اسرائيل منذ قمة الخرطوم وحتى قمة دمشق
بعد شهرين من حرب يونيو/ حزيران عام 1967 عقدت قمة الخرطوم بحضور معظم الزعماء العرب فكانت من أنجح القمم العربية حضورا، فالقمة أكدت على عدم الموافقة على المصالحة مع اسرائيل وتم اعلان اللاءات الثلاث التي عبرت عن الاجماع العربي بضرورة ازالة أثار العدوان الاسرائيلي.
الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، كان محركا أساسيا لهذه القمة داعيا إلى ضرورة توحيد الصف العربي والتضامن من أجل المعركة القادمة. وخلال القمة عرضت المشكلة السعودية المصرية بخصوص اليمن وتوصل الزعماء إلى حلول مرضية للطرفين.
ورآى المسؤولون في اسرائيل انذاك أن القمة هي بداية التحضير لحرب جديدة لم تحدث إلا بعد ست سنوات. سوريا غابت إلا وزير خارجيتها بسبب ما وصفته القيادة السورية بالدور السلبي لعدد من الدول العربية .
وما أن اختتمت القمة حتى دعت تل أبيب الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف حازم ازاء العرب الذين أجمعوا ولو للمرة الاولى على حتمية الرد على عدوان اسرائيل بالحديد والنار.
عندما سئل رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، في مؤتمر صحفي قبل أيام عن مؤتمر دمشق أجاب بإبتسامة واضحة أن اسرائيل ستراقب المؤتمر و كيف سيكون التمثيل والموقف السعودي.
اسرائيل لم توافق أبدا على المبادرة العربية عندما أعلنت في قمة بيروت واعتبرتها الحكومة الاسرائيلية غير واقعية في ظل التغيرات على الارض وعودة اللاجئين الفلسطينين هو أمر مرفوض لكن اولمرت قال قبل أيام إن في المبادرة بعض النقاط الايجابية.
كتب الدكتور مرداخي كيدار، المحاضر في جامعة بار إيلان، مقالا واصفا القمة " بالجثة الهامدة" مع تصاعد الاختلاف العربي في تناول القضية الفلسطينية والملف اللبناني، وقال عدد من المعلقين الاسرائيلين إن العرب يجتمعون ويعلنون العداء لاسرائيل وفي الخفاء تجري أمور اخرى.
اسرائيل لا ترى العالم العربي وإنما دول مختلفة في التعامل مع الدولة العبرية فهناك دول تسميها بالمعتدلة كالسعودية و عموم دول الخليج والمغرب العربي ودول معادية كسوريا و لبنان والسودان و ليبيا واليمن ودول لها علاقات دبلوماسية هي الاردن ومصر وموريتانيا.
الشارع الاسرائيلي بدا أقل اهتماما بقمة دمشق فالكثير ممن سألت لم يكونوا على علم أصلا بالقمة العربية.
أحدهم قال " أنا لا اؤمن بهم و لا أصدقهم . لقد كانت هناك فرص كثيرة و لم يحدث شيء. نحن نرغب بالسلام كثيرا و لكن الامر مرتبط بهم، بهم وبنا ولكن الكرة الان بملعبهم".
شخص آخر كان أكثر تشددا قال وهو في عجلة من أمره في شارع يافا في القدس الغربية " أنا لا أصدقهم، و لا يوجد أي سبب لتصديقهم، حتى اليوم كل الاتفاقيات مع العرب كانت تافهة، ما عملناه مع الفلسطينيين في اوسلو كان تافها، وما وقعناه في واي ريفير كان تافها، و ما عملناه مع المصريين كان تافها أيضا فقط بالحرب يمكن ان نجلب السلام".
أحد المارة ذهب إلى حد التفاؤل إذ قال " يجب أن نعطيهم فرصة، يجب أن نذهب باتجاه الخير و السلام، و اذا ما آمنت بالخير فالنتيجة هي السلام، نحن كلنا بشر، اذا ما عشت مع الاخرين سترى بأنهم أناس مثلك و لا يختلفون عنك".
مراسل صحيفة هارتس الاسرائيلية للشؤون العربية كتب مقالا أشار فيه إلى أن مصر متخوفة جدا من النفوذ الايراني الذي يؤثر في العراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة، والدول المعتدلة كمصر والسعودية تريدان وقف النفوذ الايراني ليس فقط بخصوص قطاع غزة " الازمة في لبنان ليست الازمة الوحيدة التي تعتمد على الدعم الايراني؛ فالعراق هو الاخر خاضع للنفوذ الايراني، وكذا السودان يقيم شبكة علاقات وثيقة مع دولة احمدي نجاد. وتخشى مصر من ان تكون ايران تبني لنفسها دائرة نفوذ سياسي وانها تبني نفسها كمنافسة للدائرة العربية - ولا سيما لتلك المسماة المحور المعتدل".
الكاتب كغيره من رجال السياسة في اسرائيل يرون أن إيران تسعى لإقصاء الجامعة العربية واحلال نفوذها في المنطقة فاسرائيل لا تفكر الان إلا بالمشروع النووي الايراني والتغلغل العسكري الايراني في لبنان وقطاع غزة.
الاصل في القمم العربية الاختلاف ولم تكن قمة الخرطوم التي عقدت في أغسطس/ آب عام 1967 إلا حدثا شاذا عندما توحدت الدول العربية لمرة واحدة بلا تردد على مواجهة الدولة العبرية ومنذ ذاك لم تكن القمم العربية لتحظى باهتمام اسرائيل، فما قمة بيروت إلا خطوة من الدول العربية إلى الامام نحو السلام بعيدا عن اللاءت الثلاث.
بالنسبة للاجهزة الامنية والعسكرية الاسرائيلية فالارتياح واضح عندما تبتعد الدول العربية من رفع السلاح والاقتراب من رفع المبادرات السلمية.
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد