الحوار الوطني يعري كل الأخطاء السورية منذ نصف قرن إلى اليوم
في حين غلب على مداخلات اليوم الأول من جلسات الحوار الوطني في القنيطرة طابع الخطابات، ووجهت اتهامات للقيادة القطرية لحزب البعث بأنها هي من أوصلنا إلى هذه المرحلة، وتمت مهاجمة الإعلام المحلي لتقصيره، وانتقاد مسألة الاستنجاد بالمحاورين اللبنانيين، بدأت في السويداء بالتأكيد أن الخروج من الأزمة يتم عبر حوار بنّاء وشفاف بعيداً عن تدخل الخارج ومطالبات بوقف صوت الرصاص وإطلاق الحريات، في حين كانت البداية في الرقة أشبه بمؤتمر للمطالب أكثر من كونه مؤتمراً للحوار الوطني.
وفي وقت وجه مشاركون في جلسات اليوم الثاني في إدلب نداء استغاثة إلى الرئيس بشار الأسد لقيادة مبادرة محلية سريعة تحت سقف الوطن لوقف نزيف الدماء من المدنيين والعسكريين، لم تكن في طرطوس في المستوى المطلوب واحتل الفساد وطرائق محاسبته النصيب الأكبر من المداخلات، في حين شملت الطروحات في اللاذقية تأكيد رفض التعصب والتمييز الطائفي والإيمان بالعمل، ومطالبات بحرية العمل السياسي وإطلاق حرية سجناء الرأي، وتعديل المادة الثامنة من الدستور.
وبينما ارتفعت الأصوات المنتقدة للفساد بكل أشكاله وصنوفه في حماة، ورموز المعارضة المستقوية بالخارج، تسلل حضور الجلسات في درعا من الجانب الاقتصادي إلى السياسي فأعرب المشاركون عن رفضهم للتدخل الأجنبي في شؤون السوريين إلا أن استحقاقات الجانب الاقتصادي بدت مخيمة على البقية من الحضور، في حين تناولت الجلسات في جامعة دمشق مواضيع تتعلق بالتحديات السياسية الراهنة والمستقبلية وسبل صيانة الوحدة الوطنية وكيفية مواجهة المؤامرة الخارجية.
القنيطرة: هجوم عنيف على الإعلام المحلي ونقد للاستنجاد بالمحاورين اللبنانيين
ففي القنيطرة لم يكن عدد المدعوين إلى جلسات الحوار في يومها الأول والذي وصل إلى نحو 230 رقماً قياسياً بل كان عدد الراغبين في التحدث في الجلسة الأولى التي خصصت للواقع السياسي قياسياً أيضاً ووصل إلى 69 متحدثاً، ما استدعى تدخل رئيس الجلسة جمال حمدان وإعطاء ثلاث دقائق فقط لكل مداخلة، الأمر الذي أثار حفيظة الجميع وتعالت الأصوات بأن يأخذ كل متحاور حقه ووقته وبحيث يخرج بقناعة تامة، لأنه لا فائدة من اللقاء إذا كان رفع عتب.
ورأت الأغلبية أنه من المفترض تقسيم الحضور إلى ثلاث لجان ويتحاورون على مدار ثلاثة أيام وهذا ما أشار إليه أنور علي الذي طالب بمناقشة كل محور طوال أيام الحوار حتى لا يكون هناك نوع من التذمر من المشاركين للوصول إلى قرارات يتفق عليها مبنية على روح المحبة والتعاون والنهوض بالعملية السياسية واحترام رأي الآخر ورأي المعارضة المبنية على أسس علمية وعلى مبدأ التسامح الوطني.
بدورها ابتسام شباط قالت: على الجميع الاعتراف بأن هناك أزمة ويجب أن نتعاون في معالجتها وألا نترك الرئيس بشار الأسد وحده في معالجة الأزمة، متسائلة أين حزب البعث في هذه الأزمة؟ متهمة القيادة القطرية بأنها هي من أوصلنا إلى هذه المرحلة.
كما شنت شباط هجوماً عنيفاً على الإعلام وعلى وزير الإعلام الذي «لا يستطيع التحدث بأكثر من ثلاث كلمات وعلى عملية كم الأفواه التي يتعرض لها الإعلاميون ولذلك استنجدنا بالمحاورين اللبنانيين، الأمر الذي جعل الكثير من السوريين ينفرون من الإعلام السوري ويتجهون إلى محطات أخرى»، ملقية المسؤولية أيضاً على المثقفين وغياب دورهم في هذه المرحلة، وهنا طالبها رئيس الجلسة بأنها تتحدث بالعموميات ومجرد تساؤلات عن الأزمة دون إيجاد الحلول والمطلوب أفكار ومقترحات وليس خطابات؟ لترد عليه بأن لديها الكثير من الكلام ولكن الوقت المحدد للتحدث غير كافٍ؟
واللافت أن جميع مداخلات الحضور كانت نظرية لا ترقى إلى مستوى الحوار وللمستوى المطلوب كضرورة محاسبة ومحاربة قوى الفساد وإحالة ملفاتها على القضاء، وصياغة دستور جديد للبلاد يتساوى فيه جميع أبناء الوطن، فالأغلبية كانوا يبتعدون عن المحور الأساسي ليخوضوا في أمور عامة وابتعدوا عن الغاية التي مفادها أن الحوار فكرة يتحاور حولها المجتمعون وليس مجرد خطابات.
السويداء: مطالبات بوقف صوت الرصاص وإطلاق الحريات
أما في السويداء فقد ارتفع سقف الكلام وتعددت المطالب، وهذه المرة كانت بعيدة عن تدخلات الأجهزة الأمنية ليبدأ الحوار الوطني في المحافظة بمشاركة أكثر من 300 شخصية من مختلف الشرائح الاجتماعية وممثلي الأحزاب السياسية والمستقلين والكل همهم الوحيد الخروج من هذه الأزمة التي لا يمكن أن تنتهي إلا بالحوار البنّاء والشفاف بعيداً عن تدخل الخارج والتخوين وأن الوطن يتسع لجميع أبنائه موالاة ومعارضة.
وركزت مداخلات المتحاورين على تعزيز الوحدة الوطنية ومناقشة تعديل الدستور أو صياغة دستور جديد للبلاد بما يخدم الوطن والمواطن إضافة إلى ضرورة الإسراع بعودة الجيش إلى ثكناته وهو المكان الطبيعي له ومحاربة الفساد والمفسدين مع تحميل المسؤولية للمتسببين بالفوضى التي عمّت البلاد منذ فترة.
وطالبت بعض المداخلات بإطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والاستماع إلى الرأي والرأي الآخر والعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي بالمحافظة ومشاركتهم بجلسات الحوار باعتبارهم معنيين أساسيين بهذا الحوار مع رفض المتحاورين لجميع أشكال التدخل الخارجي بشؤون البلاد وحل الخلافات ضمن سقف الوطن وحماية المتظاهرين السلميين أصحاب المطالب المحقة والتصدي لكل من يحاول العبث بالسلم الأهلي بالمحافظة واللعب على الوتر الطائفي.
واللافت في هذا الحوار مقاطعة المعارضين وإن كانت هناك بعض الأصوات التي جاءت لتعبر عن رأيها بشكل شخصي ولا تمثل أي حزب أو طيف سياسي فالمحامي نبيل ضو قال: إن الوطن يقف على حافة الكارثة ونحن نبدأ حواراً كان ينبغي أن يبدأ منذ فترة وإن كل ساعة تمضي تعني مزيداً من الدماء ومزيداً من الخسائر فليصمت صوت الرصاص أولاً وعلى الدولة أن تقوم ببعض الإجراءات وتقديمها عربوناً لمصداقيتها وإطلاق سراح سجناء الرأي وجميع المعتقلين على خلفية الأحداث فكيف نجري حواراً وأول المعنيين فيه خلف القضبان وكيف للحوار أن يستقيم وما زال أحد الأطراف يقوم بالاعتداء على عدد من خيرة مثقفي المحافظة ويجب قبل كل شيء تقديم الاعتذار لهؤلاء ولتبدأ الدعوة إلى مؤتمر وطني شامل في دمشق تتمثل به جميع القوى الوطنية «وألا يكون هذا الحوار كمصير اللقاء التشاوري» لوضع خريطة طريق من أجل إنقاذ البلاد وتحقيق الانتقال السلمي إلى دولة المؤسسات الديمقراطية.
من جانبه قال منصور حذيفة: إن «الاختلاف بالرأي ظاهرة صحية لاستمرار الحياة على مستوى الفرد والوطن، آن الأوان للفعل وأن نقول ما نقوم بفعله فسورية والأمة العربية بأكملها تواجهان تحدياً سياسياً شرساً من الصهيونية العالمية للقضاء على الهوية العربية وطمسها واستبدالها بهوية عرقية ومذهبية وطائفية، لكي تتشرذم، ومن هنا تتأكد أهمية الإصرار للتشبث بالهوية العربية والابتعاد عمن يريد أن يكون لدينا صراع طائفي».
أما كمال بلان، فقد اعتبر أن «لا خروج من الأزمة دون اللجوء إلى الحوار فهو الطريق الوحيد لتجنب المزيد من إراقة الدماء»، مؤكداً أن استقرار البلاد يبدأ بنبذ الطائفية وتسريع مكافحة الفساد والإسراع بتنفيذ الإصلاحات ووضعها حيز التنفيذ أما المادة الثامنة من الدستور فيجب المحافظة عليها ولا ضرر من إجراء بعض التعديلات فيها.
الرقة: مؤتمر للمطالب وليس للحوار الوطني
أما في الرقة فكان مؤتمر الحوار أشبه بمؤتمر للمطالب، على حد وصف البعض ممن شاركوا في الجلسة الأولى للحوار في محافظة الرقة الذي بدأت فعالياته أمس والتي ناقشت القضايا الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة في غياب واضح لمعظم وجوه المعارضة التي تبدو أصلاً غير واضحة في الرقة.
وإذا كان البعض ممن طرحوا المداخلات قد ظلموا عملية الحوار فإن البعض الآخر أيضاً حوّل هذا الحوار إلى جلسة إشادة ومديح للبعض من المسؤولين أو قدم جملة من المطالب على غرار ما يفعل أعضاء مجلس المحافظة في الاجتماعات الدورية. ولكي نقدم الصورة بكل مصداقية وشفافية سننقل ما جاء في المداخلات دون مونتاج:
عواد العواد: اقترح تحرير سعر الدواء وحل مشاكل التأمين الصحي وتحقيق العدالة الضريبية للأطباء وملاحقة الشركات الكبرى التي تتهرب من الضريبة وإلغاء الوكالات الحصرية.
أما عبد الرحمن شهاب فقال: يجب معالجة السكن العشوائي وتطبيق الرقابة الوقائية وتطبيق المراسيم والقوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية والاهتمام بخريجي الجامعات.
عطية الهويدي: يجب إحالة الموظفين ممن لديهم خدمة تصل إلى (25) عاماً على التقاعد لإتاحة الفرصة لتشغيل جيل الشباب والاهتمام بتوسيع مشاريع استصلاح الأراضي.
شعبان الحمود: يجب إعادة النظر بقانون العقوبات وخاصة لجهة سرقة المال العام ويجب أن يتم التشديد على اللصوص ممن نهبوا المال العام وبعد عدة سنوات نراهم يتنعمون بما نهبوا ونطالب بإعادة الحياة إلى مشروع المنطقة الصناعية في الرقة الذي توقفت منذ عدة سنوات وإعادة النظر في القوانين المتعلقة بالأراضي والعمل على تأمين الحماية لحدود البلاد من التهريب.
إبراهيم العجيل: أنا لم أر مؤتمراً للحوار وإنما أرى مؤتمراً للمطالب وأرى نفسي أمام مجلس المحافظة.
دمشق: دعوة لإحداث وزارة أو هيئة أو مجلس أعلى للشباب
وفي دمشق تواصلت لليوم الثاني جلسات الحوار، واستحوذت موضوعات الشباب والإعلام ومكافحة الفساد والإصلاح الإداري وسبل مواجهة المؤامرة الخارجية وتحصين الوحدة الوطنية على معظم مناقشات المحور السياسي.
وأشار المشاركون إلى أهمية إجراء مراجعة معمقة لواقع الشباب وإعادة النظر في العلاقة معهم والتعرف على متطلباتهم وملامسة تطلعاتهم، داعين إلى إحداث وزارة أو هيئة أو مجلس أعلى للشباب يحظى بالدعم الحكومي مع مشاركتهم في المرحلة المقبلة والحوار الوطني الشامل.
وأكدوا ضرورة تفعيل دور الإعلام الوطني ليكون مرآة عاكسة لهموم المواطن وصلة وصل مع مراكز القرار حتى يتمكن من القيام بواجبه الوطني.
وطالبوا بضرورة مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين ورفض كل أشكال التدخل الخارجي بالشؤون الداخلية السورية والعمل على إيجاد ميثاق شرف وطني يغلب المصلحة السورية العليا.
ودعوا إلى تفعيل الرقابة على مؤسسات الدولة لتطبيق القوانين والمراسيم التي أعلنت عنها القيادة ضمن برنامج الإصلاح الوطني الشامل وتشكيل لجنة قضائية لمتابعة كل من نادى بالتدخل الأجنبي والتحريض على أعمال القتل والتخريب في سورية.
كما دعوا إلى تفعيل دور المنظمات الشعبية وإنشاء لجنة حوار خاصة بالأحياء تعمل على زيادة حالة الوعي الشعبي وإذكاء الوحدة الوطنية وإطلاق المزيد من الحريات العامة ومراجعة الدستور وتعديل بعض مواده، مشيرين إلى ضرورة تعزيز اللامركزية في مؤسسات الدولة وإنهاء حالة البيرقراطية، وتأسيس رؤية مستقبلية لإدارة الأزمات والمخاطر.
واقترحوا العمل على إصلاح القضاء ومؤسسات التعليم وتعديل قانون الكسب غير المشروع، مؤكدين أن الإصلاح هو منهج عمل شاق ومبرمج ولا يمكن تطبيقه بين ليلة وضحاها.
وأشار الدكتور ناصر قيدبان أحد المشاركين إلى ضرورة أن تسهم المعارضة الوطنية الإيجابية مع أبناء الوطن في بناء سورية الجديدة من خلال التشخيص الصحيح للواقع ووضع الحلول والمقترحات.
طرطوس: مداخلات لم تلامس السقف في طرطوس
بين مطالبٍ بجيش اقتصادي من رجال الأعمال لعبور الأزمة ومطالب بالحفاظ على القطاع العام تعددت المداخلات وتنوعت في الجلسة الأولى للحوار في طرطوس التي كانت مخصصة للجانب الاقتصادي.
واحتل الفساد وطرائق محاسبته النصيب الأكبر من عدد المداخلات والمداخلين فكثرت الأسئلة وتعددت التساؤلات عن مختلف القضايا، حيث تساءل أحد المداخلين عن وجود سياسة اقتصادية لتطوير المناطق الفقيرة وكذلك ماهية السياسة الناظمة لعملية الاستيراد وغياب العدالة في الاستملاك مطالباً بخطة اقتصادية طويلة الأمد لمدة «25» عاماً، مشدداً على اختيار المسؤولين عن الملف الاقتصادي، ومؤكداً أنه من غير المقبول وجود لص بيننا بعد الآن.
وتساءل مداخل آخر عن فقدان مبدأ تكافؤ الفرص وانتشار البطالة وعن سبب احتكار الحزب «البعث» للسلطة وبالتالي لماذا أعضاء مجالس النقابات أغلبيتهم من البعثيين؟.. وكذلك تساءل عن الأسعار غير العادلة للاستملاكات مطالباً بالحق في التعبير وتشكيل الأحزاب والجمعيات والتطبيق الفوري للإصلاحات مشيراً إلى وجود عصابات تتربص بنا استغلت الأزمة.
وطالب آخر بتشريعات اقتصادية لكل مفاصل الحياة والمجتمع مشيراً إلى وجود قوانين تم اختراقها بقوانين أخرى الأمر الذي أدى لانتعاش الفساد وتكاثر الظلم.. متسائلاً: إلى متى تبقى طرطوس محافظة منسية؟
كما تحدثت إحدى المداخلات عن السياسات الخاطئة التي تسببت بالفساد الإداري وعدم التمييز بين السلطة والمسؤولية وعدم الالتزام بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. ما أدى لانتشار الواسطة والمحسوبية وشعور المواطن بالذل والمهانة.. والغبن الاجتماعي والبطالة، في حين تحدثت مداخلة عن الحكومات المتعاقبة حتى الآن باعتبارها عرجاء صمّاء لم تضع هوية لاقتصادنا.
إدلب: استمرار الأزمة ليس من مصلحة أحد
وفي إدلب تصاعدت وتيرة الحوار في يومه الثاني وارتفعت السقوف ونضج الحوار أكثر... حيث تركز على مناقشة واقع الأحزاب والقوى السياسية من خلال توصيف القوى السياسية والفعاليات الشعبية والمدنية وقوى الشباب ومنظومة القوانين والتشريعات السياسية السورية.. بل يمكن القول إن عنوان حوار اليوم الثاني كان حوار الحلول والدخول في تفاصيل الأزمة بشكل أعمق وذلك بعد حوار عرض أسباب الأزمة في اليوم الأول.. وإلى حد أن أطلق محاورون يمثلون بعض القوى التي تتركز فيها المعارضة السياسية وتتظاهر بشكل شبه يومي نداء استغاثة موجهاً إلى الرئيس بشار الأسد لما له من صلاحيات دستورية تصل إلى حد تعديل الدستور والقوانين في قيادة مبادرة محلية سريعة تحت سقف الوطن في ظل رفض التدخل الخارجي والمبادرات العربية لوقف نزيف الدماء من المدنيين والعسكريين وذلك باتخاذ قرارات مستعجلة وجريئة تركز على قيامه بحل الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسته تمثل كل أطياف الشعب من موالاة ومستقلين ومعارضة من الشرفاء تقود إلى انتخابات برلمانية نزيهة تحت إشراف القضاء السوري، ثم الدعوة إلى انتخابات رئاسية تعددية بعد انتهاء الفترة الدستورية الحالية، وأن تكون فترة الرئاسة خمس سنوات قابلة للتجديد لفترة رئاسية واحدة، وتعديل المادة الثامنة من الدستور، وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، والإشراف على المعتقلات من السلطة السياسية.
اللاذقية: الحزب الواحد مسألة غير مقبولة
وقد تواصلت جلسات الحوار لليوم الثالث في اللاذقية متابعة المحور الاقتصادي والسياسي إضافة إلى الجانب الخدمي، وشملت الجلسات طروحات مختلفة تمثلت بلفظ التعصب والتمييز الطائفي والإيمان بالعمل، وحرية العمل السياسي وإطلاق حرية سجناء الرأي وهو ما ينادى به عدة مرات في كل جلسة حوارية، وإلغاء كلمة قطر لتحل محلها الجمهورية وتعديل المادة الثامنة من الدستور، ومنع الرشا القضائية ومحاكمة كل مرتشٍ محاكمة علنية، وطرح البعض محاربة الفساد والفتنة، وأشار أحدهم إلى أن التوعية هي أفضل عمل وقائي لحفظ الأمن الاجتماعي، وأكد الجميع رفض أي تدخل أجنبي وضرورة استمرارية الحوارات الوطنية.
بينما تحدثت إحدى المداخلات من الحزب القومي عن غياب الشباب في الجلسات الحوارية وكذلك غياب الشخصيات المعارضة الوطنية التي تم تجاهلها وهي التي اعتكفت في منازلها بعد تحول الشارع من حراك شعبي وطني إلى حركة مسلحة.
وعقّب أمين فرع الجامعة غالب شحادة على ذلك بأنه كان يأمل مشاركة كل من هو معارض، موضحاً أنهم حين وجهوا الدعوات للأشخاص للمشاركة في الحوار واجهوا صعوبة بهذا الأمر.
أنور جديد (الحزب القومي) بدوره قال: لا يجوز لأي حزب أو فئة أن تحتوي البلد بمفردها إلا عبر انتخابات تشريعية نزيهة، فمسألة الحزب الواحد مسألة غير مقبولة.
حلب: سبب الأزمة أخلاقي
وفي جامعة حلب استأنف الحوار في يومه الثاني برنامجه بجلستين شارك فيهما نحو 100 مشارك وتناولتا المحور الاقتصادي الاجتماعي، وأكدت المداخلات أن سبب الأزمة التي تعيشها سورية راهناً أخلاقي.
وناقشت الجلسة الأولى السياسة المالية ومنها السياسة الضريبية والسياسة التجارية «التصدير والاستيراد وحماية المنتج الوطني» وسياسة التشغيل وتوليد فرص العمل، على حين تحدثت الجلسة الثانية عن التعليم العالي وسياسات الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي وأولويات قطاع التنمية «الزراعة والصناعة والخدمات والطاقة...».
وفيما يخص الدعم الاجتماعي والمعونة الاجتماعية، طالب الدكتور فواز الشحنة «عميد كلية الصيدلة وعضو فرع حزب البعث في الجامعة» بإعادة النظر في إحداث المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ورأى يامن دبس، ضرورة تقديم معونة للطلاب والعمل على تلافي الثغرات الموجودة في المجتمع على حين دعا بدر السيد إلى الاهتمام بمطالب الأحياء الشعبية، فسبب الأزمة أخلاقي والرفاهية تتطلب الاهتمام بالأخلاق والفساد شراكة، وهناك نوعان له: شعبي ورسمي».
درعا: مطالب بإعادة توزيع الدخل القومي بالعدل
أما في درعا فقد تسلل حضور مؤتمر الحوار في يومه الثالث من الجانب الاقتصادي إلى السياسي فأعرب مشاركون عن رفضهم للتدخل الأجنبي في شؤون السوريين معيدين شعارات الأجداد بالحرف الواحد: «باريس مربط خيلنا» في إشارة حملت معها دلالات قوة الرفض للموقف الفرنسي في حين بدت استحقاقات الجانب الاقتصادي مخيمة على البقية من الحضور بعد أن أثقلت ظروف الحياة بمستجداتها كاهلهم بحسب بعض المداخلات التي طالبت بمنحة جديدة تستجيب لارتفاع الأسعار وبدء الموسم الدراسي وتسدد بعض ديون أرباب الأسر من مخلفات الشهر الكريم والعيد والمؤنة.
وطالب أحمد المسالمة في مداخلته «أن نصون كرامة المواطن ونعمل على تعزيز ثقته بالوطن وشركاته الفعلية بالقرار»، طالباً من أصحاب المسؤوليات أن يتقوا اللـه بهذا الشعب ويقدموا ما فيه الخير له ولأبنائه فالمسؤولية أمانة في أعناقهم، على حين طالبت حكمت المقداد بإصلاح النظام الإداري والضريبي ومكافحة الفساد والشفافية واختيار أصحاب الكفاءات لخدمة أبناء مجتمعاتهم.
من جانبه طالب المحامي تيسير الجاعوني بضرورة العمل على إعادة توزيع الدخل القومي لمصلحة العاملين، لافتاً إلى أن نسبة 30 بالمئة من الدخل القومي تعيل 80% من السكان في سورية وهذا دليل واضح على ضعف مستوى المعيشة كنتيجة لتهرب أصحاب الأعمال من دفع الضرائب المستحقة إضافة إلى ضرورة دعم المشاريع التنموية الصغيرة كالإنتاج الحيواني من خلال تنمية الريف ومن خلال إقامة مشاريع تنموية فيه ضعف الإنفاق الحكومي الاستهلاكي وزيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري.
كما طالب الجاعوني بتشديد الرقابة على موضوع الإنفاق والعقود التي تبرمها الدولة ورفع مستوى الدخل القومي للفرد ودخول قطاعات النفط والغاز بموازنة الدولة ولاسيما أن سورية منتجة ومصدرة للنفط وعضو بمنظمة الأوابك وعرض عليها الدخول بمنظمة الأوبك مع امتياز منحة ببناء مصفاة للتكرير إضافة إلى العمل على صياغة وتطوير وتحديث القوانين برمتها وخصوصاً القانون الإداري والقانون الضريبي وبشكل يتماشى مع المنظومة الدولية.
حماة: انتقاد لحالات الفساد بحماة
وفي اليوم الثاني من مؤتمر الحوار في حماة، ارتفعت الأصوات المنتقدة للفساد بكل أشكاله وصنوفه، ورموز المعارضة المستقوية بالخارج التي تدعو للتدخل الأجنبي في شؤوننا المحلية، حيث عدَّ هاشم إسبر وهو عضو في مجلس الشعب، كل من يستقوي بالخارج خائناً للوطن وشعبه، في حين رأى الشيخ علي العموري وهو عضو في مجلس الشعب أيضاً، أن الحوار الحقيقي هو الذي يقوم على مبدأ عدم إلغاء الآخر، وطالب بإيجاد فرص عمل للشباب وتوفير السكن الشبابي لهم بالتقسيط المريح، ودعم مربي الثروة الحيوانية، على حين انتقد منذر مشو علبة بشدة توجه الدولة نحو اقتصاد السوق الحر والأخذ بالجانب الليبرالي منه وترك الجانب الاجتماعي.
وأكد وائل جنيد ومحمود حساني وناصر عكيد، والمهندس نجم العلي، ووحيد كحيل، ومرهج زعرور، وشمس محفوض، ومخلصة مغربل ومحمود عرواني، رفض أهالي المحافظة المطلق للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، واستقواء المعارضة بالخارج لحل المشكلات المحلية، وطالبوا بالقضاء على الروتين المستشري في بعض دوائر حماة، وخاصة المصالح العقارية، والإفراج عن المعتقلين الذين لم تتلوث أيديهم بالدم السوري، وبتوسيع الحريات الديمقراطية للسوريين، وتمكين المرأة من حقوقها، وصيانة الوحدة الوطنية بالعدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الشعب، وإعادة النظر بالضرائب والرسوم، والاهتمام بجيل الشباب وتحصينهم فكرياً، وبإحداث جامعة وطنية في حماة.
وفجَّرَ التاجر صالح قضيماتي قنبلة في المؤتمر عندما أكد أن الجهات المسؤولة في المحافظة والحكومة السابقة، عطلت تنفيذ 28 مشروعاً استثمارياً في مدينة حماة والمحافظة، وعرقل له أحد الأشخاص المقربين من المحافظ السابق تنفيذ مشروع حيوي، على أرض قيمتها أكثر من 200 مليون ل. س، رغم تعهده للمحافظ بتوفير 200 فرصة عمل للمتعطلين من الشباب!
وطالب بمحاسبة الفاسدين والمسؤولين عن نسف مناخ الاستثمار في حماة، ومعرقلي تطبيق القوانين الناظمة لعملية الاستثمار التي كانت الحكومة السابقة تتغنى بها على مدار الساعة!
جامعة دمشق: على البعثيين الخروج من حالة التردد تجاه المادة الثامنة
أما في جامعة دمشق فقد تناولت جلسات الحوار في يومها الثالث المحور السياسي وناقش المشاركون فيه مواضيع تتعلق بالتحديات السياسية الراهنة والمستقبلية وسبل صيانة الوحدة الوطنية وكيفية مواجهة المؤامرة الخارجية ومسائل تتعلق بدستور البلاد والمبادئ الأساسية وقانون الانتخابات والإدارة المحلية وقانون الأحزاب السياسية وواقع الإعلام ودوره في الرقابة الشعبية.
المداخلة الأولى كانت لجمال محمود الأستاذ في كلية العلوم السياسية حيث رأى أن المرحلة الحالية تقتضي إلغاء الدستور الحالي والإسراع بتشكيل لجنة قضائية سياسية لإعداد دستور جديد ديمقراطي للبلاد بما ينسجم مع عملية الإصلاح وعلى البعثيين الخروج من حالة التردد تجاه المادة الثامنة من الدستور لأن صناديق الاقتراع هي الفيصل في أي انتخابات حيث شهدت سورية في حياتها السياسية الحديثة ثمانية دساتير لافتاً إلى أن القوانين الصادرة بشأن الانتخابات والأحزاب والإعلام قوانين مهمة وديمقراطية بنسبة 75% وأن الثغرات الموجودة فيها أمر طبيعي لأنها أحدثت في عجالة نتيجة الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية.
وقال علي دياب الأستاذ في كلية الآداب: إن الأزمة تقتضي الشفافية والوضوح والخروج من الخطابات الرنانة التي لا تجدي، فالأزمة التي تعيشها سورية حقيقية وسياسية بامتياز والحزب يتحمل الجزء الكبير والبعثيون في مواقع السلطة لم يكونوا أوفياء لمبادئه فقد انحرف مساره متسائلاً ما المبرر من إقصاء اتحاد العمال والفلاحين من عضوية اللجنة الاقتصادية وتهميش دور المنظمات الشعبية؟ وأين دور وزارة الداخلية في تعقب أصحاب السوابق والجريمة الذين يصل عددهم إلى الآلاف ويهددون بنية المجتمع؟
وأرجع أحمد برقاوي الأستاذ في قسم الفلسفة العامل الأساسي في الأزمة إلى احتكار السلطة والقوة على مدى عقود حيث أدى إلى احتكار الثروة ما أفقد السلطة عصبيتها السياسية، لافتاً إلى أن احتكار القوة هو عدوّ السياسة والتنوع والأخلاق وهذه العوامل أدت إلى بروز الخوف وظاهرة الكذب والنفاق في المجتمع وأصبحت الأكثرية تمتلك شعور الأقلية وهذه الحالة أدت إلى إحباط المجتمع وتفتته ولهذا لا بد من التوزيع العادل للسلطة وأن يصبح المجتمع مصدر السلطات وقيام مجتمع مدني سياسي تمثيلي.
ووصف الياس نجمة الأستاذ في كلية الاقتصاد الأزمة التي تمر بها البلاد بأخطر أزمة سياسية تمر بها سورية مند عهد الاستقلال، لافتاً إلى أن المؤامرة جزء من الأزمة ولكن يجب الاعتراف بوجود أسباب ذاتية داخلية ناتجة عن تراكمات وأخطاء قديمة ولهذا يجب الإسراع بمعالجة النتائج والقيام بخطوات جدية بهذا المجال، لافتاً إلى أن القيادات البعثية تتحمل مسؤولية كبيرة والكثير من البعثيين الذي طالبوا في السابق بالإصلاحات كان مصيرهم التهميش والتهديد من الفاسدين مؤكداً ضرورة إلغاء المادة الثامنة من الدستور لأنها كانت السبب الرئيسي في ترهل الحزب.
واعتبر موسى متري الأستاذ في كلية الحقوق أن الديمقراطية هي ليست حرية إعلامية أو انتخابات حرة فقط بل هي دولة القانون التي يتعزز فيها دور الأجهزة والسلطات والوحدة الوطنية تأتي من خلال القانون. داعياً إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات الجديد ليكون لكل دائرة ممثل واحد أو يكون هناك قوائم تأخذ بالحسبان النسبية وأن يتاح إحداث أحزاب بالانتماءات كافة.
ريف دمشق: توفير التأمين الصحي لجميع الموظفين
أما في ريف دمشق فقد أكد المشاركون في جلسة الحوار الوطني في يومه الثالث بريف دمشق على توفير التأمين الصحي لجميع الموظفين في الوزارات والإدارات في الدولة وألا يقتصر على فئة معينة، إضافة إلى وضع تسعيرة محددة ومعينة للأطباء تتناسب مع دخل المواطن وأن نفرق بين الزيارة والمراجعة لجهة التعرفة.
وأكد القاضي بشار عربي على تطبيق المادة 46 من الدستور المتضمنة أن تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والعلاج ووضع ضوابط جديدة في تسجيل الطلاب في التعليم الموازي والمفتوح والافتراضي لتخفيف معاناة الطلبة في الجامعات السورية وتقليل أعدادهم للوصول إلى الفائدة المرجوة والطلب من وزارة التربية تعيين كافة الناجحين في المسابقات لديها، والإعلان بنفس الوقت على مسابقة جديدة بالنسبة للاختصاص تحت مبرر مضي مدة عام كامل من تاريخ إعلان النتائج.
دمشق-رجاء يونس، حماة-محمد أحمد خبازي، حلب-خالد زنكلو، اللاذقية-نهى شيخ سليمان، طرطوس-محمد حسين، الرقة-محمود الصالح، إدلب-محمد الخطيب، السويداء-سها أبودهن، ريف دمشق-أسعد مقداد، القنيطرة، درعا، الوطن
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد