ضبط عمرو خالد في حالة تلبس
استطاع عمرو خالد أن يجذب إليه الأنظار ويلفت الانتباه فى الأوساط الكنسية بصفة عامة والإنجيلية بصفة خاصة، حتى إنه تحول إلى محور للقصص الغريبة والشائعات وبعضها خيالى جداً .. وقد دوت هذه الشائعات فى الفترة التى غاب فيها عمرو خالد عن مصر والتى قال أنه كان يحضر خلالها رسالة الدكتوراة .. التى لم يتم تحضيرها حتى اليوم..
الشائعة المثيرة خرجت من الكنائس إلى الصحف والإعلام أدعت أن عمرو خالد كان يحضر عظات بكنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية، قبل أن يشتهر أو يتجه إلى الوعظ الدينى. الكل كان ومازال يردد هذه الشائعة، وكأنه شاهده بعينيه، إلا أنه عند التحقق من المعلومة يقول لك صاحبها «لا مش أنا لكن واحد صاحبى قوى شافه»..ومن ثم هى شائعة ننفيها عنه. ولكن الأمر وصل بالبعض إلى تحديد المكان الذى كان يجلس فيه عمرو خالد بالكنيسة. الصفوف الأخيرة.
«إنه القس سامح موريس».. إجابة سريعة وتلقائية.. تتداولها الألسنة التى تردد الشائعة، وسامح موريس هو قس إنجيلى بكنيسة قصر الدوبارة له شهرة فى الأوساط الكنسية على اختلاف طوائفها، سامح ليس مطلق الشائعة إنما بطلها، فالنصف الثانى من الشائعة هو أن الداعية كان يجلس فى الصفوف الأخيرة يستمع إلى القس سامح موريس، وهذا بسبب التشابه العجيب بينهما فى أسلوب الوعظ والكلام بل التعبيرات، فكل من يشاهد أو يسمع عمرو خالد لا يملك إلا أن يقول أنه صورة طبق الأصل من القس سامح خاصة فى سلسلة الخطب التى كان يلقيها عمرو فى أحد المساجد منذ عامين فى شهر رمضان، والتى كان ينهيها بفقرة دعاء حارة مطولة.. كانت عبارة عن استنساخ «أسلوبى» لاجتماع الصلاة الشهير الذى يقيمه القس سامح موريس فى الإثنين من كل أسبوع، حتى إنك إذا سمعت الاثنين عبر شريط كاسيت من الصعب أن تفرق بينهما إلا عند ذكر اسم النبى محمد (؟) أو النبى يسوع (عليه السلام)،أو ذكر آيات القرآن أو آيات الإنجيل فتجد نفس التعبيرات «ارفع إيدك واصرخ لربنا» «تخيل معايا كده لما ربنا يبص ويلاقينا كلنا بنصرخ ليه قد إيه هيبقى فرحان!».. ولما كان موريس هو الأقدم فقد اتهم خالد بالنقل والتقليد.
فمصطلحات إنجيلية بحتة أصبحت تتردد الآن على ألسنة الشباب من أتباع عمرو خالد من عينة: ربنا النهارده قال لى كذا أثناء الصلاة، وأنا أتمتع بعلاقة عميقة مع الله، ورغم أن هذه المصطلحات غريبة ولم يعتدها المسلمون إن كانت تتعارض مع الدين الإسلامى، إلا أن هوس عمرو خالد بأساليب الوعظ البروتستانتى، أو الإنجيلية، أدى به أكثر من مرة إلى ترديد أشياء لم يتم اعتيادها فى عظات رجال الدين االمسلمين للتعاليم الإسلامية، مثل قوله فى أحد دروسه الذى كان بعنوان «التضرع إلى الله» وبغض النظر عن أن مصطلح التضرع هو مصطلح إنجيلى، إلا أنه قال فى هذا الدرس إن الله يحب العبد بأخطائه وهى الفكرة التى دائما ما يؤكد عليها موريس وغيره من الواعظين الإنجيليين، ولأن هذا الفكر مناف للعقيدة الإسلامية فقد ناقض عمرو نفسه فى الدرس نفسه.. قال أنه يجب أن تتوبوا عن المعاصى حتى يحبكم الله. هذا فضلا عن أنه يذكر بعضا من العبارات دون ذكر مصدرها، فيقول فى أحد دروسه «ده ربنا بيفرح بيك لما تتوب.. أكتر من ميت واحد فاكرين إنهم مش محتاجين يتوبوا» وهذه العبارة قريبة جدا من الآية المذكورة فى إنجيل لوقا «السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون إلى التوبة». ويقول فى درس آخر بعنوان «حب الله»: «أن أهم شىء هو حب الله فإذا أحببت الله ستستطيع إرضاءه، علشان كده بقولك حب ربنا قوى حبه قوى»، وهذا قريب جدا من قول المسيح «أن تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك هذه هى الوصية الأولى والعظمى «ردا على سؤال وجه له»: «ما هى أهم وصايا الناموس؟». كما يردد بعض العبارات غير الاعتيادية أثناء أدعيته، مثل «ليس لنا سواك يا رب» وليس لى سواك هو اسم أحد أشهر الترانيم الإنجيلية وعنوان أحد شرائط الترانيم المعروفة، كما أنه كثيرا ما يردد عبارة «حلاوة العلاقة مع ربنا» أو «حلاوة الإيمان»، وهى أيضا مطابقة للتعبيرات الإنجيلية عن العلاقة الإلهية حيث «إن ما أحلى العشرة وياه» كم أنت حلو لحياتى يا يسوع» هما عنوانان لترنيمتين من أقدم الترانيم المسيحية اللتين ترددان وكثرة فى كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية، كنيسة القس سامح موريس!
هكذا يتأثر أتباع عمرو خالد من الشباب المتحمس العاطفى بكلامه دون تفكير أو مراجعة الداعية العظيم آسر قلوبهم.
لم يقتصر الأمر على أسلوب الوعظ، بل إن الداعية الإسلامى قام بتشكيل فرقة موسيقية شبابية للأغانى الدينية، مشابهة تماما لفرقة الـ better life التى نشأت منذ أكثر من 25عاما ويقبل على حفلاتها كل الشباب المسيحى، وتقوم فرقة عمرو خالد هذه المجهزة بأحدث الآلات الموسيقية بإقامة حفلات مشابهة لشباب صناع الحياة. الانتباه لهذه الملحوظات وهذا التشابه تجاوز انتباه الأقباط، ووصل إلى جريدة الإندبندنت البريطانية التى أطلقت على عمرو خالد اسم «بيلى جراهام المسلمين» وبيلى جراهام هو أشهر واعظ إنجيلى فى الولايات المتحدة كما كان معسكر الشباب فى إنجلترا هو آخر إنجازات الدكتور عمرو فى النقل والتقليد، وقد أذيعت أجزاء من هذا المعسكر خلال برنامج «لمحات إنسانية.. شباب على الطريق» الذى يذاع يوميا على قناة المحور خلال شهر رمضان. وكانت المؤتمرات الرياضية هى آخر صيحات الكنيسة الإنجيلية لجذب الشباب الذى لم تعد تجذبه العظات التقليدية.. ويبدو أن عمرو اقتبس الفكرة وتنفيذها إلا أنه «مش كل مرة تسلم الجرة»، فقد تحول هذا المعسكر إلى مجال نقد شديد له وتسبب فى انقلاب عدد من أتباعه عليه ! حيث إن الداعية عمرو فيما يبدو أن إعجابه الشديد بالفكرة قد أنساه أنه يطبقها على شباب مسلم وفتيات مسلمات قام بتحجيبهن، لن يتقبلوا الممارسات الشبابية الإنجيلية التى تتسم بشىء من التحرر.
فتقوم الكنائس الإنجيلية من خلال مؤتمراتها الرياضية بجذب الشباب المسيحى البعيد عن الكنيسة عن طريق اللعب والرياضة وتقديم عظات خفيفة أثناء اليوم، وبدأت تنتشر هذه الفكرة التى بدأها شباب كنيسة قصر الدوبارة، بين كل الكنائس حتى أصبحت هناك مدارس خاصة لتدريب الشباب على كيفية الكرازة بالرياضة. هذه الفكرة فى الاساس أمريكية حيث توجد فى أمريكا عشرات المنظمات المسيحية المختصة بالكرازة عن طريق الرياضة، والتى درس بها بعض شباب كنيسة قصر الدوبارة ونقلوها إلى مصر. وإذا سلمنا بأن هذا المعسكر الرياضى للشباب العرب المسلمين قد جاء من قبيل الصدفة، فمن الصعب أن نصدق أن تطابق برنامج المؤتمر لبرامج مؤتمرات الشباب الإنجيلية قد جاء أيضا من قبيل الصدفة ! فالمؤتمر جاء مختلطا، يبيت الشباب والشابات فى مكان واحد، الشباب فى الدور الأرضى والشابات فى الدور الأول. فترات اللعب والرياضة مختلطة أيضا، وكانت عبارة عن مسابقات بين فرق الشباب ومن فاز منهم حصل على ميداليات قام الداعية الإسلامى بتوزيعها بنفسه، وهذا ما يحدث بالضبط فى مؤتمرات الشباب الإنجيلية، بل إن طريقة إعطاء الدروس جاءت مماثلة، حيث كان يجتمع الشباب فى مجموعات صغيرة يقرأون جزءا محددا من القرآن. يتناقشون فيه ويدرسونه، ويختمون الجلسة بالدعاء. وتسمى هذه الجلسات لدى الإنجيليين بالأكشن جروبس، التى يختمونها بالصلاة.
ومن جانب آخر، لا يستطيع أحد أن ينكر هذا التشابه الكبير فى صيحات التشجيع التى كانت ترددها الفرق أثناء المعسكر وتلك التى يرددها المسيحيون فى معســكراتهــــم، وأبرزهـــا أغنيــة We are the campers التى يرددها شباب جمعية الشباب المسيحيين - المعروفة بالواى - فى معسكراتهم كنوع من التشجيع أثناء اللعب وذلك على مدار عشرات السنين، والتى تقول : أى نحن المؤتمرون كلما ذهبنا إلى أى مكان يسألنا الناس من أنتم فنقول لهم نحن المؤتمرون، والتى قام أتباع عمرو خالد بترديدها بعد تغيير بعض الكلمات بها، فأبدلوا كلمة المؤتمرين بكلمة المسلمين، فاصبحـــوا يغنونهـــا هكــذا We are the Muslims mighty mighty (Muslims)
ويقدم عمرو درسا فى البرنامج الذى تتخلله لقطات من المعسكر ويأتى ببعض الشباب من المعسكر يحكون عن تجربتهم خلال المؤتمر فيما يخص موضوع الحلقة كشىء تطبيقى. وهذا ما فعله القس سامح منذ ما يزيد على ست سنوات، حيث قام بتسجيل حلقات يحكى فيها بعض الأشخاص عن كيف أثرت عظات قصر الدوبارة فى حياتهم، وقد سجلت هذه الحلقات وتم بيعها بأسعار رمزية فى مكتبات الكنائس وأقبل الكثيرون على شرائها. واستمر هذا التقليد فى الكنيسة حتى الآن، حتى أنه أصبح من المعتاد أن يسجل بعض الأفراد تجربتهم ومدى إفادتهم من المؤتمرات التى يحضرونها ويتم عرضها على شاشات كبيرة فى الكنيسة.
إلا أن هذا المعسكر قد جاءت نتائجه عكس توقعات الداعية هذه المرة، حيث هاج عليه عدد من أتباعه من الشباب وأرسلوا له رسائل على موقعه يعربون فيها عن صدمتهم فيه.. فقال أحدهم : «لو كان النبى صلى الله عليه وسلم فى وسطنا لما كان أقيم هذا المعسكر، فقد كنت أتمنى أن يقام مخيم للبنات منفصل عن الأولاد، ولا يكون مع الشيخ عمرو خالد بالطبع، لكن يكون مع الدكتورة عبلة الكحلاوى» وتقول أخرى «رأيت البنات وهن يصحن ويغنين، أليست هذه ميوعة لا تليق بالاحتشام الذى كان يحدثنا عنه عمرو خالد !» وقال آخر «المعسكر بأى حال من الأحوال لا يجوز شرعا، ونية عمرو خالد التى لا نعلمها لا تكفى، فلن تصلح ما أفسدته!»، وتسأل أخرى الداعية «كيف تسمح لفتيات أن يسافرن بدون محرم؟ هل إذا أرادت أختك أن تسافر بدون محرم كنت ستوافقها؟ وفى الحالتين أنت مدان وتخالف تعاليم الإسلام.. ويقر البعض بخطأ عمرو إلا أنه يقول أن حبه له يمنعه من انتقاده أو الهجوم عليه ! وغير ذلك من عشرات الرسائل التى أرسلها أتباع عمرو خالد يهاجمونه فيها! وقد التزم عمرو الصمت ولم يجبهم، رغم أنه كان من عادته أن يدخل مع الشباب فى مناقشات ويتحدث معهم عبر الإنترنت.
مسألة استغلال المؤتمرات أو المعسكرات الروحية لتصوير برامج هى فى الأصل فكرة الواعظة الأمريكية الشهيرة «جويس ماير» التى يشاهدها مئات الآلاف من الجماهير حول العالم، ويحضر مؤتمراتها التى تقيمها فى مختلف دول العالم آلاف من البشر والتى يبدو تأثر عمرو خالد الشديد بها، حتى أنه قد أطلق اسم «صناع الحياة» على النشاط الأساسى الذى يقوده، فى حين أن اسم خدمة ماير هو «الحياة فى الكلمة» وتكون حلقات برنامج الحياة فى الكلمة عبارة عن عظة قصيرة تقدمها جويس للمشاهدين من الاستديو تعقبها العظة التى تقدمها فى المؤتمر. هكذا يبدو أمر عمرو خالد صاحب الكاريزما والتأثير الساحر.
المصدر: روز اليوسف
إضافة تعليق جديد