ما هو مدلول التصريحات الإسرائيلية حول إشراك سورية في مؤتمر السلام
الجمل: برغم التوترات السورية- الإسرائيلية التي أعقبت قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بانتهاك المجال الجوي السوري، وما أعقب ذلك من مزاعم حول وجود برنامج نووي سوري، ومن تطور جديد أعلن بعض المسؤولين الإسرائيليين عن أن سورية يمكن أن يرحب بها في مؤتمر قمة السلام الذي سوف يعقد بميريلاند الأمريكية تحت رعاية إدارة بوش.
* التصريحات الإسرائيلية الجديدة: أبرز التساؤلات
يبرز ثمة تساؤلا متعارضا من الناحية الشكلية حول نوايا إسرائيل وبكلمات أخرى، من جهة إذا كانت إسرائيل ترحب بحضور سورية للمؤتمر الدولي فلماذا قامت في هذا الوقت بالذات بدفع طائراتها الحربية للقيام بانتهاك الأجواء السورية واستخدام ذلك ذريعة لإثارة المزاعم القائلة بوجود برنامج نووي سري سوري، ومن الجهة الأخرى إذا كانت إسرائيل ترغب في تصعيد التوتر مع سورية بإرسال طائراتها لانتهاك الأجواء السورية وإثارة المزاعم بوجود برنامج نووي سوري سري فلماذا تم الإعلان الآن عن الترحيب بسورية في المؤتمر الدولي؟
وهل التساؤلان متعارضان في حقيقة الأمر، أم أنهما يكملان بعضهما البعض ضمن موقف إسرائيلي واحد يهدف إلى القيام بمناورة استراتيجية أكبر، وخداع استراتيجي أوسع في مواجهة سورية بهدف تحقيق مكسب ما لصالح إسرائيل؟ وإذا كان ذلك كذلك فما هو هذا المكسب؟ وهل يرتبط بالصراع السوري – الإسرائيلي، أم يرتبط بالصراع العربي- الإسرائيلي، أم أنه يرتبط بصراعات النخب الإسرائيلية الداخلية بين بضعها البعض؟
• التصريح الإسرائيلي الجديد: المضمون والمحتوى
نقلت صحيفة ايديعوت احرونوت عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم بالنسبة إلى أي بلد عربي يرغب في الحضور ويتمسك بالشروط الثلاثة المحددة بواسطة المجتمع الدولي بما في ذلك سورية أهلا وسهلا ومرحبا.
تقول الصحيفة بأن الشروط الدولية الثلاثة هي الشروط التي سبق أن وضعتها اللجنة الدولية الرباعية وتتمثل في:
- الاعتراف بإسرائيل.
- نبذ العنف.
- القبول بالاتفاقيات السابقة.
وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن العرض الإسرائيلي لم يكن الوحيد، بل أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قد سعى خلال لقاءه الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت مطالبا بضرورة المشاركة السورية في قمة مؤتمر السلام، ونفس الشيء طالب به محمود عباس أيضا في لقائه الأخير مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس.
وأشارت صحيفة ايديعوت احرونوت الإسرائيلية بأن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون بأن واشنطن تأمل السماح لسورية في لقاء القمة ولكن على أساس أن يؤدي ذلك إلى (تخليص) سورية من (محور الشر) وارتباطها مع إيران وذلك بهدف إفساح المجال لإحراز المزيد من التقدم السياسي في المنطقة.
• الأداء السلوكي الإسرائيلي إزاء سورية:
مخطىء من يقول بأن اللوبي الإسرائيلي منفصل عن إسرائيل وذلك لأن الوقائع الميدانية العملية أكدت بأن الاثنين يمثلان شيئا واحداً ومن أبرز الأدلة الأخيرة والحديثة جدا على ذلك:
- قامت إسرائيل بانتهاك الأجواء السورية وبعد ذلك مباشرة قام اللوبي الإسرائيلي بالتحرك السريع ضمن حملة مبرمجة الأهداف حققت حتى الآن ثلاث مراحل هي: التسويق الإعلامي بأن ما قامت به إسرائيل كان يستهدف منشأة نووية سورية، ثم نشر المزاعم حول وجود برنامج نووي سوري بالتعاون مع كوريا الشمالية، ثم الدفع باتجاه تمرير مشروع قرار في الكونغرس بهدف توفير التشريع القانوني اللازم من أجل تصعيد التحركات الدولية ضد سورية.
- ظل اللوبي الإسرائيلي وعناصره تعمل على عرقلة استئناف محادثات السلام السورية – الإسرائيلية ووصل الأمر إلى حد دفع الإدارة الأمريكية باتجاه عدم السماح لسورية بحضور المؤتمر وفي الوقت نفسه كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول بأنه مستعد للتفاوض من أجل السلام مع سورية دون أي شروط مسبقة.
إن كل الدلائل تشير إلى أن إسرائيل واللوبي الإسرائيلي يتحركان ضمن مسار واحد يهدف إلى تحقيق ما سبق أن حددته خطة ريتشارد بيرل وديفيد فورمزر وآخرون بناء على تكليف بنيامين نتنياهو لمعهد الدراسات الاستراتيجية والسياسة المتطورة التابع للوبي الإسرائيلي في أمريكا.
والهدف هو، أن تقوم إسرائيل بتحقيق اختراق كبير تتخلص بموجبه من مبدأ الأرض مقابل السلام إلى مبدأ السلام مقابل السلام، واعتماد أن يتم ذلك بالتنسيق بين إسرائيل وأمريكا في عملية استخدام كافة وسائل القهر وكسر الإرادة حربا أم تفاوضا.
إن اعتراف سورية بالمبادىء الثلاثة التي حددتها اللجنة الرباعية الدولية سوف تترتب عليه التداعيات الآتية.
- الاعتراف بإسرائيل سوف يترتب عليه حصول إسرائيل على الاعتراف والذي لا يتوجب أن تحصل عليه إسرائيل إلا بموجب التفاوض وفقا لشروط مبادرة السلام العربية التي حددت بوضوح أن يتم الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها إذا قبلت بالانسحاب من الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وحق العودة.. وبكلمات أخرى إذا قررت الدول العربية الاعتراف بإسرائيل من أجل المشاركة في المؤتمر الدولي فإن إسرائيل سوف تكون قد حصلت على الاعتراف، أما الدول العربية فسوف لن تحصل على شيء سوى المشاركة في المؤتمر (وأخذ الصور التذكارية) التي توثق لاعترافها بإسرائيل.
- الاعتراف بالاتفاقيات السابقة معناه أن تعترف سورية باتفاقيات ليست هي طرفا فيها بل وقعتها أطراف أخرى مع إسرائيل وعلى سبيل المثال إذا اعترفت سورية باتفاقيات كامب ديفيد واعترفت باتفاقيات وادي عربه واعترفت باتفاقية أوسلو.. فإن مصطلح (اعتراف) لم يضعه مشرعوا القانون الدولي بلا دلالة قانونية، وبكلمات أخرى فإن أي اعتراف تترتب عليه بالضرورة التزامات، والسؤال ما هي الالتزامات التي سوف تترتب على سورية إذا اعترفت باتفاقيات لم توقعها.
وبكلمات أخرى هل سورية مطلوب منها لكي يسمح لها جورج بوش وايهود اولمرت بالمشاركة في المؤتمر أن تعترف بالاتفاقيات التي وقعها (أنور السادات) و(الملك حسين) و(ياسر عرفات) والإجابة بالتأكيد هي: أن الجواب من عنوانه كافي.
وهكذا نخلص إلى أن إسرائيل بتصريحات كبار مسؤوليها التي أوردتها صحيفة ايديعوت احرونوت اليوم تهدف إلى تحقيق اختراق كبير يفرغ مبادرة السلام العربية من مضمونها بحيث تحصل إسرائيل على ما تريد وتترك العرب بلاشيء وبكلمات أخرى إذا حصلت إسرائيل على الاعتراف العربي والاعتراف بالاتفاقيات السابقة فما هي الأوراق التي سوف تبقى في يد العرب لكي يستخدموها في الضغط على إسرائيل من أجل التسوية؟!!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد