تركيا وسوريا تتقاتلان في حلب ومن يحسم يفوز بالدور الاقليمي

22-09-2012

تركيا وسوريا تتقاتلان في حلب ومن يحسم يفوز بالدور الاقليمي

شيئا فشيئا، تتحول المعركة الدائرة في مدينة حلب السورية إلى حرب مفتوحة بين سوريا مدعومة من ايران وروسيا، وتركيا مدعومة من الغرب ودول الخليج، في حقيقة يؤكدها الواقع السياسي والميداني، خصوصا أنّ الكم الهائل من الاسلحة والذخائر التي تصل إلى الفريقين المتحاربين يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصدرها وتمويلها والهدف من كل ذلك.
هذا الكلام لدبلوماسي شرقي ناشط على تواصل يومي مع خارجية بلاده التي ما زالت تحتفظ ببعثتها الدبلوماسية في سوريا، وهو يلفت إلى أنّ بلاده تعتبر أنّ الفائز في حلب هو من سيحكم سوريا لعقود مقبلة، وفي حال نجاح المعارضة بفرض سلطتها على المدينة فإنّ الانتصار المفترض سيصب في خانة النفوذ التركي وتعاظمه في بلاد الشام، والعكس صحيح، خصوصا أنّ تداخل الازمة السورية بالازمة الكردية الضاغطة على حكومة رجب طيب أردوغان في تركيا بات يقلق انقره ويدفعها إلى خوض معركة استراتيجية ضد النظام السوري ليس فقط لاسقاطه انما لتجريده من الورقة الكردية اولا، وامتيازاته على الصعيد العراقي ثانيا، فضلا عن بحثها المستميت عن دور لها في منظومة الغاز المكتشف على طول الساحل الممتد من سوريا إلى اسرائيل مرورا بلبنان، وهذا ما لا يمكن ان يتحقق بوجود نظام الرئيس بشار الاسد.
أما النظام فيرى في معركة حلب ضربة قاضية للمعارضة وتركيا على حد سواء، فالاولى هي الاداة التي تنفذ سياسة الثانية، وما الدعم المنقطع النظير الذي تحصل عليه أكان على صعيد السلاح أو المقاتلين أو الخبراء العسكريين إلا خير دليل على عمق المصلحة التركية في ضرب الأسد وتجريده من أوراقه. ويشير المصدر في هذا السياق إلى أنّ الأسد يرى أنّ إسقاط مدينة حلب حتى لو أدى إلى تنفيذ سياسة الارض المحروقة يعني محاصرة تركيا سياسيا، كما إقفال الحدود العسكرية معها بما يمنع تهريب السلاح وتأمين الدعم اللوجستي لمعارضة الداخل، فضلا عن فتح الباب امامه ليعيد للاكراد دورا مميزا على الحدود التركية، بما يشغلها طويلا عن التفكير بدور فاعل على صعيد القيادة الاسلامية في المنطقة، لاسيما ان الفراغ الاسلامي الذي تركته مصر ما بعد الثورة على مستوى العالم العربي يحتاج عاجلا ام آجلا لمن يسده.
في الموازاة، يرى الدبلوماسي الشرقي أنّ مهمة المبعوث الاممي – العربي الاخضر الابراهيمي ذاهبة إلى فشل ذريع في ظل المعادلة القائمة راهنا، باعتبار أنّ الحل بات أكبر بكثير من الابراهيمي أو حتى جامعة الدول العربية، فالأزمة السورية تحتاج إلى سايس بيكو من نوع جديد، وذلك بعد أن تداخلت المصالح والمشاريع وباتت في نقطة اللاعودة، كما اصبحت مدار تهديد امني للشرق الاوسط برمته كما للعالمين العربي والاسلامي، فالنيران المستعرة في حلب لن تقف عند حدود سوريا الشمالية بل ستمتد إلى ابعد من ذلك بكثير لتطاول ربما منابع النفط والدول المحيطة به، وهذا ما يخشاه الجميع بمن فيهم تركيا الاكثر تأثرا بالواقع الاقليمي في ظل تحولها إلى رأس حربة تجمع الشرق بالغرب من خلال البوابة الاوروبية. 

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...