استطلاع لغالوب: دوافع معاداة المسلمين للغرب سياسية لا دينية
أجرت مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي ما اعتبرته أشمل وأوسع دراسة حول موقف المسلمين من الديمقراطية وحقوق المرأة والتشدد والغرب. وجاءت جل النتائج المهمة مناقضة للاعتقادات السائدة بشأن نظرة هذا الجزء من العالم الذي يمثل 20% من سكان المعمورة من القضايا المذكورة.
صحيفة كريستيان ساينس مونيتور التي أوردت الخبر قالت إن عددا هائلا من الأفلام الوثائقية والقصص والكتب حاولت منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 التكهن بأسباب لجوء المسلمين إلى الأعمال الإرهابية وبمواقفهم، ناهيك عن الحديث المستمر عن صدام الحضارات بين المسلمين والغرب.
لكن ما لم يتوفر حتى الآن هو أي مقياس جدير بالثقة يستعرض آراء المسلمين العاديين الذين يمثلون 20% من سكان العالم.
هذا ما دفع مؤسسة غالوب إلى إعداد دراسة طموحة دامت ست سنوات وشملت مقابلة وجها لوجه لمدة ساعة مع سكان مسلمين في نحو 40 بلدا, ما مكنها -حسب الصحيفة- من رصد وجهة نظر المسلمين، رجالا ونساء بدواً وسكان مدن مثقفين وأميين كبارا وصغارا.
وتعتقد غالوب أن العينة التي استهدفتها تمثل 90% من 1.3 مليار مسلم موجودين في العالم، ضمن دراسة هي الأشمل من نوعها على الإطلاق.
وقد تم نشر قراءة أولية لهذا الاستطلاع في كتاب تحت عنوان "من يتحدث باسم الإسلام؟" لصاحبيه أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة جورج تاون جون إسبوزيتو والمديرة التنفيذية لمركز غالوب للعلوم الإسلامية بواشنطن داليا مجاهد.
ومن بين النتائج الأساسية التي جاءت مخالفة للاعتقاد السائد أن الغالبية العظمى من المسلمين لا ترى أي تناقض بين الإسلام والديمقراطية، وإن كانت تطالب بنموذج ديمقراطي يجعل الشريعة الإسلامية مصدرا له.
كما تعتقد غالبية مهمة من هؤلاء أن الزعماء الدينيين يجب أن لا يلعبوا دورا مباشرا في رسم الدساتير أو كتابة التشريعات أو تحديد السياسات الخارجية.
وتؤيد غالبية كبيرة (94% بمصر و90% بإندونيسيا و92% بإيران و82% بباكستان و88% بتركيا و97% بالإمارات) أن يكون في الدستور الجديد لأي بلد بند يضمن حرية الرأي.
وحتى من يوصفون بالتشدد يؤيد 63% منهم الديمقراطية, لكنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة لن تسمح لشعوب الدول الإسلامية بأن ترسم مستقبلها السياسي الخاص بها دون تدخل مباشر منها.
وقالت الصحيفة إن هذه الدراسة جاءت مطابقة لما ظهر في دراسات سابقة من أن غالبية من يلجؤون إلى الأعمال الإرهابية من المسلمين لم يتخرجوا من مدارس دينية وإنما من مدارس خاصة أو عامة أو من جامعات، وأن غالبيتهم من الطبقة المتوسطة ومن الطبقات العمالية, كما أن بعضهم متدين والبعض الآخر ليس كذلك.
وقد أرجع مؤيدو الهجمات الإرهابية دافعهم لذلك إلى أسباب سياسية وليست دينية, فهم يحسون بالإحباط السياسي وبالإهانة والتهديد من طرف الغرب, بينما أرجع معارضوها موقفهم ذلك إلى دوافع دينية.
وحسب هذه الدراسة فإن المتشددين أفضل تعليما من المعتدلين، وثلثاهم يحصلون على دخل يتراوح بين المتوسط وما فوق المتوسط, ويتولى 47% منهم الإشراف على مجموعة من العمال، كما أنهم أكثر تفاؤلا (بنسبة 52%) حول حياتهم المعيشية من المعتدلين (45%).
وفيما يخص المرأة ترى غالبية المسلمين أنها يجب أن تحصل على نفس الحقوق التي يحصل عليها الرجل, سواء في التصويت أو الوظائف أو أي عمل تكون مؤهلة له بما في ذلك المواقع القيادية في الدولة.
والدليل على ذلك موافقة غالبية الرجال المسلمين (62% بالسعودية و73% بإيران و81% بإندونيسيا) على تولي المرأة القيام بأي وظيفة هي مؤهلة لها.
الدراسة أكدت أن أكثر شيء يعجب المسلمين في حياة الغربيين هو تقدمهم التقني وتقديرهم العالي للجد في العمل والرقابة الذاتية لديهم، وحكم القانون والتعاون والنظام السياسي العادل الذي يحترم حقوق الإنسان والديمقراطية ومساواة الجنسين.
أما ما يستهجنه المسلمون في حياة الغربيين فيشمل تشويههم سمعة الإسلام والمسلمين واختلاط الجنسين والفساد الأخلاقي.
ويعتب المسلمون على مجتمعاتهم قلة الانسجام والفساد السياسي والاقتصادي والتشدد.
كما يرى غالبية المسلمين حسب استطلاع غالوب أن أول ما يجب على الغرب فعله لتحسين العلاقة مع المسلمين، هو إظهار مزيد من الاحترام لهم ومزيد من التفهم للإسلام كدين والإحجام عن تشويه سمعة ما يمثله.
أما ما يجب على المسلمين أنفسهم فعله لتحسين علاقتهم بالغرب فهو -حسب غالبية المسلمين- احترام التفاؤل الغربي وقيم حرية الرأي والدين والتقليل من التشدد والإرهاب والسيطرة على منابعهما، إضافة إلى "التطور".
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد