اتفاقية وضع القوات الأمريكية في العراق: سيناريوهات ما بعد الاستفتاء
الجمل: تشهد الساحة السياسية العراقية المزيد من ترتيبات خلف الكواليس لجهة تمهيد المسرح السياسي العراقي لإجراء الاستفتاء العام الذي سيقرر العراقيون من خلاله مصير الاتفاقية الأمنية – العسكرية الأمريكية – العراقية، وتقول المعلومات أن القوى السياسية العراقية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها أصبحت أكثر تركيزاً لجهة حسم نتيجة الاستفتاء بما ينسجم مع توجهاتها ومواقفها إزاء مستقبل العراق.
* اتفاقية وضع القوات الأمريكية: على مفترق الطرق؟
وقعت حكومة نوري المالكي الاتفاقية الأمنية مع إدارة بوش الجمهورية التي انطوت على الكثير من الخفايا والجوانب الغامضة التي وردت بين سطورها أو تلك التي تلازمت معها وحتى الآن ما تزال هذه الاتفاقية تثير المزيد من ردود الأفعال المختلفة:
• في العراق: توجد المزيد من الخلافات بين النخب السياسية العراقية وحتى الآن تقول المعلومات أن القوى السياسية الكردية تقف إلى جانب الاتفاقية مهددة الأطراف الأخرى بأنه إذا لم يتم إقرار الاتفاقية فإن حكومة كردستان الإقليمية ستوقع اتفاقية منفردة مع الإدارة الأمريكية أما بالنسبة للأطراف الأخرى فما هو واضح حتى الآن أن أغلبية الزعماء الشيعة والسنة يعارضون إقرار الاتفاقية في مواجهة عدد قليل من الزعماء السنة والشيعة الذين يؤيدون الاتفاقية.
• أما على مستوى الرأي العام العراقي فحتى الآن لا يوجد موقف واضح موحد وبرغم تأييد الأكراد للاتفاقية وبعض السنة فإن مصير الاتفاقية سيتوقف حصراً على الموقف النهائي في أوساط الرأي العام الشيعي لأن شيعة العراق يشكلون حوالي 68% من إجمالي عدد السكان.
• في واشنطن: برغم توقيع الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة على الاتفاقية الأمنية مع حكومة المالكي فإن الإدارة الأمريكية لم تقم بإرسال الاتفاقية إلى الكونغرس الأمريكي على النحو الذي جعل من هذه الاتفاقية بلا غطاء تشريعي حقيقي سوى سلطات وصلاحيات الرئيس الأمريكي الاستثنائية إزاء الاضطلاع بمهام الحرب ضد الإرهاب، وحالياً تقول المعلومات أن هذه الاتفاقية إذا تم عرضها على الكونغرس الأمريكي الحالي فإنها ستواجه سيلاً من الانتقادات وتقول المعلومات والتسريبات أن عدم عرض هذه الاتفاقية على الكونغرس الأمريكي ينطوي في حد ذاته على مدى التزام أوباما وبعض الأطراف الأخرى إزاء الصفقات التي تم عقدها بين الجمهوريين والديمقراطيين عشية تنصيب الرئيس أوباما ودخوله البيت الأبيض.
• في الشرق الأوسط: تزايدت الشكوك في دول الجوار الإقليمي العراقي إزاء مصداقية مستقبل العراق ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
- نظرت كل من سوريا وإيران إلى الوجود العسكري الأمريكي على خلفية الاتفاقية الأمنية الأمريكية – العراقية بأنه يشكل مصدر خطر مباشر ضد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط التي تحتاج إلى الاستقرار والتنمية وليس إلى القواعد العسكرية.
- نظرت كل من تركيا والأردن والسعودية ودول الخليج إلى الوجود العسكري الأمريكي والاتفاقية الأمنية العراقية – الأمريكية بالكثير من عدم التفاؤل لأن وجود القواعد العسكرية الأمريكية في العراق سيترتب عليه ظهور حليف رئيسي لأمريكا في المنطقة بما سيؤدي إلى إضعاف مكانة هذه الدول التي ظلت تقدم خدماتها طوال الحقب الماضية لصالح واشنطن.
حتى الآن ما تزال المواقف إزاء الاتفاقية تراوح مكانها ما هو جديد يتمثل في توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي تضمنت ظهور واشنطن بمظهر الطرف غير الحريص على البقاء لفترة أطول في العراق.
* سيناريوهات ما بعد الاستفتاء:
تتحدد خصائص السيناريوهات السياسية ومكوناتها بحسب العناصر والعوامل الرئيسية التي تشكل خلفياتها ومدخلاتها وبالنسبة لسيناريوهات ما بعد الاستفتاء وبحسب المعطيات الميدانية الجارية في الساحة السياسية العراقية والإقليمية والدولية يمكن الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات باعتبارها ممكنة الحدوث افتراضاً:
• السيناريو الأفضل: تصويت العراقيين لإسقاط الاتفاقية.
• السيناريو الوسط: تأجيل أو إلغاء الاستفتاء.
• السيناريو الأسوأ: تصويت العراقيين للموافقة على الاتفاقية.
هذا، ونلاحظ أن حدوث كل واحد من هذه السيناريوهات يرتبط بمدى قوة المحفزات والمحرضات لجهة دفع تفضيلات الناخبين العراقيين فالسيناريو الأفضل يرتبط حدوثه بمدى فعالية المعارضين للاتفاقية في القيام بعمليات التسويق السياسي وبناء التحالفات، والسيناريو الأسوأ يرتبط حدوثه بمدى قوة المحفزات والمحرضات لدفع تفضيلات الناخبين العراقيين باتجاه القبول والموافقة على الاتفاقية. أما السيناريو الوسط فيتوقف على مدى لجوء الأطراف المعنية إزاء استخدام معطيات نظرية المؤامرة، وبكلمات أخرى إذا أدركت الأطراف المؤيدة للاتفاقية أن الرأي العام العراقي سوف لن يؤيد الاتفاقية، فإنهم في هذه الحالة قد يلجأون إلى تأجيل الاستفتاء ريثما يتم تفعيل آليات التأثير والتسويق السياسي بما يتيح لهم تعديل توجهات الرأي العام العراقي باتجاه تأييد الاتفاقية أو ربما يلجأون إلى إلغاء الاستفتاء نهائياً والسعي لتطبيق الاتفاقية على أساس اعتبارات فرض الأمر الواقع وهو أمر يتطلب موافقة وتواطؤ واشنطن.
حتى الآن وبرغم الحراك السياسي العراقي الداخلي من الصعب التأكيد على أي من الاحتمالات الثلاثة بشكل حاسم وعلى الأغلب أن تظهر المزيد من المفاعيل والمؤثرات الجارية والتي قد تغير توجهات الرأي العام العراقي ومنها على سبيل المثال لا الحصر مدى حدوث الاستقرار السياسي في الساحة الإيرانية وما يجري في العلاقات التركية – العراقية والتركية – الأمريكية ومدى قدرة أنصار الاتفاقية على كسب تأييد القوى الشيعية العراقية والتي بدونها لا يمكن الحصول على شيء.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد