غزة ما بعد انتهاء التهدئة: حذر وترقب
مرّ اليوم الأول من مرحلة ما بعد انتهاء التهدئة بهدوء، لكن حالة الترقب والاستنفار سادت على امتداد الجبهة في غزة في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل أن احتمال التصعيد يرتبط بمدى تطور الأوضاع على الأرض خلال الساعات المقبلة، وسط حديث عن قيود تحول دون شن عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع.
وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية إنه تم إطلاق ثلاثة صواريخ، صباح أمس، على مستوطنتي أشكول وشاعار هنيغيف من دون وقوع أية خسائر مادية أو بشرية، في هجمات تبنتها سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع العسكري للجبهة الشعبية.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، رسمياً انتهاء التهدئة، محذرة من أن أي عدوان على غزة »سيفتح المعركة على مصراعيها وسيواجه بردٍ قاس ومؤلم«.
وأشارت صحيفة »هآرتس« إلى أنّ حالة من الذعر تسود مستوطنة سديروت في أعقاب الإعلان عن انتهاء التهدئة، موضحة أنّ شوارع المستوطنة بدت خالية من المارة، في حين أغلقت المقاهي أبوابها، وسط حالة نزوح بين سكانها.
يأتي ذلك في وقت رفعت قوات الاحتلال درجة الاستنفار في وحداتها المنتشرة على الحدود مع غزة، حيث ألغيت كافة الإجازات الممنوحة للجنود. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أنّ الجيش نقل رسالة إلى الفصائل مفادها أنه »غير معني بإنهاء التهدئة« لكنه »سيرد بصرامة على أي انتهاك من الجانب الفلسطيني لها«.
ونسبت الإذاعة إلى مصدر أمني قوله إن »إسرائيل ستتعامل مع الأوضاع في قطاع غزة والمنطقة المحيطة به وفقاً للتطورات على أرض الواقع«، فيما أشارت صحيفة »هآرتس« إلى أنّ مشاورات أجراها رئيس الوزراء إيهود اولمرت مع وزير دفاعه إيهود باراك، خلصت إلى الاتفاق على التريث ومتابعة كيف ستتصرف حماس في نهاية الأسبوع، قبل اتخاذ قرار بتصعيد الوضع، مشيرة إلى أنهما متفقان على رفض الشروط الجديدة التي وضعتها حماس لتجديد التهدئة، وأبرزها فتح المعابر.
وكان أولمرت أعلن، أمس الأول، إنّ »الوضع في غزة لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل«، معتبراً أنّ »على العالم أن يفهم أننا لن نستمر في امتصاص الهجمات الصاروخية دون رد فعل«.
ونقلت »هآرتس« عن مصادر سياسية إسرائيلية إنه »في حال لم تعمل حركة حماس على تهدئة الوضع، فلن يكون هناك بد من رد عسكري«، مشيرة على أنّ »كافة خطط العمل جاهزة ومصادق عليها«، لكنها لفتت، في المقابل، إلى أنه من »الصعب حالياً الدخول إلى غزة في ذروة الحملة الانتخابية«.
من جهتها، نسبت الإذاعة الإسرائيلية إلى مصدر عسكري إسرائيلي قوله إنّ »الجيش قادر على تفكيك البنى التحتية لحماس في غزة«، لكنه رأى أن »عملية من هذا النوع ستتطلب ثمناً اقتصادياً باهظاً وقد توقع خسائر بشرية جسيمة في كلا الجانبين، إضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمناطق المحيطة بالقطاع«، فضلاً عن أنّ الظروف السياسية المحلية والعالمية »غير مواتية لمثل هذه العملية«.
وفي السياق، أكد ضباط إسرائيليون أن أية عملية عسكرية في القطاع سيتم الرد عليها بهجمات صاروخية تشمل أجزاء واسعة في الجنوب، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى مواجهات شاملة بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي لا ترغب به إسرائيل في الوقت الحالي. وبحسب مصادر في جيش الاحتلال فإن حماس تسعى إلى »شد الحبل« لكنها غير معنية بالمواجهة الشاملة في هذه المرحلة.
في المقابل، قال مسؤول أمني إسرائيلي لصحيفة »يديعوت أحرونوت« إنّ »المواجهة العسكرية مع حماس هي أمر حتمي«، مضيفاً إن »نشوة القوة لدى حماس وعدم إدراكها لضبط النفس من الجانب الإسرائيلي قد يقود الجانبين إلى مواجهة عنيفة قبل انتخابات الكنيست«.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ جهاز الأمن الإسرائيلي لا يفضل انهيار التهدئة، كما أن باراك ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي اشكنازي، ما زالا يتحفظان على شن عملية عسكرية واسعة في القطاع. لكن القيادة السياسية الإسرائيلية ستصدر تعليمات للجيش بالعمل وفق »الطريقة التدريجية للتصعيد« لإرغام حماس على العودة إلى التهدئة بموجب التفاهمات التي توصل الجانبان إليها بوساطة مصر في حزيران الماضي.
إلى ذلك، دعت مصر إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى »عدم التصعيد« بعد انتهاء التهدئة. وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، إنّ القاهرة » كانت تتطلع حتى اللحظات الأخيرة إلى إعلان الجانبين تمسكهما بالتهدئة... لكن يبدو أن حسابات كل منهما حالت دون إعلان تجديد الالتزام بها«. كما أعربت كل من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي عن قلقها من انتهاء التهدئة.
من جهة ثانية، أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن ثقته في تصميم الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب باراك أوباما على مواصلة الجهود التي يقوم بها الرئيس جورج بوش لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال عباس لبوش، في بداية مباحثاتهما في البيت الأبيض »ليس هناك أدنى شك في أننا سنواصل هذه الجهود ومفاوضات السلام ولكن كل شيء سوف يستند إلى الأسس التي أرسيتموها، فيما أشار بوش إلى أنّ » المفاوضات الثنائية لا رجعة عنها«، مشدداً على أنّ »هذا هو الطريق نحو قيام دولة فلسطينية وهو الطريق نحو السلام في الشرق الأوسط«.
وفي غزة، اعتبر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أن التظاهرات التي خرجت في العواصم العربية والإسلامية للمطالبة برفع الحصار عن غزة »تدل على أن الأمة قد ضاقت ذرعاً بالحصار، وأن الشعب الفلسطيني ليس وحيداً في مواجهة الحصار«، داعياً إلى استمرار هذه الفعاليات حتى تنتهي معاناة الفلسطينيين.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد