تداعيات ما بعد الحرب الجورجية–الروسية على القوقازوالتوقعات المحتملة
الجمل: هدأت الأوضاع على الحدود الروسية – الجورجية ولكن تداعياتها ما تزال متزايدة التأثيرات وتقول المعلومات بأن بؤرة الصراع الجورجي – الروسي ما تزال تهدد بتزايد التوتر على خط واشنطن – موسكو على النحو الذي يهدد بالمزيد من التدويل وتنشيط مفاعيل الاستقطابات العالمية والدولية.
* بؤرة الصراع القوقازي: أبرز المكونات:
تتكون منطقة القوقاز من منطقتين فرعيتين هما:
• القوقاز الشمالي: وتطلق عليه تسمية منطقة عبر القوقاز، وتضم جمهوريات الاتحاد الروسي: داغستان، الشيشان، أنفوشيا، أوسيتيا الشمالية، كاباردينو بلغاريا، أدايجيا، شركيسيا.
• القوقاز الجنوبي: ويضم ثلاث دول هي جورجيا، أذربيجان، أرمينيا. إضافة إلى إقليم أوسيتيا الجنوبية، وأبخازيا، وتالي الموجودة ضمن الأراضي الجورجية إضافة إلى إقليم ناغورنو – كرباخ الموجود في أذربيجان وإقليم تاخشيفان الموجود في أرمينيا.
تتميز منطقة القوقاز الشمالي بوجود الحركات الإسلامية السنية المسلحة التي تطالب بالانفصال عن روسيا، وتكوين دول مستقلة على غرار دول آسيا الوسطى ومنطقة البلطيق، ومنطقة القوقاز الجنوبي التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي، أما منطقة القوقاز الجنوبي فتتميز بوجود الصراعات الداخلية وتزايد قيام الأطراف الثالثة بتفعيل تدخلاتها الهادفة إلى تعزيز حلفائها المحليين بما يتيح استخدام هذه المنطقة في المخطط الجيو-ستراتيجي الهادف لحصار روسيا.
* القوقاز الشمالي والجنوبي: تداعيات ما بعد الحرب الجورجية – الروسية:
تزايد تأثيرات الحرب الجورجية – الروسية ومن أبرز هذه التداعيات يمكن الإشارة إلى الآتي:
• في القوقاز الشمالي: تحاول السلطات الروسية فرض سيطرتها الشديدة على مناطق القوقاز الشمالي باستخدام شتى السبل ومنها إغراء مناطق القوقاز الشمالي بالمزيد من المزايا الجديدة سواء عن طريق دعم التنمية أو إعطائها قدراً أكبر من الاستقلال الذاتي الإقليمي. إضافة لذلك فقد لجأت موسكو إلى توطيد وتعزيز قدراتها بنشر المزيد من الفرق العسكرية الروسية في مناطق القوقاز الشمالي.
• في القوقاز الجنوبي: يدور صراع دبلوماسي – أمني بين موسكو وواشنطن لجهة السيطرة على الترتيبات الإقليمية وفي هذا الاتجاه نلاحظ قيام تركيا بالدور الرئيسي الهادف لضبط التفاعلات الإقليمية في منطقة القوقاز الجنوبي وهو دور تحاول روسيا التأثير عليه بما يؤدي إلى حصول واشنطن على المزايا عبر تركيا، وتحاول واشنطن التأثير عليه لجهة عدم إتاحة الفرصة لتغلغل موسكو في تركيا وتحاول أنقرة أيضاً استخدامه كوسيلة لفرض شروطها على موسكو وواشنطن، وذلك بما يتيح لأنقرة فرض نفوذها الإقليمي على كامل القوقاز.
إضافة لذلك، فقد انتقلت تداعيات عدوى صراع موسكو – واشنطن على خلفية الحرب الجورجية – الروسية باتجاه الشمال الشرقي، وتحديداً إلى المناطق الآتية:
• منطقة البحر الأسود: الذي أصبح ساحة لدبلوماسية البوارج بين قطع الأسطول البحري الروسي وقطع الأسطول البحري الأمريكي، وتقول المعلومات بأن الصراع قد تجاوز البحر الأسود إلى عمق الساحة السياسية الأوكرانية وحالياً تدور الخلافات العميقة بين طرفي الصراع السياسي الأوكراني بحيث أصبح معسكر الثورة البرتقالية في مواجهة معسكر روسيا، ووصلت الأزمة السياسية الأوكرانية إلى مرحلة الاستعجال عندما عجز ائتلاف حكومة الثورة البرتقالية الحاكم من تسيير دفة الأمور، وستشهد أوكرانيا خلال الفترة المقبلة جولة انتخابات مبكرة ستؤدي نتائجها إلى تأمين حسم توجهات أوكرانيا: هل هي إلى جانب روسيا بما يتيح لها تمرير أنابيب النفط والغاز الروسية وتفادي تهديدات موسكو، أم إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية بما يتيح لها الحصول على المعونات والمساعدات؟ هذا، وتقول المعلومات بأن دول الاتحاد الأوروبي تحاول أن تلعب لعبة مزدوجة إزاء الملف الأوكراني فهي من الناحية المعلنة لا تعارض وقو ف أوكرانيا إلى جانب الولايات المتحدة، ولكنها من الناحية غير المعلنة تفضل عدم سيطرة واشنطن على أوكرانيا لأن ذلك سيتيح لواشنطن التحكم بإمدادات النفط الروسي القادم من خلال أوكرانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تحاول المضي قدماً في الاستقلالية الأوروبية والتخلص من التبعية المفروضة عليها بواسطة واشنطن عبر علاقات عبر الأطلنطي.
• منطقة شرق أوروبا: يدور الصراع بين واشنطن وموسكو حول ملف مشروع نشر شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية في جمهوريتي بولندا والتشيك، وتقول المعلومات أن روسيا تسعى لإجهاض فعالية هذا المشروع عن طريق مشروع يتمثل في نشر بطاريات الدفاع الصاروخي الروسية في كل من بيلاروسيا وأوكرانيا التي ستحصل على النفط والغاز الروسي مقابل موافقتها.
• منطقة البلطيق: برغم نمو الروابط والعلاقات الوثيقة بين دول البلطيق الثلاثة (أستونيا – لاتفيا - ليتوانيا) فإن روسيا ما زالت قادرة على فرض نفوذها الجيوبوليتيكي على هذه الدول الثلاث:
- تأمين إمدادات النفط والغاز التي لن تستطيع الحصول عليها لا من أوروبا ولا من أمريكا.
- تفعيل النفوذ الاقتصادي الروسي.
- استخدام الأقليات والجماعات الموالية لروسيا داخل هذه البلاد.
- تهديد أمن هذه البلدان لجهة تعزيز إدراكها أنها ستكون في مرمى الحظر الروسي المباشر في حالة تورطها إلى جانب خصوم موسكو.
وتقول التحليلات أن الرأي العام في دول البلطيق الثلاثة أصبح أكثر وعياً إزاء أهمية الحفاظ على أمن المنطقة عن طريق تعزيز العلاقات المتوازنة مع الجميع. بحيث تستمر في التعاون مع واشنطن وبلدان الاتحاد الأوروبي مع عدم السماح لها بتوظيف هذا التعاون ضد روسيا.
• منطقة آسيا الوسطى: وتقول المعلومات بأن دول آسيا الوسطى أصبحت أكثر تفضيلاً لخيار التعاون مع روسيا ما عدا دولة تركمانستان التي تحاول الآن القيام بالمزيد
• من المناورات الخطرة وبهذا الخصوص تقول المعلومات أن تركمانستان تقوم في الوقت الحالي بمحاولة إعطاء الشركات النفطية الأمريكية المزيد من التسهيلات والمزايا التفضيلية ويقول الخبراء أن هذه المزايا لو حصلت عليها هذه الشركات فإن ذلك سيؤثر على علاقات دول آسيا الوسطى مع روسيا وذلك لأن تركمانستان هي بوابة آسيا الوسطى على بحر قزوين.
* أبرز التوقعات:
من المحتمل حدوث مواجهة روسية – أمريكية لا في القوقاز الجنوبي ولا في القوقاز الشمالي ولكن هناك توافقاً حول احتمالات حدوث الآتي:
• صراع أوكراني – أوكراني بين حلفاء روسيا وحلفاء واشنطن.
• صراع تركماني – تركماني بين حلفاء روسيا وحلفاء واشنطن.
• خلافات أمريكية - تركية حول أبعاد الدور الإقليمي التركي.
• خلافات جورجية – جورجية حول مستقبل توجهات الدولة الجورجية في الفترة المقبلة.
• خلافات أرمينية – أذربيجانية حول إقليمي ناغورنو – كرباخ، وتاخشيفان.
على هذه الخلفية المحتملة فإن دور واشنطن سيتناقص في المنطقة بسبب انتهاء ولاية بوش التي تعتمد التدخلات العسكرية – الأمنية، وصعود إدارة أوباما التي تعتمد التدخلات الاقتصادية – المالية، ومن الواضح أن إدارة أوباما لن تستطيع القيام بالتدخلات الاقتصادية – المالية لأن الأزمة المالية الأمريكية الحالية ستؤثر سلباً على إدارة أوباما في تقديم المعونات والمساعدات المالية لحلفاء أمريكا في القوقاز.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد