المهمة غير المعلنة لمهندس الدبلوماسية الأمريكية في مناطق الحروب

08-11-2006

المهمة غير المعلنة لمهندس الدبلوماسية الأمريكية في مناطق الحروب

الجمل:  تشير ادبيات العلوم السياسية المعاصرة عموماً إلى الارتباط والتلازم الضروري بين مفهومي القوة والسلطة، وذلك على أساس اعتبارات التأثير المتبادل بينهما. والتداخل الذي يصل الى ما يشبه التطابق: فالقوة ضرورية من أجل السلطة، والسلطة ضرورية من أجل القوة.
تعارف الخبراء والمحللون على معايره قوة الدولة وفقاً لستة عناصر معيارية فرعية، على الأقل، هي: القوة الاجتماعية، القوة السياسية، القوة الاقتصادية، القوة العسكرية، القوة التكنولوجية، والقوة الطبيعية، وتلعب هذه العناصر الفرعية دوراً كبيراً في تحديد محصلة القوة الكلية للدولة ومكانتها ووزنها مقارنة بالدول الأخرى في نسق البناء الدولي.
كذلك تجدر الإشارة إلى وجود ما يعرف بـ(اقتصاد القوة والسلطة) والذي يقوم على أساس اعتبارات توازنات الطلب والعرض لعناصر قوة وسلطة الدولة وبكلمات أخرى فإن المساحة الكبيرة في رقعة الدولة، تحتاج إلى قدر اكبر من عناصر القوة والسلطة أي: يكون (الطلب) متزايدا في مواجهة (العرض) والذي يتمثل في ماهو متاح أمام الدولة من موارد القوة والسلطة، وبالتالي، عندما لاتستطيع الحكومة أن تغطي بعناصر قوتها كل رقعة البلاد فإن الاجزاء غير المغطاة تواجه فراغاً في القوة والسلطة وبالتالي تصبح خارج سيادة الدولة الفعلية.
عند تطبيق ما سبق ذكره على الحالة العراقية الماثلة في هذا اللحظة يتبين لنا الآتي:
• بعد حرب الخليج الأولى عملت أمريكا وحلفاءها على دفع العراق ضمن حالة من فراغ القوة والسلطة، وذلك على النحو الذي يهدد الأمن السياسي للكيان الشرق اوسطي العربي المعروف بالعراق.
• تم فرض العقوبات الدولية ضد العراق وتم تحديد منطقتين لحظر الطيران الأولى في جنوب العراق والثانية في شمال العراق.
• يشير الاداء السلوكي الأمريكي ازاء الملف العراقي وفقاً لمعطيات خبرة الاداء العملي إلى الآتي:
- الهدف المعلن في حرب الخليج الأولى هو إخراج العراق من الكويت ولكن تبين أن الهدف غير المعلن هو (محاصرة العراق).
- الهدف المعلن من إقامة منطقتي حظر الطيران هو حماية المدنيين العراقيين ولكن على خلفية معطيات الدعم الأمريكي غير المحدود لسكان منطقة الحظر الشمالية في العراق وتجاهل أمريكا لدعم السكان العراقيين في منطقة حظر الطيران الجنوبية يؤكد أن الهدف غير المعلن كان اقامة وبناء (محمية كردية) تشرف عيلها أمريكا وإسرائيل بحيث يتم تحويل هذه (المحمية الكردية) إلى بؤرة لتهديد استقرار ليس فقط العراق بل وسورية وإيران.
- الهدف المعلن من عملية التفتيش الدولي في العراق هو البحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وقد تبين لاحقاً أن هذا الأمر كان ذريعة من أجل الهدف غير المعلن وهو الابقاء على حالة الحصار وفرض العقوبات الدولية وحرمان العراق من عائدات النفط على النحو الذي يؤدي إلى إضعاف العراق اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
- قامت أمريكا وحلفائها بشن حرب ضد العراق و تبين لاحقاً الآتي:
• ذريعة الحرب الرئيسية كان هدفها المعلن هو تحرير العراق وتبين بعدها أن الهدف غير المعلن يتمثل في جملة من الأهداف الجزئية الفرعية:
- تدمير البنية التحتية العراقية.
- احتلال العراق ونهب موارده النفطية.
- اعداد وتمهيد المسرح لحروب أخرى في المنطقة وبالذات ضد إيران وسورية.
- إدماج إسرائيل ضمن البنية الاقليمية العربية.
طوال الفترة التي اعقبت غزو واحتلال العراق ظلت الإدارة الأمريكية تتحدث عن جملة من الاشياء والأهداف المرحلية المعلنة، ولكن ما هو غير معلن يمكن إستنباطه بسهولة عن طريق ملاحظة وتحليل الإداء السلوكي للسفير الأمريكي في العراق: زلماي خليل زاده وهو شخص لا يمكن اعبتاره دبلوماسياً بالمعنى المتعارف عليه وذلك لأن زلماي خليل زاده كما هو معروف عضو بارز وقيادي في جماعة المحافظين الجدد ومن المؤسسين لمشروع القرن الأمريكي الجديد وقد لعب دوراً كبيراً في صنع السياسات الأمريكية إزاء أفغانستان وباكستان والعراق. هذا ويمكن الاشارة إلى ابرز المعالم في اداء زلماي خليل زاده:
• تم تعين زلماي خليل زاده سفيراً أمريكياً للعراق بواسطة الرئيس بوش والذي إضاف إلى منصبه كسفير جملة من المهام والصلاحيات الأكبر: أعلن الرئيس بوش أن زلماي خليل زاده سفيراً ومفوضاً ومبعوثاً خاصاً فوق العادة لأمريكا في العراق، وبالتالي فإن هذه المهام الـ(معلنة) قد مكنت زلماي خليل زاده من القيام بالدور غير الـ(المعلن) والذي هو: الحكم الاستعماري للعراق.
• ظل زلماي خليل زاده لا يهتم لتوجيهات البنتاغون ووزارة الخارجية والبيت الأبيض المعلنة حول العراق ومن أمثلة ذلك: في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز أعلن الرئيس بوش رفضه لفكرة إنشاء ثلاثة مناطق فدرالية تتمتع بالاستقلال الذاتي في العراق وبعد ذلك بعدة ساعات اجتمع زلماي خليل زاده مع زعماء الأكراد وأكد لهم  عدم ممانعة أمريكا لإقامة منطقة فيدرالية كردية تتمتع بالاستقلال الذاتي!! وأكد لهم أيضاً موافقة وتأييد أمريكا لقيام قوات البشمركة الكردية بتنفيذ العمليات العسكرية في كافة أنحاء العراق الأخرى غير الكردية إذا رغبوا في ذلك.
• كشفت التقارير والوثائق بان زلماي خليل زاده كان هو المندوب الأمريكي المسؤول عن إعداد المؤتمر الذي جمع قادة الفصائل العراقية المعارضة في لندن عام 2002م كذلك كان زلماي خليل زاده مكلفاً بواسطة جماعة المحافظين الجدد عن إعداد التقارير والملفات الخاصة بإحداث تمرد مدينة البصرة الذي حدث خلال حرب الخليج الأولى وأيضاً يقال بأن منطقتي حظر الطيران في جنوب وشمال العراق كانت من بنات أفكار زلماي خليل زاده..
 تقول أخر المعلومات بان نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي قد وصله طلب من زلماي خليل زاده يطلب فيه منه إعداد جدول زمني واضح لعمل الحكومة العراقية خلال الفترة القادمة. وقد لاحظ (نوري المالكي) ان زلماي خليل زاده كان يخاطبه مثل أي (موظف حقير يعمل في السفارة الأمريكية) الأمر الذي أثار غضبه ومن ثم قام بالاحتجاج لدى الرئيس بوش وطلب من الإدارة الأمريكية العمل على (وضع حد) لتصرفات السفير الأمريكي، ولكن بعد فترة عندما عاود نوري المالكي الاتصال بالإدارة الأمريكية أخبره الرئيس بوش بضرورة أن يقوم بإعداد الجدول الزمني وتسليمه للسفير الأمريكي في أقرب فرصة!!
وحالياً، بدأ الجميع يفهمون أن مهمة زلماي خليل زاده الحقيقية هي: العمل على إدارة دفة الأمور باتجاه الفوضى الخلاقة بما يدفع العراق إلى الحرب الأهلية والتقسيم.

الجمل: قسم الترجمة والدراسات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...