إيران شمال إسرائيل وأولمرت يتحدث عن الحرب واللاحرب مع سورية
الجمل: في أول تحرك سياسي لشيمون بيريز بعد توليه منصب الرئيس الإسرائيلي، التقى شيمون بيريز بالكونغرس الأمريكي أول أمس الخميس، وتحدث مكرراً ما قاله له من قبل رئيس الوزراء ايهود اولمرت في يوم الاربعاء السابق بأن سوء الفهم مع سورية يمكن أن يقود ويؤدي إلى الصراع بين إسرائيل وجوارها الشمالي.
• مقتطفات من حديث بيريز أمام الكونغرس الأمريكي:
- حول سورية قال بيريز: (إن الحكومة والمؤسسة الأمنية يجب أن تقوي – الأسلوب- المسؤول في التعامل مع دمشق، ويجب أن يتم هذا عن طريق التصريحات والانتشار الصحيح والسليم في الميدان).
- حول الفلسطينيين أشار بيريز إلى أنه يتملكه الانطباع بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مهتماً بالمفاوضات الجادة: (يجب أن نتحدث إليه دون شروط مسبقة) وأضاف قائلاً: (حماس منظمة دينية متعصبة ومن المستحيل إجراء الحوار معها) واستمر قائلاً: (والعالم سوف لن يقبل بتمويل أنشطتها الإرهابية).
• الخلفيات العامة والخاصة لحديث شيمون بريز:
خلال زيارة شيمون بيريز الماضية للعاصمة الأمريكية واشنطن سبق أن أجرى حواراً مع اليهودي الأمريكي ديفيد ماكوفيسلي خبير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومنظمات اللوبي الإسرائيلي في شؤون عملية سلام الشرق الأوسط، وكان مضمون هذا الحوار الذي نشره موقع معهد واشنطن عبارة عن تسريب لموقف ورؤية إسرائيل حول المبادرة العربية للسلام التي قدمتها السعودية وتبنتها قمة بيروت عام 2002م.
يأتي ضمن الخلفيات أيضاً أن مجلس الوزراء الأمني المصغر الإسرائيلي، قد اجتمع يوم الاربعاء الماضي لمناقشة: الخطوات المتخذة لحماية جبهة الوطن منذ حرب الصيف الماضي، وتخمين التقديرات المتعلقة بالتهديدات من الناحية الشمالية، وذلك وسط المخاوف بأن الحسابات الخاطئة يمكن أن تشعل الحرب التي لا تريدها أو ترغب فيها لا سورية ولا إسرائيل.
وتقول المعلومات أيضاً بأن الاجتماع كان سرياً للغاية، وبأنه قد تمت مطالبة الوزراء بإزالة بطاريات هواتفهم النقالة، وذلك لإبطال قدرتها على بث الرسائل من داخل غرفة الاجتماع الى الخارج. كذلك فقد رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تقديم أي معلومات حول محتوى الاجتماع.
وبرغم ذلك ، فقد لوحظ أن حديث ايهود اولمرت الذي أعقب الاجتماع والذي قال فيه بأنه طالما أن الحرب غير متوقعة، فإن هناك اهتمام بأن يقوم أحد ما بالاعتقاد مصادفة بأن هناك هجوماً أو عدواناً سيقع، وتقع الحرب التي لا أحد يريدها أو يرغب فيها. وأضاف أولمرت قائلاً: ولهذا السبب فإنه يتوجب على إسرائيل أن تكون جاهزة ومستعدة في تحضيراتها لمواجهة كل السيناريوهات المحتملة والممكنة الوقوع.
وتقول التقديرات والتخمينات الواردة من أورشليم، بأنه كنتيجة لحرب لبنان الثانية وكفاءة وفعالية حزب الله في إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل، فإن الجيش السوري يخضع لإعادة تنظيم كبيرة رئيسية، تتضمن التشديد على الانتشار واستخدام الصواريخ الطويلة المدى القادرة على ضرب إسرائيل.
كذلك تقول المعلومات الواردة من إسرائيل، بأن الجنرال الإسرائيلي يوسي بياداتز رئيس قسم البحوث بالمخابرات العسكرية، أخبر مجلس الوزراء يوم الأحد الماضي بأن سورية تهتم جدياً وبشكل واضح بأمر الاعتداء الإسرائيلي، ونتيجة لذلك فقد أظهرت نشاطا عسكرياً متزايداً. وأضاف الجنرال يوسي بايداتز مكرراً ما ظل يقال دائماً لمجلس الوزراء الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، بأن النشاط السوري المتزايد هو نشاط ذو طبيعة دفاعية، وليس هجومية، وأن السوريين ليسوا مهتمين بالحرب مع إسرائيل.
تقول المعلومات أيضاً بأنه إضافة إلى مناقشة مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر للاعتبارات والاهتمامات المتعلقة بالحساب الخاطئ الذي يمكن أن يقود إلى الحرب مع سورية، فقد صرح راميرو سيبريان أوزال، سفير الاتحاد الأوربي لدى إسرائيل، في مؤتمر صحفي قائلاً بأن ميغل انجيل موراتينوس وزير خارجية اسبانيا، قد عاد مؤخراً قادماً من دمشق برسالة إيجابية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت.
وأضاف سفير الاتحاد الأوروبي سيبريان اوزال قائلاً بأن لديه انطباعاً بأن اولمرت أصبح منفتحاً إزاء الاعتقاد بالسوريين، وأن عدداً من بلدان الاتحاد الأوروبي قد عبرت عن اهتمامها بتسهيل الحوار.
أبرز التطورات الجديدة في إسرائيل تقول بأن اللجنة الوزارية البينية الإسرائيلية، المكلفة بإنفاذ توصيات تقرير فينوغراد، قررت منح المزيد من السلطات والصلاحيات لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وأيضاً إنشاء وتكوين مركز الأزمات الوطني. وتقول المعلومات بأن الخطوتين تمت التوصية عليهما بواسطة اللجنة التي يترأسها رئيس الأركان الإسرائيلي السابق الجنرال امنون شاحاك.
وتقول المعلومات أيضاً بأن مركز الأزمات الوطني الجديد سوف يتم تكوينه بواسطة مجلس الوزراء، وسوف يعمل تحت إشراف مجلس الأمن القومي الإسرائيلي خلال أوقات الأزمة. وسوف يكون مسؤولاً عن تزويد القيادة خلال الأزمة بتقديرات وتخمينات الموقف الجارية، إضافة إلى تأمين خطوط الاتصال مفتوحة بين الأطراف واللاعبين الفاعلين في الساحة الإسرائيلية، وتزويد القيادة بالعناصر والكفاءات العملية، وجعل المعلومات متاحة أمام المواطنين الإسرائيليين والأجانب خلال وقت الأزمة.
قررت اللجنة كذلك تقوية واجبات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وبالذات المتعلقة بالجوانب الأمنية والدبلوماسية، وسوف يقوم رئيس مجلس الوزراء باستخدام كوادر وعناصر مجلس الأمن القومي، كذلك سوف يكون مجلس الأمن القومي نفسه مسؤولاً عن تحديد أجندة عمل مجلس الوزراء الأمني المصغر الإسرائيلي، وتحضير وتنسيق المناقشات التي تتم فيه، وضمان ومتابعة تنفيذ القرارات التي يصدرها اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر.
وسوف تتضمن واجبات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي:
- إعداد التقديرات والتخمينات المتعلقة بالموقف الأمني.
- تنسيق العمل بناء على توجيهات رئيس مجلس الوزراء.
- القيام بالتحضيرات اللازمة لقيام رئيس الوزراء بمناقشة أوضاع ميزانية الدفاع الإشراف على مركز الأزمات الوطني الجديد.
- رئيس مجلس ا لأمن ا لقومي سوف يتم تعيينه بواسطة رئيس الوزراء، إضافة إلى أن رئيس المجلس سوف يقوم في الوقت نفسه بدور مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية.
• أبرز الدلالات والتداعيات:
أولاً: بالنسبة لحديث أولمرت أمام الكونغرس: يمثل الكونغرس الأمريكي السلطة التشريعية الأعلى في الولايات المتحدة، ولا يمكن اعتبار الكونغرس جهازاً تشريعياً خالصاً مثل الكثير من البرلمانات الأخرى، بل يتميز بالمزيد من السلطات والصلاحيات التي تجعل سلطاته أكبر من سلطة الرئيس الأمريكي، خاصة وأن الكونغرس يمتلك صلاحية محاسبة ومراقبة أداء الرئيس الأمريكي.
ان حديث شيمون بيريز أمام الكونغرس تضمن رسالتين متضاربتين لأعضاء الكونغرس وللرأي العام الأمريكي، يتلخص مضمونهما في الآتي:
- ان سورية وإسرائيل لا ترغبان في الحرب.
- ان الحرب بين سورية وإسرائيل ممكنة الوقوع بسبب سوء القديرات وخطأ الحسابات.
كذلك يتحدث شيمون بيريز عن جوانب أخرى تبدو في ظاهرها غير مرتبطة بموضوع الحرب بين سورية وإسرائيل، ولكنها في باطنها شديدة الارتباط بملف المواجهة السورية- الإسرائيلية، وأبرز هذه الجوانب:
- يتوجب أن تستمر إسرائيل في إطلاق التصريحات ونشر القوات من أجل تقوية أسلوب التعامل مع سورية.
- يتوجب على الحكومة الإسرائيلية أن تتحدث إلى محمود عباس دون شروط مسبقة، (لاحظ المفردات التي استخدمها –أن تتحدث إلى محمود عباس- وليس تتفاوض مع).
- توسيع صلاحيات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وتكوين مركز الأزمات الوطني، إضافة إلى الدور المزدوج الذي سوف يقوم به رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي كرئيس للمجلس وكمستشار أمني لرئيس الوزراء.
- التداخل والتقاطع إلى حد التطابق بين مثلث (رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي) (مجلس الأمن القومي الإسرائيلي) (مركز الأزمات الوطني)..
- سيطرة رئيس الوزراء (وليس البرلمان أو مجلس الوزراء) على كل من مجلس الأمن القومي ومركز الأزمات الوطني.
- نفوذ مجلس الأمن القومي على (مجلس الوزراء الأمني المصغر).
- نفوذ مجلس الأمن القومي على الأجهزة التنفيذية الإسرائيلية عن طريق متابعة تنفيذ قرارات مجلس الوزراء الأمني المصغر.
إن هذه التطورات تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت يريد أن يعزز قدرته في تخطي مجلس الوزراء الإسرائيلي باللجوء لاستخدام مجلس الوزراء الأمني المصغر، وأيضاً أن يعزز قدرته في تخطي وتجاوز هذا المجلس المصغر عن طريق مجلس الأمن القومي، كذلك يريد رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي تخطي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وتجاوزها عن طريق مركز الأزمات الوطني الذي سوف يقوم بأداء المهام التي تقع على عاتق أجهزة الاستخبارات خلال فترة الحرب، وهي تقديم تقديرات الموقف الامني الجاري وتخميناته وتأمين الاتصالات.
بعد اكتمال هذه التطورات يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت قد استطاع الدخول في مرحلة تنفيذ (انقلاب) بطيء ضد مجلس الوزراء الإسرائيلي الموسع، والأمني المصغر، وأيضاً ضد أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
أما شيمون بيريز فقد تحرك على الخط الآخر، وهو التشويش على الكونغرس الأمريكي والرأي العام الأمريكي عن طريق التأكيد على حالة الحرب واللاحرب في الوقت نفسه.
نلاحظ أيضاً في حديث شيمون بيريز التطرق إلى عبارة (الصراع بين إسرائل وجوارها الشمالي)، ولكنه لم يحدد هذه المرة أي جوار شمالي: سورية، لبنان، حزب الله.... فالإسرائيليون يتبنون استراتيجية تعتبر إيران ضمن الجوار الشمالي، وقد أقاموا (قيادة عسكرية إيرانية) تعمل بالتنسيق مع (القيادة الشمالية) الإسرائيلية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد