الملحن محمد محسن مكرما بدار الأسد

محمد محسن ملحن سوري كبير شدت بألحانه أصوات غنائية عربية كبيرة فتألقت معه وتألق معها واستطاع خلال رحلته مع الموسيقا أن يفرض نفسه عربيا والتي استمرت أكثر من 60 عاما إلى جانب الملحنين العرب الكبار.

ملحن موشح سيد الهوى قمري للسيدة فيروز اختاره مهرجان الملحنين السوريين الأول ليكون أحد كبار الملحنين السوريين المكرمين على عطائه الثر الذي أغنى اللحن والغناء في سورية والوطن العربي حيث ستشدو جوقة شام بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو برائعة محسن أبحث عن سمراء كلمات ميشيل طعمة التي غناها المطرب المصري الراحل محمد فؤءاد قبل ستين عاما في ختام المهرجان.

ولد محمد محسن في حي قصر حجاج بدمشق عام 1922 واسمه الحقيقي محمد الناشف تعلم الموسيقا والعزف على العود على يد الموسيقي صبحي سعيد وبدأ مسيرته الفنية مطربا ولحن له أستاذه سعيد أولى أغنياته احلى يوم عندي قربك وعند افتتاح إذاعة دمشق الأولى في أواخر الثلاثينيات انضم إليها مطربا وعمل في كورس الإذاعة ثم بدأ يقدم غناءه الإفرادي في حفلات إذاعية على الهواء مباشرة وفي تلك الفترة تتلمذ على يد الفنان مصطفى هلال الذي لحن له عدة أغنيات منها لقاء وأين كاسي ثم بدأ التلحين لصوته ومن هذه الألحان يم العيون كحيلة والليلة سهرتنا حلوة الليلة.

عندما توقفت إذاعة دمشق الأولى عن البث عام 1945 حسب المرجع العلمي الموسيقي مبدعو الألحان السورية في القرن العشرين الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب سافر محسن إلى القدس وتقدم إلى إذاعتها وتم قبوله مطربا وملحنا وخصص له فيها أربع حفلات شهريا حيث تعرف هناك على الموسيقي الفلسطيني حنا الخل وتلقى منه دروسا في العلوم والتدوين الموسيقي لتكتمل بذلك معارفه الموسيقية الضرورية للملحن واستمرت إقامته في القدس ثلاث سنوات لحن خلالها لعدد من المطربين الفلسطينيين مثل محمد غازي وماري عكاوي وفهد نجار.

بعد توقف إذاعة القدس عام 1948 عاد محسن إلى دمشق ليبدأ مرحلة جديدة في إذاعتها ويتجه للتلحين لغيره من المطربين والمطربات وكان أول ألحانه لغيره أغنية أنا شمعة غنتها المطربة ناديا أما ثاني ألحانه فكانت للمطربة الكبيرة ماري جبران وعنوانها يامحيرني وثالث ألحانه دمعة على خد الزمن سعاد محمد ونالت هذه الأغنية شهرة واسعة.

الانطلاقة الكبيرة لمحمد محسن كانت مع سعاد محمد حين لحن لها ثلاث أغنيات هي العمر يوم ووين يا زمان الوفا وغريبة والزمن قاسي لكن قمة محمد محسن مع سعاد محمد كانت بلحنه الجميل لأغنية مظلومة ياناس التي كتب كلماتها وكلمات الأغنيات الأربع السابقة زوجها محمد علي فتوح وحققت هذه الأغنية دويا فنيا في تلك الفترة.

وانهالت بعدها طلبات التلحين على محسن ومنذ أواخر الأربعينيات توزعت إقامته بين دمشق وبيروت وبلغ عدد ألحانه لسعاد محمد 22 لحنا وفي عام 1951 تلقى دعوة من إذاعة الشرق الأدنى التي كان مقرها قبرص فقدم غناءه عبر أثيرها ولحن فيها لعدد من المطربين العرب.

كان له خلال عقد الخمسينات اكتشافان مهمان حيث قدم للساحة الغنائية بألحانه مطربتين أصبحتا فيما بعد من نجوم الغناء العربي الأولى فايزة احمد التي جاءت من حلب إلى دمشق في مطلع الخمسينات فلحن لها عددا من الأغنيات كانت جواز سفرها إلى القاهرة ومنها درب الهوى وليش دخلك ومافي حدا يا ليل والابتهال الديني يارب صل على النبي ثم لحن لها في القاهرة أغنية شفتك جيتك يا سمارة وبلغت ألحانه لفايزة احمد عشر أغنيات وحواريتين مع عزيز شيحا.

أما المطربة الثانية التي اكتشفها فهي وردة الجزائرية التي جاءت إلى بيروت عام 1957 حيث استمع إليها محسن فأعجب بصوتها وكان أول من لحن لها دق الحبيب دقة ثم اتبعها ب12 أغنية أخرى منها على باب حارتنا يما ويا أغلى الحبايب وآخرها في مصر روح يا هوى.

منذ أواخر الخمسينيات أصبحت إقامة محسن في بيروت بشكل دائم لحن خلالها لمعظم المطربين اللبنانيين فلحن لفيروز عام 1971 سيد الهوى قمري ولوديع الصافي النجمات صاروا يسالوا ولنصري شمس الدين 8 أغنيات أشهرها ما أصعبك على القلب يا يوم السفر وياما وياما لاموني ولنجاح سلام 6 أغنيات من أجملها الليلة سهرتنا حلوة الليلة التي غناها بصوته ولسميرة توفيق 18 أغنية أهمها الأغنية الوطنية نسور السما ولنجاة الصغيرة أغنيتين العيد واداري وانت مش داري ونسيت كيف نسيت.

ومن الأصوات التي لحن لها محسن أيضا نازك التي غنت من ألحانه 10 أغنيات آخرها وأجملها ياحلوة تحت التوتة في القاهرة وفي أواخر الستينيات لحن أغنية أبحث عن سمراء التي كان من المفترض أن يغنيها فهد بلان لكنها ذهبت إلى محرم فؤاد الذي غناها في فيلم عتاب.

وخلال نفس الفترة لحن أيضا لمجموعة من المطربين السوريين وهم كروان وموفق بهجت ونورهان ومواهب وماري جبران وسعاد محمد وفهد بلان وسلوى مدحت ومها الجابري التي لحن لها عدة أغنيات منها قصيدة ابدا تحن اليكم من الشعر القديم كما لحن لها 3 موشحات كان من المفروض أن تغنيها في مسلسل لكن رحيلها حال دون ذلك.

في عام 1976 عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان انتقل محسن إلى القاهرة ليبدأ فيها مرحلة جديدة من مسيرته وهناك استقبله رئيس دائرة الموسيقا في إذاعة القاهرة وبدأ التلحين للمطربين المصريين فلحن لمحمد رشدي يا وابور الساعة 12 ولمحمد قنديل النشيد الوطني الرائع عهد الله ولعبدالغني السيد عمري يا عمري وللثلاثي المرح يا ماشي على درب الحلوين وفي القاهرة تعرف على صباح ولحن لها 9 أغنيات منها رجال أحلى من المال وسلم على الحبايب ولله لله يا محسنين في فيلم شارع الضباب ويا صاحب هالصورة في فيلم حبيبة الكل ويمة في شب بهالحي.

واستمرت إقامته في القاهرة أربع سنوات وعاد إلى بيروت ليعاود نشاطه فيها فلحن لسميرة توفيق أغنيات مسلسل فارس ونجود ولصباح فخري أغنيات مسلسل الوادي الكبير ولإيلي شويري وطروب أغنيات مسلسل الحلاق والكنز ولحن أغنيات مسلسل تاريخي لفدوى عبيد.

في مطلع التسعينيات عاد إلى دمشق لتصبح مقرا دائما لإقامته مع بعض الزيارات إلى بيروت وأصبح مقلا في التلحين ومن أهم ألحانه في هذه الفترة أربع أغنيات لفيروز وهي جاءت معذبتي ولو تعلمين وأحب من الاسماء ولي فؤاد ولحنها عام 1996 لكنها لم تصدر إلا عام 1999 بعدها توقف عن التلحين تماما باستثناء ثلاث أغنيات لابنة الفنان الراحل رفيق سبيعي التي سجلتها في استديو خاص ثم ألغتها لأنها قررت عدم خوض غمار الغناء وفي أشهره الأخيرة لحن قصيدة تقول غدا وسجلها في المنزل بمرافقة عوده ولم يعطها لأي أحد من المطربين ليرحل في 13 شباط 2007 ودفن في مقبرة باب الصغير بدمشق تاركا للمكتبة السورية والعربية الموسيقية إرثا موسيقيا يصل إلى ألف لحن.

رشا محفوض -سانا