معادلة «جنيف 2»: «الطبخة» السياسية ونار الجبهات

18-11-2013

معادلة «جنيف 2»: «الطبخة» السياسية ونار الجبهات

لا ينتظر الحل السياسي في سوريا اتفاق المعارضة والنظام، وليس هذا ما يدحرج مواعيد المؤتمر المرتقب في جنيف السويسرية. الآلية والماكينة الدولية التي أخرجت «جنيف الأول» إلى النور، تعمل الآن على انتاج اتفاق «جنيف الثاني» بالطريقة ذاتها. رجل يحمل ابنه في حي دوما في دمشق الذي تعرض للقصف أمس (رويترز)
هذا ما تؤكده مصادر اوروبية واسعة الاطلاع حول ما يجري في سياق تحضير «المضمون السياسي» لـ«جنيف2» الذي يبدو ان مواعيده المقترحة دخلت نفق التأجيل شبه المؤكد الى بداية العام 2014، في وقت يطغى على المشهد السوري اخبار التطورات العسكرية التي يلاحظ الاوروبيون تبدل الموازين فيها على الارض، وذلك مع تزايد حدة نيران الاشتباكات المشتعلة في جبهة القلمون، من دون أن يعني ذلك تراجعها في المناطق الاخرى في ريف دمشق وحلب وحمص، في وقت واصلت الديبلوماسية الروسية جهودها من خلال استقبال الوفد السوري الذي يضم بثينة شعبان وفيصل المقداد، والدعوة الى مشاركة كل من السعودية وايران في الحل السلمي في سوريا، مع التشكيك في ان يكون «الائتلاف» المعارض ممثلا لكافة السوريين.
وتقول المصادر الاوروبية المطلعة انه مثلما جرى في «جنيف1»، سيكون على الأطراف السورية إيجاد طريقة لتبني «جنيف 2» وإتمامه بالتفاصيل الأخيرة، بمعنى، ملء الفراغات بين الخطوط العريضة التي ستوضع أمامهم على الطاولة.
والآن، يحضر الأميركيون والروس هذا الإطار، الاتفاق الجديد، لكن حتى اللحظة، لا تقدم يحيي الآمال بعقد المؤتمر قبل نهاية العام. ويقول مسؤول أوروبي رفيع المستوى، إن موعد الثاني عشر من كانون الاول هو من بين «الشائعات» التي تخرج من جنيف وأماكن أخرى، لكن الأكيد، كما يبين، أن «هناك البعض الذي يقول نحن بحاجة إلى وقت أكبر، ومن الأفضل الانتظار إلى بداية العام». ويتحفظ المسؤول عن تحديد من هم «البعض»، لكنه يوضح بأن المسألة «تتعلق بالتحضيرات للمؤتمر».
هذه التحضيرات هي جوهر الخلافات التي تؤجل المؤتمر، ولا تتعلق بتفاصيل مشاركة السوريين المتصارعين. ويقول المسؤول الأوروبي إنه «لو كان الأمر متعلقاً بحضور ممثلي النظام والمعارضة وتشكيل الوفود، لكانت المسألة بسيطة»، مشيراً إلى أن القضية الآن هي «تحضير المحتوى (الاتفاق) السياسي» الجديد الذي سيوضع أمام الطرفين في جنيف. ومن واقع التأجيل المستمر، يشير إلى أنه «لا تقدم» حول إنجاز هذا الاتفاق.
محتوى الاتفاق سيصنع من المواد الأولية التي استخرجها «جنيف 1»، ولهذا ينبغي إنجاز «الكثير من الأمور التي هي بحاجة إلى توضيح» في الاتفاق الأول، كما يقول المسؤول الأوروبي، مؤكداً أن الخروج بإطار جديد يولد من القديم، أمر حاسم لعقد المؤتمر ولا يمكن الإقلاع إليه من دون ذلك. ويوضح أنه «لا يمكن بهذه السهولة القول: هيا بنا نذهب إلى جنيف وهناك نرى ما سيحدث».
من الواضح أن بناء الاتفاق الجديد لن يُترك للنظام والمعارضة، اللذين لن يفعلا إلا استكمال الحرب على الأرض. لم يحدث هذا سابقاً في الأساس. كتب الأميركيون والروس جنيف الأول، ووافقت عليه دول مجلس الأمن، قبل أن يتوجس منه طرفا الصراع ثم وافقا عليه.
وإن كانت «الطبخة» الجديدة التي يعدها الأميركيون والروس لم تتضح بدقة، إلا أن رائحتها تخرج من تصريحاتهم. من هنا يمكن فهم الحديث الأميركي عن الاتفاق مع الروس على ضرورة المحافظة على المؤسسات السورية، ولا داعي للقول إن أهمها المؤسسة العسكرية. فما زال الأميركيون يرددون أن المرحلة الانتقالية يجب أن تقود إلى إنهاء دور الرئيس السوري بشار الاسد.
في هذا السياق، يقول مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى، مطلع على مداولات الملف السوري في الأروقة الأوروبية، إن «التباين» الدولي الآن يتلخص في كيفية «ترجمة التوازنات الجديدة» القائمة في ميدان الحرب السورية، موضحاً أن «الأمور تغيرت.. في جنيف 1 كان النظام هو الطرف الضعيف، لكن الآن صار الوضع معكوساً. لذلك لا يمكن طرح صياغة جديدة للتسوية، كالتي أنتجت جنيف 1».
يلفت المصدر إلى أن تحديد هدف الذهاب إلى «جنيف 2» بتسليم السلطة إلى «هيئة حكم انتقالية» تراه دمشق «كلاماً سوريالياً»، في ضوء التقدم الذي أحرزه الجيش السوري، وتراجع مكاسب المعارضة المسلحة.
وكان بيان «جنيف 1» أقر إنشاء «هيئة حكم مشتركة»، بالتراضي بين النظام والمعارضة، لتتولى كامل السلطات التنفيذية، بما فيها السلطة على الأجهزة الأمنية، لكنه لم يبت في بقية صلاحيات منصب رئيس الجمهورية وسلطته على الجيش والقوات المسلحة.
وفي هذه الأثناء، يجتمع وزراء الخارجية الأوروبيون في بروكسل اليوم، وسيكون تناولهم للأزمة السورية بعنوان «أزمة اللاجئين»، وانعكاساتها على دول الجوار السوري، لكن هذا سيأخذهم بالضرورة إلى استعراض حصيلة محاولات إقامة مؤتمر السلام السوري.
وبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التحضيرات لـ«جنيف 2» والنووي الإيراني مع نظيره الأميركي جون كيري، خلال اتصال هاتفي أمس، بمبادرة أميركية.
وكان وزير الخارجية الروسي قد دعا إلى عدم تفويت فرصة عقد لقاء غير رسمي بين ممثلين عن المعارضة والحكومة السورية في موسكو.
وقال لافروف، في حديث إلى التلفزيون الروسي، إنه «لمساعدة زملائنا الغربيين الذين يحاولون جلب المعارضة إلى المؤتمر الثاني في جنيف، فنحن مستعدون لاستخدام علاقاتنا بالمعارضة، التي لم نقطعها أبداً. التقينا في موسكو والمنطقة مع كل فصائل المعارضة المهمة تقريبا».
وأضاف وزير الخارجية الروسي أن بلاده اقترحت عقد لقاء تحضيري في موسكو بين ممثلين عن الحكومة وكافة فصائل المعارضة وبمشاركة ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة والمبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي.
وقال لافروف «إذا تمكنا من دفع المعارضة ولو قليلاً إلى التعبير عن استعدادها للمشاركة في المؤتمر انطلاقاً من مسؤوليتها عن مستقبل بلادها، فسيعني ذلك أننا لم نجتهد عبثا».
وأكد وزير الخارجية الروسي أن الشروط المسبقة التي تطرحها المعارضة السورية لمشاركتها في «جنيف 2»، بما في ذلك شرط رحيل الأسد، «غير واقعية»، مشيراً إلى أن ذلك يتعارض مع بيان جنيف الذي لا ينص على وجود شروط مسبقة.
وشدد لافروف على ضرورة أن تمثل الوفود التي ستشارك في «جنيف-2» جميع أطياف الشعب السوري .
وأكد وزير الخارجية الروسي أن روسيا تدعو إلى توسيع قائمة المشاركين في المؤتمر»، مشيراً إلى أن إيران والسعودية لم تشاركا في المؤتمر الأول، مشدداً على أهمية حضور هذين البلدين في المؤتمر المقبل.

 
وسيم إبراهيمالمصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...