الإجراءات خجولة والحلول متعثرة نزيف الأساتذة مستمر والكليات الطبية تشكو القلة!
أكبر تحدٍ يواجه منظومة التعليم العالي، هو استمرار هجرة الأساتذة منذ بداية الحرب على سورية، ولغاية اليوم وإن كان بنسب أقل مقارنة بالسنوات الأولى للأزمة، أكثر نسب التسرب نجدها في الكليات العلمية، وخاصة الطبية منها “بشري، أسنان، صيدلة”.
وزارة التعليم العالي، اعترفت بذلك في أكثر من مناسبة على لسان المعنيين فيها، حيث قدرت النسبة بأكثر من 20% من الأساتذة الذين هاجروا إلى جامعات عربية وأوروبية وغيرها من الجامعات في العالم.
نقص الأساتذة جعل الدروس العملية في مأزق كبير، سواء داخل الكليات، أو في المشافي الجامعية بالنسبة لطلبة كلية الطب البشري وحتى الأسنان، وهذا ما أحدث نوعاً من الخلل، انعكس بشكل واضح على مخرجات العملية التعليمية، لدرجة أن بعض المرضى صار يخشى الذهاب إلى المشافي، خوفاً من أخطاء طلبة الدراسات العليا أثناء تشخيص الحالة المرضية!.
أكثر المتضررين
جامعة دمشق كانت أكثر المتضررين من هجرة الأساتذة أو تسربهم، عندما فقدت خيرة أساتذتها، وأكثرهم أطباء يدرّسون في كلية الطب البشري، ويقدّر عددهم حسب المعنيين فيها بـ 100 مدرس من أصل 400، وكذلك هناك نقص في كلية الصيدلة، فيما بلغ مجموع عدد الأساتذة الذين غادروا كليات الجامعة لأسباب متعددة حوالي 379 من أصل 2037!!.
لا شك أنه رقم كبير يحتاج لإجراءات سريعة لتعويضه لضمان استمرار الدروس العملية في الكليات الطبية.
أسئلة ساخنة!
الدكتور مالك يونس، أستاذ الفيزياء بجامعة البعث، يرى أن هناك تراجعاً كبيراً في تعداد الكادر التعليمي في جامعاتنا، بدءاً من الدكاترة، مروراً بالقائمين بالأعمال، وأيضاً بالمخبريين!.
أستاذ الفيزياء تساءل:
لماذا يحصل هذا الانخفاض في الكادر التدريسي في الجامعات؟، ولماذا لم تبادر وزارة التعليم العالي إلى وقف هذا النزيف؟، ولماذا هذا الهدر في الطاقات العلمية والفكرية، وفتح الباب أمامها، وتسربها، وهروبها إلى أماكن أخرى، ومن هو المستفيد من ذلك؟!!.
ويوضح أن جودة وكفاءة العملية التعليمية مرتبطة بعدد الدكاترة بالنسبة لعدد الطلاب “استمرار التسرب يسيء بشكل مباشر لمخرجات عملية التعليم ومستواها العلمي”.
لا عذر ولا تبرير!
وبرأي الدكتور يونس فإنه لا عذر ولا تبرير مقنعاً لوزارة التعليم العالي في تقصيرها بالمحافظة على كوادرها، واستغرب كيف تدفع الدولة ملايين الدولارات لتأهيل هؤلاء الأساتذة في الخارج، وحين عودتهم لا تهتم كما يجب بوضعهم في المكان المناسب، والاهتمام بأمورهم وأحوالهم المعيشية لجهة الرواتب والحوافز؟!.. متسائلاً: لماذا “التعليم العالي” تسمح بإعارة الأساتذة للجامعات الخاصة، ولدول الخليج، أو تمنح إجازات دون أجر وهي بحاجة ماسة لكل دكتور؟!.
لماذا سيدفع أصحاب تلك الجامعات “تجار العلم” دولاراً واحداً لتأهيل دكتور لصالح جامعاتهم طالما هو متوفر لهم مجاناً في الجامعات الحكومية؟!.
لماذا لا يتم تعديل سن التقاعد ليصبح 70 عاماً لجميع أعضاء الهيئة التدريسية دون استثناء بدلاً من تقاعد العديد من زملائنا في عمر الـ 60، وهم مازالت لديهم الطاقة على العطاء والعمل؟!.
إجراءات احترازية
العديد من الأساتذة يحمّلون وزارة التعليم العالي مسؤولية النقص، كونها لم تتخذ إجراءات وقرارات احترازية في الوقت المناسب، فهي منذ بداية الأزمة لم تعمل على إجراء مسابقات لتعيين معيدين، أو أعضاء هيئة تدريسية من حملة شهادة الدكتوراه حسب حاجة كل جامعة، بل عندما أعلنت وقعت بالكثير من الأخطاء كعدم الدقة في تحديد الاختصاصات، ما أخّر الحل في مشكلة نقص الأساتذة؟!.
بالمختصر مشكلة نقص الأساتذة مقلقة للغاية، وبشهادة الطلبة والأساتذة، بات الوضع في الكليات التطبيقية والنظرية غير مريح علمياً، ويحتاج إلى حلول سريعة من خلال المرونة في القرارات، والسرعة في إجراءات المسابقات للمعيدين، وأعضاء الهيئة التدريسية، وهناك من يقترح إعادة الأساتذة المتقاعدين للعمل في كلياتهم ريثما يعاد تأهيل جيل جديد من الأساتذة قادر على حمل أعباء العملية التدريسية لتكون على السكة الصحيحة، في وقت تواجه فيه الكثير من التحديات، أخطرها التشكيك بمصداقية الشهادة السورية؟!.
المصدر: غسان فطوم- البعث
إضافة تعليق جديد