رسائل الكيان الاسرائيلي من عدوان ’التيفور’
يبدو أن العدو الإسرائيلي مصرّ على تنفيذ مسلسل اعتداءاته على مواقع عسكرية سورية، رغم خطورة العمل بشكل عام على احتمالات الحرب الواسعة، ورغم أن هذه الاعتداءات أصبحت عقيمة لناحية الجدوى العسكرية، حيث أنها لا تحقق أهدافها لناحية ايقاع اصابات أو تدمير القدرات العسكرية في المواقع المستهدفة من جهة، وتفشل من جهة ثانية في ايقاف أو عرقلة إدخال وتخزين ونقل وتوزيع هذه القدرات الى الداخل السوري أو الى خارجه كلبنان مثلا كما يدّعي دائما.
من هنا جاء الاعتداء الأخير ليل أمس على مطار التيفور شرق حمص، والذي تم إفشاله ومواجهته بفعالية من قبل وسائط الدفاع الجوي السوري، تماماً كما اصبحنا نشهد مؤخراً في كافة الاعتداءآت المماثلة، ومع فعالية لافتة بالامس، تمثّلت بالاستهداف الناجح لاغلب الصواريخ المعتدية، إضافة لاصابة مؤكدة لإحدى القاذفات المعتدية.
وحيث أن مطار التيفور هو قاعدة عسكرية سورية، مع تسليم وإدعاء اميركي واسرائيلي بأنه نقطة ارتكاز قوية للقدرات الايرانية المتطورة، وخاصة للصواريخ الباليستية وللطائرات بدون طيار، فما هي الرسائل التي أراد العدو ايصالها من استهدافه بالامس؟
هناك رسالة للاميركيين بان الكيان الاسرائيلي ملتزمة في سياسة واستراتيجية الضغط على ايران، في كل مكان، وعلى كافة الاصعدة الاقتصادية والديبلوماسية والعسكرية، إضافة الى أنها رسالة تطمين للاميركيين بانه جاهز للتعويض عن غيابهم المرتقب عن الساحة السورية عسكرياً.
لا شك ايضا أن هناك رسالة ملغومة وخبيثة للدولة السورية، مفادها ان الوجود الايراني هو المستهدف فقط، وليس قواعد سورية جوية اخرى، من تلك الناشطة في الحرب على الارهاب وهي كثيرة. وكأن الكيان الاسرائيلي يريد أن يزرع اسفينا في العلاقة بين الدولتين السورية والايرانية، بشكل يواكب الضغط الدولي والاقليمي الواسع على طهران.
أراد العدو القول لايران ايضا، انه لم ولن يستسلم أمام مناورتها المتواصلة والتي لم توقفها الأخيرة برغم الضغوط الهائلة، والقاضية بدعم الجيش العربي السوري بمواجهة العدوان الدولي والاسرائيلي الواسع عليه، وايضا جاء العدوان كرسالة لايران في مواجهة موقفها الثابت والمتواصل حول إلتزامها بدعم وتمكين حزب الله من المحافظة على قدراته في الردع وفي فرض توازن الرعب بمواجهة العدو.
سعى العدو ايضا الى ايصال رسالة لروسيا انه مُصّر ولن يتراجع عن طلبه الدائم بمنع ايران من تثبيت نفوذها في دول المواجهة معه، و خاصة دول المواجهة الحقيقية والوحيدة (سوريا ولبنان وفصائل المقاومة الفلسطينية: حماس والجهاد وغيرها)، وايضا ايصال رسالة لروسيا، بان مناورتها باستهداف مواقع سورية مشكوك بكونها نقاط استقبال وتخزين ونقل اسلحة ايرانية، هي مستقلة عن أي حوار أو تواصل مع الروس حول الجنوب السوري، أو حول ما يتم الحديث عنه عن تسهيلها أو عدم عرقلتها لسيطرة الجيش العربي السوري على حدوده الجنوبية، برعاية وضمانة روسية.
رسائل لجميع الاطراف المذكورة اعلاه وخاصة للدولة السورية، بأن الانسحاب الاميركي المرتقب لن يخفف من الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا بل بالعكس، ستزيد من وتيرة هذه الاعتداءات لتخفيف وإعاقة التمدد الشرعي السوري شرقاً قدر الامكان، ولمحاولة عرقلته باية طريقة ممكنة، ومنها إشغال الوحدات السورية وحلفائها بالتصدي الدائم للاعتداءآت العدوة.
رسائل لحزب الله باأن المعركة معه لم ولن تنتهي، طالما أنه يتمتع بهذه القدرات العسكرية المؤثرة في مواجهتها، في لبنان أو في سوريا، خاصة وأن الحرب على سوريا وإشتراك حزب الله فيها بفعالية كانت لافتة وصادمة للجميع، ما مكّن عناصر وكوادر الحزب من امتلاك قدرات وخبرات، سوف تُصرف بامتياز في أية مواجهة معها.
هذا لناحية الرسائل العدوة من استهداف مطار التيفور بالامس، ولكن ستبقى الرسالة الثابتة، لمحور المقاومة بالكامل بمواجهة هذا الاعتداء و بمواجهة جميع الاعتداءآت المماثلة أو الأكثر عنفا، أن الصراع مع العدو سيبقى مفتوحا طالما هو يعتدي على الحقوق والمقدسات، وان المعركة ضده لن تنتهي عبر ضغط عسكري أو ديبلوماسي على موقع أو أكثر، أو في ملف معين أو اكثر، أو عبر صفقة قرن أو صفقة عصر، أولاً لأن من يضمن له هذه الصفقة ومن يروجها هو عاجز وغير صالح عن تلك الضمانة لأنه متواطىء بالاساس معه، وثانيا لان من يملك القدرة والتاثير في تمرير الاتفاقات أو التسويات هو الذي ما زال مقتنعا وملتزما، وأكثر من أي وقت مضى، فقط بالمواجهة المفتوحة مع هذه العدو حتى النهاية.
شارل أبي نادر – العهد
إضافة تعليق جديد