اسرائيل تطلق حملة علاقات عامة دولية لحشد التأييد لعمليةعسكرية في غزة
شرعت إسرائيل أمس في حملة علاقات عامة دولية لحشد تأييد المجتمع الدولي لعملية عسكرية إسرائيلية واسعة في قطاع غزة وإن ألمح رئيس حكومتها ايهود اولمرت ووزير دفاعه ايهود باراك إلى أنها ليست وشيكة «لأسباب مختلفة» قد يكون أحدها «تراجع التفهم الدولي» لمثل هذه العملية في أعقاب العقوبات الاقتصادية التي تفرضها إسرائيل على سكان القطاع، فضلاً عن رغبة باراك في توافر عنصر المباغتة.
واصطحبت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني نحو 70 سفيراً وديبلوماسياً أجنبياً معتمدين في تل أبيب في جولة في بلدة سديروت التي تتعرض تباعاً لقذائف «القسام» الفلسطينية والبلدات والمستوطنات المحاذية للقطاع، استمعوا خلالها إلى استعراض للأوضاع الأمنية من عسكريين كبار والتقوا ممثلين عن هذه البلدات، كما استمعوا إلى ليفني تشترط نجاح المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية بالوضع في القطاع، وقولها إن ما يحصل في القطاع يؤثر على العملية التفاوضية مع السلطة، مضيفة انه بعد أن «منحت إسرائيل الفلسطينيين أملاً (بدولة) نشأ في القطاع والمنطقة واقع إرهاب».
واتهمت ليفني حركة «حماس» باستغلال انسحاب إسرائيل من القطاع ومن الشريط الحدودي «فيلادلفي» لتبني لها جيشاً في القطاع «صغير العدد لكن بالغ القدرات»، داعية صناع القرار في العالم إلى التعاطي مع هذه المسألة. وأضافت: «صحيح أننا نواصل المفاوضات، لكن علينا أن نكون واقعيين... فالمفاوضات لن تحل بشكل فوري المشاكل الناشئة في غزة، وبالتأكيد ليس في الوقت القريب بل على العكس ستؤثر هذه المشاكل على القدرة على تطبيق نتائج هذه المفاوضات».
وأدرجت أوساط في وزارة الخارجية هذه الزيارة في إطار حملة إعلامية واسعة لتهيئة الرأي العام الدولي لعملية عسكرية واسعة محتملة في القطاع. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن التقارير التي تصل وزارة الخارجية تتحدث عن تراجع ما في التأييد الدولي لإسرائيل منذ أن قررت تشديد العقوبات المدنية على سكان قطاع غزة. وأضافت أن الحملة الإعلامية لن تقتصر على الديبلوماسيين إنما أيضاً سيتم التوصل إلى صناع القرار والرأي العام.
وقال مسؤول الإعلام في وزارة الخارجية افيف شيرون إن جولة الديبلوماسيين في «غلاف غزة» أمس جاءت في إطار «مسعى إسرائيل الى زيادة الوعي السياسي والإعلامي والعام في العالم للوضع في البلدات الإسرائيلية في غلاف غزة، وليطلع العالم كله على معاناة سكانها الممتدة على سبع سنوات من قذائف القسام».
في غضون ذلك، واصلت الصحف العبرية الانشغال في «العملية البرية» المتوقعة في القطاع، وأبرزت تصريح اولمرت مع عودته من ألمانيا بأن «إسرائيل لن تغير في هذه المرحلة نمط ردودها العسكرية المحدودة على رغم الدعوات الى البدء بعملية واسعة».
من جهتها، ذكرت صحيفة «معاريف» أن رئيس الحكومة أبلغ الصحافيين الذين رافقوه إلى ألمانيا أنه خرج من لقائه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشعور بأن «إسرائيل تلقت ضوءا أخضر ولو ضمنياً للخروج في عملية واسعة في قطاع غزة»، مضيفاً أنه «لمس في ألمانيا قدراً كبيراً من التفهم لحاجات إسرائيل الأمنية وحقها في الرد على الهجمات الإرهابية». وزاد ان «المستشارة تتفهم جيداً أنه من غير الممكن بقاء الوضع على حاله من دون رد إسرائيلي مباشر وناجع». وبحسب أقواله، فإن المستشارة أبدت في البداية تحفظاً من عملية واسعة، لكنها أعربت لاحقاً عن «دعمها وتفهمها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».
واعتبر اولمرت قضية الحدود «القضية الأسهل» بين قضايا المفاوضات مع الفلسطينيين، معرباً عن تشكيكه في إمكان التوصل إلى حل دائم بنهاية العام الحالي. ولم يستبعد أن تؤول المفاوضات مع السلطة الفلسطينية إلى الفشل «بسبب تناول القضايا الصعبة مثل مكانة مدينة القدس». وتابع أن من لا يريد الدخول في طريق بلا مخرج عليه البدء بالقضايا السهلة مثل قضية الحدود. واعتبر ان ثمة حلاً جاهزاً لهذه القضية «يحظى بتفاهم ودعم دوليين»، معتبراً أن «رسالة الضمانات» الأميركية التي تحدثت عن ضم إسرائيل الكتل الاستيطانية الكبرى في محيط القدس والضفة الغربية، الواقعة حالياً غرب الجدار الفاصل، إلى تخومها «تؤشر إلى اتجاه حل قضية الحدود». وأضاف أن الفلسطينيين وافقوا على طلبه إرجاء بحث قضية القدس حتى انتهاء الاتصالات في ما يتعلق بالتسوية الدائمة. وزاد أن أحداً لم يلتزم التوصل إلى اتفاق دائم خلال عام 2008 «إنما جرى الحديث عن بذل جهد في هذا الاتجاه».
وتحدث النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون بالروح ذاتها، وقال إن الهدف من المفاوضات مع الفلسطينيين هو التوصل إلى «اتفاق مبادئ» وليس بالضرورة إلى اتفاق تفصيلي. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن جهات أميركية تقديراتها هي الأخرى أن لا أمل في التوصل إلى اتفاق مفصل بنهاية العام، وان قضية القدس تبقى العثرة في طريق التوصل إلى تسوية دائمة.
أسعد تلحمي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد