عراقيون في حلب يختلفون حول صدام ويتفقون على عداء أمريكا
الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب : قد تكون دعوة المحلل السياسي العراقي المقيم في دمشق " وليد الزبيدي" على قناة الجزيرة أبناءَ شعبه للتنبه لما تحمله الميديا الأمريكية من دعوة للفتنة صرخة ً في وادٍ ، فالغرائز أصبحت أكثر انفلاتاً بعد الصدمات " الميدية " المتلاحقة .
الزبيدي اعتبر أن إخراج الدقائق الأخيرة من قتل صدام هو تكثيف لدور الميديا في خدمة الأجندة الأمريكية، ودعا أبناء شعبه لليقظة ممن يحاول مجدداً العزف على وتر الفتنة الطائفية معتمداً على من وصفهم بقلة من الطائفيين الحاقدين المرتبطين بالمشروع الأمريكي ، إلا أن الصورة قد لا تكون بهذا الشكل الذي طرحة الزبيدي ، فالشرخ الذي خلق بين العراقيين لا يلبث يتسع شيئاً فشيئاً ، رغم أن السنتين الأوليين من عمر الاحتلال شهدتا نسيجاً وطنياً عراقياً متماسكاً بحده الأدنى فإن فرق الموت القذرة التي يديرها الاحتلال بالتعاون مع مخابرات دول الجوار المعتدلة وغيرها بالإضافة إلى تنظيم القاعدة قد نجحت في إشعال الفتيل الذي تقبله العراقيون وبدءوا يقومون بأنفسهم بما أرادهم المحتل القيام به من تقتيل طائفي متبادل.
ويأتي إعدام صدام ليزيد من هذا الشرخ فحسب اللقطات الأخيرة المسربة لمشهد تنفيذ " حكم الإعدام " بالرئيس الراحل ، والتي ينسبها "الزبيدي" لإرادة أمريكية فهم من لفقها ،لم تحضر الدولة بصفتها صاحبة السيادة بإحقاق الحق وتنفيذ الأحكام بل حضرت الهتافات السياسية الممجدة لخصوم الرئيس.
أكثر من مليون عراقي لجأوا إلى سورية بعد احتلال بلادهم كان لهم آراء متضاربة بحدة من هذا الحدث ، في حلب انتهى أمر"مهند" خريج العلوم السياسية من جامعة بغداد إلى بائع متجول ، يحمّل " مهند " فرق الموت الأمريكية وتنظيم القاعدة ولاحقاً الميليشيات الطائفية الشيعية مسوؤلية العنف الطائفي، ويعتبر أن إعدام صدام هو حلقة في تسعير نار الانقسام بين العراقيين " كل العالم شاهد أن المحاكمة هي مسرحية هزلية وأن أمر ،الديمقراطية، وبناء العراق الجديد انتهى إلى تقتيل العراقيين، ورميهم في المزابل، بعد التمثيل بجثثهم ، قتل صدام يراد منه تسعير نار الفتنة ، وصولاً إلى تقسيم العراق ، الاحتلال هو من قتل صدام، وليس هنالك حكم محكمة عادل تحت الاحتلال، و بإشراف الاحتلال بغض النظر عن موقفي من صدام"
غير بعيد عن " البسطية " أي البسطة باللهجة السورية ، التي يبيع عليها " مهند " يقف
" محمد سالم البياتي" و "محمد صادق العبيدي " وهما صديقان حميمان، وجيران في العراق كان لهما رأيان متناقضان كلية فالبياتي يرى أن " المحكمة كانت عادلة، وصدر الحكم باسم الشعب لأن صدام كان طاغية آذى الشعب العراقي كثيراً ،وجره من حرب إلى حرب ، ودفعنا الثمن نحن،والآمان الذي وفره للعراق والذي يتحدثون عنه الآن كان أمان نظام حكمه ، إعدامه أسعدني لأنه جزاء ما فعله بنا "
وبعكسه كان "العبيدي" الذي وصف صدام بالبطل " المحاكمة غير عادلة بإجماع كل القانونيين الدوليين لأنها تحت الاحتلال، والذين حكموا عليه بالموت تقطر من أيديهم دماء العراقيين ، الهتاف أثناء الإعدام مقتدى مقتدى يعيش محمد باقر الصدر لم يكن مستفزاً لي كسني فنحن أخوة ، والصدر الأب كان رجل ورع قتلته إيران لأنها لا تريد عربي قوي في الحوزة ،ولو كان الصدر الأب حي ،لما وصلنا إلى هنا، أما مقتدى فهو لا يسير على نهج أبيه "
يضحكان ثم يتبادلان الاتهامات الطائفية حول ما يجري في العراق، يثير هذا الموقف استغراب غير العراقي بلا شك ، فالشابان صديقان، وهما يحملان آراء متباينة ومن الطائفتين اللتين تشتعل نار الفتنة بين أفرادهما ، يتنهدان معاً ويؤكدان أن ما أراه من حميمية بينهما هي حقيقة الشعب العراقي قبل الاحتلال ، وأن من يقتل ويشيع الفتنة هو من قدم من خارج العراق معبأ بالحقد، لكن " جاسم كاظم دهلقي " يرى أن الانتماء الطائفي يحدد المواقف فالمرحب بإعدام صدام هو شيعي حكماً وهذا لا يعني أن كل الشيعة مع إعدامه ، ويندر أن ترى سنياً واحداً يؤيد إعدامه لا حباً فيه أبداً بل رفضاً لأمريكا والاحتلال الذي حكم عليه بالإعدام " إعدامه في يوم العيد هو إهانة لأمتنا ولشعبنا ، المحكمة أساساً غير عادلة ، وأغلبية العراقيين لا تريد إعدامه، و الدجيل التي حوكم من أجلها خرجت بمظاهرة رافضة إعدامه، و من أهلها من شهد لصالح صدام "
" فريش كرة بيت يان " فر من العراق ووجد ملاذه في حي الميدان الذي يسكنه الأرمن في حلب، لا يؤيد صدام ولا يعارضه ويرى أن " المحكمة سياسية وحتى لو كان مداناً لا يجب إعدامه بل تسفيره خارج العراق ومنحه اللجوء في الدول الاسكندنافية مثلاً كأي رئيس جرى عليه انقلاب ، كان هذا افضل بالنسبة للعراق فإعدامه يوم العيد سيء ويزيد من العنف بين العراقيين "
علاء العجيلي- مهندس يرى أن إعدام صدام يعني أن لا مصالحة في العراق " المحكمة سياسية، وكانت هزلية جداً ،الاحتلال زعم أنه جاء من أجل إحقاق حقوق الإنسان ،ولم نر شيئاً ، مئات الضحايا يومياً ، هنالك ملفات كثيرة من حقبة صدام، ويستحق أن يحاكم عليها، لم تفتح لكي لا تكشف أسرار السياسة الأمريكية، وتم دفنها مع صدام، هم من زوده بالسلاح الكيماوي لضرب حلبجة التي كان يحتلها الإيرانيون وسمح له بغزو الكويت "
وعلاء القادم من الجنوب العراقي يعتبر أن فصلاً جديداً من فصول الاحتلال اسمه الحرب الطائفية بدأ مع إعدام صدام "حتى لو كانت محاكمته عادلة فالتنفيذ يوم العيد له مدلول سياسي أي لا مجال للمصالحة السياسية بين العراقيين، وأننا نسير نحو الحرب الطائفية الهتافات أثناء التنفيذ مستفزة وتؤكد أن الثأر هو الدافع وهو هدية لإيران وإسرائيل "
علاء يرى أن عجز أمريكا عن هزيمة المقاومة، دفعها لتقديم تنازلات للطائفيين الشيعة وتسليمهم الحكومة، ثم نشر فرق الموت لقتل الأبرياء منهم حتى تقتصر المقاومة على السنة فقط لتظهر أمريكا بمظهر المدافع عنهم" وبنفس الوقت والتحليل لعلاء فإن" الضغط على السنة، وتسليط الميليشيات عليهم هو لدفعهم لقبول حل مع الاحتلال لكن المقاومة يقظة لألاعيب الاحتلال، وهدفها إخراجه فقط ولن تنساق في مخطط الفتنة إنهم يقومون بالتهجير الطائفي وهذا ما لم يحدث في تاريخنا "
يعود العبيدي و البياتي ومعهما " عمر " الكردي الذي يؤيد الحكم على صدام فيثير سخرية العبيدي الذي ينبئه بأنه لو وقع بيد ميليشيا جيش المهدي ومعه بطاقة هوية باسم " عمر" فسيترحم على صدام وزمن صدام، الوئام بينهم يثير الاستغراب، فرغم المفارقة في المواقف إلا أن لـُحمة ً ما تشدهم بقوة ، يصرون أن لا علاقة بالغربة بالأمر فهم في العراق أكثر مودة فيما بينهم من هنا ،وما يجري دخيل عليهم ،وتقوم به الأحزاب المتصارعة، مذكرين بقيام بطل السباحة "عثمان علي " بإنقاذ ستة من زوار الإمام الكاظم غرقوا في نهر دجلة يوم التدافع على الجسر قبل أن تتشبث به امرأة وتغرقه معها بعد أن أنهك جسده، وبقيام العراقيين يوم ضرب الفلوجة والنجف على التوالي بتقديم المساعدات لبعضهم البعض.
"مهند " يروي يوم قام مسلحون عراقيون بإخراج ثمانية مسافرين من الاستراحة التي توقف فيها في محافظة الأنبار على الطريق السريع إلى سورية، وعصبوا أعينهم واقتادوهم إلى ما يعتقد أنه نهايتهم بطلقة في الرأس، ويذكر أنه في إحدى المرات تابعوا طريقهم بالرغم من تنبيه سائقين بوجود ذبح على الهوية وحموا عائلة شيعية كان يقلها سائق من الفلوجة.
" لقد سألوني عن اسم الجامع الذي في شارعنا وعن اسم إمامه وخطيبه ليعرفوا طائفتي ويتأكدوا من صدقي، الاحتلال سبب كل المصائب وعندما يرحل ستحل كل مشاكلنا "
إعدام صدام أطلق خطة بوش الجديدة ، والمحلل " الزبيدي " يصر على تفسير الأحداث في سياقها الأمريكي فحسب ، ويرى أن إعدام صدام وإخراج إعدامه بهذه الطريقة هو محاولة أمريكية جديدة للنفخ في نار الفتنة مستلهماً قول محمود درويش في مديح الظل العالي " أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا" لكن علاء يضيف عليه بأن القادمين من إيران غسلوا أدمغة جمهور الحوزة الدينية، ونصبوا أنفسهم حماة للشيعة من خطر السنة ممثلين بـ "الزرقاوي" الشبح الذي تقوم أمريكا بارتكاب الجرائم و نسبتها إليه .
وهو نفسه ما يراه وليد من الكوت- جنوب العراق الفرات بأن "الزرقاوي " هو التطبيق الأمريكي لشخصية "السفياني" في الموروث الشيعي الشعبي وهو رجل يأتي من الشام لقتل أتباع أهل البيت " لقد بحثوا طويلاً في نفسيتنا وتراثنا قبل أن يغزو بلادنا "
كل العراقيين يكرهون أمريكا و لا يريدونها ويحملونها المسوؤلية ، ورغم ذلك يقتتلون أفلا يعقلون !!
الجمل
التعليقات
ان العراقيين
في مقالكم عن
إضافة تعليق جديد