إسرائيل جديدة!
خلال العقود الثلاثة الماضية، عاشت منطقتنا أعنف الحروب الوحشية التي قادها الغرب الاستعماري وإسرائيل مباشرة، أو بواسطة عملائهما. وفي حصيلة قاسية، نجد اليوم بلاداً مثل فلسطين وسوريا والعراق، وقسماً من لبنان، وقد أصابتها نكبات أبشع وأكثر قساوة من نكبة فلسطين الكبرى في عام 1948. لكن رغم كل هذه الخسائر، فإنّ تكريس المشروع السياسي ــ الاقتصادي ــ الثقافي لتحالف أميركا ــ أوروبا ــ إسرائيل، لم ينجح، بل هو يتعثر وتصيبه ضربات تعطي الأمل بهزيمته في مدى غير بعيد.
ولأن الغرب والاستعمار تركا بيننا من يصلح لأن يكون حيلة في يده متى احتاج إلى ذلك، فإن ما تقوم به القيادة السياسية الأقوى نفوذاً بين الأكراد، يمثّل هذه الحاجة. حتى تحوّل مسعود البرزاني ــ ومن معه ــ إلى الحيلة التي يستخدمها هذا الاستعمار والأعداء لأجل الردّ على تعثّر مشروعهم الأكبر.
سيخرج من يقول إنّ العرب جميعاً عارضوا قيام إسرائيل، لكن ها هي تعيش اليوم دولة متكاملة مدعومة من العالم. وإنّ مقاطعة قيام دولة كردية مستقلة لن تغيّر في الوقائع شيئاً، وسوف يتعوّد العالم، وخصوصاً العرب، على هذه الدولة ولو بعد حين.
لكن هذه الجريمة التي يشارك فيها حشد كبير من السياسيين الكرد وقياداتهم وأحزابهم، لن تكون من دون تبعات. وأخطر ما في الأمر، أنّها ستجلب الويلات إلى الكرد أنفسهم، وإلى الدول المحيطة بهم. ولن يكون لهذه الدويلة – المسخ سوى إسرائيل تدافع عنها.
إنها الجريمة الكبرى التي ينخرط فيها عرب أقحاح قرّروا اليوم أنهم لا يريدون الاندماج، متذرعين بأخطاء أنظمة وحكومات في احترام خصوصيتهم، ليكرّروا الفعلة الشنيعة التي لن يتحملها أحد من جيرانهم... وهنا ستكون المأساة الكبيرة.
لكن يبقى سؤال مركزي: كيف لحزب العمال الكردستاني أن يكون شريكاً في جريمة بهذا الحجم؟ هل قرر الاستسلام والتخلي عن مبادئه وشعاراته، وصار ملحقاً ذيلياً بالمشروع الأميركي، ومتورطاً في علاقة مع إسرائيل، وهو الحزب الذي لم يقاتل سلطات مضطهِدة في أكثر من دولة عربية، بل قاتل أساساً القيادات القبلية التي تتحكم بالمشهد السياسي الكردي اليوم؟
أسئلة الواقع الكردي اليوم يجيب عنها جموح الطغمة التي تتحكّم في مصير الكرد منذ عشرات السنين، والتي تحالفت مع كل شياطين العالم لأجل تحقيق مكاسب ظلّت على الدوام... على حساب الكرد أنفسهم.
الأخبار- ابراهيم الأمين
إضافة تعليق جديد