الرئيس الأسد : سنجعل من سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة
أكد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع تلفزيون "راي نيوز 24" الإيطالي أن الهدف الأساسي للدولة السورية اليوم يتركز على التخلص من الإرهابيين وإرهابهم وايديولوجيتهم وأنه بعد تجاوز الأزمة سنجعل من سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة.
وقال الرئيس الأسد إن معظم البلدان الأوروبية لا تملك القدرة على لعب دور بحل الأزمة في سورية لأنها لا تملك العوامل المختلفة التي تمكنها من النجاح ومن أن تكون كفوءة وفعالة في لعب هذا الدور.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
سؤال.. سيادة الرئيس.. شكراً لكم لاستقبالنا.. إنها لحظة مهمة للغاية حيث أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد وافق بالإجماع على قرارٍ يطلب من سورية إزالة جميع أسلحتها الكيميائية.. هل ستلتزمون بهذا القرار...
الرئيس الأسد..
لقد انضممنا إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية قبل ظهور هذا القرار الى الوجود.. كان الجزء الرئيسي من المبادرة الروسية يستند إلى إرادتنا بفعل ذلك.. إذاً.. الأمر لا يتعلق بالقرار بل بإرادتنا نحن.. وبالطبع فإننا نملك الإرادة لفعل ذلك لأننا في عام /2003/ قدمنا مقترحاً لمجلس الأمن لتخليص منطقة الشرق الأوسط برمتها من الأسلحة الكيميائية.. سنلتزم بالطبع.. لأن تاريخنا يظهر التزامنا بكل معاهدة نوقعها.
سؤال.. دون أي قيود على الإطلاق...
الرئيس الأسد..
طبقاً لجميع بنود المعاهدة ليس لدينا أي تحفظ.. ولذلك قررنا الانضمام إلى المعاهدة..
سؤال.. كيف تعتقد أنكم ستنظمون عملية التفكيك هذه لأنها عملية معقدة للغاية...
الرئيس الأسد..
ينبغي توجيه هذا السؤال إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لأن دورنا يقتصر على تقديم البيانات وتيسير إجراءاتهم، وهذا متوافر حتى الآن.. لكني أعتقد أن المسألة هنا تتعلق بالجانب التقني لعملية التنفيذ.. كيفية الوصول إلى تلك الأماكن.. خصوصاً عندما يكون هناك إرهابيون يمكن أن يضعوا العراقيل في سبيل ذلك.. ومن ثم كيفية تفكيك هذه المواد والتخلص منها.
سؤال.. دعني أخمن هنا.. هذا يعني أنكم ستساعدونهم وتحمونهم.. لأن الأمن قضية مهمة جداً هنا في سورية...
الرئيس الأسد..
بالطبع.. هذا أمر بديهي.
سؤال.. سيادة الرئيس.. دعنا ننظر إلى الأمام في محاولة لفهم ما سيحدث في سورية في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة.. الهجوم على سورية.. الذي كان وشيكاً قبل عدة أسابيع.. بات أقل احتمالاً وأكثر بعداً.. كيف ستعملون خلال الفترة القادمة... ما هي خارطة الطريق التي وضعتموها أنتم شخصياً...
الرئيس الأسد..
بالنسبة لماذا...
سؤال.. للأنشطة السياسية.. أعني كيف ستستعملون هذا الوقت...
الرئيس الأسد..
منذ بداية الأزمة.. قلنا إن النشاط السياسي أو الحل السياسي.. سمه ما شئت.. هو جزء مهم جداً من الأزمة.. لكن عندما يكون هناك إرهاب.. لا تستطيعين أن تتوقعي أن يؤدي الحل السياسي إلى تسوية كل المشاكل ..رغم ذلك.. ينبغي أن نستمر في العمل السياسي..إذاً.. الأمر يتعلق باجتماع السوريين حول الطاولة لمناقشة النظام السياسي الذي يريدونه ومستقبل سورية.. وكل ما يتفقون عليه سيعرض على استفتاء للحصول على موافقة الشعب السوري فيما يتعلق بأي جزء من مستقبل سورية.. سواء كان الدستور أو القوانين أو أي أمر آخر.. هذا ما نفعله منذ بداية الأزمة.. وهذا هو نفس العمل الذي سنستمر به في هذه الأثناء.
سؤال..سنعود لاحقاً إلى بداية الأزمة.. لكن لنناقش هذه النقطة أولاً.. هذا يعني أنكم ستناقشون هذه الأمور مع المعارضة أيضاً.. وحتى مع المعارضة المسلحة...
الرئيس الأسد..
لا.. فالمسلحون لا نسميهم معارضة.. بل إرهابيون.. المعارضة كيان سياسي.. برنامج سياسي.. ورؤية سياسية.. هذه هي المعارضة. إذا كان هناك أسلحة وتدمير وقتل واغتيال.. فهذه ليست معارضة. هذا ما يسمى إرهاباً في جميع أنحاء العالم وفي كل البلدان. إذاً.. بوسعنا إجراء نقاشات مع كل حزب في المعارضة.. أما فيما يتعلق بالمسلحين.. فإذا تخلوا عن أسلحتهم.. فسنكون مستعدين لمناقشة أي أمر معهم مثلهم في ذلك مثل سائر المواطنين الآخرين.
سؤال.. نحن نقترب من انعقاد مؤتمر /جنيف 2/ محادثات السلام لأن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.. قال إنه من المحتمل عقد ذلك المؤتمر في تشرين الثاني.. هل تخططون لحضور ذلك المؤتمر شخصياً...
الرئيس الأسد..
هذا يعتمد على إطار مؤتمر جنيف.. لأن ذلك المؤتمر لا يزال غير واضح حتى الآن.. أي نوع من المؤتمرات هو... من سيحضره... ما هي المعايير الناظمة لهذا المؤتمر... ولذلك علينا أن نكون مستعدين كحكومة.. لكننا لا نستطيع تحديد من سيرأس وفدنا إلى أن يتضح إطار المؤتمر والمعايير الناظمة له.
سؤال.. إذاً.. دعني أسألك.. ما هو الإطار الذي من شأنه أن يقنعكم بحضوره...
الرئيس الأسد..
كما قلت.. يمكن لأي حزب سياسي أن يحضر ذلك المؤتمر.. لكننا لا نستطيع التحدث.. على سبيل المثال.. إلى منظمات تابعة للقاعدة.. أو إلى إرهابيين.. لا نستطيع فعل ذلك.. لا نستطيع التفاوض مع أشخاص يطلبون التدخل الخارجي والتدخل العسكري في سورية.
سؤال.. هل لي أن أذكر بالاسم قطر والسعودية...
الرئيس الأسد..
دعيني أكون صريحاً معك.. هذه دول تابعة.. أنا أتحدث هنا عن الدول.. إذا أردنا أن نتحدث عن الدول.. فهذه دول تابعة وسيدها هو الولايات المتحدة.. نحن جميعاً نعرف ذلك.. وهكذا.. إذا حضرت الولايات المتحدة.. فالدول الاخرى التابعة هي مجرد شكليات.. إذا أردنا التحدث عن الأحزاب السورية بصرف النظر عن أسمائها.. أنا أتحدث عن سلوكها خلال الأزمة.. هذا ما نستطيع نقاشه.. أعني سلوك هذه الأحزاب.
سؤال.. بما أن الأوضاع على الأرض معقدة جداً.. هل تستطيع أيضاً قبول فكرة وجود بعض القوات الدولية تفصل بين القوات على الأرض لمحاولة تحقيق الاستقرار بشكل ما...
الرئيس الأسد..
لن يكون هذا عملياً.. لا نتحدث عن بلدين في حالة حرب.. مثل سورية وإسرائيل على سبيل المثال.. حيث هناك خط جبهة واضح.. وحيث يمكن أن يكون هناك قوات تابعة للأمم المتحدة على جانبي الحدود.. أو على خط الهدنة.. الأمر مختلف تماما.. نحن هنا نتحدث عن عصابات يمكن أن توجد في كل مكان في سورية وداخل أي مدينة وحيث لا توجد هناك أي جبهات أو خطوط واضحة.. إذاً.. فحتى لو افترضنا أننا سنقبل بمثل تلك الفكرة.. وهي غير مقبولة بالنسبة لنا.. لكن حتى لو أردنا قبولها.. أين يمكن وضع تلك القوات... لا أحد يستطيع رسم خارطة لذلك.. سيكون هناك حاجة لخارطة واضحة.. وهذه الخارطة غير موجودة.. هناك عصابات تأتي من كل مكان.. وهذه العصابات تتكون من إرهابيين ينبغي مقاتلتهم وليس عزلهم عن القوات السورية.
سؤال.. كنا نتحدث عن مؤتمر /جنيف 2/ وكنت أفكر بأوروبا ودور إيطاليا في مثل هذه العملية.. هل ترى أي دور لإيطاليا في هذا...
الرئيس الأسد..
دعيني أكون في غاية الجرأة والصراحة هنا.. إذا أردنا مناقشة دور إيطاليا.. علينا أن نراه في ضوء الدور الأوروبي.. هل إيطاليا مستقلة عن الدور الأوروبي... إذا لم تكن كذلك.. من يقود الدور الأوروبي... كما أن علينا مناقشة العلاقة بين الدور الأوروبي والولايات المتحدة.. هل أوروبا مستقلة عن أمريكا من حيث السياسات والممارسات السياسية اليوم... لقد سمعت من العديد من المسؤولين الأوروبيين إنهم مقتنعون بما نقوله.. لكنهم لا يستطيعون إعلان ذلك.. وهذه ليست المرة الأولى.. وليس خلال هذه الأزمة وحسب.. ينبغي النظر إلى أي دور في ضوء أمرين اثنين.. أولاً.. مصداقية ذلك الدور وثانياً.. علاقة ذلك الشخص أو البلد أو الحكومة بالأطراف الأخرى..20130929-161601.jpgالآن.. واقعنا اليوم يقول إن معظم البلدان الأوروبية تبنت الممارسة الأمريكية في التعامل مع البلدان المختلفة منذ استلم جورج بوش منصبه قبل أكثر من عشر سنوات.. عندما يكون لديهم مشكلة أو خلاف مع أي بلد.. يقطعون جميع أنواع العلاقات.. إذا أردت أن تلعبي دوراً.. كيف يمكن أن تلعبي هذا الدور إذا لم يكن لك علاقات... كيف يمكن لك أن تبني المصداقية عندما لا يكون لديك علاقات.. وفيما يتعلق بالمصداقية.. كيف يمكن لكِ أن تتحدثي عن مصداقية أي بلد أوروبي الآن عندما يتم التحدث عن المساعدات الإنسانية في حين أنهم فرضوا أسوأ حصار شهدته سورية منذ الاستقلال... ينبغي مناقشة العديد من الأشياء قبل أن يكون هناك طلب بلعب دور.. نحن نرحب بأي دور.. نحن ندعم أي بلد يرغب بمساعدة السوريين في مساعيهم. لكن لا تستطيعين طلب لعب دور عندما لا يتوافر الأساس اللازم لذلك الدور.. وهكذا.. وبصراحة.. فإن معظم البلدان الأوروبية اليوم ليس لها القدرة على لعب ذلك الدور لأنها لا تمتلك العوامل المختلفة التي تمكنها من النجاح ومن أن تكون كفوءة وفعالة في لعب ذلك الدور.
سؤال.. لكن يبدو أن الأمور تتغير بسرعة هذه الأيام.. لأننا سمعنا حول المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني.. يبدو أن التوازن في المنطقة يتغير بشكل ما.. ألن يؤثر ذلك فيما يحدث في سورية بشكل ما...
الرئيس الأسد..
أعتقد أن هذا سيكون له أثر إيجابي على ما يحدث في سورية لعدة أسباب.. أولاً.. إيران حليف لسورية وثانياً.. لأننا نثق بالإيرانيين وثالثاً.. الإيرانيون.. كالسوريين وكأي بلد آخر في العالم.. لا يثقون بالأمريكيين.. وأعتقد أن العديد من حلفاء أمريكا لا يثقون بالإدارات الأمريكية.. إن اقتراب الإيرانيين من الأمريكيين ليس مجرد تحرك ساذج.. إنه تحرك مدروس بعناية يستند إلى تجربة الإيرانيين مع الولايات المتحدة منذ الثورة الإيرانية عام /1979/ لكن إذا كان الأمريكيون صادقين في هذا التقارب.. اعتقد ان النتائج ستكون ايجابية فيما يتعلق بمختلف القضايا وليس فقط بالازمة السورية .. سينعكس ذلك على كل مشكلة في المنطقة.
سؤال.. تعلمون أنه في اليوم الذي حدثت فيه الأزمة.. وكان الهجوم وشيكاً.. تم اتخاذ خطوة مهمة من قبل البابا فرنسيس ضد الحرب.. الآن.. وبالحديث إلى الأقلية المسيحية.. وجدت أنهم جميعاً خائفون جداً.. ماذا سيكون موقفكم من الأقليات.. مثل المسيحيين.. خلال السنوات القليلة القادمة...
الرئيس الأسد..
سورية عبارة عن بوتقة تضم العديد من الثقافات.. وقد وجدت هكذا منذ قرون.. قبل المسيحية وبعد المسيحية.. قبل الإسلام وبعد الإسلام.. إذا حصل أي تغيير جذري في النسيج الديمغرافي والنسيج الاجتماعي للمجتمع السوري فسيكون هناك مشكلة كبيرة في المستقبل.. وفيما يتعلق بمستقبل سورية.. لا أستطيع أن أحدد الآن طبيعة تلك المشكلة لأنها أكثر تعقيداً مما قد يعتقد أي شخص.. وذلك سيؤثر في البلدان الأخرى في المنطقة.. سورية بلد علماني.. والمجتمع السوري مجتمع علماني.. والعلمانية هنا تعني التعامل مع جميع المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم الديني أو الطائفي أو العرقي.. إذاً.. أعتقد أن الاهتمام بهذه الأقليات.. وخصوصاً المسيحيين.. في ضوء ما حدث مؤخراً من حرق للكنائس ومهاجمة القرى المسيحية وطرد المسيحيين من منازلهم وبيوتهم.. في ضوء هذا.. فإن معالجة هذه الأزمة ليست قضية سورية وحسب.. وليست قضية إقليمية وحسب.. بل ينبغي أن تكون قضية دولية.. خصوصاً بالنسبة لأوروبا.. وبالأخص بالنسبة لإيطاليا والفاتيكان.
سؤال.. لقد كانت الأسابيع المنصرمة بالغة التعقيد.. وقد بدأ التصعيد مع الهجوم المروع في 21 آب.. هل يمكن أن نعود إلى تلك الاتهامات حول الهجوم الكيميائي... ما هي روايتكم لذلك الهجوم... لأنكم تتحدثون عن امتلاككم أدلة مختلفة... مفتشو الأمم المتحدة يعملون هنا.. هل لكم أن تعطونا روايتكم لما حدث...
الرئيس الأسد..
دعيني أخبرك بإيجاز.. وسأبدأ بالقول إن الجيش السوري لم يستخدم الأسلحة الكيميائية على الإطلاق.. لم يتم إعداد الجيش لاستخدام الأسلحة الكيميائية ولم تجر أي ترتيبات لاستعمال الأسلحة الكيميائية خلال الأزمة.. ولدينا كل الأدلة على أن العصابات استعملتها.. أولاً.. لماذا لم يستخدمها الجيش السوري... منطقياً وواقعياً.. الجيش لا يستخدم مثل تلك الأسلحة وهو يحقق تقدماً.. لماذا يفعل ذلك... لم يستعملها على مدى عامين ونصف العام حين كان يواجه أوضاعاً صعبة جداً في مناطق مختلفة من سورية وحين كان هناك أعداد أكبر بكثير من الإرهابيين تواجهه في أماكن أخرى.. أكثر مما كان في دمشق.. لماذا لم نستعملها عندها واستعملناها فقط في هذا المكان... ثانياً.. فيما يتعلق بالرواية الأمريكية.. أقول إننا نحن من وجه الدعوة إلى بعثة الأمم المتحدة المسؤولة عن التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية للقدوم إلى سورية قبل ذلك الحادث.. وفي اليوم الذي تلا وصولهم ظهرت هذه المزاعم القائلة بأن الجيش السوري استعمل الأسلحة الكيميائية. هل يمكن تصديق ذلك... لا يمكنك تصديق هذه الرواية.. ثالثاً.. عندما وجهت سورية الدعوة للبعثة للقدوم إلى سورية في آذار الماضي.. لماذا وضعت الولايات المتحدة العراقيل أمام قدومها... ولماذا قبلت الولايات المتحدة بذلك مؤخراً... وقبل الحادث.. وعندما وصلت البعثة حصل ذلك الحادث... رابعاً.. لا يمكن استخدام الأسلحة الكيميائية في المدن حيث يمكن أن تتسبب في وفاة عشرات الآلاف.. بما في ذلك أفراد الجيش.. الأمر الأكثر أهمية هو أنه لا أحد تحقق من صحة الفيديوهات والصور.. لم يفعل ذلك أحد.. في العديد من الأماكن ترين أن نفس الصور لنفس الأطفال استعملت بأشكال مختلفة وفي أماكن مختلفة.. ويمكنك مشاهدة هذه الصور على الانترنت.. لأنه يتم تداولها على الانترنت.. من جهة أخرى.. لدينا أدلة ملموسة مثل المواد والحاويات التي استخدمها الإرهابيون.. ولدينا اعترافات بعض الإرهابيين الذين نقلوا المواد الكيميائية من بلدان مجاورة.. كما أن هناك مؤشرات تتعلق بمصلحة الجهة التي قامت بالهجوم.. وهي تدل على أن الفاعل.. كائناً من كان.. ليس الجيش السوري بل الإرهابيون.. هذه هي روايتنا.
سؤال.. هل هناك أي احتمال.. مهما كان ضئيلاً.. أن يكون أحد داخل الحلقة المحيطة بكم.. أو بالجيش.. فعل ذلك دون إذنكم وضدكم.. وسنراه ينشق بعد أشهر قليلة... لا أعلم.. إنها أزمة معقدة جداً.. ولذلك نسمح لأنفسنا بالتخمين.
الرئيس الأسد..
هذه أسلحة دمار شامل.. إنها مواد كيميائية.. وكأنك تقولين انه يمكن لشخص في بلد نووي أن يستخدم سلاحاً نووياً دون إذنٍ من السلطة المسؤولة.. لا يمكن تصديق ذلك.. إنها رواية ساذجة تصلح كقصة للأطفال.. هذه ليست قنبلة يدوية تضعينها في جيبك وترمينها على من شئت.. حتى في حالة حرب مع عدو.. فإن عملية استعمال الأسلحة الكيميائية معقدة جداً.. وهناك إجراءات صارمة جداً من الناحية التقنية لتفعيل المواد نفسها.. هذا أولاً.. ثانياً.. ليس هناك وحدة في الجيش السوري لديها أسلحة كيميائية.. هناك وحدة متخصصة بذلك.. وإذا أردت استخدامها.. ينبغي أن تنضم هذه الوحدة إلى الجيش لاستخدام الأسلحة الكيميائية.. إذاً.. مرة أخرى.. هذه قصة للأطفال.
سؤال.. ليس هناك أي احتمال.. إذاً.. وبما أننا نعود بالوقت إلى الوراء.. لنعد إلى بداية الأزمة.. في ذلك الحين.. تصرفتم بقسوة شديدة ضد أي مظهر من مظاهر المعارضة.. هل أنتم آسفون على الطريقة التي بدأ فيها كل شيء...
الرئيس الأسد..
علينا تعريف القسوة هنا.. لأننا عالجنا الوضع وفقاً للدستور.. عندما أرسل الأمريكيون الجيش إلى لوس انجلوس عام /1995/ هل تسمين ذلك قسوة أم أنهم أرسلوا جيشاً لمحاربة متمردين... طبقاً للدستور.. كان علينا محاربة الإرهابيين لأنه ومنذ الأسبوع الأول وقع ضحايا في صفوف الجيش والشرطة.. حدث هذا في الأسابيع القليلة الأولى.. إذاً.. ما فعلناه كان طبيعياً ومتفقاً مع الدستور.. وهو مهمة الحكومة.. أما إذا تحدثت عن أخطاء ارتكبت على الأرض.. فهذا يحدث في أي مكان من العالم.. في بريطانيا.. قبل بضع سنوات.. أطلقت الشرطة النار وقتلت شاباً برازيلياً عن طريق الخطأ.. إذاً.. يمكن لذلك أن يحدث في أي مكان.. هناك فرق بين السياسة العامة والممارسات التي تحدث على الأرض في العديد من الأماكن في العالم.
سؤال.. بالبقاء على المستوى السياسي.. ألا تعتقد أنه كان لديك فرصة لفعل المزيد ربما لتغيير مسار الأحداث... حتى السياسيون يمكن أن يعترفوا بارتكاب بعض الأخطاء هنا وهناك...
الرئيس الأسد..
من الطبيعي أن ينظر المرء إلى أخطائه.. وجميع البشر يرتكبون أخطاء كل يوم.. لكن كيف يمكن الحكم على هذه الأخطاء... يحدث ذلك بعد الحدث وليس خلاله.. ما زلنا وسط الأزمة.. يمكننا الحكم على ذلك بعد نهاية الأزمة.. عندها يمكن أن نراجع أفعالنا.. وعندها يمكن للناس أن ينتقدونا على أساس موضوعي ومنهجي.. وليس على أساس اعتباطي.
سؤال.. هل فكرت على الإطلاق بترك السلطة من أجل بلادك... هل فكرت بترك البلاد إذا كان المقابل حصول شعبك على السلام والاستقرار...
الرئيس الأسد..
هذا يعتمد على ماهية الـ /إذا/.. إذا كان تركي للمنصب سيجعل الأمور أفضل.. فجوابي ببساطة شديدة ودون أي تردد هو نعم.. لكن السؤال هل سيكون الوضع أفضل... هذا سؤال آخر.. بالنسبة لي.. كرئيس.. حتى الآن ينبغي أن أكون في موقعي.. لأنه عندما يكون المرء وسط عاصفة لا ينبغي أن يتخلى عن السفينة.. لا يتخلى عن موقعه ويترك بلده وسط العاصفة.. مهمتك هي أن توصل السفينة إلى شاطئء الأمان.. مهمتك هي أن تأخذ بلدك إلى شاطئ الأمان.. وليس أن تتخلى عن السفينة وعن الشعب السوري.
سؤال.. ما هو السيناريو الذي يمكن بموجبه أن تقرر أن الأمر السليم هو أن توصل سفينتك إلى شاطئ الأمان ومن ثم تقرر فعل شيء مختلف...
الرئيس الأسد..
فيما يتعلق بالجزء الأول.. هناك أمران.. كما قلت من قبل.. الحوار السياسي مهم جداً لمناقشة مستقبل سورية والنظام السياسي.. الأمر الثاني.. هو وقف العنف من خلال وقف تهريب وإرسال الإرهابيين من خارج سورية ووقف الدعم المالي.. ووقف تزويدهم بالأسلحة وبجميع أشكال الدعم اللوجستي.. هذا لأننا إذا لم ننجح هنا.. فلن ننجح في الجزء السياسي المتعلق بحل المشكلة..هذا أولاً.. ثانياً.. بعد حل هذه المشكلة.. وفيما يتعلق بي شخصياً.. الوسيلة الوحيدة هي صناديق الاقتراع.. لأنها الطريقة الوحيدة التي يعبر بها الشعب السوري عن رأيه حيال الشخص الذي يريده.. وبالنسبة لي.. فإني سأمتثل لرغبة الشعب السوري.. ليس هناك طريقة أخرى في أي بلد في العالم.. هذا الأمر لا يتوقف على قرار أي مجموعة بعينها في سورية.. إنه قرار كل مواطن سوري.
سؤال.. هل ستشارك في انتخابات عام 2014...
الرئيس الأسد..
إذا شعرت.. قبل الانتخابات.. أن الشعب السوري يريدني أن أترشح.. فسأترشح.. وإذا شعرت أنه لا يرغب بذلك فإني لن أفعل.
سؤال.. مع الاقتراب من نهاية هذه المقابلة.. أتذكر بداية رئاستكم.. كنت عندها رمزاً للأمل لسورية.. كنت تعرف العالم.. وأتيت لتحقق مجتمعاً أكثر حداثة وانفتاحاً.. كان الشباب والمثقفون ينظرون إليك بتلك الطريقة.. ثم حصل شيء بين تلك البداية والمرحلة التي نحن فيها الآن.. هل تعتقد أن ثمة فرصة يمكنك من خلالها أن تقوم بشيء مختلف جذرياً كي ينظر إليك مرة أخرى على ذلك الأساس وليس بالطريقة التي ينظر بها إليك الآن...
الرئيس الأسد..
ينبغي التحدث عن عوامل داخلية وعوامل خارجية.. لأننا جزء من منطقة بالغة التعقيد في العالم.. ولذلك فإننا نتأثر بما حولنا.. وهناك تفاعلات يومية لنا مع محيطنا... فيما يتعلق بالعامل الداخلي.. عند التحدث عن الإصلاح.. فالإصلاح ليس إصلاح الرئيس أو الحكومة.. على الرئيس أو الحكومة أن يقودوا الإصلاح.. لكن الأمر يتعلق بالمجتمع بأسره.. المسألة مسألة ثقافة وليست مسألة دستور وقوانين وحسم.. الدستور والقوانين أدوات للتغيير.. لكن التغيير الحقيقي يحدثه الناس أنفسهم.. طبقاً لواقعنا.. عندما تتحدثين عن آلاف السنوات من الحضارة والعادات والتقاليد والأخلاق.. هناك أشياء مختلفة تميز كل مجتمع.. ومجتمعنا معقد جداً بسبب تعدد الثقافات فيه.. كان مجتمعنا يتقدم إلى الأمام.. لا يمكنك القول بأننا لم نفعل شيئاً.. يقول البعض إن ذلك كان سريعاً.. والبعض الآخر يقول إنه كان بطيئاً أكثر مما ينبغي.. هذا حكم ذاتي.. وكل شخص يراه بطريقته.. لكن في المحصلة.. لا أحد يستطيع القول إننا بقينا مكاننا.. لأننا تقدمنا ربما ببطء لكن بثبات.. هذا فيما يتعلق بالجزء الأول.. ثانياً.. ينبغي التحدث عن العقبات الخارجية.. عندما أصبحت رئيساً.. حدثت الانتفاضة في فلسطين بعد شهرين وأثرت في كل بلدان العالم العربي.. وكانت عملية السلام قد فشلت قبل أن أصبح رئيساً بأشهر قليلة ووصلت الأمور إلى طريق مسدود.. ثالثاً.. حصلت أحداث 11 أيلول وكان علينا أن ندفع الثمن.. كنا أحد البلدان التي ترتب عليها دفع الثمن.. قاموا بغزو أفغانستان.. وكنا ضد ذلك الغزو.. ومن ثم غزوا العراق.. وكنا ضد ذلك الغزو.. وبعد عام /2003/ بعد غزو العراق.. كان على سورية دفع الثمن.. وفرض حصار من قبل الأوروبيين والغرب.. وهكذا.. كان هناك فترة تصالح مصطنعة.. قد لا تكون العبارة دقيقة تماماً.. أو تقارب بين سورية والعالم الغربي.. وخصوصاً أوروبا بين عامي /2008/ و/2011/ وأقول مصطنعة لأنها كانت تحت إشراف الأمريكيين.. لم تكن حقيقية لأنهم لم يكونوا مستقلين.. والآن لدينا الأزمة.. عندما تتحدثين عن الإصلاح.. خصوصاً الإصلاح الجذري.. أنت بحاجة إلى مناخ مختلف.. ينبغي أن تكوني مرتاحة اقتصادياً وسياسياً وأيديولوجياً.. لا تنسي في هذا الصدد.. أن أحد العوامل الخارجية والداخلية كان غزو الأيديولوجيا السيئة للمنطقة.. بما فيها سورية.. وأعني أيديولوجيا القاعدة التي غزت العديد من المجتمعات في منطقتنا.. بما في ذلك جزء من المجتمع السوري.. لا يمكنك التحدث عن الإصلاح والديمقراطية بينما هناك أيديولوجيا منغلقة لا تقبل الأمر.. الديمقراطية الحقيقية تتمثل في قبول الآخر.. خصوصاً في مجتمع متعدد.. وهكذا أستطيع القول إنه ما زال لدينا نفس الإرادة بالتقدم إلى الأمام في ذلك المجال.. لكن طبقاً لواقعنا.. إذاً.. ما يحدد نطاق الإصلاح هو واقعنا.
سؤال.. سؤالي الأخير.. الآن يبدو أن التهديد الرئيسي قد تلاشى أو تراجع على الأقل.. ما الذي تقوله لشعبك كوعد وكنمط عمل...
الرئيس الأسد..
أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أقوله الآن هو أنه لم يترك لنا سوى خيار واحد وهو أن ندافع عن بلدنا.. علينا أولاً أن نركز على التخلص من الإرهابيين.. وإرهابهم وأيديولوجيتهم. ثانياً.. حتى لو تجاوزنا هذه الأزمة.. هناك الكثير من الأشياء التي علينا أن نعالجها بعد الأزمة.. وما ستتركه هذه الأزمة.. خصوصاً التبعات النفسية والأيديولوجية والاجتماعية في هذا المجتمع.. إذاً.. لدينا الكثير من العمل.. لكن يمكنني القول بثقة إن بوسعنا أن نجعل سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة.
سؤال.. حتى بالنسبة للإصلاحات التي كان الناس يطالبون بها...
الرئيس الأسد..
بالطبع.. نحن بحاجة للإصلاحات ولا نستطيع تحقيق شيء بدونها.. الإصلاح جزء هام مما أتحدث عنه.. فهو المحور الرئيسي لجعل سورية أفضل.. هذا مؤكد.. لكن.. في هذا الصدد.. فإن ذلك لا يعني أن أكون أمل البلدان الأجنبية أو الغربيين.. يمكن أن أكون أمل السوريين وليس أي جهة أخرى.
..أتمنى لكم كل التوفيق.. شكراً جزيلاً لكم سيادة الرئيس لمنحنا هذا الوقت ولاستضافتنا هنا.
الرئيس الأسد..
شكراً لقدومكم إلى سورية.
إضافة تعليق جديد