ما هي احتمالات نتائج الأزمة الدستورية التركية
الجمل: انتقلت المواجهة بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي وخصومه العلمانيين من مرحلة الحرب الباردة منخفضة الشدة إلى مرحلة الحرب الباردة مرتفعة الشدة، بعد أن تصاعدت وتيرة حرب الأعصاب بين حكومة أردوغان – غول والقوى العلمانية.
* ماذا تقول آخر تسريبات أنقرة؟
أشارت المعلومات الصادرة من العاصمة التركية بأن الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الله غول قد أصدر تحذيراً واضحاً شديد اللهجة حذر فيه الأطراف التركية من عواقب الاصطفاف السياسي حول قرار المحكمة الدستورية العليا المتوقع ومن عواقب محاولة التأثير على قرار المحكمة.
وتحدث الرئيس عبد غول واصفاً التورط في التأثير على قرار المحكمة أو القيام باستغلال الظروف لتعزيز وتصعيد عمليات الاصطفاف والاستقطاب السياسي بأنها ستضر كثيراً بسمعة تركيا كبلد ديمقراطي في المنطقة والعالم.
* حرب التصريحات الجديدة:
حدثت خلال اليومين الماضيين عمليات تراشق وتبادل للتصريحات المتشددة العدائية بين زعماء حزب العدالة والتنمية ومجلس المحكمة الدستورية العليا، وقد بدأت التصريحات بمزاعم بعض أعضاء المحكمة التي قالت بأن حزب العدالة والتنمية قد سعى لرشوة بعض القضاة. وعلى الفور أعلن حزب العدالة والتنمية بأن تصريحات ومزاعم المحكمة قد تم تحريكها مسبقاً لخدمة بعض الأغراض السياسية واتهم زعماء الحزب أعضاء المحكمة بأنهم يحاولن تمهيد الأجواء لتسهيل تمرير قرار حل الحزب.
* ما هو موقف حزب العدالة والتنمية داخل المحكمة الدستورية العليا؟
تقول المعلومات بأن عدد أعضاء المحكمة 11 قاضياً منهم 7 تم تعيينهم من قبل الرئيس السابق سيزر. وتشير التسريبات إلى هؤلاء القضاة السبعة يتميزون بتشددهم العلماني وارتباطهم الوثيق الصلة بالثقافة القانونية الأمريكية الغربية المعادية للتقاليد الإسلامية.
* الأطراف الثالثة في معركة المحكمة الدستورية العليا:
أشارت صحيفة زمان اليوم التركية إلى قيام الرئيس عبد الله غول ورئيس الوزراء أردوغان بحملة لقاءات مكثفة مع زعماء النقابات والاتحادات والأحزاب التركية بما يمكن تفسيره بأنه حملة واسعة لكسب التأييد والدعم الشعبي. وفي نفس الاتجاه يقوم رئيس الوزراء أردوغان بحملة ضد إجراءات المحكمة الدستورية وقد كشف في آخر تصريحاته للرأي العام التركي بأن تقديم العريضة إلى المحكمة قد ترتب عليه خسائر منالية باهظة في الاقتصاد التركي بلغت حوالي 25 مليار دولار بسبب تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بسبب حالة الشكوك واللايقين السياسي التي تعاني منه تركيا في الوقت الراهن. وقد تحدث السفير الألماني في أنقرة واصفاً حكومة حزب العدالة والتنمية بأنها حكومة علمانية وأكد على أن استخدام قرار المحكمة الدستورية للإطاحة بها سيضر بإجراءات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، لأنه يتنافى مع المعايير الأوروبية التي تعتمد صناديق الاقتراع في عملية تداول السلطة وليس أي وسيلة أخرى. وفي أنقرة صرح مسؤول سويدي رفيع المستوى مطالباً بضرورة إجراء إصلاحات دستورية في تركيا لجهة الحد من استهداف الحكومات المنتخبة ديمقراطياً عن طريق الوسائل غير الديمقراطية، وطالب مشدداً على ضرورة أن لا يؤثر قرار المحكمة الدستورية على بقاء الحكومة الحالية المنتخبة ديمقراطياً.
* صراع أنقرة ومستقبل تركيا الاستراتيجي:
تشير التحليلات إلى أن الساحة السياسية التركية قد بدأت تشهد هذه الأيام عملية استقطاب واسعة النطاق انتظاراً لقرار المحكمة الدستورية الذي ينظر إليه المراقبون باعتباره يمثل لحظة وقوف تركيا أمام الخيارات الإستراتيجية الأكثر أهمية وحرجاً في تاريخها المعاصر:
• اللاعبون الرئيسيون: حزب العدالة والتنمية، والمحكمة الدستورية العليا.
• اللاعبون الثانويون: مجلس الوزراء التركي ومؤسسة الرئاسة التركية والبرلمان التركي والمؤسسة العسكرية التركية.
وفي حالة صدور قرار بحظر الحزب فإن خارطة توزيع اللاعبين ستتغير:
• في حالة رفض الحزب للقرار ستصعد المؤسسة العسكرية التركية لمستوى اللاعبين الرئيسيين.
• في حالة قبول الحزب بالقرار سيصعد البرلمان التركي لمستوى اللاعبين الرئيسيين لأنه سيقوم باختيار الحكومة التركية المؤقتة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
في حالة صدور قرار المحكمة ببراءة الحزب، فإن خارطة توزيع اللاعبين ستتغير وسيصعد كل من البرلمان التركي ومجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة إلى مستوى اللاعب الرئيسي، وتشير التوقعات إلى احتمالات حدوث الآتي:
• انفراد حزب العدالة والتنمية بالسيطرة على الساحة السياسية التركية.
• قيام مؤسسة الرئاسة التركية بإعادة النظر في مكتب المدعي العام وفي تكوين المحكمة الدستورية التركية.
• قيام البرلمان التركي بطرح المزيد من التعديلات الدستورية.
إضافةً لذلك، فمن المتوقع أن يمضي حزب العدالة والتنمية في إيجاد تسوية سياسية لأزمة شمال العراق، وستتعامل السياسة الخارجية التركية بشكل أكثر حزماً مع محور واشنطن – تل أبيب الذي يفهم ويدرك زعماء الحزب بأنه المسؤول الأول عن الأزمة الدستورية ومحاولة استغلال القضاء من أجل الانقلاب على السلطة الشرعية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد