سياسة حسني مبارك: سخط داخلي وتحديات إقليمية
الجمل: وصف الرئيس المصري اعتقال وأسر حزب الله للجنديين الإسرائيليين بأنه مغامرة، وبأن حزب الله ينفذ أجندة إيرانية، وليست لبنانية.
يقول المحللون بأن الرئيس حسني مبارك ظل شديد الاهتمام بتنامي وتزايد قوة ونفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أن نمو قوة ونفوذ إيران تشكل تهديداً منافساً لـ(قوة نفوذ مصر في الشرق الأوسط)، ويحاول الرئيس المصري أن يتقاسم مشاعر (الخطر الإيراني) مع ملك الأردن، والعاهل السعودي.
ويحاول النظام المصري حالياً العمل من أجل عدم السماح لإيران بالقيام بأي دور في (عملية السلام الإسرائيلي- الفلسطيني) التي يشرف عليها النظام المصري ويقوم بدور (الوسيط) فيه، بين مثلث واشنطن، تل أبيب، رام الله.
انتقاد الرئيس حسني مبارك لحزب الله، قوبل بمعارضة واحتجاج واسع، على مستويين: الأول داخل مصر نفسها، حيث خرج عشرات ألاف المتظاهرين المؤيدين لحزب الله والرافضين لموقف الحكومة المصرية، والثاني خارج مصر، حيث رأي الكثير من المحللين بأن موقف النظام المصري هو دليل ليس على عجز مصر عن مساندة حزب الله واللبنانيين ضد إسرائيل، وإنما على توجهات النظام المصري لاسترضاء محور تل أبيب- واشنطن، على حساب المصالح العربية، وذلك على النحو الذي يؤكد أن مصر قد أصبحت غير مؤهلة بالكامل للقيام بأي دور إشرافي قيادي في القضايا العربية، وذلك بدءاً من لحظة توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
في مفاجأة غير متوقعة، قام النظام المصري بتغيير لهجته، وذلك عندما صرّح الرئيس حسني مبارك في نهاية الحرب متهماً إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية، وباستخدام (القوة المفرطة) ضد لبنان، وتراجع أكثر فأكثر عندما قال: إن حزب الله يمثل جزءاً أساسياً من السياسة الوطنية والنسيج الاجتماعي اللبناني.
يقول المحللون: إن التحول في موقف النظام المصري، مصدره إدراك القيادة المصرية إلى أن السخط الداخلي والخارجي إزاء النظام ومواقفه، سوف يؤدي إلى إضعاف مركز النظام وطنياً وإقليمياً، وإذا أدركت أمريكا وإسرائيل حقيقة ضعف النظام المصري، فسوف تبادران بالتخلي عن، وبالتالي لن يحصل النظام على أي معونات أو مساعدات، ولن تقوم واشنطن أو تل أبيب بتكليف قادته بأي مهمة جديدة، إضافة إلى أنهما سوف تلجآن إلى البحث عن بديل للنظام المصري، والبديل المرشح في هذه الحالة، سوف يكون الأردن.
في هذا الصدد نقول: إذا أصبح الأردن مركزاً إقليمياً للسياسة الأمريكية في المنطقة، فإن النظام المصري سوف يجد نفسه مضطراً للتعامل مع أمريكا وإسرائيل عن طريق الأردن، وذلك بحيث تكون كل لقاءات المسؤولين المصريين مع الأمريكيين تتم في الاردن، بحيث يكون على وزير الخارجية المصرية إخطار وزيرة الخارجية الأمريكية، عن طريق وبوساطة وزير الخارجية الأردني.. وما هو أقسى، سوف يحدث عندما يضطر الرئيس المصري إلى الطلب من العاهل الاردني أن يتوسط له، لدى القيادة الأمريكية بواشنطن، حول المعونات والمساعدات، والتي سوف تتردد أمريكا في قطعها عن مصر، إذا أدركت أن النظام المصري قد استنفذ أغراضه، ولم يعد صالحاً للقيام بأي دور يدعم الأجندة الإسرائيلية في المنطقة العربية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد