دمشق لن تبيع لبنان للأمريكيين مقابل نجاح انعقاد القمة

تراجع سؤال التسوية اللبنانية الصعبة وحل محلّه سؤال التسويات أو المواجهات العربية العربية، خاصة مع بدء العد العكسي لموعد انعقاد القمة العربية في العاصمة السورية يومي 29 و30 آذار المقبل.
وفيما لم تستبعد مصادر دبلوماسية غربية في بيروت حدوث ما أسمته «مفاجآت إيجابية» على صعيد الوضع اللبناني في النصف الأول من الشهر المقبل، بما يؤدي الى تثبيت موعد القمة العربية في زمانها ومكانها وجدول أعمالها، نقل زوار دمشق عن مسؤول سوري رفيع المستوى قوله ان القيادة السورية تدرك أن خسارة القمة النموذجية أسهل من خسارة الملف اللبناني أو غيره من الملفات العالقة في المنطقة، ولذلك فإن دمشق لن تبيع لبنان للأميركيين وحلفائهم من أجل القمة، بل ستقف مع حلفائها في لبنان وستصر على موعد القمة وأن تنعقد في دمشق بمن حضر وأن لا يتم ربطها بأي موضوع ، سواء لبنان أو غيره من المشاكل العربية أو الثنائية.
وأكدت دمشق، أمس، أنّها مستمرة في التحضير «الجيد» للقمة العربية، فيما واصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم تسليم الدعوات إلى قادة الدول العربية حيث سلم قادة البحرين والإمارات وسلطنة عمان رسائل في هذا الخصوص من الرئيس بشار الأسد.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت إن مسار القمة سيتقرر في ضوء الاجتماعات العربية ولا سيما اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية الأسبوع الحالي، ومن ثم الاجتماع الوزاري العربي في الخامس والسادس من آذار في القاهرة.
وقللت المصادر من احتمال إقدام أي دولة عربية على طلب تأجيل القمة لأن اقتراحا كهذا يحتاج الى إجماع عربي مثله مثل أي اقتراح آخر، وما دام الإجماع متعذرا، فإن ما يجري حاليا هو البحث عن تسوية كبرى تنقذ القمة أو تكون مناسبة لإحداث المزيد من الاصطفافات والانشقاقات والفرز في القمة العربية.
وأشارت المصادر الى أن احتمال نقل القمة من دمشق الى شرم الشيخ ممكن لكن شرط أن تتقدم سوريا باقتراح كهذا وهو الأمر الذي ليس واردا في قاموس الدبلوماسية السورية حتى الآن.
وألمحت المصادر الى وجوب ترقب نتائج جولة وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس في الشرق الأوسط في الأسبوع المقبل، خاصة في ظل إشارات واضحة عبّر عنها مساعدها ديفيد ولش عندما شكك علنا بجدوى عقد القمة العربية في دمشق اذا لم يشارك فيها رئيس جمهورية لبنان!
وقالت المصادر نفسها إن الولايات المتحدة تفضل تفشيل القمة العربية وأن يقاطعها معظم القادة العرب، الا اذا نجحت بعض محاولات الضغط من أجل فرض تنازلات سورية في الملف اللبناني، وهو الأمر الذي رفضته القيادة السورية وخاصة عندما زارها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل غداة الاجتماع الوزاري العربي الأخير في القاهرة.
وتحدثت المصادر عن أن معظم العواصم العربية لم تحسم أمرها في موضوع حضور القمة أو عدمه، ودعت الى انتظار نتائج المهمة المصرية، وأشارت الى أن القيادة القطرية تحاول القيام بمسعى على خط الرياض ـ دمشق ـ طهران، بالتنسيق مع الأميركيين وربما تظهر النتائج في الأيام القليلة المقبلة.
في دمشق، أعربت مديرة الإعلام في وزارة الخارجية السورية بشرى كنفاني عن أملها في أن تكون قمة دمشق إيجابية على صعيد التضامن والعمل العربي المشترك، مشيرة إلى أنّ سوريا «مستمرة في التحضير الجيد للقمة في دمشق».
وقالت كنفاني ان «القمة ستعقد في موعدها»، مؤكدة حرص بلادها الدائم والمستمر على معالجة كافة المشاكل العربية في إطار التعاون والتضامن العربي. وأضافت أن «القمم العربية تعقد عادة لإيجاد الحلول للمشاكل القائمة داخل اجتماعات القمم، وليس لحل المشاكل خارج إطار القمم العربية».
وشددت كنفاني على أنه «لا يجوز الربط بين المشاكل الثنائية (في إشارة إلى العلاقة بين سوريا من جهة ومصر والسعودية من جهة أخرى) لأن ذلك يزيد في التصدع والانشقاق في العمل العربي المشترك».
إلى ذلك، تلقى سلطان عمان قابوس بن سعيد دعوة من الأسد لحضور القمة تسلمها عنه ممثله أسعد بن طارق خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وذكرت «وكالة الأنباء العمانية» أنه تم خلال المقابلة «استعراض العلاقات الأخوية الطيبة والتعاون المشترك القائم بين البلدين الشقيقين».
ومن مسقط، انتقل المعلم إلى المنامة حيث سلم الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة رسالة مماثلة من الأسد. وذكرت «وكالة أنباء البحرين» (بنا) أن الملك حمد «عبر عن شكره للرئيس الأسد على هذه الدعوة» مؤكدا «حرص البحرين على إنجاح القمة ودعم كل الجهود التي تخدم مصلحة الأمة العربية والتوصل إلى قرارات تسهم في تعزيز وحدة الموقف العربي وتفعيل العمل العربي المشترك.
وتوجه المعلم مساء أمس إلى الإمارات حيث نقل رسالة من الأسد إلى رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وذكرت وكالة أنباء الإمارات «وام» أن ذلك جاء خلال استقبال نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للوزير المعلم.
الجدير ذكره، أن يوم غد الجمعة هو موعد المهلة الأخيرة لتسليم الدعوات السورية الى القمة، وفي حال لم يحدد موعد للوزير المعلم لتسليم الدعوة الى القيادة السعودية، فإن دمشق تتجه الى تسليم الدعوة قبل منتصف ليل الجمعة السبت الى مندوب المملكة في الجامعة العربية وكذلك الأمر بالنسبة الى لبنان.
في الرياض، بحث الملكان السعودي عبد الله والأردني عبد الله الثاني، أمس، «أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، والجهود العربية لتحقيق الوفاق، والإسهام في حل هذه الأزمة». ودعوَا «اللبنانيين إلى العمل من أجل صون وحدتهم، والتوصل إلى توافق وطني يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكدين دعمهما في هذا الإطار للمبادرة العربية، كونها تشكل إطارا مناسبا للخروج من المأزق السياسي في لبنان».
وذكر مصدر اردني رسمي ان القمة الأردنية السعودية تناولت «تهيئة الاجواء أمام القمة العربية» وقال المصدر لـ«فرانس برس» ان «وجهات نظر العاهلين الاردني والسعودي كانت متطابقة بشأن القضايا التي بحثت خلال المحادثات التي استغرقت نحو ساعتين وخصوصا ضرورة العمل على تهيئة الاجواء امام القمة العربية القادمة في دمشق». وتابع انهما شددا «على اهمية اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيس توافقي وإنجاح خطة الجامعة العربية لحل الازمة اللبنانية».
وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، في مقابلة مع صحيفة «الجمهورية» المصرية تنـشر اليوم، إن التشاور المصري السعودي والاتصال المصري السوري مستمران لإنجاح القمة العربية، وأضاف «إننا نريدها قمة تحقق للعرب قدرا من المصداقية وللشعوب العربية تقدما».
وأشار أبو الغيط إلى أهمية إنهاء الأزمة اللبنانية طبقا للمبادرة العربية. ولفت الانتباه إلى أن هناك قوى سياسية تسعى للاستفادة من الملف اللبناني لتحقيق أهدافها، مضيفا «أننا لا نستجيب للضغوط، بل إن المصلحة المصرية هي التي تحكم قراراتنا أولا وأخيرا».

المصدر: السفير