الأسد: الفصل بين سوريا وإيران والمقاومة لن يحصل
أكد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع التلفزيون الايراني امس، ان العام المقبل لن يكون »عام الفصل« بين سوريا وإيران، نافيا ان تكون المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل تستند الى فكرة ابتعاد دمشق عن المقاومة او عن طهران، وأشار الى ان بلاده تتطلع الى بداية »افتراق« للدور الأوروبي عن الدور الأميركي في المنطقة، معتبرا ان الحرب الباردة قائمة بالفعل، وأن على روسيا الا تواجه هذه الحرب »من داخل حدودها فقط«.
وأوضح الأسد ردا على سؤال في المقابلة »عندما قلت في تموز ٢٠٠٧ ان مستقبل المنطقة يحدد خلال أشهر، كنت اعرف ان القوى التي تفشل، وفى مقدمتها الولايات المتحدة ومن معها، لا بد أن يلعبوا أوراقهم الأخيرة.. وطبعا قناعتي كانت بأنهم سيستمرون في الخسارة«. وتابع »الإدارة الأميركية راحلة.. ومن يفشل لسبع سنوات وثمانية أشهر، من غير المعقول أن ينجح بأربعة أشهر«.
وتطرق الاسد الى القمة الرباعية الاخيرة في دمشق، قائلا ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي »يريد ان يستعيد« دور باريس. لكنه أضاف »لا نتوقع أن تأتي دولة أوروبية لتتعامل مع دول مثل سوريا وإيران، لا تملكان علاقة جيدة مع واشنطن، بشكل مباشر من دون أن يكون هناك تنسيق مع الولايات المتحدة، وهذا الكلام قاله الرئيس ساركوزي بشكل واضح في اللقاء الرباعي«.
وتابع في السياق ذاته »علينا ألا نتوقع أن يكون الغرب بالمدى المنظور أقرب إلينا من قربه لإسرائيل لأسباب تاريخية لها علاقة
بموضوع اليهود وما شابه.. لكننا في الوقت ذاته نريد أن نرى بداية افتراق للدور الأوروبي عن الدور الأميركي وهذا ما نراه بالتعاطي مع القضايا المطروحة«. وأضاف »ما دامت زيارة ساركوزي تأتي بالتنسيق مع الولايات المتحدة، فعلينا أن نتوقع نبرة معينة، لأميركا يد فيها بشكل مستمر«.
وفي ما يتعلق بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة، قال الرئيس السوري »في الوقت السابق ربما كانت فكرة السلاح هي الفكرة الأساسية.. اليوم أنا اعتقد أن التوازن الاقتصادي« هو الاهم. وتابع »لو أردنا أن نسأل هل هناك بداية توازن استراتيجي، نقول: كيف نفسر انتصار المقاومة في لبنان في العام ٢٠٠٦ وقبلها في العام ٢٠٠٠ وتحرير معظم الأراضي اللبنانية.. مجموعات صغيرة من المقاومين تتمكن من تحقيق انتصار كبير على واحد من أقوى الجيوش في العالم.. فإذاً هذه هي بداية التوازن الاستراتيجي، وهي الإيمان بإمكانياتنا وليس بفرق السلاح«.
وحول المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية تركية، قال الأسد »هي ليست مفاوضات بمعنى المفاوضات ولكن أطلق عليها هذه التسمية واستمرت في الإعلام، وما يحصل هو مشابه لما حصل قبل مؤتمر مدريد في العام ١٩٩١ عندما أتى وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر وبدأ يتنقل بين سوريا وإسرائيل لكي يضع أرضية للمفاوضات المباشرة.. وحتى الآن، لم تنته هذه المرحلة«.
واعتبر الأسد انه »بغض النظر عن هذه المفاوضات، فالعمل على فصل سوريا عن إيران وسوريا عن المقاومة مستمر منذ سنوات.. وفي كل لقاء مع المسؤولين الإيرانيين نتحدث في هذا الموضوع، وربما بطريقة المزاح، وكنوع من السخرية أقول لهم أحيانا إن العام المقبل هو عام الفصل بين سوريا وإيران، ما عدا هذا العام، والسبب أن الدول التي سعت بهذا الاتجاه في هذا العام فقدت الأمل، ولذلك فالعام ٢٠٠٩ لن يكون عام الفصل بين سوريا وإيران«.
وأضاف الاسد »اما ما طرح في الإعلام من أن المفاوضات غير المباشرة بدأت بناء على فكرة ابتعاد سوريا عن المقاومة أو ابتعاد سوريا عن إيران، فهذا الكلام غير صحيح، والسبب بسيط لان الإسرائيلي يعرف تماما أين تسير سوريا وكيف تسير«. وقال »نحن لسنا من الدول التي تبني علاقات مؤقتة أو مرحلية أو ظرفية.. هناك حالة وحيدة لكي نبتعد عن إيران: عندما تقف إيران مع إسرائيل، وأميركا مع العرب، فسنقلب الآية، وهذا الشيء لن يحصل«.
ورأى الرئيس الأسد ان الجانب المهم في العلاقة بين إيران وسوريا، هو »استقلالية القرار السوري واستقلالية القرار الايراني.. وهذه الاستقلالية بنيت على مصالح ومبادئ«. وتحدث الاسد عن دور بلاده في تمتين العلاقات الايرانية العربية، قائلا »نحاول الآن ان نؤدي هذا الدور لان هناك دائما من يشك في العلاقة الايرانية العربية، او الفارسية العربية بالمعنى القومي«.
واعتبر الاسد ان علاقة طهران ودمشق »أثبتت أهميتها بالنسبة للمنطقة عبر العقود الماضية.. غير ان نتائجها الحقيقية ظهرت في العقد الأخير، أي انتصار المقاومة في لبنان، وصمود المقاومة في فلسطين بعد الانتفاضة الثانية، وفشل المشاريع التي تحضر للمنطقة، طبعا ليس فشلا كاملا، انما بشكل جزئي«. وأضاف »هناك دول عديدة كانت تعارض هذا التوجه والآن بدأت تكتشف ان هذا التوجه صحيح، وبدأت تأخذ منحى مشابها لسياستنا«.
وعن إمكانية عودة الحرب الباردة بعد أحداث القوقاز الاخيرة، قال الاسد ان »الحرب الباردة لم تبدأ بجورجيا، بدأت منذ أتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئاسة عندما بدأ يعيد الهيبة للدولة الروسية«. وأضاف »محاولة روسيا لبناء علاقة صداقة مع الغرب باءت بالفشل بسبب دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة التي كانت تقابل هذه الخطوات بخطوات تصعيدية باتجاه الحرب الباردة.. إذاً هذه الحرب فرضت من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا.. وغير صحيح انها بدأت، فهي موجودة، ولكنها تتطور«.
ورأى الرئيس السوري ان »قضية جورجيا هي الذروة في هذه الحرب«. وأضاف »الآن أصبحت الحرب علنية وأصبح هناك مواجهة عسكرية ستكون لها تداعيات سياسية كبيرة، وأعتقد ان على الروس ان يعرفوا من هم حلفاؤهم الحقيقيون في العالم.. روسيا وهي الدولة الكبيرة والقوة العظمى الآن لا تستطيع أن تخوض أو أن تواجه هذه الحرب الباردة فقط من داخل حدودها، لا بد أن تؤدي دورا أكثر أهمية«.
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد