فتح تبحث عن مخرج مناسب لورطتها
الجمل: يفكر زعماء فتح (جماعة محمود عباس) في إيجاد المخرج المناسب لجعل حركة فتح تخرج من ورطتها الحالية، وحالياً ليس للحركة القدرة على إعادة سيطرتها على قطاع غزة باستخدام الوسائل العسكرية، وعلى ما يبدو فقد لجأ محمود عباس إلى حلفائه في واشنطن، القاهرة، عمان، طلباً للمساعدة، ولكن جاءه الرد الأمريكي، والذي كان رداً لا يقدم لمحمود عباس ما هو مطلوب بصفة عاجلة بالنسبة له الآن، ويُقال بأن الإدارة الأمريكية، قد طلبت من محمود عباس القيام بعملية إصلاحات واسعة داخل هياكل المنظمة، والتي أصيبت بالتدهور الشديد من جراء الفساد المالي، وتخلي الكثير من الأفراد والعناصر عن عضويتها، وذلك بسبب الإحباط وعدم القبول بخط المنظمة السياسي وأسلوب فعلها ورد فعلها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية.
• قيادة فتح- محركة ألأزمة:
تعاني قيادة فتح من عدم التماسك، إضافة إلى الخلافات التي أدت مجتمعة إلى ما يُعرف بظاهرة انكشاف القيادة، في مواجهة الأطراف الأخرى التي تقف في موقف المنافس، وبالمقابل لم تصمد فتح أمام الامتحان الأول الذي تمثل في خسارتها للانتخابات التشريعية الفلسطينية، ولا في الامتحان الثاني الذي تمثل في القضاء على وجودها العسكري المؤسسي بواسطة ميليشيات حماس في قطاع غزة.
الأمريكيون، والإسرائيليون، ومن ورائهم المصريون والأردنيون، أعلنوا عن دعمهم لمحمود عباس، ولكن الأمريكيون والإسرائيليون يقولون بأن تقديم الدعم لقيادة فتح الموجودة بشكلها الحالي سوف يكون لا معنى لها، إلا إذا قام محمود عباس بإجراء إصلاحات حقيقية في الهياكل الداخلية، على النحو الذي يعطي منظمة فتح المزيد من الثقة والمصداقية، وحينها يمكن تقديم الدعم للمنظمة.
تحليل الأداء السلوكي لهجمات حركة حماس ضد فتح يشير إلى أن حماس قد أبلغت عملياً قيادة وجماهير فتح بأن مشاكلها ليست مع منظمة فتح وإنما مع جهاز الأمن الوقائي، الحرس الرئاسي، وعناصر المخابرات الفلسطينية العامة الذي تشرف عليه فتح.. ومن أبرز هذه الهجمات:
- اقتحام منزل راشد أبو شبك نائب محمد دحلان مسؤول الأمن الوقائي في قطاع غزة.
- قصف منزل سامر مشراوي مدير جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة.
- قصف منزل ماهر مقداد الناطق باسم فتح في غزة.
- إحراق منزل اثنين من النواب عن حركة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني.
اتهامات حماس لهذه الجهات كانت مثيرة للإزعاج في أوساط الرأي العام الفلسطيني، وذلك لأنها تمثلت في اتهام واحد هو: ان هذه الأطراف الفلسطينية، هي أطراف فلسطينية شكلاً وإسرائيلية مضموناً، وذلك بدليل تعاملها وتواطئها مع إسرائيل.
من الوقائع البارزة التي أوضحت انكشاف قيادة فتح ما قام به أحمد هيليس، زعيم فتح الذي كان معارضاً لمحمد دحلان، وذلك عندما قام أحمد هيليس بتجميع الآلاف من أنصاره في قطاع غزة، وأعلن أمام الملأ أن القتال الدائر بين حماس وفتح هو قتال ضار بمسيرة الشعب الفلسطيني، الأمر الذي ترتب عليه انفصال آلاف الفلسطينيين عن حركة فتح.
• دوافع وأهداف حركة حماس:
أعلنت حركة حماس على لسان زعيمها خالد مشعل مطالبة حركة فتح بالآتي:
- الالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية مكة، وبالذات البند الذي نص على ضرورة إدماج حركة حماس ضمن قوات الأمن الفلسطينية، وأيضاً البند الذي نص على ضرورة إشراك حماس ضمن هياكل منظمة التحرير الفلسطينية.
- الالتزام بتوازن القوى بناء على مرجعية الشعب الفلسطيني وعدم الاستقواء بالإمدادات العسكرية التي يتم تقديمها بواسطة أمريكا، وقد لاحظت حركة حماس شحنات الأسلحة الأمريكية القادمة لجماعة فتح، وقيام بعض أجهزة الأمن والاستخبارات العربية بالإشراف على عملية تدريبهم التي تمولها وتدعمها أمريكا.. وتجد المساعدة والمساندة بواسطة إسرائيل.
- إعادة انتشار تكوين جهاز الأمن الفلسطيني ليكون داخل قطاع غزة حصراً.
• رد فعل حركة فتح:
مع الساعات الأولى لسقوط قطاع غزة في قبضة حركة حماس، سعت حركة فتح إلى ممارسة الانتقام ضد عناصر حماس الموجودة في الضفة الغربية، بحيث قامت بإغلاق المراكز التعليمية والثقافية التابعة لحركة حماس، وفي مدينة بانياس الفلسطينية قامت حركة فتح باستبدال مجلس البلدية المنتخب شرعياً، بالأعضاء الذين قامت فتح فوراً بتعيينهم.
الإجراءات التي قامت بها منظمة فتح انتقاماً من حركة حماس هناك إجماع فلسطيني ودولي بأنها إجراءات غير شرعية، فمجلس مقاطعة نابلس لا يجوز استبداله لأنه جاء بالانتخاب، وقيام محمود عباس بإعلان الطوارئ وتعيين حكومة جديدة هو أيضاً إجراء غير قانوني لأن تعيين الحكومة بحسب بنود الدستور الفلسطيني يستلزم موافقة المجلس التشريعي بشكل مسبق.
وعموماً يشدد الأمريكيون والإسرائيليون، على ضرورة قيام محمود عباس بإجراء الإصلاحات الآتية كشرط مسبق لحصوله على الدعم الكامل:
- إصلاح الهياكل التنظيمية والإدارية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
- الدعوة لانتخابات مبكرة.
وسوف لن يتم فرض الحظر الكامل ضد قطاع غزة، بل سوف تقوم إسرائيل وأمريكا بتقديم المساعدة في إدخال السلع والمعونات ذات الطابع الإنساني البحث إلى قطاع غزة.
إن الدعوة لإصلاح الهياكل التنظيمية معناها سقوط قيادات فتح، وإحلال العناصر الجديدة محلهم، وهو أمر سوف لن يكون في مصلحة محمود عباس أو محمد دحلان.
كذلك الدعوة لانتخابات مبكرة على ضوء التوازنات الجارية حالياً هو دعوة سوف تؤدي إلى سيطرة حماس المطلقة على المجلس التشريعي الفلسطيني.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد