النفايات المنزلية لإنتاج الطاقة الكهربائية..مشاريع تنتظر..
الاستثمار..تعبير براق أخذ حيزاً كبيراً من اهتمام الدولة في الآونة الأخيرة..والهدف من ذلك استقطاب رؤوس الأموال من أبناء البلد أو سواهم من عرب وأجانب لإقامة مشاريع استثمارية,
ولايخفى على أحد الاهتمام الحكومي بالاستثمار والسعي إلى تسهيل إجراءاته والحد من الروتين والبيروقراطية, وأقامت العديد من الملتقيات وعقدت لهذه الغاية مؤتمرات للاستثمار.
النفايات التي كانت تزعج الكبير والصغير..باتت ثروة وطنية فيها من الميزات الاستثمارية مايغري للاستثمار في هذا المجال..وازداد التركيز عليها في سورية باعتبارها لاتزال غير مطروقة ماخلا بعض الاستثمارات الخجولة من القطاعين العام أوالخاص لإنتاج كميات من السماد أو إعادة فرز البلاستيك وتصنيعه بطرق بسيطة, وآلات ومعدات عمرها يزيد عن 15 سنة, إلا أن الوجع هو وجود موظفين أو مديرين يوقفون أو يؤخرون قرارات حكومية هامة, الأمر الذي ينعكس سلباً على مناخ الاستثمار ويدفع لاهتزاز ثقة المستثمرين.
النفايات..اليد العاملة..عوامل مهمة وأساسية لهذا الاستثمار وهي موجودة لدينا بكثرة, فلو افترضنا أن الفرد الواحد في سورية ينتج عنه يومياً كيلو غرام واحد من النفايات فنحن أمام 18 مليون كغ نفايات في اليوم الواحد إن لم يكن أكثر, وضمن هذه الشروط الاستثمارية تعتبر سورية بيئة خصبة للاستثمار سواء في هذا المجال أو غيره, وبناء عليه تقدم عدد من المستثمرين لتشميل مشاريع استثمارية تنطلق من توليد الطاقة الكهربائية وإنتاج مئات الأنواع الاستهلاكية من مواد مختلفة..وفعلاً تم البدء بدراسة هذه المشاريع في وزارة الإدارة المحلية والبيئة, ومنها ماتتم دراسته منذ أكثر من سنة.
المثير للاستغراب أن هؤلاء المستثمرين بعد أن استكملوا الإجراءات كافة وبعد توقيع بعضهم على مستندات يتحملون فيها المسؤولية كاملة تجاه ماسيترتب من عواقب غير محسوبة وذلك بعد أن أبدت وزارة الإدارة المحلية والبيئة مجموعة من التحفظات?! في التعاطي مع تلك المشاريع من جانب آخر لاننكر وجود ماتحاول وزارة الإدارة المحلية والبيئة وكذلك محافظتا مدينتي دمشق وريفها فعله خاصة من خلال الدفع بعجلة سير مديرية معمل معالجة النفايات بدير الحجر (الغزلانية) حيث تم رصد 180 مليون ل.س لمعالجة مشاريع النفايات في ريف دمشق ومايتم سيتم عمله في مكب نفايات الريف وحفر خنادق فنية تحمي البيئة من ضرر النفايات المباشر وكذلك مشروع معمل النفايات بدير الحجر التابع لمحافظة مدينة دمشق.
في حديث مع مدير معمل معالجة النفايات المهندس موريس حداد قال: إن استطاعة المعمل هي معالجة ربع الكمية التي ترد إلينا ومقدارها 1200 طن يومياً لنصل في نهاية العملية للحصول على 120 طناً من السماد وهو الناتج النهائي 40% من ربع الكمية, ونسعى حالياً للاستفادة من كامل الكمية وبذلك ستصبح كمية إنتاج السماد 480 طناً يومياً في المستقبل القريب وهناك دراسة لتشغيل المعمل بواقع ورديتين ولتنجز كل منها ما مقداره ألف طن يومياً, كما يبدأ العمل في الشهر القادم ت2 على محطة لفرم الإطارات البالية وتحويلها إلى حبيبات مطاطية ستكون هي المادة الأساسية لصنع كل ما هو مطاطي وكذلك سيكون هناك فرامه ورق لإعادة تدوير الكميات الورقية وإتلافها بالطرق النظامية كما تم التعاقد لتنفيذ محطة لتعقيم النفايات الطبية.
استغرب أ.د ممتاز النحاس في لقاء معه وهو الخبير في مجال النفايات والمتخصص بالفلسفة الاقتصادية عدم وجود مشروع وطني واضح المعالم للاستفادة من النفايات حتى الآن مع أنه سمع عن ذلك منذ عدة سنوات على لسان أكثر من مسؤول حيث يتم رمي هذه النفايات بمكبات بدأت تغص بما يأتيها ناهيك عن كونها باتت بؤرة حقيقية لنمو الجراثيم التي تتفاعل مع الهواء المحيط مؤدية للإضرار بالشجر والبشر والآن تدفع الدولة الملايين, فقط لطمر تلال القمامة اللامنتهية!! وقال: أعتقد أن النفايات التي كانت قبل سنوات خلت مصدر إزعاج باتت الآن ثروة وطنية حقيقية اذ ينتج منها مئات المواد التي يمكن إعادة تصنيعها واستهلاكها مجددا, ونظرية العدم التي تقول إن شيئاً معيناً لم يعد ممكنا الاستفادة منه نصل إليها في النفايات بعد اعادة تصنيعها لعدة مرات لتطور أي مجتمع تدخل النفايات في صلب ذلك التطور حيث يخلف الفرد أقل ما يمكن من النفايات.
أما الدكتور المهندس محمود صالح سليمان المدير العام لمركز الدراسات البيئية الذي التقيناه قبل أن يتقاعد بفترة وجيزة ( منذ 4 أشهر) رأى أن الاستثمار في مشروع هام مثل النفايات يجب أن يترافق مع المحافظة على البيئة بالدرجة الأولى لا أن يتحول هاجس النفايات من أسلوب طمرها بطرق لا تحافظ على البيئة إلى معالجتها بأساليب مؤذية للبيئة ولذلك يجب انتقاء الأفضل من هذا الجانب, إضافة إلى جانب اعادة تصنيع أكبر كمية ممكنة من النفايات الموجودة لدينا (كماً ونوعاً) ويقول سليمان في هذا السياق: إن أهم منتج من النفايات حاليا في العالم هو إمكانية انتاج الطاقة الكهربائية وبأسعار محدودة أيضا.
سألنا بعد ذلك د. محمود وهل يوجد مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية في سورية الآن فقال : يوجد مشروع تقدم به مواطن سوري الأصل يقطن حالياً في الأردن يدعى المهندس باهر العدناني يعمل مع شركة اماراتية وانكليزية تسمى الشركة الدولية للنفايات المعاد تدويرها RCR لإعادة تصنيع النفايات بطرق حديثة, ما أن وصل مشروعه إلى وزارة الادارة المحلية والبيئة حتى بدؤوا يمارسون صلاحيات التأخير حيث يحضرون الرجل من الأردن ليسألونه سؤالاً بسيطاً عن المشروع توجد الإجابة عليه مسبقاً في المشروع الذي قدمه منذ أن عرض فكرة شركته مع نهاية عام 2007 لسبب أو لآخر يريدون (تطفيشه)??? مع أن المشروع لن يكلف الدولة قرشاً واحداً, من جانب آخر سيقوم بالإبقاء على العمال وستدفع شركته رواتب هؤلاء العمال وكذلك سيكون لديه آليات حديثة لجمع النفايات وسيقوم ببناء معمل لمعالجة النفايات في كل محافظة وسيدفع ثمن الأرض التي سيتم البناء عليها إن لم ترغب الدولة في تقديمها بل ووقع على تعهد بأن شركته تتكفل بكل شيء وعندما يبدأ الإنتاج سيعطي الدولة 50% من الأرباح الناجمة عن المشروع ومع ذلك فالعراقيل التي يضعونها لا طائل منها في الحقيقة بدأ يمل من كل هذه الدوامة التي وضعته فيها وزارة الإدارة المحلية والبيئة, بعدها ذكر د. سليمان مجموعة أمور خطرة سنتركها لوقتها إن لزم الأمر.
اللافت للنظر فيما سبق يدعو للاستغراب فالجميع ينادي بالعمل الوطني وضرورة الاستثمار في سورية وعندما يأتي من سيحقق ذلك يحصل العجب العجاب وتوضع العصي في الدواليب أمام مشروع سينتج الكيلو واط الساعي للطاقة الكهربائية ب 0,06 يورو بينما يتم إنتاجه الآن ب 0,07 يورو وسيكون المشروع صديقاً للبيئة.
مشروع النفايات الصلبة لإنتاج الكهرباء وعشرات المواد الأخرى الذي تقدم به م. ماهر العدناني رأى فيه العدناني استثماراً في غاية الأهمية لسورية بعد أن قامت شركتهم بمشاريع هي على أرض الواقع في الصين وتايلاند والفلبين وروسيا وأندونيسيا وهناك توقع لعقود مع عدة دول عربية مثل ليبيا واليمن والكويت ومصر والأردن ولكن في سورية لايدري ما الشيء المختلف, فالمشروع الدي تقدمت به شركته وتضمن 200 صفحة وجدها بعض مهندسي وزارة الإدارة المحلية والبيئة كثيرة وطلبوا منه اختصارها فحولها لهم إلى سبع صفحات لأنه وجد أن لا أحد يريد أن يقرأ, وقال: كانوا في وزارة الإدارة المحلية والبيئة يكررون الأسئلة بأشكال مختلفة وعلى سبيل المثال سؤالهم عن كيفية تسديد حاجة المشروع من الماء الأمر الذي شرحناه مراراً وتكراراً بأن النفايات تحتوي في تركيبها على 35% من الماء أي أن كل 20 طن نفايات فيها 7 أطنان ماء والباقي سنستخدمه من معالجة مياه الصرف الصحي ومن جانب آخر يمكننا تحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للشرب كما فعلنا في سنغافورة وبالإضافة إلى كل ما سبق لم يهمل مشروعنا من يكسبون قوتهم من الجمع والنبش في النفايات حيث ستكون هناك آلية للمحافظة على ما كانوا يحصلونه بشرائه منهم كما هو الحال الآن أو توظيف من يرغب في المعامل التي ستستوعب المئات.
منذ ستة أشهر التقينا م. إياد الشمعة وعاودنا سؤاله منذ أيام حول مشكلة النفايات وحول مشروع العدناني باعتباره مديراً للشؤون الفنية بوزارة الإدارة المحلية والبيئة فذكر أن هناك أعداداً كبيرة من الأسر التي باتت تدور بين أكوام النفايات والحاويات بحثاً عما يجمعونه منها ثم يرحلون تاركين الأكياس مفتوحة عرضة لتفاعل الحشرات الضارة معها أكثر, ما يزيد أذاها في الشوارع والأزقة ويسبب الأمراض والأوبئة, وهو بالمقابل أكد سعي الوزارة لإنجاز مشاريع تحد من العمل الذي يحمل من الأضرار أكثر من الفوائد, ولدى سؤال الشمعة عن المشاريع الاستثمارية التي تنهي تلك الصورة القاتمة للنفايات ذكر وجود أكثر من ستة مشاريع لمعالجة النفايات أبرزها مشروع العدناني وقد درس المشروع من قبل الوزارة وتم تحويله إلى لجنة الخدمات التي يرأسها السيد وزير الإدارة المحلية والبيئة وقال: المشروع فيه طريقة حديثة لمعالجة النفايات لكن بالمقابل لدينا مخطط توجيهي لإدارة النفايات وقد أعطي التصور التوجيهي لكل محافظة لإنشاء مطامر صحية ومحطات نقل وفرز للنفايات ومعمل تحويل النفايات إلى سماد.
أما المهندسة رولا أبو زيد رئيسة دائرة إدارة النفايات الصلبة بالوزارة , والتي أرسلت بتاريخ 16- 1- 2008 عشرة أسئلة للعدناني والتي اتصلنا بها واتفقنا على اللقاء بعد ساعة, و كنا نريد أن نسألها عن رأيها فيما ذكر أنها لا تستطيع دراسة مشروع مهم ما لم يكن بصفحات محدودة, لكنها اختفت فجأة, ولم نتمكن من مقابلتها!.
السيد صادق أبو وطفة معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة لدى سؤاله عن مشروع تحويل النفايات الصلبة إلى طاقة كهربائية وتصنيع عشرات المواد المعدنية والبلاستيكية ذكر أن المشروع هو عبارة عن عرض تم تقديمه لرئاسة مجلس الوزراء وبعدها تحويله إليهم في الوزارة حيث أجروا عليه مطالعة وحولوه إلى لجنة الخدمات منذ شهرين.
وقال: المشروع شامل لكل سورية ونحن نريده لمحافظة محددة لنضعه قيد التجربة وبعد ذلك نعمم التجربة على كل سورية بعد أن نتأكد من ايجابيتها لا نريد الدخول مباشرة بمتاهات كبيرة بل بالتدريج حتى لا تكون هناك أي مشكلات مستقبلية.
اللافت للنظر هنا أن المهندس إياد الشمعة عند زيارتنا للمرة الأولى منذ ستة أشهر ذكر أن المشروع تحول إلى لجنة الخدمات منذ ذلك الحين بل وقبلها بأسبوعين والآن يذكر السيد صادق أن المشروع تم تحويله إلى لجنة الخدمات قبل شهرين فقط, ولو افترضنا أنها شهران أليست كافية لاتخاذ رأي واضح حيالها.
ربما لا نستطيع في هذه العجالة التركيز على جميع الجوانب وخاصة الجزئيات التي يطول شرحها أحياناً لكننا نضع هذه المعطيات بيد أصحاب الشأن والقرار.
موسى الشماس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد