الصومال وسيناريو الحسم المؤجل
الجمل: يشهد مسرح الحرب الصومالي حالة من التصعيد الذي تتداخل وتتقاطع فيه العديد من العوامل الداخلية, وحاليا, أصبح المسرح الصومالي أكثر ارتباطا بالتطورات الجارية في المسرح اليمني والمسرح الأفغاني-الباكستاني, إضافة إلى الحرب الباردة التي تدور رحاها في مياه خليج عدن, فما هي الأبعاد الجديدة وتداعياتها على المسرح الصومالي وهل من أبعاد إقليمية-دولية إضافية؟
لعبة مقديشيو:
لبضعت أشهر خلت, ظلت العاصمة الصومالية مقديشيو, ساحة للعبة الصراع الذي يعيد إنتاج نفسه ضمن واحد من أكثر السيناريوهات العسكرية تكرارا في الساحة الصومالية, ويمكن الإشارة إلى ذلك على ضوء الآتي:
• الطرف الأول: ويتكون من المدافعين عن نظام الرئيس شيخ شريف أحمد, ويضم هذا المعسكر: القوات الحكومية الصومالية-قوات تحالف إعادة تحرير الصومال والتي تتكون من عناصر حركة المحاكم الشرعية, وعناصر أهل السنة والجماعة.
• الطرف الثاني: ويتكون من عناصر حركة شباب المجاهدين, وعناصر الحزب الإسلامي, إضافة إلى عناصر بعض الجماعات الإسلامية الصغيرة الأخرى.
على أساس الاعتبارات الميدانية, يسيطر الطرف الثاني الذي تقوده حركة شباب المجاهدين وحلفائها, على معظم الأراضي الصومالية, إضافة إلى معظم أجزاء العاصمة الصومالية مقديشيو, أما الطرف الأول, الذي يتكون من المدافعين عن الشيخ شريف أحمد, فيسيطرون على القصر الحكومي, والمطار والطريق الموصل بين القصر والمطار, والميناء والطريق الموصل بين القصر والميناء, إضافة إلى بعض الأبنية الحكومية الرئيسية الموجودة في وسط العاصمة.
أكدت كل التوقعات بان الرئيس شيخ شريف أحمد ونظامه "وفقا لكل الحسابات" لا يحتاجون سوى لبضع ساعات من القتال, وبعدها سوف يطويهم التاريخ السياسي الصومالي, ولكن شيئا من هذا لم يحدث, فقد ظل نظام الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد موجودا, وبالمقابل, ظل الطرف الثاني الأكثر قوة وسيطرة, مكتفيا بالوقوف في مكانه, ولا يجرؤ على القيام بشن الهجوم النهائي وإكمال عملية الحسم التي لا تكلفه سوى بضع ساعات.
لماذا سيناريو الحسم المؤجل؟
تشير المعطيات إلى أن السبب الرئيسي لعدم قيام حركة شباب المجاهدين وحلفائها بخطوة الحسم النهائي, هو وجود قوات الاتحاد الأفريقي, وذلك, لأن ولاية هذه القوات تتضمن الآتي:
• مهمة حماية القصر الرئاسي والحكومة الصومالية الشرعية.
• مهمة حماية المطار وطريق المطار.
• مهمة حماية الميناء وطريق الميناء.
وبالتالي, فإن قيام حركة شباب المجاهدين وحلفائها بخطوة الحسم النهائي, بالضرورة سوف تتضمن ليس الاشتباك العسكري مع قوات وعناصر نظام الشيخ شريف أحمد, وإنما مع قوات الاتحاد الأفريقي, وهو أمر سوف يترتب عليه تحويل الصراع المسلح من مجرد صراع بين قوات المعارضة الصومالية, وقوات الحكومة الصومالية, إلى صراع بين قوات المعارضة وقوات الاتحاد الأفريقي, الأمر الذي يشكل في حد ذاته سابقة إقليمية-دولية خطيرة, يمكن أن تترتب عليها تداعيات أكثر خطورة أقلها, أن يجتمع الاتحاد الإفريقي الذي تضم عضويته أكثر من خمسين دولة ويعلن الحرب ضد قوات المعارضة الصومالية!
مفاعيل الصراع الصومالي: إلى أين؟
تتورط في الصراع الصومالي الحالي أطراف داخلية, هي قوات نظام الشيخ شريف أحمد وحلفاءه, وقوات المعارضة الصومالية, وطرف إقليمي هو قوات الاتحاد الأفريقي, إضافة إلى مخابرات دول الجوار الصومالي الأربعة: إثيوبيا-أريتيريا-جيبوتي-كينيا, إضافة إلى أطراف خارجية أخرى, هي: أميركا-إسرائيل-فرنسا-الاتحاد الأوروبي-مجلس الأمن الدولي-السعودية-اليمن-مصر-أوغندا-بوروندي, هذا, ونلاحظ أن أريتيريا هي التي تدعم المعارضة الصومالية, أما بقية الأطراف فتدعم نظام الشيخ شريف أحمد, وحتى هذه اللحظة, فإن السبب الرئيسي لقوة المعارضة الصومالية يتمثل في تزايد دعم السكان المحليين لها, وتعزو التفسيرات ذلك إلى رفض المعارضة التدخل الأجنبي, وعلى وجه الخصوص بواسطة إثيوبيا وأميركا, اللتان عول عليهما نظام الشيخ شريف أحمد كثيرا, بما أدى بالمقابل إلى خسارته للسند الشعبي.
تقول المعلومات, بأن المسرح الصومالي, قد بدأ يشهد عملية استقطاب نوعي جديدة, فقد تزايدت روابط حركة الشباب المجاهدين مع تنظيم القاعدة, الأمر الذي أدى بالمقابل إلى قيام واشنطن وحلفائها بتكثيف الدعم والمساعدات لنظام الرئيس شيخ شريف أحمد, وإضافة لذلك تشير بعض المعلومات والتسريبات, إلى أن الأوضاع الميدانية الجارية في المسرح الصومالي سوف تشهد المزيد من التصعيدات والتوترات الجديدة, وذلك بفعل الارتباطات التي بدأت تبرز يوميا بين المسرح الصومالي والمسرح اليمني.
وتقول المعلومات, بان حركة شباب المجاهدين وحلفائها, قد بدأت في السعي من أجل الحسم النهائي, وذلك طالما أن بقاء نظام الشيخ شريف أحمد سوف يفسح المجال أمام دخول القوات الأجنبية للأراضي الصومالية, ومحاولة استخدامها كنقطة انطلاق لتوجيه مفاعيل الصراع في المسرح اليمني, وبكلمات أخرى, فإن واشنطن تسعى حاليا, لإقناع الرئيس الصومالي الشيخ شريف أحمد بتوقيع اتفاق, يتيح للقوات الأميركية والدولية الحليفة لها, التدخل في الساحة الصومالية تحت ذرائع الحرب ضد الإرهاب, واستهداف مقرات القاعدة الموجودة في الصومال, إضافة إلى دفع الرئيس شيخ شريف أحمد باتجاه توقيع اتفاقية تعاون أمني-عسكري مع نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح, وبعد إكمال هذه الخطوات والترتيبات, تكون منطقة خليج عدن والقرن الأفريقي إضافة إلى اليمن, قد دخلت ضمن دائرة مسرح الحرب ضد الإرهاب.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد