كوردسمان: الحرب النووية الإسرائيلية- الإيرانية ستغير وجه العالم
تكهن كبير الاستراتيجيين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن انتوني كوردسمان، بأن تنزلق التهديدات المتبادلة بين ايران و”إسرائيل” الى حرب نووية تسفر عن مجزرة بشرية تطال الطرفين بدرجات متفاوتة، اضافة الى تضرر الجوار العربي، وأشار إلى أن المحصلة قد تصل إلى عشرات الملايين من الضحايا، ونهاية الحضارتين الفارسية والمصرية ونهاية عصر النفط والعولمة، وبزوغ القوى الجديدة مثل الصين والهند. كوردسمان، المدير السابق للتقييم الاستخباري لوزير الدفاع الأمريكي والمدير السابق للسياسة والتخطيط في وزارة الطاقة، قد لا يعني اسمه الكثير للعديد من الأشخاص، لكنه بات أكثر شخصية نافذة في واشنطن اليوم. فقد استند معظم السياسيين الجديين والصحافيين خلال السنوات القليلة الماضية، في تحليلهم للحرب على العراق وتداعياتها، على أبحاثه وخطاباته التي تحظى باحترام عالمي. والرجل واقعي يحب ويمجّد الأرقام والإحصائيات والتحاليل المجردة من الأحاسيس ويستند إليها في بناء السياسات والتحليلات.
وركّز كوردسمان أبحاثه ومهاراته الاستخبارية على دراسة التداعيات الحقيقية للمسار الدبلوماسي في الأمم المتحدة لحل أزمة طموحات إيران النووية. وتنبع اهمية المسألة من أن القدرة النووية الإيرانية ستحوّل ميزان القوى في الشرق الأوسط الكبير، وتترك المنطقة وبقية العالم تعيش تحت الاحتمال الدائم للنزاع النووي بين إيران و”إسرائيل”.
يشير كوردسمان إلى أن ذلك يعني أن حوالي 16 مليوناً إلى 28 مليون إيراني سيموتون في غضون 21 يوماً، وحوالي 200 ألف إلى 800 ألف “إسرائيلي” يموتون خلال الفترة نفسها. وقد يرتفع عدد الوفيات بعد الأيام ال 21 إلى أعلى من ذلك بكثير. استناداً إلى الدفاع المدني وعدد المنشآت الصحية. ويشير الى ان الكيان يملك أفضلية كبيرة. ومن الممكن نظرياً أن يتجاوز الاقتصاد والمجتمع المنظمان مثل هذه الضربة القاتلة، غير أن إيران لن تتجاوزها كمجتمع منظم. ويقول “استعادة إيران لعافيتها لن يكون ممكناً بالمعنى الصحيح للكلمة”.
وفي المقارنة يشير كوردسمان الى ان “إسرائيل” تملك أسلحة نووية أكثر فتكاً (تصل قوة بعضها إلى 1 ميغاطن) وتنشر شبكات من صواريخ أرو الاعتراضية، إضافة إلى بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ، ما يجعل عدداً قليلاً من الصواريخ الإيرانية يضرب الكيان. والفارق في القوة مهم. لأن أكبر قنبلة نووية يتوقع أن تملكها إيران تصل قوتها إلى 100 كيلو طن التي قد تؤدي إلى إلحاق حروق من الدرجة الثالثة بالبشر في دائرة يصل شعاعها إلى 8 أميال (حوالي 12 كيلومتراً)، في حين أن قنابل “إسرائيل” تسبب حروقاً من الدرجة الثالثة في دائرة يصل شعاعها إلى 24 ميلاً (حوالي 38 كيلومتراً). إضافة إلى ذلك، فإن القوة الاشعاعية التي تتسبب بها قنبلة قوتها 1 ميغاطن تؤدي إلى الوفاة الفورية لأي شخص تصيبه على مسافة 80 ميلاً (حوالي 128 كيلومتراً) وطيلة فترة 18 ساعة وهي الفترة المقدرة لانتشار الشعاع النووي.
ويفترض كوردسمان أن إيران التي قد تمتلك حوالي 30 قنبلة نووية حتى العام 2010 ستستهدف المناطق السكنية الرئيسية في تل أبيب وحيفا، في حين أن “إسرائيل” التي تمتلك أكثر من 200 قنبلة نووية وأنظمة إيصال أكثر تطوراً من الأنظمة الإيرانية، بما في ذلك صواريخ كروز التي تطلق من غواصاتها من طراز “دولفن 3”، ستستهدف مراكز التطوير النووي الإيرانية في طهران ونطنز وأردكان وساغند وغاشين وبوشهر وأرال وأصفهان ولشقر وعباد. كما ستستهدف على الأرجح المراكز السكنية في طهران وتبريز وكاظفين وأصفهان وشيراز ويزد وقرمان وقم والأهواز وكرمنشاه.
ويشير كوردسمان إلى أن مدينة مثل طهران يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة “حوض طوبوغرافي محاط بجبال عاكسة، أي المنطقة المثالية للضربة النووية القاتلة”.
وأشار إلى أن الأردن قد يصاب بأضرار فادحة في حال سقوط قنبلة نووية إيرانية على تل أبيب.
لكن الأمر لا ينتهي هنا. أضاف أن “إسرائيل” تحتاج للمحافظة على قدرة ضربة احتياطية، للتأكد من أن لا قوة أخرى في المنطقة ستستغل الهجوم على إيران، “وهذا يعني أن عليها أن تستهدف الجيران العرب الرئيسيين” وخاصة سوريا ومصر. ويلاحظ في هذا الصدد أن “إسرائيل” ستملك خيارات متعددة من بينها ضربة نووية محدودة على مناطق سورية. وتكهن ان ضربة شاملة على سوريا ستؤدي الى مقتل حوالي 18 مليون نسمة خلال 21 يوماً، واستعادة سوريا عافيتها ستكون شبه مستحيلة. وضربة سوريا المضادة التي تستخدم خلالها كل ما يحكى عن أسلحتها الكيمائية والبيولوجية ستؤدي إلى مقتل نحو 800 ألف “إسرائيلي”.
اضاف ان الهجوم النووي “الإسرائيلي” على مصر قد يستهدف على الأرجح مركز التجمّع السكاني في القاهرة والإسكندرية ودمياط وبور سعيد والسويس والأقصر وأسوان. ولا يعطي كوردسمان تقديراً لعدد الوفيات في هذه المناطق لكنه سيكون على الأرجح بحدود عشرات الملايين. كما ستؤدي الضربة بالتأكيد إلى تدمير قناة السويس وسد أسوان ما يؤدي إلى فيضان نهر النيل الذي سيؤدي إلى مسح كل التوهّج الذي تتميّز به دلتا النيل، ما يعني نهاية المجتمع المصري العامل.
كما يشير كوردسمان إلى آبار النفط والمصافي والمرافئ في الخليج التي قد تشكّل أيضاً أهدافاً، في حال تصوّرت “إسرائيل” أنها ستكون عرضة لضربة قاتلة وقررت الرد الشامل. ونظراً لأن هذه الضربة ستركز على المنطقة حصراً فقد لا تكون نهاية الجنس البشري، لكنها حتماً ستكون ضربة قاضية للاقتصاد العالمي.
ويقول كوردسمان بأسلوب واضح ومباشر إن الأخطار الحقيقية في هذه الأزمة، هي أن الرهان على الطموحات النووية الإيرانية يعني حتماً نهاية الحضارة الفارسية، وعلى الأرجح نهاية الحضارة المصرية ونهاية عصر النفط. وهذا يعني نهاية العولمة وتعاظم التجارة العالمية والنمو والازدهار لمصلحة الصينيين والهنود وآخرين.ويختم كوردسمان دراسته بالتحذير “الطريقة الوحيدة للفوز، هي عدم.. اللعب”.
المصدر: يو بي آي
إضافة تعليق جديد