للمرة الأولى بعد توقيع كامب ديفيد مؤتمر اتحاد الكتاب العرب ينعقد بمصر
للمرة الأولى منذ سبعة وعشرين عاما يعقد اتحاد الكتاب العرب مؤتمره في القاهرة، ويُفتتح اليوم في مقر جامعة الدول العربية، بعد ارتحال طويل الى تونس بسبب توقيع مصر اتفاق كمب ديفيد. هذا ما كان أعلنه رئيس اتحاد الكتاب المصريين محمد سلماوي في مؤتمر صحافي حول برنامج الاجتماع الذي يفترض أن يشهد انتخاب رئيس جديد للاتحاد، تسعى مصر الى أن يكون من نصيبها إذا حصل إجماع عربي على ذلك.
وبالرغم من أن المؤتمر يشهد تكريماً كبيرا للراحل نجيب محفوظ عبر عدد من المحاور، ومشاركة مجموعة من الباحثين والنقاد العرب، إلا أن هناك الكثير من اللغط، تسبب به أولا إعلان اتحاد الكتاب الأردني، ممثلاً في شخص أحمد ماضي، نيته الترشح لرئاسة إتحاد الكتاب العرب، وما أشيع لاحقا عن نية مشابهة للاتحاد السوري، ثم، على الصعيد الداخلي، إعلان الشاعر عبد الرحمن الأبنودي استقالته من اتحاد الكتاب المصريين احتجاجا على عدم نشر صورته في مطبوعة للاتحاد تناولت شؤون المؤتمر.
الضجة التي أثارها الأبنودي تبدو مفتعلة من البداية، لأن السبب المعلن لا يبرر مثل هذه الضجة وتوقيتها، الذي يجعل سلماوي نفسه يتساءل عن المقصود من ذلك. كما أن سلماوي في تعليقه على الحدث أكد أنه لم يتسلم أيّ استقالات، لا من الأبنودي ولا من غيره، "وحتى بعد الضجة التي أثارها الإعلام لم يتقدم الأبنودي باستقالته على الأقل لإثبات جديته في الاستقالة".
لكن الأبنودي أبرز نسخة من كتاب الاستقالة أمام صحافي أجرى معه حواراً، إلاّ ان هذا الأخير لم يتأكد من إرسالها الى أيّ جهة. ويبدي المتابعون دهشتهم حيال ما يحصل، وخصوصاً في أوساط الجيل الشبابي، في ضوء ما يشاع أن ذلك كله ليس سوى أصداء لصراع مكتوم على إرث نجيب محفوظ، ومن يكون المتحدث الرسمي عنه بصفته "الأكثر قربا"!
أما بالنسبة الى انتخاب اتحاد جديد للكتاب العرب فأوضح سلماوي أن اتفاقاً تمّ التوصل اليه خلال وقائع الدورة الثانية والعشرين الأخيرة في الجزائر، فحواه أن يكون مكان انعقاد المؤتمر المقبل في مصر، التي تنازلت عن الترشح يومذاك بسبب الظروف الخاصة التي تمر بها سوريا، وتم تمديد الرئاسة لدمشق مرة ثالثة استثنائياً لأن قانون الاتحاد ينص على دورتين فقط، على أن تعقد هذه الدورة في القاهرة، وهذا ما تقرر.
وأعرب سلماوي عن دهشته حيال موقف عمان وإعلان رئيس الاتحاد الأردني عن ترشحه لمنصب الرئيس عبر تنظيم حملة انتخابية وإرسال مندوبين الى اتحادات الكتاب العرب، وإضفاء صبغة سياسية على الترشح بالتأكيد أنه مدعوم من الحكومة الأردنية في مخاطبته لرؤساء الاتحادات العربية الأخرى. وأوضح أن الموقف المصري هو التزام اتفاق الجزائر، "إلا إذا اضطرنا الأخوة العرب لعكس ذلك، وهو ما لم يحدث بل العكس، إذ أكد الكثير منهم التزامهم أن تكون الأمانة العامة من نصيب مصر باعتبار أنها لم تتولّ الأمانة منذ ما يقرب من 30 عاما بعد إبعادها عن عضوية الاتحاد بسبب اتفاق كمب ديفيد، في حين تولاها كل من الأردن وسوريا أكثر من مرة. لذا نعتمد سياسة مختلفة تماما. فنحن مع التوافق العربي ولسنا مع التنافس، ونسعى الآن في خطى حثيثة للتمكن من حسم هذا الموضوع حبياً بين الأعضاء حتى لا نضطر الى التصويت، لأن ذلك من شأنه أن يترك رواسب في النفوس قد تحول دون روح التعاون التي نتطلع إليها في المرحلة المقبلة بين أعضاء الاتحاد".
تشارك في أعمال هذه الدورة 15 دولة عربية هي مصر، لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين (سيبحث المؤتمر قضية تعليق عضويتها)، الكويت، البحرين، اليمن، الإمارات، السودان، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا. وتمثلها وفود في رئاسة رؤساء الاتحادات، وهم على الترتيب محمد سلماوي، غسان مطر، علي عقلة عرسان، أحمد ماضي، المتوكل طه، عبدالله التيلجي، إبراهيم بوهندي، عبدالله البار، حارب الظاهري، علي علمان صالح، سعد عمران نافو، منصور مهنى، محمد العربي الزبيري، عبد الحميد عقار، ومحمد كابر هاشم.
وفي حين رأى البعض أن المدعوين من المشاركين العرب لا يعكسون الخريطة الأدبية جيداً، أو لاحظ غياب أسماء لافتة كان في إمكانها إضفاء فاعلية عميقة على مؤتمر محفوظ أو المهرجان الشعري، أكد سلماوي أن الاتحاد يوجه الدعوة الى رؤساء الاتحادات العربية وهي التي تختار الوفود المشاركة.
ويناقش المؤتمر مسيرة محفوظ منذ رواياته المبكرة في مطلع الاربعينات، والتي تناول فيها جانبا من تاريخ مصر القديمة، وصولا الى آخر كتابين له، "أصداء السيرة الذاتية" و"أحلام فترة النقاهة". وتتعدد المحاور ومنها: هل كان محفوظ مؤرخا أم مستخدما للتاريخ، الشكل الفني في أعمال محفوظ، الأعمال الواقعية، الأعمال التجريبية، الأعمال الملحمية والأخيرة، الرؤية السياسية في أدب نجيب محفوظ، نجيب محفوظ والسينما،... الخ. بالإضافة إلى عدد من الطاولات المستديرة حول موضوعات منها: "محفوظ في عيون العالم" و"حقوق الملكية الفكرية". ويتزامن المؤتمر مع صدور طبعة جديدة من الاعمال الكاملة لمحفوظ لدى "دار الشروق" القاهرية.
وتبدأ بعد غد الخميس وقائع "مهرجان الشعر العربي" على هامش المؤتمر ويستمر حتى 27 الجاري، ويحمل عنوان "التجريب الشعري المعاصر في الوطن العربي"، ويناقش الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي، من القصيدة العمودية الى القصيدة النثرية، ومكانة القصيدة العربية في مشهد الشعر العالمي المعاصر، بالإضافة إلى ثلاثة محاور مخصصة لهوية الطفل العربي في عصر العولمة، وعدد من الأمسيات الشعرية التي لن تنعقد في القاهرة فقط إنما سوف تمتد إلى عدد من المدن المصرية هي الاسكندرية والمنصورة والمنيا، إلى أمسيات في الفيوم وبور سعيد والإسماعيلية. ويشارك في المهرجان نحو ثلاثين شاعرا منهم اللبناني محمد علي شمس الدين والفلسطيني سميح القاسم والاردني ابرهيم نصر الله.
إبراهيم فرغلي
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد