الأسـد اليوم إلى نيودلهي
يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد، اليوم، زيارة رسمية إلى الهند، يتشاطر مسؤولون سوريون وهنود القول إنها ستفتح «فصلا جديدا» في العلاقات بين البلدين.
وستقيم رئيسة الهند بارتيبها باتيل حفل استقبال رسمي للأسد وعقيلته أسماء، صباح اليوم، تليه زيارة يقوم بها الرئيس الأسد إلى ضريح المهاتما غاندي، ثم لقاء مع وزير الخارجية براناب موخيرجي، وآخر مع رئيس الوزراء مانموهان سينغ، على أن يتم التوقيع على اتفاقيات ثنائية حول الازدواج الضريبي، وحماية الاستثمارات، والتعاون في مجالي الطاقة والمعلوماتية، إضافة إلى حديث عن اتفاقية تعاون في مجال الفوسفات.
يلي ذلك غداء يقيمه اتحاد غرف الصناعة والتجارة على شرف الأسد، ومن ثم لقاءات ثنائية مع نائبة رئيسة الهند بهايرون شيخاوات، ورئيس حزب المعارضة لال كاريشا أدفاني، ورئيسة الحزب الحاكم صونيا غاندي، ونائب رئيس هيئة التخطيط أهلو واليا، على أن يختتم اليوم الأول من الزيارة بعشاء تقيمه الرئيسة الهندية على شرفه.
وفيما تعتبر العلاقات بين دمشق ونيودلهي جيدة أساساً، فإن الجانبين يراهنان على استثمارها بشكل أعمق، نظراً لـ«الروابط التاريخية والسياسية والثقافية» بين البلدين، وفق ما يؤكد مسؤولون من الجانبين، إضافة إلى العلاقات التجارية القوية، بحجم تبادل يقدر بـ700 مليون دولار، والذي يزيد عنه بقليل حجم التجارة التي تتم عبر دول الخليج بين الطرفين، والتي يصعب احتسابها.
ويشدّد الجانبان السوري والهندي على التنسيق السياسي المشترك الذي ساد بينهما في مختلف مراحل أزمات الشرق الأوسط.
وفيما يتحدى وزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي إداباكات أحمد الصحافيين بأن يأتيه أحد بموقف سلبي لنيودلهي من القضية الفلسطينية، تؤكد وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان، التي كانت أول الواصلين من الوفد الرسمي، أن التنسيق والتشاور السياسي بين سوريا والهند لم يتوقف يوماً، مشيرة، عند الإلحاح بالسؤال عن العلاقة المميزة التي تربط بين الهند وإسرائيل، إلى أن ما يهم السوريين هو العوامل المشتركة بين العرب عموما والهند، وهي كثيرة، فضلاً عن المواقف السياسة الهندية المؤيدة لحقوق العرب وخصوصاً فلسطين.
وكانت شعبان التقت أحمد، أمس، لوضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات الزيارة. ويضم الوفد السوري، إضافة إلى شعبان، وزراء الخارجية وليد المعلم، والاقتصاد عامر لطفي، والاتصالات عماد الصابوني.
وفي ردها على أسئلة الصحافيين، أكدت شعبان على أهمية توقيت الزيارة، في الوقت الذي تترأس فيه دمشق القمة العربية، معتبرة أن الزيارة تأتي بمثابة «إشارة للعلاقات بين الهند والعالم العربي» أيضا.
وأثنت شعبان على موقف الهند من القضايا العربية، وخصوصاً في ما يخص القضية الفلسطينية، مضيفة أنه بالرغم مرور ثلاثة عقود قبل أن تتم الزيارة، إلا ان «التواصل بين سوريا والهند على الساحة السياسية كان موجوداً دائما».
وعن المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، أوضحت شعبان أنّ دمشق «عملت دوماً من أجل سلام عادل وشامل وفقا لمبادئ مؤتمر مدريد وقرارات الشرعية الدولية».
وعن مدى جدية إسرائيل في تحقيق السلام، قالت شعبان «نحن نأخذ كل فرصة لتحقيق السلام ولكن من خلال الحكم على ما جرى سابقا... الإسرائيليون يتكلمون بلغة ويقومون بشيء مختلف على الأرض، لكننا نقوم بما هو ممكن لاستغلال أية فرصة، لأننا نعرف أن الحرب تكلف كثيرا، إنما لن نتخلى طبعا عن أي شبر من الجولان، ونتمنى أن نحرر هضبة الجولان عبر المفاوضات، ولكن إذا كان الجانب الآخر فعلا يعمل على ذلك».
ورداً على سؤال عن العلاقات الإسرائيلية الهندية، أوضحت شعبان أن «الهند في ذهننا كانت بلداً يسعى دائما إلى السلام، ويساند دائما العدل وحقوق الإنسان، وهذا ما يعنينا عن الهند».
وأضافت «كنا في غاية السعادة حين استمعنا لرئيس الوزراء الهندي يتحدث لنظيره الإسرائيلي (إيهود أولمرت) بأن علاقاتنا مع إسرائيل لن تكون على حساب الشعب الفلسطيني. وهذا موقف يهمنا ونقدره، ونعرف أن الهند كدولة وحضارة تشترك في الكثير مع العالم العربي، ربما أكثر من أية دولة في العالم، ونحن على ثقة بالعوامل التي تجمعنا مع الهند».
وعن الموقف السوري من الأزمة اللبنانية الأخيرة، واتهام قوى عربية ودولية لها بعرقلة الحل، أشارت شعبان إلى أنّ الأسد «قال منذ عامين إننا نقبل ما يقبل به اللبنانيون، ودعا في العديد من حواراته من يتهمننا بإعاقة الحل في لبنان أن يتقدم ويقول إننا نتفق على ما يتفق عليه اللبنانيون»، مضيفة «أنهم لم يفعلوا (ذلك) لأنهم يقبلون بما يقبل به طرف لبناني واحد فقط، ولهذا حين تحقق اتفاق الدوحة، التي ساعدت سوريا على تحقيقه، وحين وجدوا فعليا أن سوريا تعني ما تقول، وجدوا أن لا حل سوى القبول بالحقيقة، وهي أن سوريا ليست الطرف الذي يحاول عرقلة الحل في لبنان بل آخرون».
وعمّا إذا كان ثمة شرط إسرائيلي للتفاوض مع إسرائيل يقضي بقطع العلاقات مع «حزب الله» وحركة حماس، نفت الوزيرة السورية وجود تفاهم كهذا. وأوضحت «تخيل أننا نذهب للتفاوض ونقول للإسرائيليين سنفاوضكم على شرط أن تقطعوا علاقاتكم مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي»، مشددة على أنّ «علاقات سوريا مع أية دولة هي مسألة سيادية وتقررها سوريا ولا علاقة لها بالمفاوضات لاستعادة أرضنا».
من جهته، قال أحمد إن زيارة الأسد إلى الهند ستفتح «فصلا جديدا في العلاقات بين البلدين»، موضحاً أنّ بين دمشق ونيودلهي «أموراً مشتركة، فسوريا كانت تحت الاحتلال الفرنسي، والهند تحت الاحتلال الانكليزي، والآن البلدان مستقلان ولديهما سياستهما المستقلة، وللبلدان دور مهم في تحقيق السلام العالمي والأمن والاستقرار، والهند دائما تشارك في تحقيق السلام ودعم استقلال كل دولة».
ورداً على سؤال لـ«السفير» عما إذا كانت الهند ترغب في موازنة العلاقة مع إسرائيل مع تلك التي تقيمها مع العالم العربي، أجاب الوزير الهندي «أولاً العلاقة مع العرب والعالم الإسلامي أولوية في السياسة الخارجية الهندية، والدور الذي قامت به الهند في علاقتها مع العالم العربي والإسلامي هو دعم لقضاياكم، وخصوصا القضية الفلسطينية».
وأضاف «جد لي قضية عربية لم تدعمها الهند حتى حين حصل احتلال العراق، فالهند هي الدولة الوحيدة التي رفضت إرسال قواتها إلى العراق بسبب علاقتها مع الإخوة العرب، ونحن ندعم القضية الفلسطينية وربما أنا الوزير الأخير الذي زار (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات في مقره في 17 أيلول ,2004 وأخذت معي إلى هناك ما يقارب مليوني دولار من الأدوية، وحين كانت أحداث غزة أرسلنا الأدوية التي طلبت منا وأصررنا على إيصالها إلى القطاع... وحين زار (الرئيس الفلسطيني) الهند اتفقنا على مشروع بكلفة 60 مليون دولار، سيباشر مع نهاية هذا الشهر، وسترون سفارة لدولة فلسطين في نيودلهي وستجدون سفيرنا هناك».
وعن وجود معارضة أميركية للزيارة أوضح الوزير الهندي «نحن نأخذ قراراتنا بأنفسنا ولدينا قرارنا». وأضاف «نحن مهتمون جدا بالعلاقة مع العالم العربي، فهناك أربعة ملايين هندي يعيشون في هذه المنطقة، ونحن مهتمون جدا بالاستقرار في المنطقة بينما الآخرون مهتمون بالنفط».
وأوضح «بالطبع، فإن الهند مهتمة بالنفط ولكن السببب الرئيسي هو الاستقرار في المنطقة من أجل شعوبها، ونحن ملتزمون بذلك، ولسوريا دور مهم جدا تقوم به كونها جاراً لفلسطين والأردن والعراق وأيضا إيران، ودمشق ستكون ذات دور محوري، ونحن سندعمها في تحقيق السلام العادل والشامل».
إلى ذلك، يزور الرئيس الأسد، غداً، المركز الوطني للمعلوماتية، ويلتقي بعدها ممثلي وسائل إعلام هندية، على أن يقوم في اليوم التالي بزيارة ولاية بنغلور جنوبي الهند التي شهدت الثورة التكنولوجية، حيث يتفقد مقر وكالة الفضاء الهندية، وشركة للمعلوماتية. وتختتم الزيارة، الجمعة المقبل، بعشاء يقيمه حاكم بنغلور على شرف ضيفيه.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد