فلسطينيو غزة «رهائن» والأمم المتحدة قلقة والعرب صامتون
واصلت إسرائيل صم آذانها عن التحذيرات الدولية من التداعيات الإنسانية الخطيرة المترتبة على حصارها على غزة، حيث مددت قرار إغلاق معابر القطاع إلى أجل غير مسمى، في الوقت الذي شهدت فيه دمشق وعمّان وقم تظاهرات منددة بالحصار الإسرائيلي، إلى جانب تحرّك لمنظمات دولية بدت أكثر قلقاً على حياة الفلسطينيين المحاصرين، من الدول العربية.
وأعلن منسق ما يسمى بالأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بيتر ليرنر الإبقـاء على المعابر مغلقـة، مشيراً إلى أنّ »هذا القرار اتخذ بسبب استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية على جنوب إسرائيل«.
وجدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته إسرائيل إلى رفع الحصار عن غزة، معرباً عن أسفه لعدم الاستجابة لدعواته السابقة. وأشار بيان صادر عن مكتبه إلى أنّ »الأمين العام يواصل التعبير عن قلقه في ما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة. وشدد على الأهمية التي يوليها لأن تأمر إسرائيل بصورة عاجلة بتقديم المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين«.
وحذرت المفوضة العامة لوكالة غوث اللاجئين كارين أبو زيد من أن قطاع غزة يواجه »كارثة« إنسانية إذا واصلت إسرائيل منع وصول المساعدات إلى القطاع بإغلاق المعابر. ولفتت إلى أنّ الخسائر البشرية لإغلاق المعابر التي تمر من خلالها البضائع إلى غزة هذا الشهر كانت الأشد منذ الأيام الأولى للانتفاضة الفلسطينية عام ،٢٠٠٠ مشيرة إلى أنّ المعابر »أغلقت لفترة أطول كثيرا من أي وقت سابق. وليس لدينا شيء في مخازننا. ستحدث كارثة إذا استمر هذا«.
وأوضحت أبو زيد أنّ الوكالة تقدم في الوقت الراهن حصصاً غذائية إلى ٨٢٠ ألف شخص، فيما يقدم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مساعدات إلى ٢٠٠ ألف شخص آخرين. وأضافت »نشعر بالخوف بشأن ما إذا كنا سنجد غذاء لليوم التالي أم لا«، مشيرة إلى أنّ الناس يكنسون المخازن لأنه لا يوجد فيها شيء.
بدوره، اعتبر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جون هولمز أن إغلاق معابر القطاع يمثل عقاباً جماعياً لسكان غزة الذين »يُعتبرون رهائن بسبب الوضع«، واصفاً الوضع بأنه »غير مقبول«.
وأطلقت »الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة« حملة شعبية لجمع الأدوية والمستلزمات الطبية في العديد من الدول الأوروبية بهدف إرسالها إلى القطاع، مشيرة إلى ان التجاوب مع هذه الحملة إيجابي للغاية. وذكرت أن الهدف من هذه الحملة هو تقديم العون والمساعدة ولو بجزء يسير لمليون ونصف مليون فلسطيني محاصرين في غزة في ظل إغلاق المعابر.
إلى ذلك، دعت الحكومة الفلسطينية المقالة السلطات المصرية إلى السماح لوفد برلماني أميركي بالوصول إلى القطاع. وأشارت إلى أنّ »الوفد البرلماني الأميركي موجود في القاهرة منذ أمس (الأول) ويحاول الوصول إلى قطاع غزة إلا أن السلطات المصرية منعته من ذلك«. وأضافت أن الوفد »سيأتي إلى غزة للإطلاع على حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء الحصار الإسرائيلي الظالم وإغلاق المعابر«.
وفي مخيّم اليرموك في دمشق، شارك الآلاف في مسيرة جماهيرية لنصرة أهل غزة في وجه الحصار الإسرائيلي، بدعوة من حركة حماس. وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري »الأمة العربية بكل أبنائها وشعوبها مطالبة بأن تخرج لترسل رسالة لكل الأطراف المعنية بأن غزة لم تعد لوحدها وأن كل الأمة تقف إلى جانبها لمواجهة هذا الظلم والقهر«.
وفي عمان شارك نحو ثلاثة آلاف شخص في تظاهرة دعت إليها الحركة الإسلامية في الأردن، احتجاجاً على حصار غزة. وجابت المسيرة شوارع مخيم الوحدات للاجئين، وسط هتافات »يا غزة لا تهتمي انا أفديك بدمي« و»يا حكام يا حكام غزة باتت في ظلام«.
وشهدت مدينة قم الإيرانية تظاهرة حاشدة احتجاجاً على الحصار وعلى مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في نيويورك. وندد العلماء الذين تــقدموا التظاهرة بـ»صمت الدول العربية والمسلمين جراء ما يعيشه سكان غزة«.
ميدانياً، أعلنت أذرع عسكرية لفصائل فلسطينية مسؤوليتها عن قصف عدة بلدات ومواقع إسرائيلية متاخمة للشريط الفاصل بين الأراضي الإسرائيلية وقطاع غزة. وقالت »كتائب نسور فلسطين« إن إحدى مجموعاتها أطلقت ثلاثة صواريخ محلية الصنع من طراز »نسر ١« على موقع كيسوفيم العسكري، فيما أعلنت »ألوية الناصر صلاح الدين« مسؤوليتها عن إطلاق قذيفة »هاون من العيار الثقيل« تجاه الموقع.
وأعلنت »كتائب أبو على مصطفى«، الجناح العسكري للجبهة الشعبية أن إحدى مجموعاتها قصفت مستوطنة سديروت بـ ٥ صواريخ محلية الصنع من طراز »صمود«.
وفي السياق، أعلن المسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، في مقابلة مع صحيفة »جيروزالم بوست«، ان التهدئة تبقى قائمة رغم اعمال العنف الجديدة، مشيراً إلى أنّ »من مصلحة حماس حالياً، لأسـباب تكتيكية واستراتيجية، ان يعود الهدوء«.
ورفض جلعاد فكرة شن هجوم كبير على قطاع غزة، معتبراً أنّ »التجربة أثبتت ان العمليات العسكرية لا تحل مشاكل الشرق الأوسط«.
من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية إنّ الفصائل الفلسطينية مستعدة للالتزام بالتهدئة إذا التزمت بها إسرائيل. وأشار إلى أن »الاحتلال لم يلتزم خصوصاً في ما يتعلق بفتح المعابر وتشديد الحصار«.
من جهة ثانية، أكد هنية أنّ »العلاقة مع مصر إستراتيجية وثابتة«، موضحاً أنه قد تكون هناك خلافــات في العلاقات اليومية مع مصر ولكن »هذا لا يعني أن هناك توتراً استراتيجياً مع الأشقاء المصريين«.
وأشار هنية إلى أنّ حركة »حماس« اقترحت أن تشارك بوفد يمثــلها في اجتماع وزراء الخارجية العرب المرتقب لشرح رؤيتها للحل على قاعدة الحوار والمصالحة الحقيقية«. وقال إنه »إذا أراد العرب أن يشكلوا رؤية متوازنة عليهم الاستماع للطرفين، لذلك اقترحنا مشاركة وفد من حركة حماس في اجتماعهم المقبل«.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد