كيف اشترت «وول ستريت» أزمتها بـ«المال السياسي»؟

06-03-2009

كيف اشترت «وول ستريت» أزمتها بـ«المال السياسي»؟

سلسلة من القرارات لتحرير السوق من القيود، تمكنت شركات المال الكبرى في «وول ستريت» من تمريرها عبر دفع خمسة مليارات دولار لصناع القرار في الولايات المتحدة، كانت سبباً رئيسياً في الانهيار المالي الذي ضرب الأسواق الأميركية. تلك هي الخلاصة التي خرج بها تقرير لمجموعة «وول ستريت ووتش» الأميركية تناول مسألة «المال السياسي» الذي استثمره قطاع المال في الولايات المتحدة في شراء أزمته.
وبحسب التقرير، الذي أعدّه رئيس «مؤسسة تثقيف المستهلك» المحامي هارفي روزنفيلد، وروبرت ويسمان من مجموعة «معلومات أساسية»، وهما المؤسستان الراعيتان لمجموعة «وول ستريت ووتش»، فإنّ القطاع المالي الأميركي «استثمر» أكثر من خمسة مليارات دولار للتأثير على صناع القرار في الولايات المتحدة، الأمر الذي كان له تأثير كبير في الانهيار المالي الذي عرفته الأسواق الأميركية.
ويشير التقرير، الذي يقع في 231 صفحة، ويحمل عنوان «كيف خانت وول ستريت وواشنطن أميركا»، إلى أن شركات استثمار ومصارف تجارية وصناديق تحوّط والتكتلات وشركات عقارية ومؤسسات تأمين كبرى في وول ستريت أنفقت، بين العامين 1998 و2008 نحو 1.725 مليار دولار على «مساهمات سياسية»، إضافة إلى 3.4 مليار دولار لمصلحة مجموعات الضغط.
ويوضح التقرير انه في العام 2007 وحده عمل حوالى 3000 شخص من مجموعات ضغط فدرالية لمصلحة القطاع المالي، متحدثاً عن عشرات الخطوات المتعقلة بتحرير السوق من بعض القوانين، والتي قادت إلى الانهيار المالي.
ويشير التقرير إلى أنّ من بين هذه الخطوات وقف إجراءات ضبط المشتقات المالية، وإلغاء الحواجز التنظيمية بين مصارف تجارية وأخرى استثمارية، ووضع برامج اختيارية لتنظيم المصارف الاستثمارية الكبرى، ومنع تدخل الهيئات الفدرالية لوقف القروض العشوائية.
ويقول روزنفيلد إنّ «التقرير يشرح، خطوة بخطوة، كيف باعت واشنطن وول ستريت بشكل منهجي». ويشير إلى أنّ «برامج فترة الكساد، التي كان من شأنها أن تمنع الانهيار المالي الذي بدأ في العام الماضي، قد جرى تفكيكها. أمّا تحذيرات أولئك الذين توقعوا الكارثة فقد جرى إغراقها في محيط من المال السياسي». ويضيف «الأميركيون تعرّضوا للخيانة، ونحن ندفع ثمناً باهظاً: تريليونات من الدولارات بسبب هذه الخيانة».
أمّا ويسمان فيرى أنّ «الكونغرس والسلطة التنفيذية تجاوبا مع الرشاوى الشرعية» المقدّمة من القطاع المالي، من خلال إجراءات عدة بينها منع «مشرعين شرفاء» من إصدار قواعد تنظيمية لمعالجة المشاكل الناشئة، مشيراً إلى أنّ التآكل التدريجي في القواعد التي تضبط عمل السوق ساهمت في تدفق «القروض السيئة» التي قادت بدورها إلى «تسونامي من المراهنات السيئة»، وهي إحدى الظواهر الأساسية التي ساهمت في حدوث الانهيار.
وبحسب التقرير فإنّ العديد من الخطوات، التي سمحت بتحرير الشركات من القيود القانونية قد أدت إلى هذا الانهيار المالي، وأبرزها إلغاء الكونغرس قانون «غلاس ـ سيتغال» الذي كان يمنع الاندماج بين المصارف التجارية والاستثمارية، والسماح للمصارف بإصدار موازنات غير متوازنة وبالتالي إخفاء خصومها المالية، وتمرير قوانين تمنع تنظيم المشتقات المالية، فضلاً عن سماح «لجنة التأمينات والمبادلات» للمصارف الاستثمارية بوضع برامج اختيارية لرفع مستوى القروض، والسماح للمصارف التجارية بتحديد احتياطيات رأسمالها على أساس أنظمة تقييم المخاطر الخاصة بها.
ويشير التقرير إلى أنّ الحزبين الديموقراطي والجمهوري استفادا من المساهمات المالية التي قدّمتها شركات وول ستريت، بحيث ذهبت نسبة 55 في المئة منها إلى الجمهوريين و45 في المئة منها إلى الديموقراطيين. وبحسب التقرير فإن الديموقراطيين حصلوا في العام 2008 على أكثر من نصف تلك المساهمات المالية.
ويوضح التقرير أنّ 142 من أعضاء مجموعات الضغط الذين عملوا لمصلحة 20 مؤسسة مالية كبرى في وول ستريت في العام 2007، كانوا مسؤولين سابقين بارزين، أو موظفين في السلطة التنفيذية والكونغرس.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...