الفصول الأخيرة من سيناريو مشروع الهيمنة الأمريكية في القارة الآسيوية
الجمل: تشهد القارة الآسيوية عملية استقطاب دولي – إقليمي واسعة النطاق وعلى ما يبدو فإن الفصول الأخيرة من سيناريو مشروع الهيمنة الأمريكية سوف تنتهي على أرض القارة الآسيوية.
* ماذا تقول المعلومات:
تشير التطورات الميدانية الجارية في القارة الآسيوية إلى الآتي:
• الاتجاه الاستراتيجي الشرقي: أصبحت كوريا الشمالية دولة نووية على غرار الأمر الواقع وقد أدى ذلك إلى الإخلال بمعادلة التوازن الاستراتيجي الأمريكي والتي كانت تراهن على تحالف مثلث سيول – طوكيو – تايوان المدعوم أمريكياً في القيام بردع توجهات كوريا النووية إضافة إلى القيام بتضييق الخناق على الصين من خلال التحكم في منطقة شمال الباسفيك البحرية.
• الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي – الشرقي: ما تزال أمريكا تتمتع بالنفوذ القوي في مناطق مضيق ملقة الاستراتيجي ولكن برغم ذلك تجدر الإشارة إلى أن النفوذ العسكري الأمريكي في بحر الصين الجنوبي بدأ يضعف أكثر فأكثر بسبب الانتشار العسكري البحري الصيني المتزايد.
• الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي: نجحت واشنطن في التحالف مع الهند للقضاء على التمرد السيرلانكي وذلك بما سيمهد لإقامة القاعدة العسكرية البحرية الأمريكية – الهندية في جزيرة سيرلانكا التي سترتبط مع القواعد العسكرية الأمريكية الأخرى الموجودة في المنطقة. ولكن مناطق شبه القارة الهندية الأخرى فإن الصراع ما زال محتدماً في المناطق الآتية:
- الصراع الهندي – الصيني حول بوتان ونيبال.
- الصراع الباكستاني – الباكستاني الداخلي.
- الصراع الأمريكي – الأفغاني.
وجميع هذه الصراعات تتميز بأنها تندرج ضمن ما يعرف بالصراعات الممتدة العميقة الجذور ولأنه من الصعب الحصول على نصر حاسم في هذه الصراعات فإن المشكلة التي ستواجه الولايات المتحدة تتمثل في أن تواجد القوات الأمريكية لفترة أطول سيترتب عليه توريط أمريكا في ما يطلق عليه الخبراء تسمية مستنقع النزاع.
• الاتجاه الاستراتيجي الشمالي: وصل النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى إلى أدنى مستوياته وتقول المعلومات بأن إدارة أوباما تحاول الآن خلق الفرصة الثانية للفوز بتعزيز روابط واشنطن مع دول آسيا الوسطى وتقول المعلومات أن واشنطن تخوض الآن معركة دبلوماسية حامية ضد روسيا وإيران بهدف السيطرة على تركمانستان.
• الاتجاه الاستراتيجي الغربي: ويتكون من ثلاثة مناطق، الأولى هي الخليج العربي الذي نجحت واشنطن في إحراز التمركز المتفوق فيه، والثانية هي العراق ولم تنجح واشنطن حتى الآن في الحصول على تمركز مريح لقواتها فيه برغم محاولاتها نشر القواعد العسكرية الأمريكية، أما الثالثة فهي القوقاز وحالياً فقدت أمريكا مكانتها في هذه المنطقة بسبب نتائج الحرب الجورجية – الروسية ومواقف أنقرة الاستقلالية إزاء الروابط والعلاقات مع أمريكا.
* إلى أين تتجه المؤشرات؟
يقول الخبراء أن خروج واشنطن من دول آسيا الوسطى وتحديداً فقدان قاعدة أنديجان وقاعدة ميناس العسكريتين قد تسبب في الإخلال بسيناريو التفوق الجيو-ستراتيجي الذي كانت واشنطن تسعى لتحقيقه وحالياً تسعى واشنطن إلى تصعيد الحرب في الساحة الباكستانية – الأفغانية بما يتيح لها تجميع المنطقة الممتدة من سيرلانكا والهند وباكستان وأفغانستان ضمن قوام جيو-سياسي واحد ثم تنطلق مرة أخرى من أجل تمديد نفوذها باتجاه دول آسيا الوسطى الخمسة، هذا النفوذ الذي تراجع بسبب انهيار أنظمة الثورات الملونة التي سبق أن أشعلتها واشنطن في المنطقة.
حسابات الفرصة الثانية الأمريكية لم تعد تتمتع باليقين المطلوب لأن المعلومات وإن كانت تقول بأن الصراع السيرلانكي قد تم حسمه لصالح حلفاء محور واشنطن – نيودلهي فإن هناك معلومات أخرى تقول أن الاحتقانات الكامنة بين قومية السنهال المدعومة هندياً – أمريكياً وقومية التاميل المدعومة صينياً ما زال موجوداً وسيعود إلى الظهور بشكل أكثر عنفاً خلال الفترة القادمة.
إضافة لذلك، فإن الصراع في الساحة الباكستانية – الهندية قد أصبح يمضي في غير صالح واشنطن ولأن سيطرة القوات الباكستانية على منطقة وادي سوات لم يحقق النجاح في القضاء على حركة طالبان الباكستانية وإنما ساعدت على نقل عدوى حركة طالبان إلى المحافظات الباكستانية الأخرى، وقريباً ستبدأ جولة جديدة من الصراع الدامي الأكثر عنفاً في مناطق وزيرستان الشمالية ووزيرستان الجنوبية إضافة إلى مناطق القبائل الأخرى مثل إمارة بيجاور وغيرها.تقول المعلومات أن القوى الكبرى في القارة الآسيوية هي الصين والهند وروسيا، وعلى خلفية الحراك الدبلوماسي الجاري حالياً تقول التقارير أن كل واحدة من هذه الأطراف الثلاثة يسعى حالياً إلى تعزيز روابطه مع بعض الدول الآسيوية الأخرى بما يتيح لكل واحدة من القوى الاحتفاظ بمزرعة خلفية وحالياً تسعى موسكو باتجاه النفوذ على آسيا الوسطى وتسعى الصين إلى جنوب شرق آسيا أما الهند فتسعى باتجاه النفوذ على منطقة جزر المحيط الهندي وبوتان ونيبال، أما السيطرة على بقية شبه القارة الهندية فيتوقف على مصير الملف الإيراني وملف الوجود الأمريكي في باكستان وأفغانستان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد