وديان أو أراض مكشوفة». وقد علمت «السفير» أن الجيش اللبناني قد شكل لجنة مختصة للبحث بهذا الموضوع وستباشر عملها خلال فترة قصيرة جداً حيث بناء على تقريرها سيجري إجراء المقتضى اللازم».
علي الصغير
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد