اشتباكات على أطراف منبج: الأميركيون «يؤخّرون» عبور الجيش نحو شرق الفرات
دفعت توافقات اللحظة الأخيرة بين الحكومة السورية و«قسد» إلى تغيير وجهة جزء كبير من الجهد العسكري التركي، مع الفصائل المقاتلة إلى جانب أنقرة، من محور رأس العين وتل أبيض في شرقي الفرات، إلى منبج في ريف حلب الشمالي، غربي الفرات. سباق بسط السيطرة الذي انطلق منذ ليل أول من أمس، بين الجيشين السوري والتركي، بدا على أشدّه في منبج التي شهدت أطرافها اشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المدعومة تركياً، قبل أن تعلن دمشق في وقت متأخر من ليل أمس تمكن الجيش من دخول المدينة.
دخل الاتفاق بين الحكومة السورية و«قسد» حيّز التنفيذ بعد وقت قصير من إعلان استعداد الجيش السوري التوجه إلى الشمال «لصدّ العدوان التركي». بعد ساعات قليلة، كانت أرتال للجيش تعبر في البداية نحو قرى في ريف منبج الغربي، وإلى بلدة تل تمر في ريف الحسكة الغربي، ومدينة عين عيسى وقرى محيطة بها في ريف الرقة الشمالي، إضافة إلى نقاط على الطريق الدولي الحسكة ــــ حلب (M4)، كما انتشرت قوات أخرى في مطار الطبقة العسكري بريف الرقة الغربي. في المقابل، سجّل مسار العمليات العسكرية التركية أمس تركيزاً على السيطرة على مزيد من المناطق الواقعة على الطريق الدولي (M4)، وسط معلومات مؤكدة عن تمكن الجيش التركي، وحلفائه من مسلحي «الجيش الوطني»، من السيطرة على صوامع حبوب عالية وبلدة مبروكة في ريف الحسكة الشمالي الغربي. كما وسّعت فصائل «الوطني» سيطرتها على قرى في محيط مدينة تل أبيض، ومدّت سيطرتها على المنطقة من عين العروس حتى حمام التركمان وأبو صرة، على بعد أقل من 20 كلم عن عين عيسى التي دخلها الجيش السوري فجر أمس.
كذلك، صعّد الجيش التركي والفصائل المدعومة منه الاشتباكات والقصف على رأس العين، من دون حصول خروق في دفاعات «قسد». في هذا السياق، أكد مصدر ميداني كردي، أن «كامل رأس العين تحت سيطرة قواتنا رغم تسلّل للمرتزقة في بعض قرى أريافها»، لكنه أكد أن «تل أبيض تم احتلالها، وتعمل القوات على استعادة السيطرة عليها». وتوقع المصدر أن «يسهم الاتفاق مع الحكومة السورية في استعادة المناطق كافة التي تم احتلالها، ودحر المحتلين خارج الحدود». ومع تقدّم ساعات نهار أمس، تحوّل الجزء الأكبر من التركيز على مدينة منبج غربي الفرات، ولا سيما التطورات التي شهدتها بعد إعلان القوى الكردية تسليمها للجيش السوري، ليعبر منها نحو مدينة عين العرب (كوباني) الحدودية. فالجيش كان قد بدأ الانتشار في القرى المحيطة بالمدينة من الجهة الغربية والشمالي الغربية، تمهيداً لدخولها بعد انسحاب القوات الأميركية منها.
بالتوازي مع هذه التطورات، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ينتظر الانسحاب الأميركي من منبج أيضاً، يعلن أن «بلاده في مرحلة تنفيذ قرارها المتخذ بخصوص منبج»، مؤكداً أنه «عند إخلاء منبج (من الأميركيين) سيدخلها أصحابها الحقيقيون»، في إشارة الى مسلحي فصائل «الوطني» الموالين لأنقرة. ومساء أمس، شنّ «الوطني» هجوماً على مواقع لـ«قسد» من ثلاثة محاور في ريف منبج. وتركزت الهجمات على قرى التوخار كبير والهوشرية والجات، من دون معلومات عن إحراز تقدم ميداني. وترافق الهجوم مع استمرار الجيش السوري في انتشاره في أرياف المدينة، والتمركز في قرية السلطانية، جنوبي شرق منبج. وفي وقت متأخر من ليل أمس، نقلت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية (سانا)، أن «وحدات من الجيش العربي السوري تدخل منبج»، وسط معلومات عن استمرار الدوريات الأميركية على مشارف جسر قرقوزاق في ريف المدينة الشرقي، حيث تمنع الجيش من العبور نحو شرقي الفرات.
ورغم غياب تفاصيل واضحة عن الاتفاق الأخير، توحي المعطيات الميدانية باستعجال سوري ــــــ كردي للوصول إلى الشريط الحدودي، ووقف تمدّد الجيش التركي وفصائله. وكشفت مصادر كردية أن الاتفاق مع الحكومة تم إنجازه بين القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، وممثلين عن الحكومة السورية، برعاية روسية في قاعدة حميميم. لكن قناة «روناهي» نقلت عن القيادي الكردي البارز آلدار خليل، أنه «لا بنود لهذا التفاهم، لأنه ليس اتفاقية. كل طرف يتحدث عن أمور مختلفة». وأضاف خليل أن هذا التفاهم يشمل وضع الحدود فقط، مستدركاً: «لم يتم الاتفاق حول وضع الإدارة والمدن... من الآن فصاعداً سنعمل على الوصول إلى اتفاقية. وسنحاول أن نجرّ النظام إلى قبول الإدارة الذاتية، وتحديد علاقة الإدارة مع دمشق، ومكانتها في الدستور». وقال: «ما نطلبه في هذا الوطن هو إدارة ديموقراطية بنظام لامركزي، وهذا الأمر يتطلّب وقتاً طويلاً».
الأخبار
إضافة تعليق جديد