المعلم في بغداد: تحجيم العنف بجدولة الانسحاب
في مستهلّ زيارة وصفت بالتاريخية، تأتي وسط دوامة عنف ينزلق فيها العراق أكثر فأكثر، وفي خضم حديث متنامٍ عن تحركات دبلوماسية أميركية لإشراك دمشق وطهران في جهود حل الازمة العراقية، أعلن وزير الخارجية وليد المعلم، بعيد وصوله إلى بغداد أمس، دعم سوريا لحكومة نوري المالكي، ودعا إلى تحديد جدول زمني لانسحاب الاحتلال.
وفي الزيارة الاولى لوزير الخارجية منذ ثلاثة أعوام ونصف العام عمر الاحتلال الاميركي للعراق أعلن المعلم، بعيد وصوله إلى العاصمة العراقية، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، تأييد بلاده للحكومة العراقية المنتخبة ولخطة المصالحة الوطنية ووحدة العراق. أضاف ان بلاده تعتقد أن تحديد جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال الأميركية من العراق، سيؤدي إلى تراجع العنف فيه والحفاظ على وحدته.
وأكد الوزير أنه لا يزور العراق بضغط أميركي، وسط تنامي الحديث عن مساع أميركية لإشراك دمشق وطهران في الشأن العراقي. أضاف أنه لم يأت إلى العراق ليرضي جهة أخرى بل لإرضاء شعبي العراق وسوريا. ورفض المعلم الاتهامات الاميركية
المزمنة لدمشق، بإيواء أو دعم أو التغاضي عن المتمردين العراقيين، قائلاً نحن ندين الإرهاب.
من جهته، قال زيباري إن العراق يأمل في استرجاع العلاقات الثنائية مع سوريا. وقد تدهورت هذه العلاقات منذ أكثر من عقدين، بعدما انحازت دمشق إلى صف طهران في الحرب العراقية الإيرانية، بين عامي 1980 و.1988 وازداد التدهور منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، والذي عارضته سوريا بشدة.
أضاف الوزير العراقي أنه ليس من المتوقع حل جميع المشاكل في آن واحد، لكن سيكون هناك المزيد من الزيارات المتبادلة مع سوريا. وأكد أن أمن العراق واستقراره قضية تهم سوريا والدول المجاورة، وأنه من المهم أن تدعم هذه الدول الحكومة العراقية وتعمل معها على مكافحة الإرهاب.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الحكومة، علي الدباغ، إن المسؤولين يضغطون على المعلم لبذل المزيد من الجهود من أجل منع مقاتلي تنظيم القاعدة من دخول العراق عبر حدوده الطويلة مع سوريا، ومن أجل تجفيف منابع التمويل لأنصار الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، والتوقف عن إيواء البعثيين.
واعتبر النائب في البرلمان العراقي عن كتلة الائتلاف الموحد، حيدر العبادي ان العراق يسعى الى تحسين العلاقات مع سوريا في إطار تحسين علاقاته مع كل دول الجوار ودول المنطقة. أضاف أن الزيارة جاءت بموجب اتفاق سياسي بين البلدين، خصوصاً بعدما غيّر السوريون من لهجتهم حيال العراق.
وكان زيباري، الذي استقبل المعلم في مطار بغداد وسط إجراءات أمنية مشددة، قال إن زيارة المعلم ستكون اختباراً لرغبة الدول العربية المجاورة، في مساعدة حكومة العراق على فرض الاستقرار في البلاد.
في هذه الاثناء، أكدت مصادر رسمية سورية، أن زيارة المعلم هي تلبية لحاجة البلدين المتنامية بضرورة استئناف العلاقات الدبلوماسية ودعم المصالح المشتركة بينهما. أضافت أن الزيارة ستكون في إطار تمتين العمل العربي المشترك وتعزيز هوية العراق العربية. ورفضت بدورها الربط بين الزيارة والحديث عن رغبة أميركية بدور سوري في العراق.
وأشارت هذه المصادر إلى أن المعلم سيبحث مع الجانب العراقي مسائل أمنية واقتصادية، وأن العمل يجري باتجاه تمتين وتعزيز التعاون في كل المجالات بما فيها الأمني، مع العلم أن البلدين كانا اتفقا على توقيع اتفاقية للتعاون الأمني منذ عامين، لم تأخذ طريقها للتنفيذ بسبب ضغوط أميركية على الجانب العراقي.
ومن المتوقع أن يلتقي المعلم كلاً من الرئيس جلال الطالباني ونائبيه، ورئيس البرلمان محمود المشهداني ورئيس الحكومة نوري المالكي، وعدداً من النواب والشخصيات الروحية المؤثرة في العراق.
لا يمكن فصل زيارة المعلم عن الكلام المستمر، في الآونة الاخيرة، حول جهود خفية يبذلها البيت الابيض لنيل مساعدة دمشق وطهران في المسألة العراقية. وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أمس الاول، أن المعلم التقى، قبل شهرين، وزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر، الذي يرأس مجموعة دراسة الاوضاع في العراق اللجنة التي شكلها الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي لإيجاد استراتيجية أميركية بديلة في العراق.
ونقلت الصحيفة عن السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى، قوله انه نظم اجتماعاً ضمّ المعلم وبيكر وعدداً من أعضاء لجنته، بناء على طلب هذا الاخير، في فندق والدورف استوريا في نيويورك في أيلول الماضي. ووصف مصطفى اللقاءات بالواعدة للغاية، مشيراً الى ان بيكر سأل الوزير السوري: ما الذي يمكن أن يجعل سوريا تساعد في مسالة العراق؟.
أضاف السفير انه التقى لجنة بيكر مرتين في واشنطن. وأطلعها بالتفصيل على الامور التي نستطيع فعلا القيام بها والامور التي لا يمكننا القيام بها. وتابع لقد كنا في غاية الصراحة مع بعضنا البعض... وشرحنا لهم كيف ان المساعدة في استقرار الوضع في العراق تصب في مصلحتنا الوطنية.
بدورها، تحدثت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، عن اللقاء، مشيرة إلى ان السفير لفت بيكر إلى أن بلاده ساعدت الاميركيين قبل غزو العراق، ووفرت لهم معلومات استخبارية أحبطت هجومين إرهابيين لالقاعدة. أضافت أن مصطفى التقى أعضاء اللجنة مرة أخرى في الاسبوع الماضي، كي يشرح لهم أن استقرار الوضع في العراق هو أيضا مصلحة سورية.
وذكرت الصحيفة الاسرائيلية أن السفير السوري، الذي وصفته بأنه رجل ثقة الاسد والذي ينتمي إلى دائرة المستشارين المقربين جداً منه، قال إن كل المواضيع في الشرق الاوسط طرحت أثناء محادثاته مع أعضاء لجنة بيكر، بما في ذلك الدعم السوري لالمنظمة التي اختطفت الجنديين الاسرائيليين في لبنان.
في هذه الاثناء، بدأت جمعية التآخي بين المذاهب السورية، التي أسسها مجمع الشيخ المفتي الراحل أحمد كفتارو والجمعية المحسنية الشيعية في دمشق، مساعي وساطة من أجل عقد ندوة في دمشق، تؤكد التآخي بين شيعة العراق وسنّته في سوريا.
وكشف رئيس المجمع الدكتور صلاح كفتارو عن مساع يقوم بها المجمع مع الجمعية المحسنية في دمشق لعقد ندوة تجمع علماء السنة والشيعة في العراق... بدعوة من جمعية التآخي بين المذاهب. أضاف أن الندوة تهدف للتأكيد على أن الإسلام بشيعته وسنته بريء مما يسعى البعض إليه في هذه المنطقة باتجاه حرب طائفية ومذهبية، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وشدد على عزم جمعية التآخي دعوة أكبر عدد من ممكن من المرجعيات الشيعية والسنية في العراق.
المصدر: وكالات+السقير
إضافة تعليق جديد