مسيحييو فلسطين و المواجهة بين "فتح" و "حماس"
كيف حال مسيحيي فلسطين او من تبقى منهم, وكيف ينظرون الى المواجهة القائمة بين «فتح» و«حماس»؟ السؤال بشقيه حملته الى بطريرك اللاتين في القدس المحتلة ميشال الصباح على هامش «مؤتمر الكنائس العالمي» الذي انعقد في العاصمة الأردنية, وكان هذا الحوار:
€ كيف تصفون اوضاع المسيحيين في فلسطين المحتلة؟
اولاً وقبل كل شيء نحن جزء من النسيج الوطني الفلسطيني. نحن عرب اسهمنا في بناء النهضة العربية وكان لنا دور مميز, واليوم نعاني كما ابناء شعبنا من الاحتلال ليس لأننا مسيحيون بل لأننا فلسطينيون. وأود بالمناسبة تأكيد صلابة علاقتنا مع اخواننا المسلمين في الاراضي المحتلة, بالرغم من بعض الاشكالات الفردية وهي أمر طبيعي. حتى في ظل حكومة «حماس» كنا نتوصل الى تسوية المشاكل الطارئة كافة, خصوصاً على مستوى التربية والتعليم.
€ هل لا يزال مسيحيو فلسطين يهاجرون؟
الهجرة لا تحصر بفئة دون اخرى فالجميع يهاجرون مسلمين ومسيحيين, وحتى اليهود يهاجرون. وقد اصدر مفتي الديار الفلسطينية فتوى حرم فيها الهجرة تحت أي سبب من الاسباب. والهجرة ناجمة عن عدم الاستقرار السياسي. لكن هناك فرقاً بين هجرة المسلم واليهودي وهجرة المسيحي, فالمسلمون اذا هاجر منهم مليون شخص سيبقى وراءهم ملايين, وكذلك اليهود, اما نحن كمسيحيين فإن هجرة مسيحي واحد تؤثر فينا سلبا بسبب قلة عددنا. نحن اليوم نعد خمسين الفاً وهذا هو عددنا منذ 40 عاما. منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا هاجر 150 الفا, ولو لم يهاجروا لكان عددنا كمسيحيين فلسطين 200 الف, والوضع باق على حاله ما دام الاحتلال قائماً.
€ كيف تقرأ تداعيات اقتتال غزة؟
ما حدث امر خطير جدا, والموقف السياسي يؤشر إلى ان هناك مخططا لعزل قطاع غزة والتضييق عليها, وسيؤدي ذلك الى كارثة انسانية مرفوضة من كل ذي عقل سوي. ما جرى كان صداما صريحا بين الطرفين ونأمل من «حماس» ان تعيد النظر في مواقفها وان تعمل جادة مع حركة «فتح» من اجل تغليب المصلحة العامة والوطن. على الطرفين العمل معا وبصدق لوضع حد للفلتان الامني الذي تفاقم واصبح حربا اهلية.
€ هناك من يتخوف من تداعيات اقتتال غزة على مستقبل الفلسطينيين, هل ما يبرر هذا التخوف؟
قضية فلسطين مقدسة وعادلة, وبالتالي لن يتمكن احد من القضاء عليها. واؤكد ان القضية الفلسطينية لو قدر لها ان تموت في قلوب القيادات والاحزاب والذين يضحون بها في سبيل المصالح الضيقة الشخصية, فانها ستبقى حية في قلوب الاطفال.
حين اسير في منطقة بيت لحم ارى اطفال المخيمات الذين اذا نظروا اليك فإنهم يخيفونك ولا يخافون منك. وتشعر انهم يحملون القضية, وعليه اقول انه لو قضى هذا الجيل الذي اوصلنا الى الاقتتال, فسيظهر جيل اعقل منه يمضي بالقضية في مسارها الصحيح, كونها ليست سلعة بل قضية شعب فقد حريته, ولن يصمت عن اغتصاب حقوقه.
واحب التوضيح هنا ان نمط الحياة المفروض على الانسان الفلسطيني نمط لا انساني لا يقبله عقل او منطق. ربما قبل به البعض ان حصلوا على بعض المكاسب لكن الاجيال المقبلة ترفض الركوع.
€ هل تحمل طرفا دون غيره مسؤولية ما جرى في غزة؟
لا أحمل المسؤولية لطرف بعينه كون الفرقاء كافة هم الذين يتحملون المسؤولية كاملة والمهم ان يعمل الكل في سبيل المبدأ لأن الاولوية هي لانهاء الاحتلال ومصالح الاحزاب في آخر المطاف.
€ ما دور السفارة المسيحية الصهيونية في القدس المحتلة وهل تتعاملون معها؟
هذه ليست سفارة ولا هي مسيحية. لم يكلفها احد القيام بدور السفارة, وهي لا تمثل احدا ولا تؤمن بالسيد المسيح. وهي تجمع فئات متطرفة من المسيحيين, وبالتالي لا يمكن القول انهم يمثلون المسيحيين ونحن لا نتعامل معهم لا من قريب ولا من بعيد, وهم ايضا هيئة دينية مسخرة لعمل سياسي يتمثل بدعم اسرائيل.
€ ما خطورة هذه المؤسسة؟
ليس لها خطورة تذكر وشأنها شأن المؤيدين لاسرائيل وهم كثر. فهناك كما هو معروف العديد من الهيئات المؤيدة لاسرائيل والمشكلة ان التأييد الذي يتحدثون عنه ليس العامل الحاسم في تقرير المصير أولا وآخرا, ومصلحة اسرائيل ليست في وجود من يؤيدها بل من يدلها على كيفية صنع السلام العادل مع الفلسطينيين والعرب.
€ هناك اصرار اسرائيلي على شراء عقارات مسيحية في القدس تحديدا, لماذا؟
الاوقاف والعقارات المسيحية عربية خالصة ويجب ان تبقى كذلك ولا يجوز تسريبها بأي شكل من الاشكال الى السلطة الاسرائيلية, فالوضع ما زال غير مستقر والصراع قائم بين الفلسطينيين وهذا يفرض علينا عدم السماح لهم بالسيطرة على اوقافنا.
€ كيف تنظر الى المسيحيين العرب كجسر بين الشرق والغرب؟
هذا صحيح ويمكن للمسيحيين القيام بهذا الدور, ذلك ان المسيحيين يشاركون في ثقافتين وحضارتين هما المسيحية الغربية والشرقية المسلمة, ومن ثم يستطيعون تقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب وان يقوموا بتنوير الغرب بأن الاسلام ليس دين ارهاب وأن الامر لا يعدو وجود بعض العناصر المتطرفة ليس الا.
€ وقعت منظمة التحرير اتفاقية اوسلو مع الاحتلال وقبلت بالامر الواقع لكن اسرائيل لم تقدم شيئا فما هو تفسيرك؟
الخلل ليس في توقيع اتفاقية ما بل في ظروف توقيعها وموازين القوى, وما جرى بالنسبة الى اوسلو هو ان الفلسطينيين وقعوها مع طرف اقوى يمارس معهم الاستبداد ويستخف اصلا بالمواثيق والعهود. وعلى المجتمع الدولي ان ينصف الفلسطينيين كي لا تظل دورات العنف تعصف بالمنطقة.
أسعد العزوني
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد