بوش فكر في قصف دير الزور
قال الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مذكراته إنه فكر في إصدار الأمر للقوات الأميركية بشن هجوم على موقع يشتبه في أنه موقع نووي في سوريا بناء على طلب إسرائيلي عام 2007 لكنه في النهاية اختار ألا يفعل.
ودمرت إسرائيل بنفسها في النهاية الموقع المزعوم الواقع في منطقة دير الزور في سبتمبر/أيلول 2007، وفي مذكراته التي تحمل عنوان "لحظات القرار" وتطرح للبيع يوم الثلاثاء، يقول بوش إنه بعد وقت قصير من تلقيه تقريرا من المخابرات عن "منشأة مريبة مخفاة بشكل جيد في صحراء سوريا الشرقية، تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إيهود أولمرت".
ويقول الكتاب الذي حصلت رويترز على نسخة منه، إن أولمرت قال لبوش "جورج إنني أطلب منك أن تقصف المجمع".
وكتب بوش أنه ناقش الخيارات مع فريقه للأمن القومي وأنه قد جرى التفكير في عملية قصف "لكن قصف دولة ذات سيادة دون تحذير أو إعلان أو تبرير سيؤدي إلى رد فعل حاد".
كما جرت مناقشة توجيه ضربة سرية لكن دخول فريق سري إلى سوريا وتدمير الموقع والعودة دون أن يكتشفه أحد اعتبر مخاطرة كبيرة.
وتلقى الرئيس الأميركي السابق تقييما مخابراتيا من مايك هايدن -الذي كان في ذلك الوقت رئيسا لوكالة المخابرات المركزية الأميركية- يفيد أن المحللين كانت لديهم ثقة عالية في أن المنشأة كانت تضم مفاعلا نوويا لكنهم أقل ثقة في وجود برنامج أسلحة نووية سوري.
وذكر بوش أنه قال لأولمرت "لا يمكنني أن أبرر هجوما على دولة ذات سيادة ما لم تقف وكالات المخابرات عندي لتقول إنه برنامج أسلحة".
وأمر بوش قواته بغزو العراق عام 2003 بناء على معلومات مخابرات تفيد امتلاك النظام العراقي لأسلحة دمار شامل وهو ما لم يعثر عليه في العراق حتى اليوم.
وشعر أولمرت بخيبة الأمل بسبب قرار بوش باقتراح إستراتيجية تستخدم الدبلوماسية مع التهديد باستخدام القوة للتعامل مع سوريا بشأن المنشأة المشتبه فيها. ويقول الكتاب إن أولمرت قال لبوش "سياستك مزعجة جدا لي".
وينفي بوش ما شاع في ذلك الوقت من أنه أعطى إسرائيل "الضوء الأخضر" لشن الهجوم على المنشأة.
وكتب بوش يقول "رئيس الوزراء أولمرت لم يطلب ضوءا أخضر ولم أعطه ضوءا أخضر، لقد فعل ما حسب أنه ضروري لحماية إسرائيل".
وأضاف بوش أن تنفيذ أولمرت للضربة ضد المنشأة السورية عوض الثقة التي فقدها من الإسرائيليين خلال حرب 2006 ضد حزب الله في لبنان.
من جهة أخرى ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن بوش اعترف في مذكراته بأنه أعطى موافقته لعناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) باستخدام تقنية الإيهام بالغرق في حق الباكستاني خالد شيخ محمد المتهم بكونه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وأفاد خبراء في مجال حقوق الإنسان للصحيفة الأميركية أن اعترافات بوش بموافقته على تعذيب الأسرى في كتابه، من شأنها إحالته للقضاء من حيث المبدأ، برغم ضآلة احتمالات حدوث ذلك.
وأضافت واشنطن بوست أن بوش يعترف في كتابه بأنه قام شخصيا باعتماد استخدام أساليب وتقنيات التعذيب المختلفة ضد خالد شيخ محمد، وأنه ذكر في كتابه استعداده لاتخاذ نفس القرار ضد معتقلين آخرين لإنقاذ أرواح الأميركيين.
ونسبت الصحيفة لشخص مقرب من بوش لم تكشف عن اسمه ذكرت أنه قرأ الكتاب قوله إن بوش قال "نعم" لعناصر وكالة الاستخبارات المركزية عندما سألوه هل بإمكانهم استخدام تقنية الإيهام بالغرق في استجواب خالد شيخ محمد.
وأوضحت الصحيفة أن بوش قال في كتابه إن خالد شيخ المتهم بكونه المخطط لهجمات سبتمبر كان يمتلك معلومات بالغة الأهمية بشأن هجمات "إرهابية" كان يجري الإعداد لها ضد الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير العدل إريك هولدر قد وصفا التقنية التي استحدثتها إدارة بوش أثناء "الحرب على الإرهاب" بكونها إحدى تقنيات التعذيب.
يشار إلى أن تقنية التعذيب عبر الإيهام بالغرق تتمثل في صب الماء بشكل مستمر على المجاري التنفسية للشخص قيد التعذيب بحيث يكون رأسه مثبتا إلى الأسفل تحت قماش مبلل يشعره بالاختناق لحظة بعد لحظة.
وفي الكتاب نفسه يستهل الرئيس الأميركي السابق مذكراته بالحديث عن مشكلته الشخصية مع معاقرة الخمر والإدمان أثناء فترة شبابه، أو قبل أن "يولد من جديد" ويتبع تعاليم "المخلص" وفق الكنيسة الإنجيلية، بعد أن بلغ الأربعين من عمره.
ورغم إصرار بوش على شفائه من الإدمان فإن شائعات ظلت تطارده حتى بعد تسلمه دفة الرئاسة، مفادها أن رجل البيت الأبيض لم يشف حقا من إدمانه القديم، لكن ما هو محقق فعلا هو أن بوش لم يتخلص من "لغة" الإدمان حيث وصف الولايات المتحدة، في واحدة من خطبه الشهيرة إبان رئاسته، بأنها "أمة مدمنة على النفط".
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد