دراسة حديثة: 87.4% من سكان سورية تحت خط الفقر والأسرة تحتاج 6 أضعاف دخلها الحالي
اقترحت دراسة حديثة عن الوضع الاقتصادي في سورية ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية الدولية عن سورية، بما يسهم في تحسين حالة الاقتصاد السوري وعودة المهجرين السوريين إلى وطنهم ولاسيما أن أعداداً كبيرة منهم هاجرت إلى الخارج بسبب انخفاض مستوى المعيشة ولم تهاجر لأسباب أمنية.
وبينّت الدراسة التي قام بها مشروع جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية (TUFS) للاستقصاء الوطني للشرق الأوسط (سورية 2016)، أن الحرب دمرت أكثر من 60% من البنية التحتية، ووصلت نسبة المواطنين تحت خط الفقر الأدنى إلى 87.4% وفقاً لمعيار البنك الدولي، كما انخفضت نسبة العاملين في قطاعي الصناعة والزراعة (الاقتصاد الحقيقي) إلى 17% بينما نسبة العاملين في القطاعات الخدمية 83%.
وذكرت الدراسة التي نفذها مركز الرأي السوري للاستطلاع والدراسات لمصلحة مشروع جامعة طوكيو، بأن الإرهاب والأزمة استنزفا معظم الموارد الاقتصادية في البلاد ومصادر الثروة من آبار النفط والغاز والإنتاج الصناعي والزراعي، كما تركت هذه الحرب تأثيرات كبيرة ضارة على سورية كدولة وشعب قدرت خسائرها بأكثر من 200 مليار دولار بعد مضي 5 سنوات من الأزمة.
وانخفضت القوة الشرائية لليرة السورية بشكل كبير عما كانت عليه في العام 2010، وإن ما تحتاجه الأسرة السورية الآن يعادل ستة أضعاف متوسط الأجر الحالي.
كما عانى القطاع الصناعي خلال الحرب من مصاعب كبيرة ناجمة عن تدمير معظم المصانع بفعل الأعمال الإرهابية ولجوء الإرهابيين إلى تفكيك عدد كبير من هذه المصانع وتهريبها إلى خارج سورية وبصورة خاصة إلى تركيا، ولاسيما من مدينة حلب، المدينة الصناعية الأولى في سورية.
وحسب الدراسة فإن الحصار الاقتصادي الدولي الذي فرض على سورية أدى لجعل العامل الاقتصادي يلعب دوراً مؤثراً في هجرة المواطنين السورين إلى جانب العامل الأمني، حيث أدى انخفاض مستوى المعيشة لهجرة السكان وخاصة بنسبة كبيرة من المناطق التي صنفت بأنها مناطق آمنة.
مدن كاملة في البادية
ولحظت الدراسة إلى أن مشروع إعادة إعمار المدن والقرى المهدمة وإعادة السكان المهجرين إليها مشروع يفوق طاقة الحكومة السورية لعشرات السنين لأنه يتعلق بعدة ملايين من الناس، في الوقت الذي لا يمكن معه غض النظر عن هذا المشروع نظراً لتأثيره السياسي والديمغرافي السلبي ليس على سورية فقط، وإنما على الدول التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، ولذلك خلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات منها إمكانية تبني مشروع دولي لإقامة مدن كاملة في البادية السورية وفي المنطقة الشرقية من سورية، حيث إن مساحة هذه المنطقة الصالحة للزراعة والخالية من السكان تصل إلى نحو 60% من مساحة سورية.
وبينت التوصيات أن ضحايا الحرب الذين تفوق أعدادهم 250 ألف شهيد ومفقود، وعدد أفراد عائلاتهم الذين يحتاجون للرعاية لعشر سنوات على الأقل في حدود مليون نسمة هم بحاجة إلى مؤسسة رعاية وتأهيل خاصة مرتبطة بالدولة وتتلقى الدعم من مؤسسات الدعم الإنساني التابعة للأمم المتحدة والدول الرائدة بهذا العمل وفي المقدمة منها دولة اليابان.
حول الدراسة
يشار إلى أن عيّنة البحث تتكون من 1500 مفردة على مستوى سورية، موزعة بالتساوي على خمس محافظات. بواقع 300 مفردة لكل محافظة، وهي عينة طبقية عنقودية عشوائية منتظمة، وأُخذ فيها التقسيم الطبقي على مرحلتين: المرحلة الأولى التقسيم إلى خمس مناطق جغرافية، وهذه المناطق متواصلة ومتسقة ومتكاملة جغرافياً واقتصادياً وتنموياً وهي: المنطقة الشرقية والجزيرة وتضم محافظات دير الزور والحسكة والرقة، المنطقة الشمالية وتضم محافظتي حلب وإدلب، المنطقة الساحلية وتضم محافظتي اللاذقية وطرطوس، المنطقة الوسطى وتضم محافظتي حمص وحماه، أما المنطقة الجنوبية فتضم محافظات دمشق وريفها والقنيطرة ودرعا والسويداء، وقد تم اختيار محافظة من كل منطقة، وضمن كل محافظة تم اختيار 30 عنقوداً يتراوح حجم كل عنقود من 100-200 أسرة تمثل التنوع الديموغرافي من النواحي الإثنية، والاجتماعية والاقتصادية وذلك من خلال معطيات متوافرة من مصادر عدة منها بيانات المكتب المركزي للإحصاء وبيانات الأحوال المدنية، حيث تم اختيار 10 أسر من كل عنقود بطريقة عشوائية منتظمة. وكان العامل الرئيسي وراء التوزيع المتساوي للعينة الحراك السكاني الكبير بين المدن والأرياف الذي سببته الأزمة السورية، ووفقاً لهذا الحجم من العينة على مستوى المحافظات نضمن الوصول إلى كل الشرائح المستهدفة بما يمثل بنية المجتمع السوري بشكل سليم.
علي محمود سليمان – محمد راكان مصطفى
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد