سنّة ضد السنّة
حتى الآن لم يضع يهود الكيان الإسرائيلي حدوداً لدولتهم، وكذلك الفاتيكان والإسلاميين المطالبين بالخلافة.. فالعصبية الدينية هي ما يشكل حدود الإمبراطوريات السماوية المصطدمة مع بعضها باسم آلهة رعوية قديمة لم يعد يحتاجها الناس عملياً في حياتهم الالكترونية المعاصرة.. فهي آلهة تحمل إرثاً تاريخياً من العنف والقمع والقتل، لا علاقة لها بإله المحبة الواحد الذي بشر به الرسل ومات معهم زمناً حتى قامت الجمهورية الفرنسية بقوانينها المدنية التي تحمي حدود الوطن وتساوي بين المواطنين؛ ثم انتشرت عدواها في أوروبا والعالم فكانت أعظم رد للبشر في مواجهة استعمار السماء للأرض عبر وسطاء لم يكونو نزيهين أغلب الوقت..
إذ لا أحد يعرف الحدود التي سيتوقف عندها هذا المجاهد العنصري، المسلم المسيحي اليهودي، الذي يعتبر كل الأرض مملكة إلهه والواجب يقتضي تطهيرها من الأغيار أو إذلالهم ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.. لهذا يمكن القول أن السد الذي يمنع فيضان العنصريات الدينية يتمثل في جيش الجمهورية الذي ينضوي تحت أجنحته أفراداً يمثلون سائر الانتماءات الدينية والقومية، كما في حالة الجيش العربي السوري العقائدي، حامي الجمهورية ومواطنيها بشتى انتماءاتهم العرقية والروحية . .
وفي الجهة الأخرى نرى أن إعلان الكيان الإسرائيلي دولة يهودية عنصرية يستدعي وجود دويلات طائفية من حولها، تبرر وجودها و تتصارع فيما بينها، كما تغذي العصبية اليهودية لمواجهة أخطارها، وقد كان هذا هو الدافع الأساس للموساد من وراء تسهيل قيام «حماس» الإخونجية، مع كل المقومات العنصرية التي تأسست عليها في «معاداة السامية» وذلك لمعرفة الصهاينة أن وجود حماس الإخونجية هو بمثابة ركلة في المؤخرة تساعد إسرائيل على التقدم في استقطاب واستعباد كامل المجتمع اليهودي في العالم وتسخيره لصالحها بالإضافة لضرب منظمة فتح السنية العلمانية.. غير أن جل ما تستطيعه حماس اليوم، بالإضافة إلى تقسيم المجتمع الفلسطيني بين فتحاوي وحمساوي، هو إرسال بضعة صواريخ بدائية لتخلف بعض الحفر في المدن الإسرائيلية وتأتي بالمزيد من التعاطف والمساعدات الغربية لإسرائيل.. ومن هذا المنطلق يمكننا أن نفهم تحالف واشنطن وإسرائيل مع «السنة السياسية» المتمثلة في جماعات الإخوان المسلمين في تركيا ومصر وتونس.. وفلسطين قريباً..
فالسنية السياسية لا تمثل عموم أهل السنة كما لا تنحصر فيهم، حيث ينضوي تحتها آخرون لا ينتمون إلى المذهب كجورج صبرا و سمير جعجع ووليد جنبلاط وبرنارد ليفى وروبرت فورد وجون ماكين وساركوزي بالإضافة إلى صاحبنا صادق جلال العظم (شيخ الملحدين) الذي بات اليوم يتكلم باسم السنة السياسية بعدما حارب رب السنة طيلة نصف قرن .. لهذا يمكن القول أن القاعدة الروحية للسنة العرب تقف في صف الجيش، بينما أضحت ميليشيات «السنة السياسية» أداة بيد أعداء سورية والإسلام كما هو واضح في مسألة الدعم والتمويل الغربي الذي لم تحظ به معارضة سياسية في تاريخ المعارضات الكونية !؟
واليوم بتنا نشاهد كيف غدا عموم المجتمع السني العربي، والأقليات التي تعيش في كنفهم، ضحية لعصابات وجماعات السنة السياسية التكفيرية من أفغانستان حتى سورية بتهمة الإشراك بالله وعدم التعاون في قيام الخلافة الإسلامية، هذه الفكرة الغائمة بقوانينها المدنية وحدودها الجغرافية وهويتها المذهبية، و استقلالها عن الهيمنة الغربية..
ف«السنة السياسية» مثل «الشيعة السياسية» حيث تحالفتا، ضد بعضهما، مع دول غير إسلامية، ودخلتا في الاستقطاب الدولي الذي يستخدم الإسلام السياسي في منظومة صراعاته القومية، ويجعل من المسلمين الجهلة وقوداً لحروبه التي يتدفأ بنيرانها.. غير أن «الشيعة السياسية» رفعت راية العداء لإسرائيل وأصدقاءها بينما «السنة السياسية» في مصر وقطر وتركيا وتونس ولبنان والسعودية، غدت أكثر قرباً من إسرائيل وأقل عداوة لليهودية السياسية المسماة بالصهيونية، وهذا واقع ظاهر لا حاجة لإثباته.. واقع ينبع من عدم قدرتنا نحن عامة المسلمين العلمانيين من فصل الدين عن الدولة وتفكيك الألغام الطائفية وحماية الإسلام المحمدي من مباذل السياسة القرشية التي تخرجها من دائرة الرحمن إلى حفرة الشيطان الذي باض فيها بالأمس بيضة الخوارج واليوم بيضة الائتلاف المعارض وجيشه الحر الذي تطبب إسرائيل جرحاه وتعيدهم للقتال ضد جيش الجمهورية العربية السورية..
أخيراً نذكر الذين يطبلون للحرب الطائفية بأن التاريخ يؤكد أنه منذ معركة مرج دابق قبل 497 سنة لم تشكل الطوائف الأخرى خطرا على أهل السنة، وأن حروب المنطقة كانت دائما سنية سياسية حيث شن الوهابيون حروبهم ضد عموم سنة الجزيرة العربية طوال قرن ، كما كانت حروب محمد علي باشا ضد آل سعود سنية ـ سنية، وكذلك انتفاضات العرب السنة ضد طغيان العثمانيين السنة، وحرب الشريف حسين ضد العثمانيين، وصراع الهاشميين مع السعوديين، وآخرها احتلال صدام حسين للكويت وحرب العرب ضده كانت حربا سنية ـ سنية ، حيث كانت السنة السياسية سببا دائما لإشعال النيران في حياة السنة الروحية، كما هو حاصل اليوم في مصر وتونس وفلسطين .. فاقصرو صراخكم حول الحرب الطائفية السورية واعلمو أن الإنقاذ سيكون بيد السنة العرب الذين قادو سائر الطوائف يوما ما في حرب التحرر من العثمانيين السنة.. آمين.
نبيل صالح
التعليقات
شكراً لجرأتك شكراً لإثباتك
وهابية ضد السنة
سيبقى التخلف و احتمال الحروب
هي المشكلة عم نفهمو للدين خطأ
الآن وقد بلغ عمر الاسلام ما
الآن وقد بلغ عمر الاسلام ما
صحوتهم الاسلامية
مقال جريء
مجرد رأي
اله المحبة الواحد الذي بشر به الرسل
خواطر متفرقة
عن تسنن شيخ الملحدين
مقاربة ناجحة
استاذ نبيل طمنا عنك صرلك زمان
شكرًا لك أستاذ نبيل وانا أوافقك الزأي وأضيف
إضافة تعليق جديد