تأكيد تبعية «داعش» لـ«القاعدة».. الظواهري يفجّر قنبلته الأخيرة.. لاسترداد زعامته

03-05-2014

تأكيد تبعية «داعش» لـ«القاعدة».. الظواهري يفجّر قنبلته الأخيرة.. لاسترداد زعامته

بينما أمر زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري فرعه في الشام بقيادة أبي محمد الجولاني، بوقف القتال الداخلي بين «المجاهدين» والتفرغ لقتال أعداء الإسلام «من البعثيين والنصيريين وحلفائهم من الروافض»، وجه نصيحةً إلى زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أبي بكر البغدادي بالعودة إلى السمع والطاعة إلى «أميره» (يعني نفسه) والتفرغ للعراق، والاقتداء بجده الحسن الذي تنازل عن الخلافة حقناً للدماء.
وفي الوقت ذاته فجّر الظواهري، أمس، قنبلة مدوية عبر إعلانه في شهادة أمام الله، كما قال، إن «الدولة الإسلامية» فرع تابع إلى تنظيم «القاعدة»، وذلك في تناقض واضح مع الموقف الذي أعلنته قيادة خراسان قبل ثلاثة أشهر، والذي أكدت فيه أن «داعش» ليس فرعاً من فروع «القاعدة».
وقال الظواهري، في تسجيل صوتي نشرته «مؤسسة السحاب»، أنه أجاب من خلاله على مجموعة تساؤلات كان وجهها إليه هاني السباعي صاحب إذاعة «المقريزي» وأحد كبار مفكري التيار «الجهادي» في العالم، قبل حوالي شهر.

الأمر والنصيحة

 ووجه الظواهري في هذا التسجيل إلى زعيم فرعه في الشام («جبهة النصرة») أبي محمد الجولاني أمراً مباشراً بـالتوقف فوراً «عن أي قتال فيه عدوان على أنفس وحرمات إخوانهم المجاهدين وسائر المسلمين، وأن يتفرغوا لقتال أعداء الإسلام من البعثيين والنصيريين وحلفائهم من الروافض»، مجدداً مطلبه «أن يتحاكم الجميع إلى هيئة شرعية مستقلة، في ما شجر بينهم من خلافات». كما طالب بوقف الحملات الإعلامية المتبادلة من خلال التوقف عن «تبادل الاتهامات والتنابذ بالألفاظ وإشعال الفتنة بين المجاهدين في الإعلام ووسائل التواصل».
ويبدو أن الظواهري تأخر كثيراً في إصدار هذا الأمر بوقف القتال، لأنه بينما كان يقوم بتسجيله الصوتي، كانت مدفعية ودبابات «جبهة النصرة» تقصف الأحياء السكنية في مدينة البصيرة وقرية الزر في دير الزور موقعة عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.
ولا يمكن التكهن كيف يتوقع الظواهري أن تكون استجابة الجولاني لأمره السابق، في ظل المعارك الشرسة التي يخوضها ضد «الدولة الإسلامية»، والتي أوقعت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل خلال الأسابيع الماضية. وعلى الأغلب ستعمد «جبهة النصرة» إلى الاستمرار في القتال تحت ذريعة الدفاع عن النفس.
وفي ردود الأفعال الأولية على خطاب الظواهري، وجهت إليه انتقادات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أنصار التيار السلفي «الجهادي»، بأنه تأخر في إصدار الأمر بوقف القتال، معبرين عن خشيتهم من أن يكون الأوان قد فات لذلك، كما استغربوا من الدعوة إلى وقف القتال لمناسبة الإجابة على تساؤلات السباعي، وهل يعني ذلك أنه لولا التساؤلات لما كان الظواهري اعلن عن هذا الأمر؟.
في المقابل، أطلق الظواهري صرخته التي تشير إلى مدى الخسارة التي يتعرض لها «الجهاديون» جراء الحرب الدائرة في ما بينهم، حيث قال «كفى خوضاً في دماء المسلمين المعصومة، كفى قتلاً لقيادات الجهاد وشيوخه»، موجهاً نصيحةً إلى أتباع «الدولة الإسلامية»، أن «عودوا إلى السمع والطاعة لأميركم، وتفرغوا للقتال في العراق الذي يحتاج أضعاف جهودكم».
وخصّ الظواهري زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، واصفاً إياه بـ«الشيخ المكرّم»، بنصيحة خاصة، وهي «أن اقتد بجدك الحسن الذي تنازل عن الخلافة، وحقن دماء المسلمين»، وهو يريد بذلك أن يذعن البغدادي لأمره بترك الشام والعودة إلى العراق.
ورغم أنه من السابق لأوانه أخذ رد فعل «الدولة الإسلامية» على نصائح الظواهري، إلا أن أحد قياداتها كتب على نحو مختصر، على حسابه في «تويتر»، «أخبروا الظواهري أنه أخطأ فنحن في الدولة الإسلامية أحفاد الحسين» في إشارة واضحة إلى رفض نصيحة الظواهري بالامتثال بسلمية الحسن واللجوء إلى سيف الحسين.

البيعة وعلاقة «داعش» بـ«القاعدة»

بدأ الظواهري، تسجيله الصوتي، بالإشارة إلى أنه لم يكن يريد الخوض مجدداً في الحديث عن موضوع الفتنة، لولا أسئلة هاني السباعي، واقتناعه بأن من شأن الإجابة عن هذه الأسئلة المساهمة في حقن الدماء، على حد قوله.
وكانت المفاجأة غير المتوقعة أن يعلن الظواهري في كلماته الأولى التي اعتبرها شهادة أمام الله، أن «دولة العراق الإسلامية فرع تابع لجماعة قاعدة الجهاد». واستغرق الحديث عن هذه النقطة وتوضيح تفاصيلها وملابساتها القسم الأكبر من التسجيل الصوتي.
ويلاحظ أن خطاب الظواهري في هذا الخصوص، غلب عليه التناقض والارتباك وعدم القدرة على إعطاء دليل حاسم يقطع الشك باليقين، الأمر الذي يثير الاستغراب، فإذا كان الظواهري لا يستطيع إعطاء الدليل الحاسم على تبعية «الدولة الإسلامية» لـ«القاعدة» فمن سيستطيع؟ وزاد من ضعف الخطاب أن الظواهري بدا وكأنه يميز بين «دولة العراق الإسلامية» وبين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ويتعامل معهما كأنهما كيانان اثنان، وليس كياناً واحدا.
ففي سبيل إثبات شهادته بأن «دولة العراق الإسلامية» فرع تابع لـ «القاعدة»، وعوضاً عن القول صراحة أن له «بيعة» واضحة في عنق البغدادي، لجأ الظواهري إلى الاستناد إلى وثائق آبوت آباد التي سربتها الاستخبارات الأميركية عقب حصولها عليها من مقر زعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن الذي اغتالته فيه.
وبدا الظواهري كمن يبحث في سطور هذه الوثائق عن كلمة هنا أو هناك من شأنها الإيحاء ولو من طرف بعيد بوجود صلة بين «الدولة» و«القاعدة». وكان أقوى هذه الوثائق التي أشار إليها الظواهري رسالة مرسلة من العراق إلى خراسان، بعد استلام الظواهري «إمارة القاعدة» بعد مقتل بن لادن، تضمنت سؤالاً من مندوب الاتصال في «الدولة» إلى «المفتي العام للقاعدة» عطية الله الليبي مفاده «هل تجدد الدولة بيعته (أي الظواهري) علناً أم تكون سراً كما هو معلوم معمول به سابقاً؟»، لكن الظواهري لم يوضح بعد ذلك ما إذا حدثت «البيعة» فعلاً أم لا، رغم أن هذه النقطة من العناوين الكبيرة للخلاف بين الطرفين، ومن شأن إثباتها على نحو قاطع أن يثبت التهمة الموجهة إلى البغدادي بأنه «تمرد على أميره».
ويبقى أن الظواهري سجل اعترافه وإقراره بمصداقية وصحة وثائق آبوت آباد التي سربتها الاستخبارات الأميركية، بعد أن كانت هذه الوثائق محل أخذ ورد، ووضعت حولها الكثير من الشكوك بأن الاستخبارات الأميركية عمدت إلى تحريفها. إلا أن اعتماد الظواهري عليها من دون اي تحفظ، يعتبر إقراراً منه بصحة ما جاء فيها.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...