استخبارات اسرائيل تضخم أخطارسوريا وإيران وحزب الله على إسرائيل
بعد يوم واحد من عرض أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تقديرها السنوي، تكشفت معطيات جديدة حول الرؤية الإسرائيلية للواقع المتفجر في المنطقة العربية. وبرغم أن التقدير الاستخباراتي الإسرائيلي يتوقع انزلاق المنطقة إلى مجابهات على أكثر من صعيد، فإنه يشير إلى وجود فرصة لإبعاد سوريا عن المحور الراديكالي، مشدداً على أن إيران باتت تشكل مركز الثقل في الخطر الذي تتعرض له إسرائيل.
واعتبر بن كسبيت في «معاريف» أنه «حتى قدامى الوزراء لا يتذكرون توقعاً استخباراتياً اسود بهذا القدر. دوائر الخطر التي عرضها رؤساء المؤسسة الأمنية على الحكومة تجمّد الدماء في العروق: دوائر ـ دوائر، تغطي كل اراضي دولة اسرائيل، اكثر من مرة واحدة. حماس تتعاظم بوتيرة متسارعة. الصواريخ لدى حزب الله تغطي الغالبية الساحقة من دولة اسرائيل. سوريا تغطي بسهولة كل اراضي الدولة، وكذلك ايران في الصورة».
وبحسب تحذيرات قادة الأجهزة الأمنية، فإن «الاشتعال الآتي لن يكون في جبهة واحدة فقط، بل في ثلاث: حزب الله يستعد لاستئناف القتال، تحت مظلة إيرانية وبإسناد الصواريخ من غزة. سوريا هي الأخرى تكنّ الشرور ولم تتخلَّ بعد عن نواياها للرد على اسرائيل على ما كان، او لم يكن، في ايلول 2007». واعترف احد الوزراء بعد الجلسة قائلاً «سيكون من الصعب عليَّ ان انام في الليل. لديَّ انطباع أنه فقط من الغرب ليس هناك من ينوي إطلاق النار علينا».
ويشدد كسبيت على أنه «بحسب التقدير الاستخباراتي هذا ايضا، انتهى عصر المعارك الثقيلة والحروب الكبرى بالدبابات والمدفعية، ومع ذلك ليس هناك ما يدعو للتفاؤل: الأزمة في لبنان، بحسب هذا التوقع، على شفا الانهيار. نصر الله قريب جداً من السيطرة على الدولة، حتى من خلال الانتخابات المقبلة للبرلمان. لبنانٌ شيعي يكمل، من ناحية إسرائيل، إقامة موقع شيعي متطرف على الجدار الشمالي».
ويقرأ كسبيت التقديرات الاستخباراتية على هذا النحو: النظام في سوريا، مستقر: بشار الأسد، كما يقول خبراء الاستخبارات، يسيطر على الدولة بيد عليا. السوريون يكنّون الشر ولا يعتزمون المرور مرور الكرام على الأحداث الاخيرة في اراضيهم. الذراع الصاروخي لديهم تغطي دولة إسرائيل من اقصاها الى اقصاها، بما في ذلك قدرات كيميائية وربما بيولوجية ايضاً».
كما أن حماس «تعتزم استئناف القتال. الهدوء الحالي شكليٌ ولا يعكس النوايا الحقيقية. حماس هي الذراع الجنوبي لذاك الأخطبوط الذي يحيط بإسرائيل. مصر مستقرة وكذلك ايران». ويخلص كسبيت في قراءته للرؤية الاستخباراتية الإسرائيلية إلى أن «كل هذا يؤدي الى إمكان أنه في غضون سنة، او حد اقصى سنة ونصف السنة، سيحيط بإسرائيل حزام إرهابي مسلح، مدرب ومزود بالصواريخ، مع إسناد لدولتين حدوديتين، سوريا ولبنان، الذي سيسقط في يد نصر الله، ومظلة نووية ايرانية». وقال امس احد الوزراء «لعله مع ذلك ينبغي إقامة حكومة وحدة وطنية على عجل».
وأبلغ رئيسا الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين والموساد مئير داغان الحكومة الإسرائيلية في تقريريهما أن «أي حرب مقبلة بين إسرائيل وسوريا، لن تحسم في حروب كتلك التي عهدناها، في الجو والبر، وإنما عن طريق منظومة صواريخ أرض ـ أرض التي تطورها الدول العربية».
عموماً أظهر التقدير الاستخباراتي السنوي الإسرائيلي أن سوريا تعيش حالة مكثفة من التسلح بصواريخ بعيدة المدى. ولكن التقرير شدد على أن الأسد «معني على المستوى الاستراتيجي بالتفاوض مع إسرائيل، برغم أن هذه المفاوضات ليست اليوم على رأس سلم أولوياته، حيث أنه يركز حالياً على تعزيز قدراته العسكرية».
وبحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد، فإن سوريا تؤمن أن صواريخ أرض أرض التي تملكها هي التي ستحسم مصير كل حرب مستقبلية. وجرى إبلاغ أعضاء الحكومة الإسرائيلية بأن «السوريين فهموا أنهم بحاجة إلى دبابات أقل وصواريخ أكثر». ومع ذلك فإن التقديرات الإسرائيلية ترى أن احتمال حدوث هجوم سوري خلال العام الحالي على إسرائيل، لا يزال ضعيفاَ.
وثمة اتفاق نادر بين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والموساد حول أنه يمكن، في ظروف معينة، إبعاد سوريا عن المحور الراديكالي عبر «تسعيرة تشمل التنازل عن هضبة الجولان ودفع أميركا لمساعدة السوريين». ويرى قادة هذين الجهازين أن إبعاد سوريا عن المحور الراديكالي يحتاج إلى استعداد إسرائيلي للاتفاق على الجولان ودعم أميركي للسوريين.
ولكن شمعون شيفر في «يديعوت أحرونوت» رأى أن خلافاً مبدئياً بين شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي والموساد بقي على حاله بالنسبة لتقدير نوايا الأسد، حيال استئناف المفاوضات مع اسرائيل. وبحسب تقدير الموساد، فإن سوريا غير مستعدة للانقطاع عن المحور الراديكالي وفي مركزه علاقاتها الخاصة مع ايران، حتى لو تعهدت إسرائيل بان تنقل اليها كل الجولان.
ولكن يدلين يرى أن الطريق الى إبعاد سوريا عن محور الشر منوط بالاستعداد لإدارة مفاوضات سلام في ظل وعد مسبق من اسرائيل لتنفيذ «الوديعة» التي سلمها اسحق رابين للأميركيين ـ موافقة على انسحاب من الجولان في مقابل اتفاق سلام. ويطالب السوريون، بحسب يدلين، بأن يدير الاميركيون المفاوضات، وان يساعدوا دمشق على الخروج من الحصار الدولي الذي تعانيه.
ولاحظت التقديرات الاستخباراتية أن احتمالات شن حرب على إسرائيل في العام الحالي ضعيفة ولكن «تتعاظم احتمالات استئناف العنف ضد إسرائيل من جانب حزب الله، وفي حال اندلاع المواجهات في جبهة، يتعاظم احتمال اندلاعها في جبهات أخرى».
ولاحظ يدلين في تقريره أنه لا يتوقع أخطاراً تتهدد الأنظمة العربية المعتدلة في السعودية ومصر والأردن خلال العام الحالي. وأشار إلى أنه حتى في حال غياب الرئيس المصري حسني مبارك عن الحكم في مصر، لن يكون الإخوان المسلمون بديلاً له.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد