جنرلات الأردن رجال أعمال ببدل عسكرية: عن الفساد والإفساد في القوات المسلحة
الحديث في دور الاقتصاد السياسي للقوات المسلحة في بعض دول ما يسمى بـ«العالم الثالث»، ونشاطها فيه أمر على جانب كبير من الأهمية. فالكشف عن ارتباط القوات المسلحة بالنشاط الاقتصادي في بعض الدول العربية يسهم في شرح دورها في الحياة السياسة ومآل تطورها، خصوصاً في أثناء «الربيع العربي» وما تلا ذلك من تطورات.
فإهمال دور القوات المسلحة في الحياة السياسية سيقود إلى استنتاجات خاطئة بخصوص مستقبل أي تحركات جماهيرية، كما رأينا وما زلنا نرى. فعلى سبيل المثال، ثمة إصرار حماسي عجيب ولا علمي على أن خروج الجماهير في تونس ومصر إلى الشوارع في عام 2011 والمطالبة بإسقاط الأنظمة هو الذي قادها إلى تحقيق مطالبها. هذا إصرار غير مطابق للتطورات التي نعرفها وهي أنه لولا تدخل الجيش في مصر وتونس لما سقط حكم كل من المخلوعين زين العابدين وحسني مبارك ومن بعده محمد مرسي. كما أنه يشرح سبب عدم تمكن تحركات مماثلة في دول عربية أخرى، ولنأخذ كلاً من السودان والمغرب والأردن مثالاً، من تحقيق أي هدف.
صدرت في العام الماضي مجموعة دراسات أكاديمية في مؤلف واحد (Elke Grawert and Zeiab Abul-Magd, Businessmen in arms: how the military and other armed groups profit in the mena region. rowman and littlefield, london 2016) عن دور القوات المسلحة في اقتصادات بعض دول ‹جنوب المتوسط وشرقه/ middle east and north africa, MENA، مختلفة التفاصيل والعمق، اخترت منها تلك المتعلقة بكل من مصر والسودان والأردن وتركية، مؤكداً أن المعلومات الواردة في مقالي هذا تعتمد على نحو كامل على ما ورد في المؤلف. كما أود التنويه إلى أني سأعود إلى دراسة مفصلة عن دور القوات المسلحة الباكستانية في اقتصاد البلاد في عرض منفصل حيث صدرت دراسة توثيقية مفصّلة عن تلك المادة، مع أن هذا العمل يحوي دراسة عن تلك الدولة أيضاً.
ومن المناسب هنا ذكر أن الدراسات التي يحويها المؤلف، ومنها التي أوردها في عروضي هذه بدأت مشروعاً وحلقات دراسية ونقاشية مختلفة عقدها المشاركون في كل من عمّان وأسوان ومدينة بون الألمانية، ثم تحولت إلى إصدار ورقي بدعم كامل من صندوق شركة فولكسفاغن (volkswagen stiftung).
المحررتان تنوهان إلى أن المؤلَّف يشكّل المرة الأولى التي يصدر فيها عمل عن دور القوات المسلحة وارتباطاتها بالنظم السياسية في كل من الدول الغربية المصنعة وفي أنظمة أميركا اللاتينية، لكن العلاقة بين القوات المسلحة والاقتصاد في دول جنوب المتوسط وشرقه مختلفة وتحتاج بالتالي إلى مقاربة مختلفة. فعلاقة القوات المسلحة في تلك الدول تصفه محررتا المؤلف بأنه أدى إلى ظهور اقتصادات عسكرية فراكنشتانية أو دراكولية! فالتحالف المتصاعد للقوات المسلحة مع القطاع العام والفئات العليا من البرجوازيات في اقتصادات دول جنوب المتوسط وشرقه، قاد إلى إخضاع العمال والفلاحين والطبقات البرجوازية الدنيا، مع أن الجيوش انقضّت على السلطة فور انتهاء المرحلة الاستعمارية المباشرة باسم الدفاع عن حقوق تلك الفئات. فالقوات المسلحة تبنّت وقتها سياسات التصنيع بدلاً من الاستيراد، لكنها في الوقت الحالي تتبنى بعض عناصر السياسات النيوليبرالية ومنها ضرورة إقامة علاقات اقتصادية مع الممسكين بالاقتصاد العالمي أياً كانت هويته. بل إن القوات المسلحة في بعض دور جنوب المتوسط وشرقه انتقلت، دوماً وفق المؤلَّف، إلى الانخراط في عالم الرأسمالية المالية أيضاً، إلى جانب الرأسمالية الصناعية.
صعود التيارات الإسلامية، بمختلف مسمياتها، وإرهابها اللامحدود منح القوات المسلحة ذريعة أنها الوحيدة القادرة على احتواء ذلك الخطر والقضاء عليه في نهاية المقام. لكننا نعلم أن تهميش القسم الأكبر من الفئات الشعبية من عمال وفلاحين وبروليتاريا رثة، وانتشار أحزمة الفقر حول المدن، هي الثغرات التي مكنت تيارات الإسلام السياسي من كسب مؤيدين وقواعد شعبية في بعض الأحيان، وهذا شرح وليس تسويغاً. لكننا لا نقبل بهذا التعميم لأن تيارات الإسلام السياسي فقدت مواقعها بعد حين، وفي أحيان أخرى انتقلت إلى مرحلة متقدّمة من الهمجية ضد (الآخر)، وهو جُلّ الشعب، لا ينفع معها أي تحليل فكري أو سياسي أو اقتصادي ونجد أنفسنا مضطرين للاستعانة بعلم النفس كمصدر أخير ووحيد لفهم ذلك التطور الخطير في المجتمع.
الغرب «الناتوي»، بقيادة الولايات المتحدة، اتخذ مواقف مختلفة من كل حالة على حدة. فعلى سبيل المثال، وقفت واشنطن إلى جانب الحركة الإسلامية في تركيا بقيادة حزب «العدالة والتنمية»، وإلى جانب حركة «الإخوان المسلمين» في مصر، لكنه يعارضها في الباكستان حيث أيدت العسكر ضد رئيسة الوزراء المغدورة بناظير بوتو.
الباحثة إلكي غرافِرت تؤكد في مقالها عن الاقتصاد السياسي للقوات المسلحة والجماعات المسلحة في جنوب المتوسط وشرقه أنها تعدّ أكثر مناطق العالم عسكرة (نفخ الروح العسكرية / militarisation)، حيث تقع 13 دولة منها ضمن قائمة الثلاثين دولة الأولى في «مؤشر العسكرة العالمي/ global militarisation index, gmi»، الذي يعتمد على مقدار حصة القوات المسلحة من مجمل الدخل المحلي والصرف على الصحة والتعليم والثقافة.
ننتقل الآن إلى المقال الأول الذي اخترناه من بين المجموعة للعرض المفصل، وقد ميزنا تعليقاتنا بالإشارات المعتمدة عالمياً في عالم الأكاديميا، عندما نشأت الحاجة إلى التمييز. كما نود التنويه إلى أن الكاتبة أوردت أسماء الشركات بالإنكليزية، وقمنا بالبحث عنها بالعربية، عندما توافرت، وكذلك مواقعها في الإنترنت.
الأردن
الكاتبة شانا مارشل كتبت تقول: إن القوات المسلحة الأردنية تشكلت بهدف حماية النظام «ضد الجماهير»، وفي مرحلة لاحقة إلى مصدر عمل حيث شكلت في الخمسينيات ثاني أكبر موظِّف بعد القطاع الزراعي. بين عامي 1961 و1975 تضاعف عديد الموظفين في القوات المسلحة ثلاثة أضعاف، حتى أضحى يضم ربع القوة العاملة في البلاد. وعندما حل عصر الانتقال من استثمارات الدولة في الاقتصاد والتصنيع تحولت القوات المسلحة إلى القطاع الصناعي لتأمين احتياجات قياداته وكبار الضباط، حيث سمحت الإدارة الحاكمة بذلك بهدف كسب استمرار ولائهم للنظام وهو الهدف الأساس، وهذا قاد بدوره إلى إعادة هيكلتها.
هذه الهيكلة قادت إلى زيادة مستمرة في ميزانية القوات المسلحة والدعم الحكومي ومقدار التقاعد، وأيضاً تقديم معاش الشهر الثالث عشر لجميع العاملين في القوات المسلحة والمخابرات، وزيادة سنوية في مقادير التقاعد وتقديم مساكن لهم بكلفة رمزية، إضافة إلى المحافظة على المزايا الأخرى مثل الضمان الصحي وتعليم الأبناء في الجامعة مجاناً، وإقامة تعاونيات عسكرية تعرض مواد استهلاكية بأسعار رمزية.
كلفة هذه المزايا التي قدمها النظام للقوات المسلحة والمخابرات كانت كبيرة على الصعيدين المادي والسياسي. الكلفة الأخيرة تنبع من كون أكثر من 80% من سكان الأردن من الفلسطينيين المحرومين من حقوق المواطنة الكاملة ومن وظائف الدولة العليا والتمثيل البرلماني، لكنهم مجبرون على تأدية واجبات التبعية كافة، علماً بأن مصدر الدولة الرئيس حتى مطلع التسعينيات كان تحويلات الفلسطينيين المقيمين في دول الخليج.
دخول القوات المسلحة الأردنية ميدان الاقتصاد هدفه، دوماً وفق الكاتبة، إقامة توازن في مواجهة العاملين آنفي الذكر (هي لا تميز بين قوات البادية المشكلة من عناصر القبائل الأميين، والقوات المسلحة المتشكلة أساساً من فلسطينيين، لكن ليس في مراتب عسكرية عليا، ولا تذكر القوات الخاصة الجديدة التي شكلها عبد الله بن الحسين وتخضع له على نحو مباشر - ز م).
ميزانية القوات المسلحة الأردنية سرية، ولذا فإن دراسة ما منشور من النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة ستساعد في معرفة ما إذا كانت مشروعاتها اقتصادية مربحة أو تتلقى دعماً خفياً.
المعلومات عن النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة والواردة في المراجع المرفقة بالمؤلَّف تبين أنها دخلت في عقود مع ما لا يقل عن 26 شركة أسلحة لإنتاج مواد مثل وجبات غذاء للجنود والبساطير والمسيَّرات الخفيفة (DRONES) والعربات المصفحة ومدفعية، وتقيم علاقات شراكة مع مؤسسات عسكرية في النمسا وأستراليا وبلجيكا وكندا وألمانية وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وروسية والسعودية وكورية الجنوبية وجنوب أفريقية والسويد وسويسرا وتركيا والإمارات المتحدة والولايات المتحدة طبعاً، إضافة إلى علاقات اقتصادية مع شركات ماليزية، عبر شركة أسسها «مليك البلاد» اسمها «مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير» المعروفة باسمها الإنغليزي المختصر «كادبي» .
أعمال شركة «كادبي» تضم خمسة فروع منها تدريع المركبات والمسيرات وزوارق الدوريات وروبوت لكشف المتفجرات وآلات دقيقة، إضافة إلى احتياجات المشاة مثل الدروع والخوذ ومناظير ليلية وكشافات ورادارات. ويضاف إلى ذلك تقديم خدمات للقطاع الخاص مثل توفير حراسات شخصية مدربة لحماية الشخصيات! والمصارف والبنى التحتية الأساس.
نشاط كادبي توسع في عام 1999 بمرسوم ملكي ليغطي الإنتاج الصناعي المعد للتصدير إلى دول جنوب المتوسط وشرقه. فقام أحد فروع كادبي وهو (الأردنية لصناعة الآليات الخفيفة) بتصنيع عربات مصفحة، بالتعاون مع شركة جنكل آمرنغ (jankel armouring)، وصُدّرت إلى 22 دولة. كما تنتج كادبي أدوات خاصة لقوات الحفاظ على الأمن والدعم والمراقبة ومنها مسيرة سكايوُتش المخصصة لمراقبة ضيوف البلاد من الشخصيات، وهي مطلوبة في المنطقة. ومن الآليات المدرعة التي تنتجها عربة ستاليون المزودة برشاش 50 ملم، التي تستخدم للردع الداخلي، وفق دعاية شركة كادبي.
المؤيدون لتأسيس كادبي يقولون إنها مهمة نظراً إلى تزايد أعداد العمال المهرة وكلفة إنتاج ضئيلة وقرب موقعها مع الدول التي تحتاج إلى الأدوات والآليات التي تنتجها. لكن الحقيقة أن دعم شركات الأسلحة الكبرى في العالم لمنتجات كادبي سببه تحفيز دول المنطقة ومنها الأردن لابتياع تجهيزات عسكرية مكلفة، وهو ما يعرف باسم التعويض الدفاعي (defense offset) لتمويل عقود التسليح المكلفة، مقابل استثمار 35% من قيمة العقود في مؤسسات القوات المسلحة الأردنية الاقتصادية.
الكاتبة تشدد على أن العقود مع شركات الأسلحة الأجنبية هدفها كسبهم للتشارك مع كادبي التي تعد زبوناً مفضلاً بسبب تلقيها دعماً من بترودولارات دول الخليج التي تبتاع بعض المنتوجات والمزايا الضريبية والجمركية التي تحظى بها إضافة إلى تقديم الدولة الأردنية أراضي مجانية للشركة.
في عام 2009 ابتاعت القوات المسلحة الأردنية عدداً من طائرات أف 16 المنتهية صلاحيتها من بلجيكا وهولندا، وفي العام نفسه تلقت شركة للتخطيط والتنظيم (خاصة بالجنود) ولديها مكاتب في كل من البلدين آنفي الذكر عقداً من الوكالة الهولندية للتطوير الاقتصادي (dutsch agency for economic development) لدراسة جدوى إقامة مركز لصيانة طائرات إف 16، والذي بنته شركة هولندية هي (daedalus aviation). وفي عام 2003 ابتاعت الأردن من شركة روسية ست مروحيات من طراز (ka-226)، وتبع ذلك توقيع الشركة الروسية (oboronprom) مع كادبي عقداً لتأسيس مركز تسهيلات لصيانة المروحيات وإنتاجها. كما عملت روسية منذ عام 2013 على تأسيس مركز في الأردن لتطوير القاذف المضاد للدروع (rpg-32)، تحت رعاية أحد فروع كادبي وهي شركة (jordan russian electronic systems company)، وشارك في عمليات التصميم شركات روسية منها (kbp instrument design bureau)، والتي تصنِّع مضادات الدروع من طراز كورنت (9m113 kornet-e) التي ابتاعتها الأردن في عام 2008 لتركيبها على عربات همفي الأميركية الصنع.
هذه النشاطات التشاركية مع شركات الأسلحة توضح صحة استنتاج الترابط الوثيق والمسبق بينها وبين العقود اللاحقة، وهي ممكنة في الأردن لأن الأخيرة دوماً ما تبتاع آليات خرجت من الخدمة (decommissioned) والتي تحتاج إلى الصيانة والتحديث على نحو دائم.
كما تشاركت شركات أسلحة خاصة من جنوب أفريقيا هي (paramount group of south africa) مع كادبي في مشاريع عديدة. ومع أن اسم الشركة الجنوب أفريقية لا يرد ضمن قائمة أفضل مئة شركة أسلحة، إلا أنها تمنح كادبي هيبة إضافة إلى التقانة. وستقوم شركة (arabian defence industries) التشاركية مع كادبي باستخدام قطع تصنعها الأخيرة في العربات المصفحة من طراز مبمب (mbombe) التي تنتجها، إضافة إلى صيانة مقاتلات سلاح الجو الأردني من طراز (bea hawk) وميغ 17 وحوامات مي 24 و(european airbus super puma) التي كانت تعرف باسم (Eurocopter AS332 Super Puma).
وفي تقليد للدول الأوربية والولايات المتحدة أقامت المؤسسة العسكرية الأردنية علاقات أكاديمية مع مراكز بحث متخصصة في مجالات البحث والتطوير ومن ذلك «مركز الأمير فيصل لتكنولوجيا المعلومات»، التي تدعمها شركة كادبي. شركة كادبي قامت بتصدير بعض تجهيزاتها العسكرية لدول عديدة ومنها العراق إبان فترة الاحتلال الأميركي تحت «سلطة الائتلاف المؤقتة»، وضمت مئة دبابة محدثة وعدداً غير محدد من المُسيَّرات (DRONES). كما تشاركت كادبي مع شركة (itt industries) الأميركية لصيانة عربات عسكرية خرجت من الخدمة معدة للتصدير إلى الجيش العراقي، وهو مشروع حاولت الشركة الفرنسية (thales) الفوز به. وفي عام 2009 أقامت شركة رِفرهوك (riverhawk) الأميركية تشاركية مع كادبي لبناء زوارق شاطئية وسارع سلاح البحرية العراقي لابتياع زوارق من الطراز نفسه من الشركة الأميركية. وفي عام 2011 وقعت الحكومة الأميركية عقداً مع شركة رفرهوك لابتياع زوارق من الطراز نفسه، نيابة عن البحرية اللبنانية: انظر.
وتقيم شركة كادبي بالتعاون مع (KAFD) و(Applied Scientific Research Fund) مسابقة لمشاريع هندسية ذات تطبيقات عسكرية ضمن الجامعة الألمانية ـ الأردنية، ويمنح المشروع الفائز فرصة العرض في معرض (SOFEX). ولكادبي مشروع مماثل مع جامعة آل البيت الأردنية.
فروع كادبي تبدو مؤهلة تماماً للفوز بعطاءات من حكومات بغداد، ومنها «شركة الأردن لصناعة وتطوير الطائرات/ jordan aerospace industries, JAI» التي تملكها عائلة السامرائي. أما معظم موظفي الشركة فهم من ضباط القوات المسلحة الأردنية المتقاعدين. سلاحا الجو العراقي والأردني ابتاعا طائرات تدريب تنتج بترخيص من شركة كندية. أما مصنعة هذه الطائرات، (Zenair Ltd) فلديها فرع في الولايات المتحدة باسم (Aircraft Manufacturing & Development Company) التي تبيع طائرات (Alarus CH2000) التي تشكل أساس التصميم الذي تنتجه شركات القوات المسلحة الأردنية.
الكاتبة تضيف أن كادبي استفادت من الحصار على العراق فكانت الوسيط بين العراق وشركات عالمية ومنها شركة (international engineering group) ومقرها عمّان ويملكها رجل أعمال عراقي، مع أنها كانت تورطت في فضائح رشى ضمن برنامج «النفط مقابل الغذاء». وقد صرح ناطق باسم شركة السيارات فولفو بأن وكليهم، وهي شركة أردنية اسمها (IEG)، تورطت عام 2002 في الرشى.
وتقيم كادبي علاقات مع شركات في الإمارات ومنها (bin jabr group) و(مجمع الضليل الصناعي العقاري/dulayl industrial park) و(ADVANCED INDUSTRIES OF ARABIA) لتصدير بعض منتجاتها العسكرية ومنها ما ابتاعته لبنان وليبيا في عام 2009.
كما ساهم (مركز التوازن الاقتصادي/ offset program bureau) الإماراتي برعاية رصد مبلغ للخطوط الجوية الأردنية التي يشارك صندوق التقاعد التابع للقوات المسلحة الأردنية في ملكيته. كما بُلِّغ أن دولة الإمارات تكفلت عام 2000 بابتياع 50 عربة مصفحة للقوات المسلحة الأردنية من الشركة الأوكرانية (malyshev).
مدير كادبي، شادي رمزي المجالي، صرح بأن أحد أهداف الشركة تأسيس قطاع خاص، دوماً برسم الكاتبة.
القطاع الخاص من جانبه تشارك مع كادبي، ومنها شركة (jordan radio paging) التي يملكها يزن المفتي ومع شركة (applied defence system) و(bae-finmeccanica consortium). كما تلقى مجدي اليعقوب الذي يملك شركة (orangevill consultants) دعماً من كادبي لبناء تسهيلات صيانة الحوامات الروسية آنفة الذكر. أما شركة (gravity integrated solutions ) التي يملكها زياد اليعقوب فتبيع منتجات شركة كادبي. كما أن أحد المديرين التنفيذيين للشركة آنفة الذكر وهو السيد عارف سماوي عمل لمدة سبع سنوات في شركة كادبي. الكاتبة تصل إلى استنتاج أن إدارة المجمع الصناعي الحربي في الأردني يطابق ما يسري في المجالات الأخرى، حيث يوافر الفلسطينيون، من حملة التبعية الأردنية، رأس المال بالقطع الأجنبي من أجل الاستثمار، بينما يمنع عليهم تولي مناصب عليا في شركاتهم التي يتولاها شرق أردنيون!
هذه ليست عنصرية منا وإنما شرح لعنصرية نظام عمان تجاه الفلسطينيين، وتحريضه المستمر عليهم الذي يتضح من أمور كثيرة. فعلى سبيل المثال يصف موقع عمان نت سهل المجالي بأنه «من أصل شرق أردني»، نافياً عنه بذلك «تهمة» أن يكون أردنياً، أي فلسطينيياً!
المعلومات المتوافرة توضح أيضاً أن الدولة الأردنية تقدم دعماً مباشراً لشركة كادبي وفروعها عبر المعرض العسكري (special operations forces exhibition and conference, sofex ) الذي يقام مرة كل عامين ويركز على منتجات تستعمل في الإغارة وحفظ النظام الداخلي، أي منتجات شركة كادبي، علماً بأن الولايات المتحدة تستأجر قسماً من المعرِض مخصصاً للندوات. كما تعرض شركة كادبي منتجاتها في الخارج ومنها المعرض العسكري البريطاني (defence and security equipment international exhibition) الذي يقام في لندن.
كما أقامت كادبي شراكة استراتيجية مع ناشرين عالميين منهم (ihs global indight) التي تنشر المجلة العسكرية الشهيرة عالمياً (jane)، إضافة إلى شركات تسويق ومنها شركة الماجد الكويتية. وتحرص الحكومة الأردنية على أن يقوم زوار الأردن العسكريين بزيارة مقار الشركة والاطلاع على منتجاتها.
شركة كادبي تتمتع أيضاً بامتياز (منطقة كادبي الصناعية ) وهي المنطقة الحرة الأولى في المنطقة المتخصصة بالإنتاج العسكري.
شركة «josecure» وهي إحدى فروع شركة كادبي، تفوز دوماً بعقود لضمان الأمن لكل من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والجمارك الأردنية، والأمن العام، والمخابرات، وبلدية عمان الكبرى، وشركة مصفاة البترول الأردنية المساهمة المحدودة. الشركة نفسها وقعت عقداً مع شركة «securitas» السويسرية لتأجير سيارات مدرعة للشركات الخاصة وتقديم دعم أمني مسلح للشركات التي تنقل الأموال.
الكاتبة تضيف القول إن «مركز الملك عبد الله الثاني لتدريب العمليات الخاصة » المقام على أرض مساحة 1235 هكتاراً هدفه الربح، علماً بأنه صمم على طراز مجمع منظمة بلاكووتر في كارولاينا الشمالية، وهو مُلك «مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير»، لكن الحكومة الأميركية هي من دفع كلفة إعداده البالغة 99 مليون دولار وصممته شركة جنرال داينامك وفيلق المهندسين في القوات المسلحة الأميركية. وبإلقاء نظرة على نشاطات المركز العتيد كما ترد في الإنترنت، يتبين مدى تعاونه مع وزارة الحرب الأميركية.
الحكومات الأجنبية الزبونة، التي لا تكتفي بالسكوت عن هذا الفساد المستشري في شرايين نظام عمان وحتى في نخاع عظمه، بل تموله أيضاً، تدفع مبلغ ربع مليون دولار لاستخدام «المركز» لفترة أسبوع لتدريب مجموعات صغيرة من قواتها الخاصة. أما قيادة القوات المتعددة الجنسيات في العراق فأرسلت من 20 إلى 30 عنصراً من قوات مكافحة الإرهاب العراقية للتدريب هناك، علماً بأن تصاميم محددة في المجمع هي من تصميم الشركة الأميركية (ScentAir of Charlotte).
ويقدر مقدار أرباح «المركز» بنحو 400 مليون دولار سنوياً معفية من الضرائب كافة. كما تقدم شركات مملوكة للدولة خدمات لكادبي، ومنها شركة (orange jordan)، وبأسعار مخفضة بكل تأكيد.
الحكومة الأردنية حريصة على تقديم مزايا الصناعة التابعة للقوات المسلحة وهو ما يمكن رؤيته في موقع الإنترنت، والذي يبدو كأنه موقع إخباري إذ تتصدره دعاية لكل من «نيويورك تايمز» «ويورونيوز»، لكنه في الواقع تابع لشركة علاقات عامة فرنسية متخصصة في الدعاية لحكومات عربية.
كما تقوم القوات المسلحة بتأمين مصدر ربح لا عسكري ومن ذلك النشاط في قطاع العقارات عبر «موارد» و«development & investment projects fund, dip fund» اللتين رُبطتا بمجموعة من فضائح الفساد وتم سجن اثنين من مدرائها هما أكرم أبو حمدان وزياد أقباني اللذان ورد اسماهما، وفق موقع «وكيليكس»، بالعلاقة مع الشركات المسجلة في بنما، بينما تشدد الكاتبة على ذكر الإشاعة القائلة إنهما كانا كبشي فداء لوزير الأشغال العامة والإسكان سهل المجالي الذي أشرف على العطاءات ومنحِها. وما يؤكد التلاعب بالقضاء والقضية أن «لجنة حماية الصحفيين» تلقت عبر لجنة برلمانية أمراً من البلاط بعدم الإشارة إلى محاكمة قضية سهل المجالي.
من جانب آخر، وجهت تهمة إهانة الدولة للصحافي الفلسطيني جمال المحتسب بعد نشره مقالاً عن ذلك الفساد؛ انظر.
والد سهل، عبد الهادي المجالي كان رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأردنية، ومؤسس أول شركة أمنية في المنطقة هي «وكالة الشرق الأوسط للدفاع والحماية - MEDSA» وملحقاً عسكرياً بالسفارة الأردنية في واشنطن، إضافة إلى مناصب عديدة أخرى يمكن الاطلاع عليها في الانترنت. هذه الشركة ادعت أنها تأسست استجابة لطلب المصارف المتزايدة لتأمين حراسة مسلحة، لكن الحقيقة هي أن الأمن العام الأردني هو من ضغط على المصارف لوضع تجهيزات أمنية معقدة وبرامج تحتاج إلى حراسات مسلحة؛ انظر.
سهل المجالي نفسه مدير عام شركة (MED Contracting) المستفيدة على نحو كبير من إعادة إعمار العراق وابن عمه (!) وهو رئيس شركة (KADDB investment Geroupt-KIG) وعضو سابق في مجلس إدارة شركة كادبي.
القضية تم السكوت عنها، وتبادل سهل المجالي وظيفته بكل صمت مع وزير المواصلات علاء البطاينة، لكنه عاد إلى منصبه الأسبق وزيراً للأشغال العامة بعدما خبت الأصوات الناقدة، علماً بأن وزارة الخارجية الأميركية تقدر بأن المذكور حصل على أكثر من مليون ونصف مليون دولار نصباً واحتيالاً عندما تولى منصب مدير برنامج الإسكان، ودوماً وفق الوثائق الأميركية.
الكاتبة تذكر مجموعة أخرى من أسماء الأفراد والشركات ذات العلاقة المتورطين أيضاً في قضايا فساد، لكنها تؤكد أن متاهة الفساد والإفساد عبر مختلف الشركات تتطلب انتباهاً خاصاً، ولا تذكر سوى بعضها. فعلى سبيل المثال، ربط اسم شركة موارد بشركة «شركة العبدلي للاستثمار والتطوير»، حيث تملك حصة مقدارها 44% من أسهمها.
أما محافظ عمان الكبرى السابق، عمر المعاني، فقد وجهت له تهمة الفساد بالعلاقة مع القضية آنفة الذكر، وهو متزوج من ميساء البطاينة، قريبة وزير المواصلات علاء البطاينة وشقيقه محمد البطاينة مدير قسم الاستثمار في شركة موارد. السيدة ميساء تدير شركة هندسة معمارية ضخمة فازت بعد تصميم صالة جديدة في مطار الملكة علياء مقدار كلفته 675 مليون دولار، بمساهمة كل من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا واليابان والكويت وهولندا، إضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية و(USAID).
محمد البطاينة من جانبه شريك في «badr investment»، وهي شركة استثمار في بوتيك التي يديرها بالتشارك مع أمين بدر الدين، الذي قام بتصميم برنامج «defence offset» للإمارات العربية، وخدم سنوات عديدة مديراً لإحدى شركاتها الحكومية مع أنه من التبعية الأردنية!
أما شركتا «badr investment» و«Maisam Arcitecture»، التي أسستهما ميساء البطاينة آنفة الذكر، فقد كانتا المتعاقدتين الرئيستين مع برنامج أميركي لتوليد الطاقة الشمسية بلغ مقدار كلفته 425 مليون دولار، والذي أوقف العمل به في عام 2011 فور بدء التحقيق في قضايا فساد مرتبطة بعمر المعاني و«شركة العبدلي للاستثمار والتطوير abdali investment & development company».
وعندما وقع الأردن اتفاقية مونتريال الخاصة بالمناخ «Montreal Protocol»، منحت وكالات تابعة للقوات المسلحة اعتمادات للتخلص من الكيماويات التي تؤثر في أوزون الكرة الأرضية. بل إن شركة كادبي أسست شركة فرعية هي (National Halons Company Ltd) لجمع غاز (CFC) غير المرغوب فيه ونقله وتخزينه، نيابة عن الحكومة الأردنية. البنك الدولي منح شركة كادبي الأجهزة والخزانات الضرورية، التي أضحت بدورها شريكة في تطبيق برنامج استبدال أجهزة التبريد التي تستعملها كبرى شركات الأردن إضافة إلى الفنادق والمكاتب الحكومية.
كما تعاقدت شركة كادبي مع الحكومة الأردنية لإعادة بناء عربات المقطورات الحديدية لصالح «مؤسسة سكك حديد العقبة» وهو ما يشابه ما حدث في مصر حيث قامت شركة القوات المسلحة المصرية ببناء عربات مترو القاهرة، وأرسلت المجندين لإدارة الشبكة مجاناً عندما أضرب عمالها.
وقامت شركة كادبي بابتياع شركات حكومية على وشك الإفلاس «Arab Industrial Engineering Company» وأنجزت صفقات مع Black» Pearl Capital» وبدأت بإنتاج آليات خاصة غير عسكرية مثل عربات جرف الثلوج.
مع أن القوات المسلحة الأردنية لا تنشر أي أرقام عن نشاط مؤسساتها الاقتصادية، التي قد تؤكد ربحها أو تنفي خسارتها، فإنها تتمتع على أي حال بمزايا وأفضلية على الشركات الخاصة ما يسلبها أي حق بالادعاء بأنها ناجحة ومفيدة للاقتصاد الوطني والمواطنين.
الاستنتاج الذي تصل إليه الكاتبة هو أن القوات المسلحة تتحكم بممتلكات مادية هائلة مع فروع اقتصادية مختلفة وعادة ما تستخدم لإدارة دفة العقود لأعضاء العائلة أو لشركاء في المشاريع. وهذا تماماً ما يشرح أهمية نشاطات القوات المسلحة الأردنية للنظام الاقتصادية، ذلك أنه يمثل أيضاً فوائد وامتيازات لشبكة واسعة من النخب المدنية.
ومع أن الدولة الأردنية تروج لادعاء أن النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة يدعم خزينة الدولة، إلا أن خبراء الاقتصاد يرون أن الدعم يجب أن يقدم للقطاع المدني الذي بمقدوره دعم الاقتصاد على نحو أفضل. فالنشاط الاقتصادي للقوات المسلحة يجذب الخبرات والمهارات من سوق العمل ويؤدي إلى الإضرار بالقطاعات الإنتاجية المدنية حيث يتم تخفيض النفقات على البناء التحتي اللازم في البلاد والضمان الاجتماعي.
زياد منى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد