مشعل: لا تجديـد للتهدئة
استبعدت حركة حماس، أمس، تجديد التهدئة مع إسرائيل، وذلك قبل أيام من انتهاء مرحلتها الأولى، حيث أكد رئيس المكتب السياسي في الحركة خالد مشعل أنّ غالبية الفصائل مقتنعة بأن »التهدئة ستنتهي«، محذراً من »كلفة عالية« ستتكبدها إسرائيل في حال أقدمت على شن عدوان على غزة، فيما أشار رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية إلى أنّ تقييم الفصائل للتهدئة، في الأشهر الستة الماضية، كان سلبياً.
يأتي ذلك، في وقت شكك المحللون الإسرائيليون في احتمال تدهور الوضع العسكري في قطاع غزة على نطاق واسع، متحدثين عن خلافات داخل الفصائل حول موضوع التهدئة، ومحاولات من قبل حماس لفرض شروط جديدة، أو تغيير لقواعد اللعبة.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في مقابلة مع »قناة القدس« الفضائية، إنّ »التهدئة كانت محددة بستة أشهر، وأن العدو لم يلتزم بها، وبكل وضوح، بالنسبة لحماس وغالبية القوى فإن التهدئة ستنتهي ولا تجديد لها«. وأضاف مشعل أن »فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس ستتصرف وفق متطلبات الميدان، وبما ينسجم مع خطنا في مقاومة الاحتلال والدفاع عن شعبنا«.
وأكد مشعل أنّ التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على غزة »ليست جديدة، وهي نوع من المكابرة الإسرائيلية، ونعتقد أن كلفة الاجتياح ستكون عالية جداً والعدو يتردد مئة مرة قبل أن يقدم على هذا التصرف«.
وأشار مشعل إلى أنّ »شرط التهدئة كان رفع الحصار«، متسائلاً »ما قيمة التهدئة إذا لم تأت برفع الحصار؟«.
ورفض مشعل الاتهامات التي تساق ضد حركته بالتبعية لإيران وسوريا، وقال »أتحدى ان يثبت احد ان حماس تتأثر ولو بواحد في المئة بأي ضغط إقليمي«، مضيفاً أنّ »السعودية ودول الخليج ومعظم الدول العربية قدمت مساعدات لفتح خلال السنوات الماضية، فهل في ذلك رشوة للقضية الفلسطينية؟ أما إذا سوريا او إيران دعمت (حماس) فالتهمة جاهزة«.
من جهته، أعلن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام أن المداولات التي جرت حتى الآن بين الفصائل الفلسطينية المسلحة لم تفض إلى موقف نهائي إزاء التهدئة »لكن الأمور تتجه إلى رفض الاستمرار بها بشروطها الحالية«، مشيراً إلى أنّ الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة »أمر محتوم بغض النظر عن التهدئة«.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أشار، خلال مهرجان جماهيري حاشد في غزة في ذكرى انطلاقة حماس، إلى أنّ »تقييم الفصائل الفلسطينية للتهدئة سلبي«، خصوصاً في ظل عدم وجود أية جهود من قبل الراعي المصري لتنفيذ بنودها.
من جهة ثانية، أكد هنية تمسك حماس بالحوار الفلسطيني، لكنه أشار إلى أنّ »الطرف الآخر يتهرب من الحوار لصالح أجندات خارجية من اجل إخضاع شعبنا إلى الهيمنة الأميركية والصهيونية«، مشترطاً لنجاح الحوار، أن تكون عناوينه »رزمة واحدة متكاملة«، وأن يكون »الحوار أولاً ثم التوقيع«، ورفض أية شروط سياسية، وأن يكون راعي الحوار على مسافة واحدة من الجميع، إضافة إلى تهيئة المناخ السياسي للمصالحة، من خلال إطلاق المعتقلين ووقف الحملات الأمنية. وأضاف »قرارنا في جيبنا، أفرجوا عن المعتقلين السياسيين وغداً سنكون في القاهرة«.
وأكد هنية أنّ »لا شرعية للتمديد للرئيس (محمود عباس) لا بغطاء عربي ولا بغير ذلك«، مشدداً على أنّ حماس »لا تخاف من الانتخابات القادمة ولا تخشى صناديق الاقتراع، ولكن يجب أن يتم ذلك في ظل توافق وطني وليس على طريق استباق الخطى«.
وفي رد على خطاب هنية قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينه لوكالة »فرانس برس« أن »عباس سيعلن قريباً موعداً للانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن«، مشيراً إلى أنّ »الرئيس لا يبحث عن تمديد لولايته بل يعمل على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة«، فيما رأى مستشار الرئاسة نمر حماد أنّ الخطاب يعبر عن تناقض قادة حركة حماس حول التهدئة.
في غضون ذلك، توجه مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي عاموس جلعاد إلى القاهرة لإجراء محادثات مع القيادة المصرية بشأن مستقبل التهدئة. وذكرت صحيفة »يديعوت أحرونوت« إنّ جلعاد سيسلم مصر رسالة تتضمن تهديداً لحماس بأنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ، فإنّ إسرائيل ستغير قواعد اللعبة في ما يتعلق بالتهدئة.
وتزامناً مع هذه الزيارة أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء المستقيل ايهود اولمرت، مارك ريغيف ان حكومته تؤيد تمديد التهدئة في غزة شرط ان تحترمها حركة حماس، مشدداً على أنّ »إسرائيل كانت مستعدة ولا تزال لاحترام التعهدات التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية«.
وكانت »يديعوت« نقلت عن أولمرت إنه »طالما أنّ التهدئة سارية بحسب الشروط التي تم الاتفاق عليها، فإنّ الجانب الإسرائيلي مهـــتم باستمرارها التهدئة، لكن في حال تغيّرت الشروط فإنّ الوضع سيكون مختلفاً«.
أما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني فأكدت أنّ » استمرار إطلاق النار من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، سيلزمنا باستخدام كل الوسائل المتوفرة لدينا«، معتبرة أنّ »التهدئة لم تعد قائمة على ارض الواقع وفي حال استمرار الاعتداءات الصاروخية فإن إسرائيل لن تسمح ببقاء قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس«.
وعكف المحللون الإسرائيليون على قراءة تصريحات هنية ومشعل. وقال المحلل في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي تسفيكا يحزقيلي إنّ هناك خلافاً داخل حماس حول الأمر وأن الموضوع لم يحسم بعد«، فيما أشار المحلل العسكري ألون بن دافيد إلى أنّ »الجيش أكمل استعداداته وتدريباته بانتظار احتمالية التصعيد، وإنه جاهز لمواجهة أية مستجدات على الحدود مع غزة، لكن لا توجد أية إشارات لرغبة إسرائيل في القيام بعملية واسعة أو كبيرة داخل القطاع حتى وإن لم تتجدد التهدئة«.
أمّا القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي فتوقعت السيناريو التالي: »سيكون هناك رد من حماس يتمثل بإطلاق صواريخ باتجاه سديروت وعسقلان كلما قامت إسرائيل بعملية ضد قطاع غزة«، لكنها توقعت أن »تبقى الأمور في إطار هذا القطر من الدائرة، لا أكثر و لا اقل، على المدى المنظور.
وتتوقع الأوساط العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية حدوث تصعيد في الوضع الأمني في غزة، وأن يتزايد إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ مع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى من التهدئة في ١٩ كانون الأول الحالي، وسط مخاوف من »إملاءات« ستفرضها حماس في هذا السياق.
وقالت مصادر إسرائيلية إنّ التقديرات تفيد بأنّ حماس تريد استمرار التهدئة، لكنها لن تتردد في إطلاق صواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، في محاولة لجعل الجانب الإسرائيلي يعتاد على شروط جديدة.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنّ حماس ستتراجع عن مطلبها بسريان التهدئة في الضفة، في المرحلة الثانية، لكن، ومن أجل عدم تعرضها لانتقادات الفصائل الفلسطينية الأخرى، فإنها لن تعلن رسمياً عن التزامها بالتهدئة بعد ١٩ كانون الأول.
وبحسب توقعات الجيش الإسرائيلي، فإنّ الجهد الأساسي الذي ستبذله حــماس سيتركــز في شريط أمني بعمق كيلومتر ونصف الكيلومتر عن خط التحـــديد بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحـــتلة سنة .١٩٤٨ وستحاول الحركة من خلال هذا الجهد أن تجعل الجانب الإسرائيلي يعتاد على تواجـــد مقاوميها فيه، وفي حال حـــاولت القوات الإسرائيلية استهـــداف المقاومين الفلسطينيين فـــي الشريط الأمني فإنّ ذلك سيــقابل بإطلاق صواريخ بصورة مكثفة.
ويرى مراقبون عسكريون إسرائيليون أنّ حماس تسعى بهذه الطريقة إلى نسخ النموذج الذي اتبعه »حزب الله« في جنوب لبنان في الفترة الواقـــعة بـــين انسحاب الجيش الإسرائيلي في أيار من عام ٢٠٠٠ واندلاع حرب لبنان الثانية.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد