حول تحركات اللوبي الإسرائيلي الأخيرة لإلغاء القرار الدولي 242
الجمل: بقدوم يوم 22 تشرين الثاني الذي تبقى له بضعة أيام يكون قد مر 40 عاماً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 (1967م)، الذي طالب، من جملة أشياء، إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967م، وحتى الآن برغم مرور أربعة حقب كاملة لم تنسحب إسرائيل ولم تبد أي رغبة بذلك.
* اللوبي الإسرائيلي والقرار الدولي 242:
ظلت منظمات اللوبي الإسرائيلي في حالة انتقاد دائم للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بسبب القرارين الدوليين الذين كانا –بحسب الإدراك الإسرائيلي- يشكلان خطراً على وجود ومستقبل إسرائيل وهما:
• القرار الدولي الذي وصف إسرائيل بالدولة العنصرية.
• القرار الذي طالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
وقد استطاعت منظمات اللوبي الإسرائيلي، والإدارة الأمريكية، تنظيم حملة دولية أسفرت عن دفع مجلس الأمن الدولي إلى إلغاء قراره الذي وصف إسرائيل بالدولة العنصرية. وحالياً تحاول منظمات اللوبي الإسرائيلي بالتعاون مع الإدارة الأمريكية والحكومة الفرنسية والبريطانية، دفع مجلس الأمن الدولي إلى إلغاء قراره الدولي رقم 242.
وتقول المعلومات بأن الخارجية الأمريكية تقوم بالتنسيق مع الخارجية البريطانية الفرنسية، ووضع الترتيبات اللازمة من أجل التحرك لكسب تأييد روسيا والصين أولاً، أو على الأقل تحييدهما، ثم كسب أصوات بعض الدول الأخرى غير دائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل توفير الأغلبية التصويتية اللازمة لإلغاء القرار الدولي 242 (1967م).
* منظور اللوبي الإسرائيلي والقرار الدولي 242:
يرى بعض الخبراء بأن القرار قد قدم الإطار السياسي لإرساء السلام في الشرق الأوسط، وذلك عن طريق ثلاثة أشياء أساسية، برغم وضوحها، ظل الإسرائيليون يقدمون لها تفاسير مختلفة وهي:
• السلام: ويفهمه الإسرائيليون بمعنى "التطبيع".
• الأمن: ويفهمه الإسرائيليون بمعنى "حق إسرائيل في الوجود".
• الأرض: ويفهمه الإسرائيليون بمعنى "أرض الميعاد".
بسبب هذا الفهم وتناقضاته الواضحة مع خصوصية الواقع والحقوق العربية المشروعة والعادلة، فقد ظل الإسرائيليون في حالة تصعيد دائم للسقف المتشدد إزاء إدراك أبعاد وجوهر القرار..
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي، وانهيار نظام القطبية الثنائية، بدأ خبراء اللوبي الإسرائيلي بعملية الدفع باتجاه:
• أن تمضي إسرائيل قدماً في اتجاه الاستفادة لأقصى حد ممكن من مزايا فرصة سيطرة أمريكا منفردة على النظام الدولي.
• بناء "نموذج جديد" للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي.
• التخلص والتحرر الكامل من كل الاتفاقات والمعاهدات التي سبق أن وقعتها إسرائيل.
• تمهيد المسرح الإقليمي والدولي بما يتيح لإسرائيل حرية الحركة والمناورة.
* لماذا يستهدف اللوبي الإسرائيلي القرار الدولي 242 ؟
عندما صدر القرار 242 عام 1967م تنفس الأمريكيون والإسرائيليون الصعداء، وذك لأنهم كانوا قد ركزوا آنذاك على التلاعب بالمفردات والعبارات التي استخدمت في صياغة القرار، وتقول المعلومات بأن بعض هذه العبارات كانت تحمل أكثر من تفسير ومنها عبارة ".... انسحاب القوات الإسرائيلية المسلحة من أراضٍ احتلتها في الصراع الأخير.."، بكلمات أخرى، فإن إسرائيل يمكن أن تنسحب من أراضٍ احتلتها.. أي بعض الأراضي وليس كلها، كذلك أشار القرار إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية"، وليس إلى "انسحاب إسرائيل" الذي يشير إلى انسحاب السيادة الإسرائيلية، وبكلمات أخرى، فإن إسرائيل يمكن أن تسحب قواتها العسكرية المسلحة وتستبقي على وجودها السياسي والإداري والقانوني..
العبارات المتناقضة والمتعاكسة التي تمت صياغة القرار بها، عكست بشكل كبير مدى دور مجلس الأمن الدولي المتواطئ مع الأمريكيين والإسرائيليين آنذاك..
برغم ذلك، فإن القرار بشكله المشوه هذا، ما يزال يفرض على إسرائيل ضرورة سحب قواتها المسلحة، وهو الأمر الذي يحاول الإسرائيليون بكافة الوسائل عدم تنفيذه..
لعب مضمون وجوهر القرار الدولي 242 (1967م) دوراً كبيراً في تشكيل وبلورة الوعي الدولي المناهض للتوسع والاحتلال الإسرائيلي لأراضي الغير.. وأصبح الإسرائيليون عاجزين تماماً عن إقناع العالم بموقفهم الممانع من تنفيذ القرار الدولي 242.
* الجوانب غير المعلنة في استهداف القرار الدولي 242 (1967م):
يعتقد خبراء اللوبي الإسرائيلي بأن إلغاء القرار الدولي 242 سوف يترتب عليها تحقيق إسرائيل للمزايا التالية:
• سقوط الالتزامات الدولية المترتبة على إسرائيل.
• عدم وجود أي سند قانوني دولي لانتقاد إسرائيل بأنها لا تحترم القرارات الدولية.
• إتاحة الفرصة لإسرائيل من أجل التحرك بحرية في المنطقة باتجاه اتهام الأطراف الأخرى وعلى وجه الخصوص سوريا والفلسطينيين والمقاومة الوطنية اللبنانية وحزب الله بعدم احترام تنفيذ القرارات الدولية 1559 و1701 وغيرهما..
• إعطاء إسرائيل القدرة على المبادرة، والقيام بما تراه مناسباً من أجل استغلال الفرصة للاستفادة من المزايا التي أتاحتها لإسرائيل قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة المتعلقة بالأزمة اللبنانية.
• قطع الطريق على الأطراف الأوروبية التي ظلت تنتقد إسرائيل بسبب عدم تنفيذها للقرار الدولي 242 وذلك على النحو الذي يمهد لإسرائيل الدخول في تحالفات وروابط أوسع مع الاتحاد الأوروبي.
• قطع الطريق على منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية الأخرى التي ظلت تنتقد إسرائيل بسبب عدم تنفيذها للقرار الدولي.
• إسقاط الأساس القانوني الدولي للمطالب العربية المقدمة إلى مجلس الأمن، والتي سوف تقدم مستقبلاً، وذلك على أساس أن إلغاء القرار الدولي 242 سوف يفقد هذه المطالبات أرضيتها القانونية الصلبة.
عموماً، إن تحركات اللوبي الإسرائيلي تستند إلى الكثير من الأبعاد الخفية، والتي برغم تعددها فإن الهدف النهائي لها، هو تحرير إسرائيل من كافة الالتزامات السابقة، وإطلاق يدها للتصرف بحرية في المنطقة، وبرغم أن إلغاء القرار الدولي 242 تتطلب معركة دبلوماسية سوف لن تكون سهلة أمام الإسرائيليين، إلا أن بعض الأطراف العربية قد يلعب دوراً كبيراً في تذليل الكثير من المصاعب التي تقف في وجه إسرائيل.. ومن أبرز هذه الأطراف:
• السلطة الفلسطينية، التي ما تزال في حالة تراجع وتدهور في مواقفها إزاء الحقوق الفلسطينية.
• النظام المصري: أصبح مرتبطاً بالمعونات الأمريكية.
• النظام الأردني: أصبح مرتبطاً بالمعونات الأمريكية.
• الدول الخليجية: أصبحت تحت الاحتلال العسكري الأمريكي غير المعلن.
وإزاء الموقف والأوضاع المسيطرة على هذه الأطراف العربية، فإنه من الممكن بسهولة للإسرائيليين والأمريكيين الضغط على هذه الأطراف باتجاه تبني مفهوم "السلام الجديد" الذي يدعو له الإسرائيليون والأمريكيون على النحو الذي قد يؤثر بدوره على مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي ويدفعهم إلى تأييد عملية إبطال القرار الدولي 242 (1967م).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد