سورية تحافظ على مقعدها في الأمم المتحدة
دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة القوات الحكومية في سورية وأشادت بـ "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، لكن التأييد للقرار الذي صاغته دول خليجية عربية كان أقل من الدعم الذي حصل عليه نصّ مشابه أقرّ العام الماضي، وهي علامة على تزايد القلق بشأن جماعات المعارضة المسلحة المنقسمة.
والقرار غير ملزم وليس له قوّة القانون لكن قرارات الجمعية العامة التي تضم 193 دولة قد تنطوي على أهمية معنوية وسياسية كبيرة. وحصل القرار على تأييد 107 أصوات مقابل رفض 12 وإمتناع 59 دولة عن التصويت في تباين كبير مع نتيجة التصويت على القرار السابق الذي دان الحكومة السورية في آب/اغسطس الماضي واعتمد بموافقة 133 دولة مقابل رفض 12 وإمتناع 31 عن التصويت.
وعزا دبلوماسيون بالأمم المتحدة تراجع التأييد للقرار إلى مشاعر القلق من أنّ سورية ربما تتجه إلى "تغيّر في النظام" توّجهه حكومات أجنبية ومخاوف من زيادة عنصر التطرّف الإسلامي بين المعارضين.
ورفضت روسيا وهي حليف وثيق للرئيس بشار الأسد القرار الذي صاغته قطر التي تتهمها الحكومة السورية بتسليح المعارضين الساعين للإطاحة بالأسد.
لكن موسكو التي إستخدمت مع الصين حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات لمنع مجلس الأمن الدولي من التحرك ضد سورية لم تتمكن من عرقلة قرار الجمعية العامة حيث لا تتمتع أي دولة بحق النقض.
وقال دبلوماسيون إن الوفد الروسي بعث برسائل إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة تحثهّم على معارضة القرار. وشكت موسكو من أن القرار يقوّض الجهود الأمريكية الروسية لعقد مؤتمر للسلام تشارك فيه الحكومة السورية والمعارضة وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه سينظم على الأرجح في اوائل حزيران/ يونيو القادم.
وأبلغ سفير سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الجمعية العامة قبل التصويت أن القرار يتعارض مع المساعي الأمريكية الروسية للبحث عن حلّ دبلوماسي للأزمة المستمرة منذ اكثر من عامين والتي تقول الأمم المتحدة إنها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف شخص.
وقال الجعفري إن القرار "يمثل سباحة عكس التيار فى ضوء التقارب الروسي الأميركي الذى رحبّت به سورية."
لكن نائبة السفير الامريكي روزماري دي كارلو قالت ان القرار يتفق مع المبادرة الروسية الامريكية ويبعث "برسالة واضحة بأن الحلّ السياسي الذي نسعى اليه جميعاً هو افضل وسيلة لإنهاء معاناة شعب سورية."
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحفيين في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك انه لم يكن يرغب في أنّ يصبح التخطيط للمؤتمر "عملية طويلة للغاية". وقال إنّ الضغط يجب أن يمارس على كل الأطراف المتحاربة لكي تتقدم على وجه السرعة بأسماء للمشاركة في حكومة انتقالية "يمكن ان يصطّف خلفها الجميع في سورية."
وكان من المتصّور في الأصل أن يمنح القرار الذي حظيّ بدعم قوي من دول غربية وخليجية عربية مقعد سورية بالأمم المتحدة للائتلاف الوطني السوري المعارض. لكن دبلوماسيّين في الأمم المتحدة قالوا إنه إتضح في المفاوضات الأولى أنّ مثل هذا الإجراء لن يحظى بالموافقة في الجمعية العامة حيث تخشى كثير من الوفود أن تواجه حكوماتها يوماً ما إنتفاضات معارضة أيضاً.
غير أن القرار رّحب بتشكيل الإئتلاف الوطني السوري "بوصفه محاوراً فعّالا مطلوباً في عملية الإنتقال السياسي".
ورحب الائتلاف الوطني السوري بقرار الأمم المتحدة لكنه قال في بيان إنه يجب بذل المزيد من الجهد على وجه السرعة لإنهاء معاناة الشعب السوري.
وتتهم سورية قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتسليح المعارضة. ونفت هذه الدول الإتهامات، لكن المعارضة مستمرة في تلقي اسلحة.
وقال سفير جنوب افريقيا كينجسلي مامابولو إن بلاده التي صوّتت لصالح قرارات سابقة تدين حكومة الأسد ستصوت برفض القرار لأنه يفتح الباب أمام "تغيير النظام" بالقوة من خارج سورية.
ويقول خبراء منذ فترة طويلة ان "جبهة النصرة" المتشددة في سورية تتلقى دعماً من متشدّدين لهم صلة بالقاعدة في العراق. وأعلنت الجبهة المسؤولية عن تفجيرات مميتة في دمشق وحلب وإنضمّ مقاتلوها إلى ألوية معارضة سورية اخرى.
وأعلنت وفود إيران وبوليفيا وفنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وغيرها من الدول التي تعارض عادة السياسة الأمريكية في الأمم المتحدة معارضتها للقرار. وقالت إندونيسيا التي صوّتت لصالح القرار الماضي إنها امتنعت عن التصويت على القرار الحالي فيما يرجع أساسا لاعترافه الضمنيّ بالمعارضة السورية.
واتهم محمد خزاعي سفير إيران المعارضة السورية بإستخدام أسلحة كيماوية ضد السوريين وهو شيء تقول المعارضة ان الحكومة السورية هي التي تفعله وليس قوات المعارضة. وتحدث أيضاً عن العدد المتزايد "للجماعات الإرهابية والمتطرفة" في سورية. بينما حذّرت روسيا من عناصر إرهابية في سورية.
والتصويت على هذا النحو قد يبّين أنّ الصور التي تمّ بثّها في الآونة الأخيرة للوحشية التي تمارس في الحرب الأهلية المستمرة من أكثر من عامين لقائد قوة من مقاتلي المعارضة وهو ينزع قلب مقاتل من الأعداء ويقضمه ربما تقوّض حجة الذي يقولون ان سورية ستكون أفضل بدون الاسد.
وقال مبعوثون إن هناك سبباً آخر للتراجع في تأييد القرار قد يكون أن الأسد مازال يسيطر على أجزاء كثيرة من البلاد وانه أظهر أن قوّاته المسلحة لم تخسر الحرب وان كانت لم تتمكن من الفوز فيها.
وقال دبلوماسي غربي بالأمم المتحدة طلب عدم نشر إسمه في إشارة إلى قرار اغسطس اب 2012 "انني مقتنع بأن دولاً كثيرة صوّتت لصالح نصّ (قرار العام الماضي) لانها إعتقدت أنها تصوّت للجانب الفائز." وأضاف "لم تعد لديها هذه الثقة."
المصدر:الميادين- ا ف ب
إضافة تعليق جديد