ثمانية سينايوهات إسرائيلية للخروج من الأزمة

21-07-2006

ثمانية سينايوهات إسرائيلية للخروج من الأزمة

ألقت المعارك المستمرة على الخط الأول للحدود اللبنانية، بظلالها على الموقف الإسرائيلي الذي بات يخشى عواقب الهجوم البري. ولا يخفي ضباط إسرائيليون كبار رأيهم بأن جميع الاشتباكات البرية التي خاضتها القوات الإسرائيلية على الحدود، كانت في غير مصلحة إسرائيل. ولعل هذا ما يدفع السجال حول الحرب الجوية والبرية إلى أقصى مدى في ظل توحش سلاح الجو في إظهار قدرته التدميرية.
وفي ظل انعدام أفق الحسم العسكري، تشكلت في إسرائيل طواقم من ديوان رئاسة الحكومة ووزارتي الدفاع والخارجية والاستخبارات لتحديد استراتيجية
الخروج من الأزمة. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أنه يجري البحث في ثمانية سيناريوهات تفضل لأكثرها البحث عن مخرج سياسي. وتأمل إسرائيل أن تشكل زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس نافذة للأفق السياسي. ويطالب وزراء إسرائيليون، اليوم أكثر من أي وقت مضى، بضرورة نقل المعركة الآن من مستواها العسكري إلى المستوى السياسي. ويرى هؤلاء وجوب استغلال التفكك العربي للحصول على قرار دولي يلزم لبنان بتفكيك حزب الله.
ومما يثير الإحباط لدى المراسلين والمعلقين الإسرائيليين، أنه برغم الحرب التدميرية والحرب النفسية والحرب الالكترونية، ما زال الجيش الإسرائيلي يجد أمامه مقاتلي حزب الله بكامل استعدادهم للقتال. ولا يثير غضب المعلقين الإسرائيليين أكثر من اعتراف ضباط الاستخبارات بأن كل ما خسره حزب الله من أفراد يتراوح بين ثلاثين وأربعين مقاتلا حتى الآن. ويتساءل بعضهم حول أسباب عجز الجيش استخباراتياً وميدانياً، برغم توفير كل الأجواء من أجل انتصاره. وقال أحد المعلقين إن إسرائيل أرسلت لتدمير المفاعل النووي في العراق ثماني طائرات حربية، في حين بعثت ب12 طائرة تحمل أكثر من عشرين طناً من الصواريخ والمتفجرات لتدمير ملجأ نصر الله الموهوم في الضاحية الجنوبية.
ومما زاد إحباط المعلقين الإسرائيليين الذين حاولوا طوال يوم أمس التعلق بأمل ضعيف باحتمال إصابة السيد حسن نصر الله، خروجه على شاشة قناة الجزيرة للحديث عن ضربة الملجأ. وأكثر المعلقون من تفسير أسباب عدم استخدام حزب الله للكثير من الصواريخ في رده على الغارات الإسرائيلية.
وأياً يكن الحال، فإنه في ظل استمرار القتال يرى بعض المعلقين العسكريين أن المعركة ستطول فعلاً وأن ما يمكن أن يعرقلها هو تراخي الموقف الأميركي إلى جانب إسرائيل أو تصدع الجبهة الداخلية الإسرائيلية. وإذا كان تصدع الموقف الدولي هو ما يمكن أن يدفع الإدارة الأميركية إلى البحث عن مخرج آخر، فإن الخشية من الحرب البرية وانعدام الآمال بتحقيق النصر هو ما قد يصدع الجبهة الداخلية.
الحرب البرية
وفي هذا السياق، فإن قيام الجيش بتجنيد جزء من القوات الاحتياطية وإرسال لواءي جفعاتي وغولاني إلى الحدود مع لبنان، ينذر ببدء الحرب البرية المحدودة أو الشاملة. ويرى جنرال سابق أن الحرب البرية في الظروف القائمة تتطلب تجنيد كل القوات الاحتياطية واستعداد الجمهور الإسرائيلي لثلاثين أو أربعين قتيلاً إسرائيلياً في اليوم الواحد. ويقول الجيش الإسرائيلي إن العقبة الحقيقية تتمثل في نجاح حزب الله في إقامة منظومة من الأنفاق والملاجئ التي تتيح له العمل، موضحاً أن هذه الأنفاق يبلغ عمق بعضها حوالى أربعين متراً تحت الأرض وضمن شبكات تشبه منظومة الدفاع الفيتنامية الشمالية.
ومن الجائز أن السبب في هذا السجال يعود إلى خلاف جدي في الجيش أيضاً حول تقديرات نجاح القوة الجوية. فهناك من يقول إنه تم تدمير نصف قوة حزب الله، في حين أن هناك مدرسة أخرى في الجيش ترى أن كل ما فعلته القوة الجوية هو إصابة الحزب بجروح طفيفة.
وكشف مراسل سياسي في التلفزيون الإسرائيلي النقاب عن اجتماع جرى قبل يومين بين رئيس الأركان دان حلوتس وعدد من كبار ضباط الذراع البرية. وطلب هؤلاء الضباط من حلوتس الموافقة على عملية برية واسعة النطاق لتنظيف الجنوب اللبناني من الوجود الصاروخي لحزب الله، فرد عليهم حلوتس بأن كل العمليات البرية تقود إلى تورط بات الجيش في غنى عنه ولذلك من الأفضل مواصلة الحملة الجوية. ومع ذلك يبدي حلوتس استعداده لعمليات برية على نطاق محدود وفي حزام لا يتجاوز 14 كيلومترات وهي المنطقة التي تريدها إسرائيل حزاماً أمنياً.
تجدر الإشارة إلى أن عدداً من قادة الجيش يعترفون بأن قيادة الجبهة الشمالية لم تكن مستعدة لهذه الحرب في هذا الوقت.
الحرب البرية
أعلن قائد الذراع البرية في الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غينتس أن الجيش يغير في الغالب أساليب عمله، وفقاً للوضع الميداني. وتحدث عن المعارك البرية فقال إن الجنود ينظرون للعدو بأعينهم ومن مسافة قصيرة. وهذا قتال مهم استعد له العدو كثيراً، ولأسفنا فإن في المعارك ثمناً من الدماء يدفعه الجيش الإسرائيلي أيضاً. وتجدر الإشارة إلى أن الجانب الآخر لا ينشر شيئا عن خسائره، وفي هذا الشأن أفخر بأنني إسرائيلي.
وركز ضابط إسرائيلي على أن قسماً من الهجمات على حزب الله تتم بطريق البر، وجزء منها في عمق المنطقة. وأضاف علينا أن نتعلم من الأحداث القاسية وأن نستخلص العبر منها. وعندما تقع إصابات فإن ذلك يعني أن شيئاً ما قد اختل، وهذا يعني أننا لم نستعد بالشكل الصحيح. ومن المزعج كيف أننا نواجه هذا القدر الكبير من المشاكل في المنطقة ذاتها. إن التبريرات لا تخفي النتائج القاسية.
وشدد ضابط من الذراع البرية على أنه لا يمكن أن تستمر الحملة كعملية جوية فقط، وإسرائيل بشكل أو بآخر ستضطر القوات للدخول بطرق معقدة إذ سنضطر لتنفيذ عمليات موضعية للقضاء على البنى التي يصعب تدميرها من الجو.
وشدد رئيس أركان قيادة الجبهة الشمالية، العميد ألون فريدمان، على أننا نعمل على طول وفي عمق الجبهة من أجل تحقيق إنجازات. ولم نكشف النقاب عن حجم القوات العاملة في المنطقة. لن نركض إلى الأمام نحو عمليات كبرى، حين نؤمن أن بالوسع تحقيق نتائج في عمليات صغيرة. وقال إنه يعتقد أن مسألة الوحل اللبناني لا تثار في المداولات العسكرية ولا في المستوى السياسي. فنحن كدولة نريد أن تكون حدودنا الشمالية هادئة وأن تكون في لبنان دولة وألا يكون لحزب الله وجود.
وفي إطار الكلام عن الحرب البرية، أدلى وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس بدلوه أيضا في هذا الأمر وأعلن أنه لا نية لدينا لاحتلال لبنان، ولكن إذا كان ينبغي تنفيذ عمليات، فسوف نقوم بذلك من دون تردد. فالقوات الإسرائيلية جاهزة، والإحساس بأن الحرب هي دفاع عن البيت هو إحساس حقيقي. إن كل جندي يعرف أنهم مثلما يقصفون بيتاً في الناصرة، صفد وطبرية، يمكنهم أن يقصفوا بيته وبيت عائلته.
وأشار بيرتس إلى أن على حزب الله ألا يوهم نفسه بأننا سوف نخاف من أي عملية تقود إلى الحسم المنتظر. وقال في أثناء جولة في المستوطنات الشمالية سنفعل كل ما في وسعنا لتنفيذ العمليات، عبر فحص نجاعتها وعبر توفير كل المطلوب لحماية القوات العاملة، ويجب ألا تكون لدى المنظمات التخريبية قناعة بأننا سوف نخشى تنفيذ أي عمل كان. إن لدينا العزم لحسم هذه المعركة.
وكان حلوتس قد حذر أمس الأول من انجرار إسرائيل إلى حرب استنزاف في لبنان. وشدد على موقفه بـ أننا نريد حرباً قصيرة وقوية مضيفاً ان قادة حزب الله يفهمون أن الاستنزاف الطويل يخلق ضغطاً داخلياً من المواطنين الإسرائيليين ومن الأسرة الدولية، ويعتقدون أن هذه هي نقاط ضعفنا. ولذلك فإنهم يريدونها طويلة، من أجل أن نتراجع.
وأشار حلوتس إلى أن العمليات البرية في لبنان تتركز حالياً على تنظيف خط المواقع وضرب القرى التي تطلق منها الصواريخ.
واعتبر حلوتس في أمر يومي حربي، هو الأول منذ بدء الحرب، وجهه للجنود أن حزب الله أخطأ في قراءة الواقع. وشدد على أن القتال قد يستغرق وقتاً طويلاً وأن على كاهلنا تقع مسؤولية الدفاع عن استقلال وسلامة دولتنا.
وأوضح حلوتس أن دولة إسرائيل تعيش في ذروة قتال في مواجهة منظمات إرهابية إسلامية متطرفة تكفر بحق إسرائيل في الوجود وتعمل تحت رعاية إيران وسوريا. وقال إن هذه المنظمات وضعت لنفسها هدفاً وهو المساس بسيادة دولة إسرائيل. وقد تعاظم القتال في أعقاب الاستفزاز الفظ من جانب منظمتي حزب الله وحماس، اللتين نفذتا عمليات إرهابية في الأراضي السيادية لإسرائيل، قتل خلالها وأصيب عدد من مقاتلي الجيش واختطف جلعاد شاليت وجنديا الاحتياط إيهود غولدفيسر وإلداد ريغف.
وأضاف أن القتال في الشمال انضم إلى القتال في يهودا والسامرة وغزة، وهو قتال يمكن أن يستمر زمناً طويلاً. إن المناعة القيمية والأخلاقية لدينا سوف تلقي بأثرها على سكان الدولة ومواطنيها وعلى قدرتهم على مواصلة الصمود تحت الخطر في الجبهة الخلفية. كما أن قدرة صمود المجتمع والثقة التي يوليها للجيش، تعزز قدرتنا وتمنحنا التواصل. ونحن سنعمل بقدر ما يتطلب الأمر من أجل إعادة الأمن لدولة إسرائيل.
وخلص إلى أن المنظمات الإرهابية أخطأت في قراءة الخريطة وفهم إصرار المجتمع والجيش الإسرائيليين. إن الجيش يعمل في الحلبة اللبنانية لتدمير البنى التحتية للإرهاب وداعميه. وقد أصبنا وسنصيب معاقل حزب الله في لبنان كما منظومته الصاروخية، بموازاة الضرب المستمر للإرهاب الفلسطيني.
الممر الإنساني
اتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت أمس، وبالتشاور مع وزيري الدفاع والخارجية، قراراً بالسماح بإقامة ممر إنساني لمساعدة لبنان بحراً بين بيروت ولارنكا. وقالت المصادر الإسرائيلية إن هذا القرار اتخذ بناء على مطالبات كثيرة من الأسرة الدولية وفي مقدمها فرنسا وأميركا. ومع ذلك فإن القرار لم يصدر إلا بعد مكالمة هاتفية بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس ونظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني. وطلبت رايس من ليفني الإسراع في الخطوات اللازمة لمنع نشوء أزمة إنسانية في لبنان.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن ليفني وبيرتس كانا قد توافقا في مطلع الأسبوع الحالي على قيام إسرائيل برفع الحصار البحري والبري المفروض على لبنان بين الحين والآخر لتسهيل خروج الأجانب. وكان العديد من وزراء خارجية دول أجنبية قد اتصلوا بليفني طالبين تسهيل ترحيل رعايا بلادهم.
وأعلن أولمرت أمام طلاب كلية الأمن القومي لقد أمرت بالتنسيق مع وزير الدفاع بفتح ممر إنساني لنقل المساعدات للبنانيين مشدداً على أن هذه ساعة امتحان قدرة الصمود الإسرائيلية في معركة تتطلب الصبر لتحقيق أهداف العملية.
وقال ليس لدينا نزاع مع لبنان وإنما مع قسم من السكان الشيعة في هذه الدولة. وتحدث عن نتائج الحرب مع حزب الله فقال: إن السؤال ليس نسبة تهشيم الحزب وإنما إن كنا قد أزلنا الخطر أم لا. وهذا هو الاختبار الذي يراقبه كل جيراننا. إن الأمر يحتاج إلى صبر وسوف يكون أمام مد وجزر. ويبدو أن الممر الإنساني سيتم فقط عبر الفرنسيين الذين سيكونون وفق أولمرت :عنصر الاتصال مع إسرائيل في هذا الشأن.
ميزانية الحرب
برغم كل الوعود السابقة فإن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام ,2006 وبدلا من تخفيضها، ستزداد بقيمة 1.75 مليار شيكل (حوالى 400 مليون دولار) بسبب الحرب على لبنان. وذكرت المجلة الاقتصادية لصحيفة هآرتس أن المؤسسة العسكرية ستطلب ملياري شيكل آخرين على حساب ميزانية .2007 وفضلا عن ذلك فإن وزارة المالية تعمل على استخدام أموال في صندوق خاص من ضريبة العقارات لدفع تعويضات للمتضررين من الأعمال العدائية بقيمة 3.3 مليارات شيكل.
وبحسب المجلة، فإن وزارة المالية تدعو الله أن تنتهي الحرب في الشمال وفي غزة بأسرع وقت ممكن من أجل المحافظة على إنجازات النمو الاقتصادي. وتقول مصادر الوزارة إنه ليس في ما جرى حتى الآن ما يستدعي تغيير التوقعات. ومع ذلك ثمة حاجة للصبر لرؤية متى وكيف تنتهي الحرب في الشمال والعمل بحكمة وببرود أعصاب وعقل. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية قد طمأن المستثمرين بأن لا داعي للخشية على الاقتصاد الإسرائيلي. أما بيرتس فقد دعا إلى السعي من أجل تفعيل الاقتصاد الإسرائيلي في الشمال. وقال إن من المحظور أن يرى حزب الله في شل الاقتصاد واحدة من أدوات إضعافنا

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...