ترحيب دولي بوقف إطلاق النار والمسلحون يصعّدون في حلب
تخوض الهدنة في سوريا فورا اختبارها الميداني ما ان تسري صباح اليوم. واذا كانت الهدنة جلبت شيئا من الامل للسوريين، الا انها في احسن احوالها ستعني توقف الموت، او تراجعه، من صباح الجمعة حتى يوم الاثنين المقبل، بينما ستظل الانفاس محبوسة، والقلوب خائفة، من سقوط سريع للهدنة، او انفجار العنف لحظة انتهائها.
واذا كان هناك من تنفس الصعداء مع اعلان الجيش السوري «وقف العمليات العسكرية»، وهو ما ارفقه بشروط تحذيرية واضحة لمسلحي المعارضة، فان مواقف الجماعات المسلحة، اظهرت ان الامل بثبات الهدنة، هش، وان العيد قد لا يكون مباركا كما يأمل كثيرون.
وعلى الرغم من الحذر السوري من الافراط في التفاؤل، فان سلسلة من المواقف الدولية البارزة، اوحت ان اللاعبين الكبار، كروسيا والصين والولايات المتحدة، بالاضافة الى الامم المتحدة، يعولون على وقف اطلاق النار، ولو بأهميته الرمزية، لكسر حلقة العنف المفرغة المستمرة منذ 20 شهرا.
واستبق مسلحو المعارضة دخول الهدنة حيز التنفيذ اليوم، بتصعيد عملياتهم، واقتحموا حي الاشرفية ذا الاغلبية الكردية في حلب، بينما طردت القوات النظامية مسلحي المعارضة من حي السريان ذي الاغلبية المسيحية جنوب بعد أربع ساعات من دخولهم إليه .
وذكرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، في بيان، «لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، تعلن القيادة العامة للقوات المسلحة السورية وقف العمليات العسكرية على أراضي الجمهورية العربية السورية اعتبارا من صباح يوم غد (اليوم) الجمعة لغاية يوم الاثنين 29 من هذا الشهر».
وأضاف البيان «انسجاما مع مسؤوليتنا في حماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة، تحتفظ قواتنا المسلحة بحق الرد على الآتي: أولا، استمرار الجماعات الإرهابية المسلحة بإطلاق النار على المدنيين والقوات الحكومية، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة واستخدام السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، وثانيا قيام الجماعات الإرهابية المسلحة بتعزيز مواقعها التي توجد فيها، مع بدء سريان هذا الإعلان أو الحصول على الإمداد بالعناصر والذخيرة، وثالثا، تسهيل دول الجوار تمرير الإرهابيين عبر حدودها إلى سوريا، انتهاكا لالتزاماتها الدولية بمكافحة الإرهاب».
وقال «رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر» مصطفى الشيخ لوكالة «فرانس برس»، «نحن ملتزمون بوقف النار اعتبارا من صباح الجمعة إذا التزم النظام بذلك. لكن إذا أطلقت رصاصة واحدة، فسنرد بمئة». وأضاف ان «هذا القرار يلزم المقاتلين الخاضعين للمجلس العسكري الأعلى، وعددهم لا بأس به، الا ان هناك فصائل مسلحة أخرى تتبع قيادات أخرى». وتابع «للأسف لا توجد قيادة موحدة حقيقية للمقاتلين المعارضين للنظام في سوريا».
وأعلن المتحدث باسم جماعة «أنصار الإسلام» أبو معاذ ان مقاتليه لن يلتزموا بالهدنة، وذلك بعد ساعات من إعلان «جبهة النصرة» الإسلامية المتشددة أنها ترفضها.
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مارتن نيسيركي أن المنظمة الدولية «تأمل بصدق» صمود الهدنة لكنها غير واثقة بذلك. وقال ان «العالم ينتظر ماذا سيحصل صباح الجمعة»، مؤكدا أن بان كي مون «رحب» بالموقفين الصادرين عن الجيش السوري النظامي والمسلحين.
وأضاف نيسيركي «نأمل بصدق أن يتوقف العنف بحيث تتمكن الطواقم الإنسانية من مساعدة الأكثر حاجة»، لكنه اقر «بان هناك انعدام ثقة بين الطرفين ولا يمكننا أن نكون واثقين بصمود الهدنة. ودعا «أصحاب النفوذ في المنطقة إلى استخدام هذا النفوذ لدى كل الأطراف (المتنازعين) ليصمد وقف إطلاق النار» تمهيدا لبدء عملية انتقال سياسي في سوريا.
وأوضح انه في حال استمر وقف الأعمال الحربية فان الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «مستعدة لإرسال قوافل إلى المناطق التي لم يكن سهلا الوصول إليها بسبب المعارك بغية تقديم المساعدة إلى السكان بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري.
وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون أعلن، في جنيف، انه يتعين على المسلحين الالتزام بالهدنة لوضع حد للنزاع ولأعمال العنف التي باتت تتجاوز حدود بلدهم. وأعرب عن الاسف لانه لا «توجد اي ضمانة» لديمومة وقف اطلاق النار، وذلك نظرا الى انه لم يعد هناك من مراقبين للامم المتحدة في سوريا، لكنه أشار إلى ان «الخطة تهدف الى تقليص اعمال العنف في اسرع وقت كي نتمكن من إطلاق عملية سياسية ترمي الى إيجاد وقف إطلاق نار كامل».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ترحيب موسكو بإعلان القيادة السورية وقف العمليات العسكرية خلال عيد الأضحى. وقال «نعتبر أن قرار السلطات السورية الرسمي بتأكيد السعي إلى وقف إراقة الدماء، ما يفتح المجال للانتقال إلى تسوية سياسية للازمة السورية الداخلية عبر حوار شامل، يتسم بأهمية مبدئية».
ونوه «بإعلان عدة مجموعات مسلحة عن موافقتها على وقف إطلاق النار، لكن ليس كلها وفقط بشرط موافقة الجيش السوري على ذلك أولا». وتابع «تعول موسكو على أن الهدنة، التي أيدها مجلس الأمن بمبادرة روسية، ستنفذ وسيستطيع ملايين السوريين المسلمين الاحتفال ضمن ظروف العيد، من دون خوف على حياتهم وحياة أقربائهم، ومن دون عنف مسلح أيا كان مصدره».
وأعربت واشنطن عن أملها أن تحترم الحكومة السورية والمسلحون الهدنة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «ما نأمله ونتوقعه هو ألا يكون الأمر بالنسبة لهم مجرد حديث عن الهدنة، لكن (عليهم) أن يثبتوا ذلك، بدءا من النظام، وسنراقب عن كثب». وأضافت «النظام السوري بارع بشكل خاص في تقديم الوعود وأقل براعة في الوفاء بها».
وفي بكين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي «نتمنى أن تستطيع كل الأطراف المعنية في سوريا اتخاذ موقف مخلص وإجراءات ملموسة لدعم مقترح الإبراهيمي والتعاون معه ومع جهود الوساطة التي يقوم بها، واستغلال الفرصة جديا لتنفيذ الوعود لوقف إطلاق النار ووقف العنف».
كما عبرت بكين عن أملها أن تكون هذه فرصة «لتنفيذ وقف لإطلاق النار طويل الأمد وفعال لتهيئة الظروف لتخفيف معاناة الشعب السوري وبدء الحوار السياسي وعملية الانتقال السياسي في أقرب وقت ممكن».
وأعرب وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو عن ترحيب القاهرة بإعلان وقف إطلاق النار في سوريا، مؤكداً «دعم مصر لجهود الإبراهيمي الرامية إلى وقف معاناة الأشقاء السوريين وتهدئة الأوضاع، بما يتيح المجال لإنجاح المساعي الإقليمية والدولية للتعامل مع الأزمة السورية». ودعا «جميع الأطراف إلى الالتزام بالهدنة وتنفيذها بحسن نية»، معرباً عن أمله في أن «تكون بارقة أمل لخروج سوريا الشقيقة من دائرة العنف والاقتتال».
ورحبت طهران بالهدنة. وأكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي لنظيره السوري وليد المعلم، في اتصال هاتفي، أن «إعلان الجيش السوري وقفاً لإطلاق النار هو خطوة إيجابية تستحق الترحيب». وأعرب عن أمله في أن «تعطي الأطراف الأخرى رداً مناسباً على حسن نية الحكومة السورية وتلتزم بوقف إطلاق النار بما يسمح (بعودة) الهدوء إلى سوريا».
واتهمت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة بأنها تنسق وتؤمن مساعدة لوجستية لتزويد المعارضة السورية بالأسلحة. وقال لوكاشفيتش، في بيان، «من المعروف علنا أن واشنطن على علم بتسليم عدة أنواع من الأسلحة إلى مجموعات مسلحة غير شرعية تتحرك على الأراضي السورية. بالإضافة إلى ذلك وبالاعتماد على تصريحات مسؤولين رسميين أميركيين، نشرتها وسائل إعلام أميركية، فإن الولايات المتحدة تؤمن التنسيق ومساعدة لوجستية لمثل هذه الشحنات» من الأسلحة.
وكان رئيس الأركان الروسي الجنرال نيكولاي ماراكوف أعلن أن المسلحين السوريين يستخدمون قاذفات صواريخ «ستينغر» من صنع أميركي. ونفت نولاند هذا الأمر. وقالت «تعلمون بأننا نقدم مساعدة غير قتالية للسوريين. لم نقدم صواريخ ستينغر لسوريا ولن نفعل ذلك». واضافت «اذا كان الاتحاد الروسي يملك الدليل على ان صواريخ ستينغر موجودة بين ايدي المعارضة فنود ان نعرف ذلك».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد