الأميركيون يتساءلون: هل انتهت رأسماليتنا؟

11-10-2008

الأميركيون يتساءلون: هل انتهت رأسماليتنا؟

أمتار معدودة تفصل البيت الأبيض عن وزارة الخزانة على جادة بنسلفانيا في واشنطن، قطعها الرئيس الحالي جورج بوش مؤخراً ليصافح هنري بولسون بعد إقرار خطة الإنقاذ في الكونغرس، ليسلم فعليا إدارة الأزمة المالية التي تعمق ركود الاقتصاد الأميركي إلى »القيصر« الذي يفاوض العالم على الخروج من تداعياتها.
التقى بولسون أمس في واشنطن وزراء مالية وحكام المصارف المركزية في اليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا، على هامش اجتماعات الخريف المشتركة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتنسيق خطة عمل مشتركة لاحتواء الأزمة. ويتوقع أن تتفق حكومات »مجموعة الدول السبع« على ضخ سيولة في مصارف وأسواق بلادهم، فيما تتجه الإدارة الأميركية إلى خطة استثمار مباشر في المصارف وضمان ديونها وكل ودائعها.
وتبحث الأسواق الأميركية عن قيادة تطمئنها وتعيد الثقة إلى قدرة واشنطن على إخراج الناس من هذه الأزمة البنيوية في الاقتصاد الأميركي. حتى صحيفة »واشنطن بوست« تساءلت ما إذا كانت أسوأ أزمة مالية منذ »الكساد الكبير« ستؤدي إلى »انتهاء الرأسمالية الأميركية«.
المصارف المحلية التي كانت ركائز الاقتصاد الأميركي منذ العام ١٩٣٠ في بلد يعيش على ثقافة الديون والاستهلاك، أصبحت الآن من عناوين الأزمة، وستضطر الحكومة إلى وضع يدها جزئيا عليها، في توجه يعارض في الصميم المبادئ الرئيسية لمنطق السوق الحرة. سيطرت الحكومة حتى الآن على شركات القروض »فاني ماي« و»فريدي ماك« وأنقذت »مجموعة التأمين الأميركية« (آيه أي جي)، لتصبح الآن مسؤولة بشكل مباشر عن الرهانات العقارية والتأمين على الحياة لعشرات ملايين الأميركيين.
ستجد واشنطن صعوبة في اقناع الصين او الضغط عليها لاعتماد السوق الحرة، لا سيما أن اقتصادها حافظ على فعاليته، كما سيبتعد حلفاء واشنطن في اوروبا عن نمط السياسة المالية الذي أوصل الى هذه الازمة. حتى صندوق النقد الدولي الذي روج لابتعاد الحكومة عن السوق في الازمة المالية التي عصفت بآسيا وأميركا اللاتينية في التسعينات، يدعو الآن مع مديره دومينيك شتراوس كان، إلى نوع من الإشراف لضبط انهيار الاسواق، أمّا البلدان الاقل اندماجا في الاقتصاد العالمي فقد تتفادى على الارجح تأثيرات هذه الازمة من الشرق الاوسط حتى افريقيا.
لكن الاقتصادي البارز في صندوق النقد اوليفيي بلانشارد قال »نحن لا نتجه نحو ركود« مبديا تفاؤله بالخروج من الازمة قريبا، حيث اعتبر ان الحكومات تعرف ما هي الحلول وستنفذها جديا لانها خائفة من تداعيات هذه الازمة.
وسيتراجع نمو الاقتصاد الاميركي من ١,٦ في المئة هذه السنة الى ٠,١ في المئة في العام المقبل، وهو الأداء الاسوأ منذ العام .١٩٩١ فقد انخفض مؤشر »داو جونز« الصناعي بنسبة ٣٩ في المئة مقارنة مع تشرين الاول ،٢٠٠٧ بينما خسر مؤشر »ناسداك« ٧٨ في المئة.
وانخفض سهم »جنرال موتورز« الى ادنى مستوياته منذ العام ١٩٥٠ بعدما اعلنت الشركة انها ستقلص الانتاج وتغلق مصانع، لكن اسهم الشركة تحسنت بالامس. وقد خسرت الاسواق المالية الاميركية ٢,٥ تريليون دولار في الاسبوع الاخير. وانخفضت امس ايضا اسهم قطاع الاستثمار المصرفي، بتراجع سهم »مورغان ستانلي« ٣٨,٧ في المئة و»غولدمان ساكس« ١٦,٨ في المئة. والخبر الجيد الوحيد هو تراجع سعر برميل النفط الخام الى ٧٧ دولارا، وهو ادنى مستوى منذ عام.
هذا وأعلن حاكم ولاية فيرجينيا انه سيضطر الى فصل حوالى ٦٠٠ موظف يعملون لصالحه وإغلاق بعض السجون وتقليص تمويل برامج تربوية لان ميزانية الولاية ستخسر ٢,٥ مليار دولار بسبب الازمة المالية، فيما اعلن رئيس الشرطة في مقاطعة في ولاية ايلينوي انه سيوقف عمليات الاخلاء القسرية لمستأجرين حين يكون الحكم القضائي صادرا بحق المالك الذي يعجز عن دفع رهانه العقاري، وهذا ما قد يؤدي الى فوضى قضائية.
وتخلت مجموعة »سيتي غروب« عن سعيها لشراء »واكوفيا« ومهدت الطريق لـ»ويلس فارغو« بشراء الشركة بقيمة ١٥ مليار دولار. لكن »سيتي غروب« أكدت انها ستستمر في دعوتها القضائية طلبا لتعويض بقيمة ٦٠ مليارا من »واكوفيا« و»وويلس فارغو« لالغاء الصفقة التي تفاوضت عليها سابقا.
وبهذا يسيطر »ويلس فارغو« و»بنك أوف اميركا« و»جي بي مورغان شايس« الآن على ثلث القطاع المصرفي الاميركي. وقد طلب اعضاء بارزون في الكونغرس توضيحات من وزارة المالية عن دوافع تغيير الانظمة الضريبية لتشجيع الاندماج بين المصارف المتعثرة والمصارف القوية عن طريق اعفائها من الضرائب على ارباحها، وتخسر بهذا الخزينة العامة مبالغ طائلة. ويعود الى اللجنة المالية في مجلس الشيوخ تحديد الضرائب الفدرالية، وهي تسأل الآن ما إذا كان بولسون قد تجاوز صلاحياته.

جو معكرون

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...